تحذير أمريكي من تحول أفغانستان إلى مركز إرهاب عالمي... ما التفاصيل؟

تحذير أمريكي من تحول أفغانستان إلى مركز إرهاب عالمي... ما التفاصيل؟

تحذير أمريكي من تحول أفغانستان إلى مركز إرهاب عالمي... ما التفاصيل؟


27/03/2023

تتوالى التحذيرات الدولية مؤخراً حول تدهور الأوضاع السياسية والاجتماعية في أفغانستان، لكن يبدو أنّ ملف إيواء حركة طالبان لمجموعة كبيرة من التنظيمات المسلحة بات يمثل هاجساً دولياً، خاصة في ضوء تصاعد الهجمات من جانب أفرع الحركة ضد دول الجوار، أبرزها العمليات المستمرة من فرع الحركة داخل الأراضي الباكستانية، ممّا دفع الصين وروسيا وإيران لعقد عدة اجتماعات خلال الأسابيع الماضية تناولت خطورة الوضع الراهن داخل أفغانستان وسبل مواجهته.

كما حذّر مسؤولون أمريكيون مؤخراً من تحول أفغانستان إلى مأوى للإرهاب الدولي إثر رصد (20) تنظيماً مسلحاً داخل البلاد يعيش تحت مظلة طالبان، على حدّ تقديرهم، في الوقت الذي تشهد فيه دول الجوار، وفي مقدمتها باكستان وطاجيكستان، هجمات متزايدة من أفرع الحركة، بحسب "العربية".

تهديدات إقليمية متزايدة

تشير تقديرات إلى أنّ الجماعات المسلحة المتواجدة تحت رعاية طالبان المتحالفة معها تخطط لهجمات منتظمة في دول الجوار بهدف السيطرة على الحكم، على غرار ما حدث داخل أفغانستان قبل عام ونصف العام.

كما حذّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش مؤخراً من إيواء طالبان لجماعات مسلحة داخل البلاد، وقال في بيان له إنّ تنظيم داعش يستهدف النساء والأقليات بشكل يدعو للقلق.

أنطونيو غوتيريش: تنظيم داعش يستهدف النساء والأقليات بشكل يدعو للقلق

أيضاً كان بيان صادر عن اجتماع مشترك لمسؤولين من روسيا والصين وإيران وباكستان وأوزبكستان وطاجيكستان، قد حذّر من كون التنظيمات الإرهابية المتمركزة في أفغانستان ما تزال تشكل تهديداً خطيراً للأمن الإقليمي والعالمي".

كما دعوا بشدة "سلطات الأمر الواقع" الأفغانية الحالية ـ على حدّ وصفهم ـ إلى اتخاذ تدابير أكثر فعالية للقضاء على الجماعات الإرهابية في البلاد.

وكان توماس ويست، الممثل الأمريكي الخاص لأفغانستان، قد قال لقناة (تولونيوز): إنّه "على الرغم من أنّ طالبان التزمت بعدم استضافة الإرهابيين الذين يرغبون في إلحاق الأذى بدول أخرى، وعدم السماح بالتدريب أو التجنيد أو جمع الأموال في أراضيها، فإنّ كل ذلك يحدث".

تنظيم داعش يطوّر خريطة تحركه داخل البلاد

يقول رئيس المركز الأفغاني للإعلام والدراسات عبد الجبار بهير لـ "حفريات": إنّ التحذيرات الأمريكية الأخيرة بشأن إيواء طالبان لعدد من التنظيمات المسلحة، تأتي في ظل هجمات مكثفة من جانب تنظيم داعش لاستهداف أهم القيادات داخل حركة طالبان، داخل مناصب حساسة، منها على سبيل المثال واقعة اغتيال حاكم مزار شريف على يد عناصر داعش.

عبد الجبار بهير: التحذيرات الأمريكية الأخيرة بشأن إيواء طالبان لعدد من التنظيمات المسلحة، تأتي في ظل هجمات مكثفة من جانب تنظيم داعش لاستهداف أهم القيادات داخل حركة طالبان 

ويرى بهير أنّ الواقع الأفغاني الراهن يشهد انخفاضاً ملحوظاً في مستوى العمليات الإرهابية بشكل عام، رغم تصعيد العمليات من جانب داعش، لكن مقارنة بالأعوام الماضية نجد أنّ العمليات في مجملها قد انخفضت، بعد العمليات الأمنية الواسعة التي نفذتها القوات الأمنية لطالبان في عدة مناطق. 

ويشير بهير إلى أنّ حركة طالبان كانت قد تعهدت أمام الإدارة الأمريكية، إبّان اتفاق الدوحة، بألّا تصبح البلاد ملاذاً للإرهاب، وهو ما يتوجب على الحكومة اليوم الالتزام به.

كيف أثر الانسحاب الأمريكي على نشاط تلك التنظيمات؟

 المحلل السياسي الأفغاني يعتبر أيضاً أنّ الانسحاب الأمريكي "غير المسؤول" من الأراضي الأفغانية، ومن ثم فتح السجون أمام عناصر مسلحة، منها قيادات تنظيم داعش، يقدّر عددهم بحوالي (1400) عنصر فروا من السجون، قد منح التنظيم مساحة جديدة لإعادة التمحور وإحياء النشاط. 

وبحسب بهير، سعت حكومة طالبان على مدار (18) شهراً منذ توليها الحكم في البلاد إلى تعقب الخلايا الإجرامية للتنظيم والقضاء عليها، وتمكنت من السيطرة على بعضها في كابل العاصمة ومناطق أخرى شمال وشرق البلاد، وتمكنت قبل أيام من قتل أبو عثمان الكشميري الذي كان مسؤول داعش خرسان.  

 تصعيد للعمليات من جانب داعش

وحول التحذيرات الأمريكية والأممية بشأن تواجد جماعات إرهابية أخرى داخل البلاد، يرى بهير أنّه لا يمكن القطع بالأمر في الوقت الراهن، لأنّه لا توجد أدلة قاطعة حول ذلك، لكن ما يمكن تأكيده هو وجود خلايا إجرامية داخل البلاد، أفغانية أو دولية.

ويرى بهير أنّ الحكومة الحالية في البلاد تبدو جادة في ملف مواجهة التنظيمات المهددة للأمن داخل البلاد، ويقول إنّ "الحركة خلال (18) شهراً قد قدمت خطوات جادة بشأن مكافحة الإرهاب، لكن حتى الآن ما تزال أفغانستان غير آمنة بشكل كامل، وما تزال المناقشات السياسية غامضة حول مستقبل البلاد، وحتى اللحظة لم تقدّم طالبان نموذجاً مستقراً للدولة".

رعاية للإرهاب وفشل التصدي لداعش

من جهتها، ترى الباحثة الأفغانية فاطمة حكمت أنّ تنامي النشاط الإرهابي داخل أفغانستان في ضوء حكم طالبان، يُعدّ أمراً طبيعياً ومتوقعاً، فبعد مرور أكثر من عام ونصف العام على حكم الحركة رصدت العديد من الدلائل على إيواء الحركة لعناصر ومجموعات إرهابية شديدة الخطورة، بالرغم من تعهداتها السابقة للولايات المتحدة بالتخلي عن دعم الإرهاب نهائياً.

وتقول حكمت في تصريح لـ "حفريات": إنّ العمليات المتنامية من جانب (طالبان باكستان) ومحاولتها السيطرة على الحكم، فضلاً عن مقتل زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري في أفغانستان العام الماضي، وأيضاً تصاعد العمليات من جانب داعش، كلها مؤشرات دامغة على الدعم الذي تقدّمه طالبان لحلفائها من جهة، وعدم قدرتها على التصدي أمنياً لهجمات داعش من جهة أخرى.

فاطمة حكمت: تنامي النشاط الإرهابي داخل أفغانستان في ضوء حكم طالبان يُعدّ أمراً طبيعياً ومتوقعاً

وتشير حكمت إلى أنّ عدداً من عناصر تلك الجماعات شديدة الخطورة قد دخلوا البلاد تحت رعاية طالبان، وتم تقديم كافة وسائل الدعم لهم، وتوفير ملاذات آمنة لأنشطتهم، وأيضاً تدريب بعض العناصر لتنفيذ عمليات في الخارج، وهو أمر لم يكن مستبعداً بالنسبة إلى طالبان التي حولت البلاد إلى مركز عالمي للإرهاب إبّان حكمها قبل (20) عاماً.

وتؤكد حكمت على أهمية تضافر الجهود الدولية للضغط على الحركة من أجل الالتزام بتعهداتها السابقة، سواء بالتخلي عن دعم الإرهاب، أو التضييق المتعمد على حقوق النساء والأقليات، وأيضاً الضغط على الحركة من أجل تحقيق خطوات منجزة حول الاستقرار السياسي القائم على مبدأ المشاركة، وإيجاد حلول منجزة للأزمة الاقتصادية الطاحنة التي يعيشها الشعب الأفغاني، وتتفاقم بشكل يومي نتيجة السياسات الخاطئة للحركة، واستمرار حجب جانب كبير من الأموال الأفغانية، والمساعدات المقدّمة للمواطنين.

ومن جانبها، نفت طالبان مراراً اتهامات إيواء أيّ تنظيمات إرهابية داخل أراضيها، لكنّ الواقع يشير إلى عدم صدق الحركة، خاصة أنّ كافة الدلائل تشير فعلاً إلى فشل الحركة في مكافحة الإرهاب الداخلي، وأيضاً ما تزال العلاقة بين طالبان وتنظيمات التطرف في العالم تثير شكوكاً كبيرة، وتعكس تحذيرات جدّية من خطورة الوضع الراهن.

مواضيع ذات صلة:

خبيران أمريكيان يقدّران حجم تهديد الدولة الإسلامية في خراسان

داعش في "ولاية خراسان": معضلة أفغانستان الجديدة

أفغانستان و"داعش خراسان"



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية