تجارة الأسلحة الفردية تزدهر في لبنان لهذه الأسباب.. ماذا عن النتائج؟

تجارة الأسلحة الفردية تزدهر في لبنان لهذه الأسباب.. ماذا عن النتائج؟


18/11/2021

في ظل مجموعة أزمات سياسية واقتصادية ومعيشية تعصف بلبنان، انعكست في ارتفاع نسبة الآفات الاجتماعية مثل جرائم القتل والسرقة، ازدهرت مؤخراً في البلاد تجارة الأسلحة الفردية الخفيفة والمتوسطة؛ مثل المسدسات وقذائف "آر بي جي"، ما ينذر بجر البلاد نحو منعطف أمني خطير.

اقرأ أيضاً: حبس خلية حزب الله اللبناني 21 يوماً وإيداعهم السجن... تفاصيل جديدة

ووفق تقرير لوكالة "أسوشيتد برس" فإنّ تجارة الأسلحة الفردية تزدهر جيداً في لبنان، من مسدسات إلى قذائف "آر بي جي"، وحتى القنابل اليدوية، ما يعكس تزايد مخاوف اللبنانيين من تردي الأوضاع الأمنية.

وتعد ظاهرة امتلاك السلاح الفردي شائعة في لبنان حتى قبل الحرب الأهلية في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، لكن اللافت للنظر أنه بعد مرور أكثر من 30 عاماً على نهاية الحرب الأهلية اللبنانية، تشير تقديرات دولية إلى وجود نحو مليوني قطعة سلاح بين أيدي اللبنانيين.

يحتفظ كثيرون بأسلحتهم الفردية منذ نهاية الحرب الأهلية عام 1990، لكن خلال الحرب التي اندلعت في سوريا قبل 10 أعوام، ازداد نشاط تهريب الأسلحة عبر الحدود من لبنان وإليه

 

ونقلت "أسوشيتد برس" عن 3 تجار سلاح من مناطق لبنانية مختلفة قولهم، إنّ "السعي لشراء قطع سلاح فردية تزايد في الشهور الماضية، رغم أنّ أسعارها تتراوح من مئات إلى آلاف الدولارات، في ظل أسوأ أزمة اقتصادية تشهدها البلاد في تاريخها، والتي تركت آثارها على مختلف مناحي الحياة، وذلك لشعور اللبنانيين بالخوف من انفلات القبضة الأمنية لأجهزة الدولة، وحاجتهم إلى حماية أنفسهم بأنفسهم، مع تزايد معدلات الجريمة".

لتأمين الحماية الشخصية

ويقول أحد التجار "من يأتي لشراء سلاح، يكون هدفه تأمين الحماية الشخصية لنفسه، وحماية الأموال الموجودة في المنازل، حيث بات العديد من الناس يحتفظون بأموالهم في بيوتهم"، بعد قرار البنوك في 2020 احتجاز أموال المودعين، ووضع قيود مشددة على سحبها أو التصرف بها.

ووفق إحصائية نشرتها شركة "الدولية للمعلومات" للدراسات الإحصائية، ازدادت خلال الأشهر الـ 10 الأولى من العام 2021، معدلات الجريمة مقارنة بالفترة ذاتها من العام 2019، بنسب مخيفة.

وأشارت إلى أنّ سرقة السيارات بلغت زيادتها 212 بالمائة، وجرائم السرقة 265 بالمائة، بينما قفزت جرائم القتل إلى 101 بالمائة (من 89 جريمة قتل إلى 179)، وفق ما أورد موقع "روسيا اليوم".

وفي تقارير سابقة لها أكدت قوى الأمن اللبنانية أنّ عمليات السرقة استهدفت أيضاً حليب الأطفال والطعام والأدوية، وهي حوادث سرقة غير مسبوقة وتعد وليدة الأوضاع الراهنة. وذكرت التقارير الأمنية أنّ أغلب الضحايا كشفوا أنّ السارقين كانوا يعتذرون منهم بعد القيام بسرقتهم متعللين بأنهم لا يجدون طعاماً لأطفالهم وأنهم فقدوا وظائفهم.

وأشار الباحث في شركة "الدولية للمعلومات"، محمد شمس الدين، إلى أنّ تفشي الفقر هو سبب ارتفاع هذه النسبة من الجرائم، محذراً من المزيد من التدهور الأمني في الأشهر المقبلة في حال استمرت الأزمة الاقتصادية.

وقال شمس الدين إنه "لطالما كان لبنان يتصف سابقاً بالتضامن والأمن الاجتماعي، إلا أنه في العامين الأخيرين لم يعد كذلك بعدما ارتفعت معدلات الجرائم والسرقة بشكل غير مسبوق".

اقرأ أيضاً: كولومبيا تدرك خطورة حزب الله اللبناني على أمنها القومي... ما الجديد؟

هذا وسط إعلان وزارة الدفاع اللبنانية في آذار (مارس) الماضي تجميد تراخيص حمل السلاح، وإعلان الجيش عن اعتقال 486 شخصاً من جنسيات مختلفة لتورطهم بجرائم متعددة، من بينها "تهريب وحيازة أسلحة"، ومصادرة 118 سلاحاً من مختلف الأنواع.

قال موقع "مراقبة الأسلحة الصغيرة" السويسري إنّ لبنان يحتل الترتيب الثاني عربياً بعد اليمن، والتاسع عالمياً، في عدد قطع السلاح الفردي، ويتفوق حتى على العراق الغارق في فوضى أمنية وسياسية منذ 20 عام

 

وأشارت الوكالة إلى أنه رغم هذا الحظر يزداد الإقبال على امتلاك أسلحة فردية خارج إطار القانون؛ إذ يقول تاجر سلاح يعمل في مناطق الجبل المشرفة على بيروت، إنه "يبيع 300 بندقية آلية شهرياً، وأنّ هناك زيادة في الشراء بنسبة 60 بالمائة، خاصة بعد الاشتباكات التي اكتسبت طابعاً طائفياً في منطقتي خلدة في الأول من آب (أغسطس) الماضي، والطيونة في 14 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، وأوقعت عشرات الضحايا بين قتل وجريح.

 أرقام صادمة

 ولا تتوفر إحصاءات رسمية في لبنان حول عدد قطع السلاح لدى المواطنين، أو لدى الأحزاب والتيارات والحركات الأخرى، لكن موقع "مراقبة الأسلحة الصغيرة" السويسري الناشط في مجال رصد ومكافحة انتشار الأسلحة الفردية على مستوى العالم، يقدر وجود 31.9 قطعة سلاح فردي لكل 100 شخص في لبنان، ما يعني أنّ الرقم الإجمالي لقطع السلاح 1.927 مليون قطعة لعدد السكان الذي يقدر بنحو 6.769 ملايين نسمة، ما يعني أنّ لبنان يحتل الترتيب الثاني عربياً بعد اليمن، والتاسع عالمياً، في عدد قطع السلاح الفردي، ويتفوق حتى على العراق الغارق في فوضى أمنية وسياسية منذ 20 عام.

 ويحتفظ كثيرون بأسلحتهم الفردية منذ نهاية الحرب الأهلية عام 1990، لكن خلال الحرب التي اندلعت في سوريا قبل 10 أعوام، ازداد نشاط تهريب الأسلحة عبر الحدود من لبنان وإليه. غير أنّ تراجع أوزار الحرب السورية نسبياً، وجه حركة التهريب أكثر باتجاه لبنان.

وفق إحصائية نشرتها شركة "الدولية للمعلومات" للدراسات الإحصائية، ازدادت خلال الأشهر العشرة الأولى من العام 2021، معدلات الجريمة مقارنة بالفترة ذاتها من عام 2019، بنسب مخيفة

 

ويقول تاجر آخر ينشط في إحدى ضواحي بيروت، إنّ البيع زاد كثيراً مؤخراً، خاصة بعد التهريب من سوريا عبر سهل البقاع وصولاً إلى بيروت، مقدراً الزيادة أيضاً، كتاجر الجبل، بنحو 60 بالمائة. وقال إنه يبيع شهرياً بين 15 و20 قطعة سلاح، مثل المسدسات والبنادق والقنابل اليدوية.

ولفت التاجر الخمسيني إلى أنّ غالبية المشترين هم من الشباب المدنيين والحزبيين، وعدد قليل من كبار السن. وأضاف أنّ ازدهار هذه التجارة قائم في كل لبنان، مثل بيروت والضاحية الجنوبية وأحياء شرق بيروت، وأنّ من يشتري هدفه إما تأمين الحماية لنفسه، أو في إطار هواية اقتناء سلاح، أو لممارسة "النفوذ والبلطجة".

اقرأ أيضاً: عن انجراف "حزب الله" نحو الإرهاب والمخدرات

ويعاني اللبنانيون منذ نحو عامين من أزمة اقتصادية طاحنة صنفها البنك الدولي واحدة من بين 3 أسوأ أزمات في العالم، أدت إلى انهيار مالي وتراجع كبير في القدرة الشرائية لمعظم المواطنين وارتفاع معدلات الفقر والبطالة.

وتسببت الأزمة المالية التي تجتاح لبنان منذ نحو عامين في تقلص قدرات عدد أكبر من الأسر على التكيف في الوقت الذي انهارت فيه العملة المحلية بينما تقدّم الحكومة مساعدات رمزية لا تكاد توفر القوت اليومي، وحتى إن فعلت فإنها تصطدم بفقدان العديد من المواد الغذائية والأدوية من السوق، واحتكارها من قبل جهات نافذة تسعى للتحكم في التوجه السياسي العام للبلاد.

السعي لشراء قطع سلاح فردية تزايد في الشهور الماضية، رغم أنّ أسعارها تتراوح من مئات إلى آلاف الدولارات، في ظل أسوأ أزمة اقتصادية تشهدها البلاد في تاريخها

 

وبالإضافة إلى أزماته الداخلية يواجه لبنان أسوأ أزمة دبلوماسية يمر بها مع دول الخليج، تسببت فيها تصريحات وزير الإعلام جورج قرداحي التي انتقد فيها التدخل الذي تقوده السعودية في اليمن، والتي دفعت الرياض إلى طرد سفير لبنان واستدعاء سفيرها وحظر جميع الواردات من لبنان. وتضامناً مع السعودية قامت البحرين والكويت بالخطوة نفسها، فيما سحبت الإمارات دبلوماسييها من بيروت وقررت منع مواطنيها من السفر إلى لبنان.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية