تخلي الغنوشي عن رئاسة النهضة: مناورة للتغطية على استهلاك رصيده

تخلي الغنوشي عن رئاسة النهضة: مناورة للتغطية على استهلاك رصيده

تخلي الغنوشي عن رئاسة النهضة: مناورة للتغطية على استهلاك رصيده


08/10/2022

 قللت أوساط سياسية قريبة من حركة النهضة من مدى جدية راشد الغنوشي في التخلي عن رئاسة الحركة، معتبرة أن بقاءه أو استقالته آخر ما يهم التونسيين الذين لم ينسوا أن الحكومات التي قادتها النهضة أو شاركت فيها هي السبب المباشر في ما وصلوا إليه من أزمة اقتصادية حادة.

وقالت هذه الأوساط إن الغنوشي أدرك أنه استهلك كل رصيده السياسي بمنظور الداخل والخارج، وأن القادم هو أسوأ بالنسبة إليه، خاصة بعد قيام السلطات القضائية بفتح مختلف الملفات التي توجه إليه هو وحركة النهضة اتهامات خطيرة، سواء ما تعلق منها بملف الإرهاب والتسفير أو ما اتصل بالتمويل الخارجي واختراق مؤسسات الدولة وقضايا الفساد خلال فترة الحكومات التي شاركت فيها الحركة.

وقال الكاتب والمحلل السياسي محمد ذويب، في تصريح لـ”العرب”، إن “الغنوشي بعد أن فشل هو وحزبه في القيام بأي ردة فعل تذكر في مواجهة زلزال 25 يوليو، وبعد أن تخلت عنه القوى الخارجية ولفظه الشارع التونسي وخرج نهائيا من اللعبة السياسية، ها هو يحاول القيام بمناورة جديدة يريد من خلالها التأثير في الرأي العام ليحظى بالمزيد من الاهتمام”.

وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن “تلميح الغنوشي بأنه لن يترشح لرئاسة حركة النهضة خلال المؤتمر القادم أمر لا يعني التونسيين خلال هذه الفترة”.

وما يثير قلق الغنوشي أكثر هذه المرة أنه سيبقى حبيس منع السفر ولن يقدر على تكرار ما فعله في السابق حين دفع بالآلاف من أنصاره إلى مواجهة غير متكافئة مع نظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي ثم غادر البلاد واستمر في المزايدات قاطعا الطريق على أي تهدئة يمكن أن تحدث مع بن علي أو أي مبادرة إنسانية لحل مشكلة الآلاف من المعتقلين.

واستُدعي الغنوشي (81 عاما) في التاسع عشر من يوليو الماضي للتحقيق معه في قضية تتعلق بتبييض أموال وفساد، ونفت حركة النهضة التّهم الموجّهة إلى زعيمها. ثم استدعي ثانية يوم 22 سبتمبر بشأن موضوع آخر، وهو ملف التسفير، وتم تأجل التحقيق إلى جلسة أخرى في منتصف الشهر الجاري.

ويقول مراقبون تونسيون إن الغنوشي يشعر بأن الدائرة بدأت تضيق من حوله، وأن رهانه على الضغوط الخارجية أو على عامل الوقت لتغيير موقف قيس سعيد لم يفض إلى أي نتيجة، بل على العكس بدا الرئيس سعيد أكثر تماسكا وقدرة على تدعيم وضعه في الحكم، وهذا يعني أن رئيس حركة النهضة لم يعد يقدر على فعل أي شيء، وأن رغبته في الحكم قد تلاشت تماما، وهو ما يعني أن إعلان نية التنحي ليس مناورة أو علامة قوة بل هو علامة ضعف.

واعتبر المحلل السياسي نبيل الرابحي أن “حركة النهضة كانت سابقا في وضع هجومي، وبما أن الأمور أصبحت جدية وتم استدعاء الغنوشي إلى المثول أمام القضاء مثله مثل أي مواطن عادي وبدأ التحقيق معه ومع بعض القيادات والإبقاء على البعض في حالة سراح، حاولت الحركة التغطية على ذلك بالحديث عن غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار في البلاد”.

وأكّد الرابحي لـ”العرب” أن “تصريحات الغنوشي مناورة إعلامية وسياسية، وهو لن يستفيد شيئا في انتظار الموعد المرتقب للقضاء يوم 13 أكتوبر الجاري واستئناف قرار حاكم التحقيق بشأن قضية التسفير إلى بؤر التوتر”.

ويشير المراقبون إلى أن رئيس حركة النهضة يريد أن يقول لقيس سعيد إنه سيستقيل ويريحه، وكل أمله هو أن تنساه السلطة وتكف عن “جرجرته” إلى التحقيق بشكل متواصل وفتح ملفات وترْكه ينتظر مدة ساعات، وهو أمر يستنفد الصورة التي سعى إلى رسمها لنفسه كرجل في الواجهة ومكانه الحكم سواء في البرلمان أو في أعلى هرم السلطة.

وقال الغنوشي في حوار مع موقع الجزيرة نت إنه حتى لو قرر مؤتمر النهضة، المؤجل لسنوات، أن يعدل القوانين الداخلية ويسمح له بالتمديد لفترة أخرى، فإنه لن يقبل، مضيفا “ولكني عازم على أن أخلي المكان (رئاسة الحركة) لأحد الإخوان أو الأخوات”.

ويعتقد محللون أن رسالة الغنوشي من خلال التلويح بالانسحاب من رئاسة الحزب ليست مناورة لجعل الأنصار يتمسكون به، مشددين على أنه إذا كان الهدف منها “تجديد البيعة” لزعيم الحركة ومرشدها فإن الغنوشي تجاوز هذا الأمر مرات خلال مؤتمرات الحركة وإصراره على البقاء زعيما لها رغم أنه كان من الواضح تفكك الدائرة من حوله وانسحاب أبرز مساعديه مثل حمادي الجبالي وعبدالحميد الجلاصي ولطفي زيتون ولاحقا عبداللطيف المكي وجماعته.

وقال المحلل السياسي التونسي باسل الترجمان “تشبّث الغنوشي برئاسة الحركة هو ما أدى إلى استقالة قيادات في الصفّ الأول والثاني، وإصراره على تغيير الفصل 30 في قانونها الداخلي الذي يخول له البقاء في رئاسة الحركة هو الذي أجل المؤتمر أكثر من مرة”.

وتابع الترجمان، في تصريح لـ”العرب”، “الغنوشي يوهم بأنه يؤمن بالديمقراطية، وهو على رأس الحركة منذ المؤتمر التأسيسي في 6 يونيو 1981، هذا مجرّد ذرّ رماد في العيون وضحك على عقول البسطاء بتطبيق الديمقراطية وهو لا يؤمن بها داخل الحركة”.

وفي سبتمبر من العام الماضي أعلن 113 قياديا في النهضة استقالتهم، وكان من بينهم قياديون ووزراء ونواب سابقون في الحركة، مثل عبداللطيف المكي وسمير ديلو ونورالدين العرباوي وفتحي العيّادي وعماد الحمامي، وعزوا ذلك إلى “الخيارات السياسية الخاطئة لقيادة حركة النهضة” ما “أدى إلى عزلتها”.

وبرزت منذ المؤتمر العاشر للحركة الذي عُقد في مايو من عام 2016 الكثير من الانتقادات التي طالت إدارة الغنوشي للحركة، وسرعان ما تحولت إلى صراع مكشوف بين تيارات تطالب بتغيير قيادي وإداري وأخرى تسعى للحفاظ على زعامة الغنوشي والمحيطين به.

عن "العرب" اللندنية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية