بعد فوز اليمين بأغلبية الكنيست: هل طريق نتنياهو معبّد بالورود؟

بعد فوز اليمين بأغلبية الكنيست: هل طريق نتنياهو معبّد بالورود؟

بعد فوز اليمين بأغلبية الكنيست: هل طريق نتنياهو معبّد بالورود؟


10/11/2022

يبدو أنّ عجلة الانتخابات المبكرة توقفت عن الدوران بعد فوز معسكر أقصى اليمين بقيادة بنيامين نتنياهو بأغلبية مريحة لتشكيل حكومة يمينية متطرفة، بعد حصوله على حصة (64) مقعداً، في انتخابات الكنيست الأخيرة.

وفي مواجهة معسكر أقصى اليمين، حقق معسكر التغيير بزعامة رئيس الوزراء الحالي، يائير لبيد، حصة (51) مقعداً، لتبقى 5 مقاعد من أصل عدد مقاعد الكنيست البالغة 120 مقعداً، وهي من نصيب تحالف الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، والحركة العربية للتغيير، برئاسة أيمن عودة وأحمد الطيبي، الذي يؤيد معسكر لابيد بشكل غير رسمي.

انتصار نتنياهو

وفي تفاصيل النتائج التي حققها معسكر نتنياهو في انتخابات الكنيست الخامس والعشرين؛ حصل الليكود على 32 مقعداً، مقابل 30 مقعداً في الانتخابات السابقة. ونال حزبا "يهودوت هتوراه" لليهود الأشكناز الغربين وحزب "شاس" لليهود الشرقيين 18 مقعداً، بزيادة مقعدين عن الانتخابات السابقة، وحصد تحالف "الصهيونية الدينية" الذي يقوده كل من إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش 14 مقعداً، بزيادة قدرها 8 مقاعد، ونسبة 10.83% من مجموع الأصوات. وأدى ذلك إلى تحقيق زيادة قدرها 14 مقعداً جديداً لمعسكر اليمين، معظمها من أقصى اليمين الصهيوني واليهودي.

لقاء يجمع نتيناهو وبن غفير

وبالنسبة لمعسكر التغيير، حصد حزب "هناك مستقبل" بقيادة لابيد 24 مقعداً بزيادة 7 مقاعد عن الانتخابات السابقة، وخسر المعسكر الوطني بزعامة وزير الدفاع بيني غانتس مقعدين، محققاً 12 مقعداً. وحقق حزب "إسرائيل بيتنا" 6 مقاعد، والقائمة الموحدة 5 مقاعد، وحزب العمل 4 مقاعد بعد أن كان 7 في الكنيست السابق، ما يعني أنّه رغم حصد حزب يائير لابيد مقاعد أزيد، إلا أنّ معسكره بالمجمل خسر مقاعد أكبر من هذه الزيادة، بخلاف نتنياهو الذي حققت أحزاب معسكره الحصة الأكبر من الزيادة.

وحسب النتائج النهائية، لم يتمكن حزبا "ميرتس" اليساري الذي كان له 6 مقاعد في الانتخابات السابقة، والتجمع العربي الديمقراطي الذي كان بحوزته مقعد من خلال تحالف القائمة المشتركة السابقة، من تجاوز نسبة الحسم لدخول الكنيست.

 نتنياهو حقق نصراً تاريخياً، وخاض الانتخابات بعبقرية، مكنته من الفوز بها. ويعلل ذلك عبر تحليل الدور الذي لعبه نتنياهو في توحيد صف اليمين بسائر توجهاته

ويكشف ما سبق عن تغييرات كبرى في توجهات الناخبين في إسرائيل، تُؤطر من خلال الانتشار الكبير لليمين واليمين المتطرف، وهو كشف ليس بجديد على المتابعين، إلا أنّه عبر عن نفسه من خلال السياسة في الانتخابات الأخيرة.

ويرى الناشط السياسي الفلسطيني، عبد القادر وتد، أنّ "نتنياهو حقق نصراً تاريخياً، وخاض الانتخابات بعبقرية، مكنته من الفوز بها". ويعلل ذلك عبر تحليل الدور الذي لعبه نتنياهو في توحيد صف اليمين بسائر توجهاته، وعودته إلى العمل الشعبي في الانتخابات بخلاف التركيز في الانتخابات الأربعة السابقة على الظهور الإعلامي.

ذكاء نتنياهو

وأوضح الناشط من عرب الداخل، أنّ حزب الليكود يرتكز بالأساس على كونه حزباً شرقياً وليس حزباً أشكنازياً. ويضم اليهود من البلدان العربية والشرق الأوسط، ويمثلون الطبقة الدنيا في إسرائيل، مع أنّ قادته مثل نتنياهو من أصول غربية.

وأضاف لـ"حفريات": أنّ نتنياهو اتبع سياسية مخاطبة الناس عبر "طرق الأبواب والتنقل من بيت إلى آخر" ما حفز 300 ألف ناخب على التصويت لليكود ومعسكر أقصى اليمين، بعد امتناعهم في الانتخابات الأربعة السابقة، وحقق عبر ذلك اكتساح في مناطق جنوب تل أبيب المهمشة، والتي تُسمى "إسرائيل الثانية".

ومقابل ذلك خسر معسكر التغيير بزعامة رئيس الحكومة، رئيس حزب هناك مستقبل، يائير لابيد، حوالي عشرة مقاعد، الذين شكلوا مع 51 مقعداً في هذه الانتخابات الأغلبية البسيطة لتشكيل ائتلاف حكومتي نفتالي بينيت - يائير لابيد.

عبد القادر وتد: نتنياهو اتبع سياسية مخاطبة الناس

وذكر تقرير نشرته "بي بي سي" أنّ حرمان الأحزاب المتدينة من الحقائب الوزارية التي اعتادت على الحصول عليها وسن ميزانيات خاصة للمتدينين أدى إلى إثارة موضوع يهودية الدولة مجدداً، الأمر الذي دفع الجمهور اليهودي المتدين للخروج بأعداد أكبر والتصويت لصالح أحزابه حتى تعود للحكم.

وبحسب الناشط عبد القادر وتد، فإنّ مفاجأة الانتخابات التي كشفت حقيقة إسرائيل هي النتائج التي حصل عليها حزب القوة اليهودية الاستيطاني، والذي يضم تحالف بن غفير وسموتريتش، الذي يمثل الصهيونية الدينية عبر التحالف بين الفريقين، وهو أمر لم يكن ممكناً لولا وساطة نتنياهو.

ومن خلال هذا التحالف تمكن تحالف الصهيونية الدينية من حصد 8 مقاعد جديدة، ليرتفع إلى 14 مقعداً، ويصبح ثالث أكبر حزب في البلاد. ويرى عبد القادر وتد أنّ هناك من ليسوا مستوطنين وصوتوا لتحالف الصهيونية الدينية، تأثراً بالأحداث التي شهدتها مناطق الداخل والمدن الإسرائيلية خلال حرب أيار على غزة عام 2021، والتي قام فيها المستوطنون بدور كبير في قمع الاحتجاجات العربية، تحت مرأى الجيش والشرطة.

وبحسبه، هؤلاء يكرهون "العرب والدروز والشركس والمسلمين والمسيحيين، وحتى اليهود العلمانيين. ولديهم آراء معارضة لقضايا جدلية مثل المثلية وتجنيد النساء، ويريدون إقامة دولة شريعة، وانتهاج عنف أقوى في مواجهة الفلسطينيين".

وحلّ حزب شاس خامساً في الانتخابات برصيد 11 مقعداً، وزيادة مقعدين عن الانتخابات السابقة. وينتمي أعضاء الحزب إلى الحريديم الأرثوذوكس الشرقيين، بقيادة الحاخام أريا درعي، ويهتمون بتحصيل الخدمات للأسر.

ونوه الناشط عبد القادر وتد، أنّ لحزب شاس ناخبين من العرب؛ "الخدمات التي كان يحققها الحزب استفاد منها العرب بصفتهم مواطنين إسرائيليين، وعملياً تحول إلى حزب اجتماعي، وهو في تقدم كبير".

سعيد بشارات: هذه حكومة بطابع جديد

وضمن معسكر نتنياهو حافظ حزب يهدوت هتوراه على حصته التي تبلغ 7 مقاعد، وهم من الحريديم الأرثوذكس الأشكناز. ويقول عنهم الناشط الفلسطيني: "داخلهم 5 طوائف وكانوا يتبعون الحاخام كانيفسكي الذي مات قريباً، والحياة عندهم هي دراسة التوراة، ويرفضون التعليم الحديث، ولا يدخلون المدارس، ويسكن معظمهم في شمال تل أبيب والقدس المحتلة".

وهددت موافقة جزء منهم على إدخال مواد حديثة إلى التعليم الديني بانشقاق في الحزب، بعد إعلانها الامتناع عن التصويت. ويرى الناشط وتد أنّ الفضل يعود إلى نتنياهو في حفاظهم على حصتهم في الكنيست "هؤلاء يهود الديانة قبل كل شيء ويرفضون الصهيونية، وما يهمهم من دعم نتنياهو هو الحفاظ ودعم نمط حياتهم، وتوفير الدعم المالي لتعليم التوراة، ولا يصوت لهم أحد من خارجهم".

معسكر لابيد

وفي مقابل ذلك، يقف يائير لابيد، وتتركز قاعدته الانتخابية من بين اليهود الأشكناز، الذين يسكنون تل أبيب، ويعتبرون الطبقة العليا في المجتمع.

وعنه يقول الناشط السياسي عبد القادر وتد: "لدى يائير خلفية عسكرية فاشلة، ويُقال أنّه شنّ الحرب الأخيرة على غزة ليُظهر نفسه قادراً على التحديات الأمنية." وأفاد بأنّ المقاعد السبعة التي حققها لابيد لحزبه زيادةً عن الانتخابات السابقة جاءت على حساب معسكره؛ فقوته هي 18 مقعداً فقط، وهو لم  يجذب مصوتين جدداً، ما يعني أنّه "ابتلع أصوات معسكره، من حصة أحزاب ميرتس والعمل وليبرمان".

الصحفي سعيد بشارات لـ"حفريات": سيواجه نتنياهو العديد من الصعوبات في العمل مع معسكره لأنّ هناك رؤوساً متنازعة متضادة في كل ما يتعلق بمسائل الأمن والقضاء والفلسطينيين

وحظي معسكر لابيد بدعم كبير من اليهود الأمريكيين مالياً وإعلامياً، بينما تسبب الخطاب اليميني العنصري من معسكر نتنياهو في أزمة مع الولايات المتحدة، التي صرحت أنّها لن تتعامل مع بن غفير إذا صار وزيراً، بينما الأخير مصر على طلبه، وهو الأمر الذي سيظهر عقب اللقاءات التي بدأها نتنياهو مع رؤساء معسكره.

وضمن معسكر لابيد لم يستطع بني غانتس الحفاظ على مقاعده وخسر اثنين منها، وشارك في هذه الانتخابات مع تحالف من جدعون ساعر ورجال في الدولة باسم "معسكر الدولة" أو المعسكر الرسمي. وذكر الناشط السياسي الفلسطيني عبد القادر وتد أنّ "هذا المعسكر جعل من نتنياهو قضيته فقط؛ حيث كان هدفهم إبعاد نتنياهو، ويرون ألا حق له في الترشح بأي حال في ظل التهم التي يواجهها".

وضمن مسلسل خسائر معسكر لابيد، فقد حزب إسرائيل بيتنا بزعامة أفيغدور ليبرمان مقعداً، واحتفظ بستة مقاعد. ويرى الناشط عبد القادر وتد، أنّ ليبرمان "شخصية يراها الإسرائيليون منافقة؛ لكثرة تحولاته السياسية، وتراجعه عن مبادئه. هو يهودي من أصول روسية لا يتدخل في شؤون الدين، ومركز قوته عند اليهود الروس، خصوصاً الأجيال الكبيرة".

وأضاف: "رغم أنّه متشدد ضد العرب إلا أنّه دخل في ائتلاف مع القائمة الموحدة". وخلال عمله وزيراً للمالية في الحكومة الحالية عمل على تضييق الخناق على اليهود الحريديم الأرثوذوكس عبر تقليص الدعم لهم. ويقول الناشط وتد: "يراهم طفيليات لا يقدمون شيئاً" ولهذا كان للحريديم دور كبير في فوز معسكر نتنياهو، الذي يوفر لهم الدعم. وكان نتنياهو بدأ مشاوراته لتشكيل الحكومة، قبيل تلقي التكليف الرسمي من الرئيس، وثار حديث عن خلافات داخل معسكره.

وحول وجود اليمين الاستيطاني المتطرف ممثلاً في تحالف بن غفير وسموتريتش وتأثيره على الحكومة، قال الخبير الفلسطيني في الشؤون الإسرائيلية، سعيد بشارات: "سيكون لذلك تأثير سلبي على الوضع الداخلي والوضع الأمني مع الفلسطينيين والأسرى، ولهذا حذرت المنظومة الأمنية من تطرف بن غفير، الذي يطالب بحقيبة الداخلية".

وأضاف لـ"حفريات": "وجودهما في الائتلاف حتمي، وسيؤثر على جميع الاوضاع الداخلية، ولديهم قضايا جدلية مثل القضاء والجيش والتعليم، ومع الفلسطينيين يتشددون تجاه الأسرى ويريدون تغيير قواعد إطلاق النار".

وتوقع بشارات أن يواجه نتنياهو العديد من الصعوبات في العمل مع معسكره: "هناك رؤوس متنازعة متضادة في كل ما يتعلق بمسائل الأمن والقضاء والفلسطينيين، وسيحدث ذلك مشاكل عديدة، لكن سيتم تجاوزها ولن تؤدي إلى حل الحكومة. هذه حكومة بطابع جديد لم نجربها بعد، وسنرى إن كانت خلافاتهم أكبر من توافقهم اليميني أم لا؟ وهم حتى الآن أمورهم جيدة".

وبحسب النتائج النهائية لانتخابات الكنيست رقم (25)، فيما يخص الأحزاب العربية، تصدرت القائمة العربية الموحدة نسب التصويت بنسبة 4.07% بحصة (5) مقاعد، وتلتها قائمة الجبهة - العربية للتغيير، بنسبة 3.75%، وحصة (5) مقاعد، وفي المؤخرة حل حزب التجمع الوطني (بلد) بنسبة تصويت 2.90%، وكتلة تصويتية بنحو 138 ألف صوت، وبدون مقعد واحد، لعدم تجاوز نسبة الحسم التي تُقدر بـ 3.25% من الأصوات الصحيحة.

مواضيع ذات صلة:

محللون فلسطينيون يقرأون لـ"حفريات" حظوظ الأحزاب العربية في الكنيست القادم

تجربة الإسلاميين في الكنيست الإسرائيلي: خطاب العبري يدعو إلى التعايش



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية