بعد فوزه بولاية ثانية.. ما الذي ينتظر ماكرون من تحديات؟

بعد فوزه بولاية ثانية.. ما الذي ينتظر ماكرون من تحديات؟


25/04/2022

رغم سخط العديد من الفرنسيين على الأوضاع الاقتصادية الصعبة وسياسات إيمانويل ماكرون الاقتصادية التي شهدت ارتفاعاً في فرض الضرائب، ورغم نقاط الضعف التي شابت فترة ولايته الأولى من 2017 حتى العام الجاري، فاز ماكرون بولاية ثانية في قصر الإليزيه الرئاسي، لأول مرة يُعاد فيها انتخاب رئيس فرنسي لولاية ثانية خلال (20) عاماً، منذ إعادة انتخاب جاك شيراك عام 2002.

وفي فوز بطعم الهزيمة، تغلب ماكرون بشقّ الأنفس على منافسته مارين لوبان التي حققت أعلى نتيجة لمرشح يميني متطرّف في انتخابات رئاسية منذ تأسيس الجمهورية الخامسة عام 1958، بحصوله على 58.2% من الأصوات، مقابل 41.8% للوبان، وفق تقديرات أولية أوردتها إذاعة "فرنسا 24".

 نار ماكرون ولا جنّة لوبان

فوز ماكرون ربما كان محاولة أخيرة للفرنسيين للهرب من اليمين المتطرف الذي تتزعمه مارين لوبان، التي تتبنّى أفكاراً ربما تعزل فرنسا عن محيطها الأوروبي؛ حيث لم تُخفِ مرشحة اليمين المتطرف نيتها الخروج من الاتحاد الأوروبي، والدعوة للالتفاف حول "فريكسيت"، وهي كلمة هجين بين فرنسا وكلمة "Exit" باللغة الإنجليزية على غرار "Brexit" التي تشير إلى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

وقد أقرّ ماكرون، في مسيرة احتفالية عند برج إيفل مساء أمس، بأنّ عدداً كبيراً من الذين صوتوا له ليس دعماً لأفكاره، ولكن لوقف تمدد اليمين المتطرف، داعياً مؤيديه إلى أن يكونوا "طيبين ومحترمين" تجاه مؤيدي الطرف الآخر، في إشارة إلى أنصار اليمين المتطرف، لأنّ البلد يمزقه "الكثير من الشك، والكثير من الانقسام"، على حدّ وصف صحيفة "الغارديان" البريطانية.

تغلب ماكرون بشقّ الأنفس على منافسته لوبان التي حققت أعلى نتيجة لمرشح يميني متطرّف منذ تأسيس الجمهورية الخامسة 1958

إلى ذلك، علّق جان لوك ميلينشون زعيم حزب "فرنسا الأبية" (أقصى اليسار)، الذي حلّ في المرتبة الثالثة في الجولة الأولى بحصوله على 21.9% من الأصوات، علّق على نتائج الانتخابات قائلاً: "لقد رفضت فرنسا أن تسند مستقبلها إلى مارين لوبان، وهذا خبر سار بالنسبة إلى الوحدة الوطنية".

 في المقابل، قال ميلينشون عن نتيجة ماكرون: "ماكرون هو الرئيس الذي حصل على أقلّ نسبة تصويت في حياة الجمهورية الفرنسية الخامسة"، مشيراً إلى أنّه (ماكرون) أصبح "يسبح في بحر من المقاطعة الانتخابية وبطاقات التصويت البيضاء".

 رئيساً للجميع

في أول تعليق له على نتائج الانتخابات، تعهد ماكرون بـ"توحيد" فرنسا المنقسمة بعد فوزه بولاية ثانية، مخاطباً من صوتوا لمنافسته لوبان بالتأكيد أنّه سوف يكون "رئيساً للجميع".

وأمام حشد احتفالي بانتصاره عند برج إيفل، حيث لوّح أنصاره بالأعلام الفرنسية والأوروبية، وعد ماكرون بالردّ "بكفاءة" على "غضب وخلاف" الناخبين الذين اختاروا اليمين المتطرف.

 

أقرّ ماكرون بأنّ عدداً كبيراً من الذين صوتوا له ليس دعماً لأفكاره، ولكن لوقف تمدد اليمين المتطرف

 

وقال ماكرون: "أريد أن أشكرهم، وسأدافع عنهم وعن التزامهم بفكرة الجمهورية، وسأحترم الاختلافات السياسية واختلاف الرؤى"، مضيفاً: "اليوم لم أعد مرشحاً لتيار ما، بل رئيساً لجميع الفرنسيين، سأجد الحلول لمواجهة الغضب والاختلافات خلال ولايتي الرئاسية الجديدة".

 أجندة ماكرون

عن ملامح أجندة ولايته الثانية، قال ماكرون أمس عند برج إيفل: "لقد صوّتم لبرنامج طموح إنساني واجتماعي وبيئي في الوقت نفسه. أريد أن أدافع عن هذه القضايا بقوة في الأعوام القليلة المقبلة."

وتعهد ماكرون بجعل فرنسا "أكثر استقلالية" وأوروبا "أكثر قوة"، والعمل من أجل "الدفاع عن البيئة"، وجعل "فرنسا أكبر دولة بيئية في العالم".

 جان لوك ميلينشون: ماكرون هو الرئيس الذي حصل على أقلّ نسبة تصويت في حياة الجمهورية الفرنسية الخامسة

 وتابع ماكرون: "سأعمل من أجل مجتمع أكثر عدالة، ومن أجل فرض المساواة بين الرجال والنساء"، منهياً: "المرحلة الجديدة التي ندشنها اليوم لن تكون استمرارية للولاية الرئاسية السابقة، بل ولاية جديدة في خدمة بلدنا فرنسا وشبابها".

 ماكرون في ورطة

رغم فوزه في الجولة الثانية للانتخابات الرئاسية الفرنسية بـ"شقّ الأنفس"، قد تكون الولاية الثانية لماكرون "أكثر صرامة" من الأولى مع المعارضة السياسية المتزايدة والاستياء الاجتماعي المتفجر، وفقاً لوكالة "رويترز"، حيث يواجه الرئيس المعاد انتخابه أمس، على بعد أسابيع قليلة، عقبة جديدة؛ إذ ستحدد الانتخابات التشريعية في حزيران (يونيو) تركيبة الحكومة التي يجب أن يعتمد عليها ماكرون لتنفيذ خطط الإصلاح التي من شأنها أن تُشكّل هزة غير مسبوقة في دولة الرفاهية الفرنسية.

 

رغم فوزه، قد تكون الولاية الثانية لماكرون "أكثر صرامة" من الأولى مع المعارضة السياسية المتزايدة والاستياء الاجتماعي المتفجر

 

ويرى محللون أنّ التحدي الرئيسي الأول أمام ماكرون هو الفوز في الانتخابات البرلمانية في حزيران (يونيو) المقبل لتأمين أغلبية يمكنها مساندة تنفيذ برنامجه، إلّا أنّ ذلك يبدو صعباً، بل مستحيلاً، ففي حين أقرّت لوبان بالهزيمة أمام ماكرون، تعهدت مرشحة اليمين المتطرف بوجود كتلة معارضة قوية في البرلمان، بينما يخطط ميلينشون أن يصبح رئيساً للوزراء بعد فوزه بمعظم أصوات اليسار في الجولة الأولى.

 

محللون: التحدي الرئيسي الأول أمام ماكرون هو تأمين أغلبية في الانتخابات البرلمانية في حزيران المقبل يمكنها مساندة تنفيذ برنامجه

 

وخاطب ميلينشون مناصريه قائلاً: "لا تستسلموا، ادخلوا في المعركة؛ لأنّ الديمقراطية يمكن أن تمنح لكم إمكانية تغيير المسار السياسي قريباً"، مضيفاً: "المعركة الثالثة قد بدأت، يمكن أن نبني عالماً جديداً في 12 و19 حزيران (يونيو)، إذا انتخبتم نواباً من الجبهة الجديدة للوحدة الشعبية (هي جبهة تضمّ الحزب الشيوعي والخضر والحزب الاشتراكي إضافة إلى "فرنسا الأبية").

واختتم ميلينشون مناشداً أنصاره: "أطلب منكم في 12 و19 حزيران (يونيو) المقبل أن تنتخبوني رئيساً جديداً للحكومة من أجل إطلاق جمهورية فرنسية جديدة".

"البطة العرجاء"

نقلت وكالة "رويترز" عن كريستوفر ديمبيك الاقتصادي بـ"بنك ساكسو" قوله: إنّ ماكرون "يخاطر بأن يكون بطة عرجاء في مواجهة السخط الاجتماعي الكبير"، في إشارة إلى احتمالات عجزه عن الفوز بأغلبية برلمانية تمكنه من تنفيذ الإصلاحات المطلوبة، ومن بينها "المعاشات التقاعدية" التي ما تزال موضوعاً ساخناً في فرنسا. وعلى الرغم من أنّه أصبح الرئيس الفرنسي الذي أُعيد انتخابه في عقدين، إلّا أنّ النتيجة المنخفضة التي حققها ماكرون أمام لوبان مقارنة بعام 2017 تعني أنّه لن يتمتع بالسلطة نفسها لتنفيذ الإصلاحات، كما فعل خلال ولايته الأولى.

 تعرّض ماكرون لتوبيخات متكررة من قبل الناخبين الغاضبين بسبب إصلاح المعاش التقاعدي خلال الحملة الانتخابية

في إشارة محتملة إلى وجود معضلة في المستقبل، تعرّض ماكرون لتوبيخات متكررة من قبل الناخبين الغاضبين بسبب إصلاح المعاش التقاعدي خلال الحملة الانتخابية، ممّا أجبره على التنازل عن سقف محتمل عند (64).

وكان فيليب مارتينيز، زعيم نقابة الاتحاد العام للشغل المدعوم من الشيوعيين، وهو أحد أكبر نقابات فرنسا، قد حذّر ماكرون بالفعل من أنّه لن يكون هناك "شهر عسل" بالنسبة إليه، وعليه أنّ يتوقع التظاهر، إذا لم يتراجع تماماً.

ومن بين التحديات أيضاً قضية ارتفاع أسعار المحروقات، فقد حدّدت حكومة ماكرون أسعار الكهرباء، وقدّمت خصومات على أسعار الضخ إلى ما بعد الانتخابات. وقال ماكرون خلال الحملة: إنّه سيحمي الناخبين طالما كان ذلك ضرورياً، لكنّه لم يُقدّم إطاراً زمنياً.

مواضيع ذات صلة:

منظمة العفو الدولية تطالب ماكرون بهذا الأمر.. فهل يستجيب؟

طعن قس فرنسي خلال قداس في "نيس"... من وراء الهجوم؟

ماكرون يوجه رسالة للفرنسيين ... وهذه أبرز ردود الفعل على فوزه بولاية ثانية

 



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية