تحذيرات مقلقة.. ما توقعات الاقتصاد العالمي في 2023؟

تحذيرات مقلقة.. ما توقعات الاقتصاد العالمي في 2023؟

تحذيرات مقلقة.. ما توقعات الاقتصاد العالمي في 2023؟


02/01/2023

دخل اقتصاد العالم عام 2023 مترنحاً على حافة الركود، وبدأت الآمال بانتعاش الاقتصاد العالمي تتبدد مبكراً، على خلفية توقعات وتبنؤات الكثير من المؤسسات المالية الكبرى والخبراء.

 لم يكن عام 2022 سعيداً لغالبية اقتصاديات العالم، المتقدمة منها والنامية على حد سواء، فالجميع عانى من معدلات التضخم التي يمر بها الاقتصاد العالمي منذ عقود، خاصة الدول المتقدمة؛ ومنها: أمريكا والاتحاد الأوروبي، حيث اقتربت معدلات التضخم من 10% خلال شهور 2022، وفق ما نقلت وكالة "فرانس برس".

 وتصدرت رؤية تشاؤمية بشأن معدلات التضخم في الاقتصاد العالمي خلال العام الجاري، ففي تقرير صندوق النقد الدولي الدوري بعنوان "آفاق الاقتصاد العالمي″، توقع أنّ معدلات التضخم خلال عام ستكون بحدود 6.5%.

 وفي سياق متصل، أطلقت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي تحذيراً قوياً بشأن الصعوبات التي تواجه الاقتصاد العالمي في عام 2023.

 وقالت كريستالينا غورغيفا:" بالنسبة إلى جزء كبير من الاقتصاد العالمي، فإنّ 2023 سيكون عاماً صعباً باعتبار المحرك الرئيسي للنمو العالمي -الولايات المتحدة وأوروبا والصين- كلها تعاني من الضعف"، مضيفة أنّ العام الجديد سيكون أصعب من العام الماضي".

تقرير صندوق النقد الدولي الدوري بعنوان "آفاق الاقتصاد العالمي″ توقع أنّ معدلات التضخم خلال عام ستكون بحدود 6.5%

 وأشارت في تصريح لشبكة  "CBS"أمس إلى أنّ الاقتصادات الرئيسية الـ (3) ـ الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والصين- كلها تتباطأ في وقت واحد.

 وأوضحت أنّ عام 2023 سيكون صعباً على معظم الاقتصاد العالمي، حيث يتوقع دخول ثلث الاقتصاد العالمي ونصف الاقتصادات الأوروبية في ركود خلال العام.

ولفتت إلى أنّ "آفاق الاقتصادات الناشئة أسوأ بسبب مستويات الدين وقوة الدولار"، وأشارت إلى أنّ "زيادة إصابات كوفيد في الصين تمثل أنباء مقلقة للاقتصاد العالمي في الأجل القريب".

 وفي سياق متصل، نشرت وكالة "بلومبيرغ" تقريراً عن السيناريوهات المحتملة لأوضاع الأسواق العالمية في 2023 بعد عام شهد العديد من الأحداث السلبية، وأهمها ارتفاع معدلات التضخم وزيادة فاتورة الطاقة والغذاء.

 وقالت إنّه في الوقت الذي يراهن فيه المتفائلون على توجه البنوك المركزية نحو خفض أسعار الفائدة، وخروج الصين بالكامل من عزلتها، وتراجع الصراع في أوروبا، يتحدث آخرون عن مخاطر قد تعيد اضطرابات إلى الأسواق.

بلومبيرغ: يلوح في الأفق استمرار ارتفاع التضخم باعتباره أحد المخاطر الرئيسية لعام 2023، بينما ما يزال مستقبل الجائحة غير معروف

 

وتشير "بلومبيرغ" إلى أنّه يلوح في الأفق استمرار ارتفاع التضخم باعتباره أحد المخاطر الرئيسية لعام 2023، بينما ما يزال مستقبل الجائحة غير معروف، مع المخاوف من ظهور متحورات جديدة.

وتشير في هذا الصدد إلى هبوط أكثر للأسهم والسندات وزيادة قوة الدولار مع ارتفاع تكاليف الاقتراض ممّا يهدد بحدوث ركود.

وقال الخبير الاقتصادي في شركة "فيرست إيغل إنفستمنت مانجمنت ماثيو ماكلينان": "لم يتوقع الاحتياطي الفيدرالي حدوث تضخم، وفي سعيه لمحاربة التضخم قد لا يتوقع كارثة مالية".

وفي الصين قفزت الأسهم بنحو 35% مع اتجاه الجمهورية الشعبية لإنهاء عمليات الإغلاق، لكنّ هذه المكاسب مهددة بسبب "مخاطر إرهاق النظام الصحي" بسبب زيادة عدوى كوفيد.

وتتوقع استراتيجية السوق العالمية في "جيه بي مورجان تشيس" مارسيلا تشاو أن تنجح الصين في إعادة الانفتاح، لكنّها تُحذّر من "مخاطر تطور كوفيد".

غورغيفا: 2023 سيكون عاماً صعباً، باعتبار المحرك الرئيسي للنمو العالمي -الولايات المتحدة وأوروبا والصين- تعاني من الضعف

وما يزال الانتعاش في الأسهم الصينية "هشاً"، وأيّ احتمال لتعثر النشاط الاقتصادي من شأنه أن يضعف الطلب في أسواق السلع الأساسية، وخاصة بالنسبة إلى المعادن الصناعية وخام الحديد.

هذا، وحذّر كبير استراتيجيي السوق العالمية في شركة "نيكو أسيت مانجمينت" جون فيل، ضمن مشاركته في تقرير لوكالة "بلومبيرغ"، من التأثير السلبي لتصاعد الحرب، وتشديد العقوبات على روسيا، وسوف تؤدي العقوبات الثانوية على الشركاء التجاريين لروسيا، لا سيّما الهند والصين، إلى "تقليل المعروض في العالم فيما يتعلق بالغذاء والطاقة ومواد أخرى مثل الأسمدة وبعض المعادن والكيماويات".

وقال رئيس استراتيجية الاستثمار والاقتصاد في "إي أم بي سيرفيسيز" شين أوليفر: إنّ الأسواق الناشئة قد تعاني في 2023 إذا استمر الدولار في الارتفاع؛ لأنّ العديد من بلدان الأسواق الناشئة لديها ديون مقوّمة بالدولار الأمريكي.

من جهته، قال الخبير الاقتصادي الدكتور ناصر السعيدي: إن هناك (4) عوامل تؤثر في نسب نمو الاقتصاد العالمي خلال 2023؛ منها العوامل الجيوسياسية المتمثلة في الحرب بين روسيا وأوكرانيا من جهة، والمواجهة والحرب الاقتصادية بين الصين وأمريكا من جهة أخرى، وتداعيات حرب أوكرانيا على سوق الطاقة وارتفاع أسعار النفط بما يؤثر على الدول الناشئة والمستوردة للنفط، بالإضافة إلى حالة عدم اليقين بشأن نسب التضخم والسياسات النقدية.

وأضاف السعيدي، في مقابلة مع "العربية" أمس، أنّ عام 2023 سيشهد تبايناً بين نسب النمو والركود بين دول العالم، وسيحدث الركود بداية من بريطانيا، وتلحقها أوروبا خلال الربع الأول من 2023.

وأوضح أنّ أمريكا قد تتجنب الركود العميق، مع إمكانية نجاح الفيدرالي الأمريكي في رفع الفائدة ولجم التضخم.

أوليفر: الأسواق الناشئة قد تعاني في 2023 إذا استمر الدولار في الارتفاع، لأنّ العديد من بلدان تلك الأسواق لديها ديون مقوّمة بالدولار الأمريكي

 

ورجّح السعيدي أن يستمر البنك المركزي الأمريكي في رفع أسعار الفائدة إلى أكثر من 5%، وأن تصل النسبة في أوروبا إلى ما بين 4 إلى 4.5% في 2023.

وكشف أنّ الركود الاقتصادي سينتشر في 2023، وقد يشهد الفصل الأخير من 2023 بداية عودة النمو، مع استمرار الركود في أوروبا لنحو (9) أشهر.

وعن أبرز خطر يهدد الاقتصاد العالمي في 2023، قال السعيدي: إنّ العامل المؤثر الأكبر في 2023 سيكون الحرب الاقتصادية بين أمريكا والصين، وإمكانية وصولها إلى مواجهة عسكرية، وأيضاً التضخم، بعد أن أصبحت مصداقية البنوك المركزية على المحك في لجمه للمستويات المستهدفة، والذي لم يعد خياراً بعد تأخر الفيدرالي الأمريكي والمركزي الأوروبي وبنك إنجلترا في رفع الفائدة خلال 2022، وهو ما يستحيل التراجع عنه.

وتوقع السعيدي أن يكون الدولار قوياً في 2023، بسبب ارتفاع الفائدة ولجوء الاستثمارات إلى الأسواق الأمريكية، مع حدوث تراجع بسيط في أسعار النفط بنحو (5 إلى 10) دولارات، ليصبح في حدود (70 إلى 75) دولاراً للبرميل، مع التفاؤل بشأن اقتصادات دول الخليج بدعم من أسعار النفط المرتفعة نسبياً، وهو ما يساعد ميزانيات دول الخليج، وكذلك يزيد احتياطي العملات الأجنبية لديها.

الأسواق الناشئة قد تعاني في 2023 إذا استمر الدولار في الارتفاع، لأنّ العديد من بلدان الأسواق لديها ديون مقوّمة بالدولار الأمريكي

ويُحذّر الخبراء من أنّ ظهور سلالة جديدة أكثر عدوى لكوفيد، أو حتى المتغيرات الحالية التي تستمر لفترة أطول، قد يؤدي إلى تعطيل سلاسل التوريد مرة أخرى، ممّا قد يؤدي إلى زيادة التضخم وتباطؤ النشاط الاقتصادي.

الجدير بالذكر أنّ الاقتصاد العالمي واجه العام الماضي سلسلة أزمات؛ من أهمها الارتفاع الحاد في الأسعار، وزيادة معدلات الفائدة، التي تفاقمت مع الغزو الروسي لأوكرانيا منذرة بعام قاتم في 2023.

يُذكر أنّه بعد الآمال بانتعاش الاقتصاد العالمي في 2022، وبعد تراجع أزمة تفشي وباء كوفيد، جاء الغزو الروسي لأوكرانيا والارتفاع الحاد في أسعار الطاقة ليبدل هذا الوضع.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية