تبادل فتح الجبهات بين أمريكا وإيران وروسيا.... شرق الفرات السوري نموذجاً

تبادل فتح الجبهات بين أمريكا وإيران وروسيا.... شرق الفرات السوري نموذجاً

تبادل فتح الجبهات بين أمريكا وإيران وروسيا.... شرق الفرات السوري نموذجاً


04/06/2023

بالإضافة إلى الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا وما تتضمنه من أوصاف بكونها حرباً بين روسيا وأمريكا عبر الناتو، فمن الواضح أنّ هذا الصراع لا يقف عند حدود أوكرانيا وحدها، إذ إنّ (3) تطورات تؤكد أنّ هناك مناطق أخرى غير بعيدة عن الحرب في أوكرانيا، ففي الوقت الذي وقعت فيه اشتباكات بين طالبان وقوات حرس الحدود الإيرانية قبل أسابيع، على خلفية "صراعات" حول حصص المياه، تمّت قراءتها على الأقل من وجهة نظر إيرانية وروسية بأنّها غير بعيدة عن أمريكا واستهدافها لإيران الحليف الأبرز لموسكو في صراعها مع الغرب، عبر فتح جبهة جديدة على حدود إيران الشرقية، تعززها شكوك عميقة بـ "تحالف أمريكا مع طالبان"، وبالتزامن تشهد جمهورية كوسوفو تصعيداً بين المسلمين، والأقلية الصربية المتحالفة مع موسكو، وبصورة تنذر بإمكانية اندلاع صراع بين صربيا وكوسوفو، من الواضح أنّ موسكو غير بعيدة عنه، بإرسال رسالة للأوربيين بقدرتها على إثارة نزاعات كامنة في البلقان، تؤثر على الأمن الأوروبي.

استخدام العبوات الناسفة، إلى جانب المسيّرات والصواريخ من قبل إيران ضد القوات الأمريكية في سوريا، يأتي في إطار استثمار طهران لعلاقاتها مع موسكو، لا سيّما بعد الحرب الروسية على أوكرانيا

التطور الثالث جاء فيما نشرته صحيفة (واشنطن بوست) مطلع حزيران الجاري، من معلومات حول خطة عسكرية مشتركة "إيرانية روسية سورية" هدفها التضييق على القوات الأمريكية المتواجدة فيما يُعرف بشرق الفرات في سوريا، وطردها من سوريا، وتتضمن هذه الخطة الثلاثية، وفقاً لـ (واشنطن بوست)، التي تؤكد أنّ مصادرها معلومات استخبارية أمريكية، "تشكيل قوات وتدريبها على استخدام قنابل أقوى لخرق الدروع على جوانب الطرقات، لاستهداف مركبات القوات الأمريكية وقتل الجنود الأمريكيين تحديداً".

السلاح الجديد الذي سيتم استخدامه، وفقاً للخطة المشتركة، كان قد استُخدم من قِبل فصائل "المقاومة العراقية" وموالين لإيران، في هجمات ضد القوافل العسكرية الأمريكية أثناء غزو العراق، وهو المعروف محليّاً بالعبوات الناسفة الخارقة، التي تتم صناعة بعضها باستخدام أنواع متعددة من المتفجرات.

من الواضح أنّ الصراع لا يقف عند حدود أوكرانيا وحدها

عسكرياً، فإنّ السلاح الجديد في حال استخدامه سيشكل تهديداً جديداً للقوات الأمريكية، لا سيّما خلال تنقلاتها من منطقة إلى أخرى بين القواعد الأمريكية المنتشرة في شرق سوريا، والتي يزيد عددها عن (15) قاعدة، وممّا يزيد مستويات هذا التهديد أنّ الميليشيات الإيرانية تستخدم أسلحة أخرى ذات فعالية تشمل الطائرات المسيّرة التي نجحت في قتل أمريكيين، بالإضافة إلى أنواع متعددة من الصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى، وربما تزداد مستويات الخطورة بإضافة عاملين، وهما: الأول أنّ منطقة شرق الفرات تُعدّ المركز الرئيسي لقوات تنظيم داعش، الذي تؤكد نشاطاته استمرار قدرته على شنّ عمليات مؤثرة في المنطقة، وهو ما يعني استمرار الخطر المزدوج من داعش والميليشيات الايرانية، والثاني أنّ هناك فصائل سورية تعمل في المنطقة تحت غطاءات تركية، تستهدف الفصائل الكردية، وتحديداً قوات (قسد) المتحالفة مع أمريكا، والتي قد تجد في التصعيد الثلاثي "الروسي الإيراني السوري" فرصتها لإثبات حضورها، في ظل سياقات خلط الأوراق التي يتوقع أن تشهدها المنطقة.

تطورات الصراع في المناطق المشار إليها تكتسب مصداقية في سوريا، وتؤكد أنّ هناك زيادة في مستويات التنسيق بين الأطراف الـ (3)، وأنّ الخطة الجديدة "العبوات الناسفة" تأتي ترجمة لما تم الاتفاق عليه في اجتماع تم عقده بين "مسؤولين عسكريين وأمنيين" من روسيا، وإيران، وسوريا، في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، تم الاتفاق خلاله على إنشاء "مركز تنسيق" لتوجيه حملة ضد التواجد الأمريكي في سوريا، وأعلنت روسيا أنّ أمريكا لا تحترم الاتفاقات الخاصة بالتنسيق في الطيران الحربي بين الجانبين في سوريا.

رغم أنّ المشهد في شرق سوريا جزء من الملف السوري بتشابكاته وتعقيداته، إلّا أنّ المؤكد أوّلاً: أنّ سيناريوهاته المستقبلية ستبقى رهناً لتطورات الحرب الروسية على أوكرانيا وتداعياتها المستقبلية

مرجح أنّ استخدام العبوات الناسفة، إلى جانب المسيّرات والصواريخ من قبل إيران ضد القوات الأمريكية في سوريا، يأتي في إطار استثمار طهران لعلاقاتها مع موسكو، لا سيّما بعد الحرب الروسية على أوكرانيا، والدعم الإيراني لروسيا عبر تزويدها بمسيّرات أثبتت فاعليتها في الحرب لصالح موسكو، وهو ما يبدو معه أنّ موسكو تقدّم ثمناً مقابلاً لهذا الدعم، بعد شكوك إيرانية بمواقف موسكو واتفاقها مع إسرائيل على ضرب الميليشيات والقواعد الإيرانية في سوريا، وبالتزامن فإنّ إيران تردّ على التهديدات الأمريكية بفتح جبهات من أفغانستان ودول آسيا الوسطى ضدها، عبر تهديد جدّي لقواتها في سوريا، غير أنّ الأهم في الخطة الجديدة أنّها ستعزز التعاون بين القوات الأمريكية وإسرائيل، وباتجاه ضربات أكثر تأثيراً ضد أهداف إيرانية داخل إيران وخارجها.

هناك زيادة في مستويات التنسيق

ومع ذلك، فإنّه، وبالرغم من أنّ مطالب إخراج القوات الأمريكية من سوريا يشكّل قاسماً مشتركاً من قبل الحكومة السورية، ومعها إيران وروسيا وفصائل عديدة، باستثناء قوات (قسد) التي تشكّل القوات الأمريكية في المنطقة حليفاً لها لمواجهة هجمات داعش وتركيا وإيران، فإنّ تركيا، ورغم التوافقات التي اتسعت بين موسكو وأنقرة، فمن المرجح أنّ لها حساباتها الخاصة، وفي مقدمتها عدم السماح لإيران بتوسيع تمددها في سوريا، باعتبار أنّ هذا التمدد سيكون على حسابها وحساب الفصائل المتحالفة معها.

وفي الخلاصة؛ فإنّه رغم أنّ المشهد في شرق سوريا جزء من الملف السوري بتشابكاته وتعقيداته، إلّا أنّ المؤكد أوّلاً: أنّ سيناريوهاته المستقبلية ستبقى رهناً لتطورات الحرب الروسية على أوكرانيا وتداعياتها المستقبلية، وهو ما يعني أنّ أيّ اتفاقات بين إيران وروسيا، وروسيا وتركيا، ستبقى رهينة لتلك الحرب، ولن تكون اتفاقات ثابتة، وثانياً: أنّ ذهاب الحكومة السورية بعيداً في اتفاقات تعزز ارتباط دمشق بطهران، ستكون عقبة أمام المشروع العربي بتقديم سوريا بقيادة الرئيس بشار الأسد لدى القوى الدولية المعارضة على الانفتاح على دمشق، بأنّ العالم أمام سوريا جديدة.

مواضيع ذات صلة:

ما هي خيارات الأكراد لمواجهة العدوان التركي في شرق الفرات؟

تركيا وشرق الفرات: ابتلاع الأراضي السورية بذريعة المناطق الآمنة

كيف تدير واشنطن حساباتها في شرقي الفرات بين النظام السوري وتركيا والأكراد؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية