تركيا أردوغان: حصان طروادة داخل الناتو

تركيا أردوغان: حصان طروادة داخل الناتو

تركيا أردوغان: حصان طروادة داخل الناتو


كاتب ومترجم جزائري
28/02/2023

ترجمة: مدني قصري

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بحاجة إلى ذخيرة بسبب تهجّماته اللاذعة ضد الغرب وخطبه المناهضة لحلف شمال الأطلسي وادعائه "نحن ضد الكفار". ومن المرجح أن تجلب أي مواجهة علنية متهورة مع تركيا قبل انتخابات 14 أيار (مايو) في تركيا الأصواتَ لأردوغان. صِدامٌ مع الغرب؟ فوز أردوغان مرّة أخرى

حلف الناتو تحالفٌ جعل من الأمن عقيدته. ومع ذلك تنص ديباجته على أنّ المنظمة تأسّست أيضاً على مبادئ الديمقراطية والحرية الفردية وسيادة القانون. العرض الفردي الاستبدادي الفاضح الذي يجري في تركيا، العضو في الناتو لا يتوافق مع الميثاق. وفقاً لمؤشر الديمقراطية لعام 2021 الذي أعدته وحدة المعلومات الاقتصادية (EIU) تحتل تركيا المرتبة 103 من بين 167 دولة. تم بناء هذا المؤشر على خمسة معايير: العمليات الانتخابية والتعددية، والممارسات الحكومية، والمشاركة السياسية، والثقافة السياسية الديمقراطية، والحريات المدنية.

في تقريره "الحرية في عالم 2022 صنّفت مؤسسة فريدوم هاوسFreedom House ، وهي جمعية تموّلها الحكومة الأمريكية في واشنطن العاصمة، تركيا في فئة "بلدان غير حرّة" إلى جانب أفغانستان، وأنغولا، وبيلاروسيا، وكمبوديا، والصين، وكوبا، وإثيوبيا، وهايتي، وإيران والعراق وليبيا ونيكاراغوا وروسيا والصومال والسودان وسوريا وبعض دول العالم الثالث المارقة. وفقاً لمعيار الديمقراطية وحده لا يمكن تصوّر أن تصبح أيّ من هذه البلدان عضواً في الناتو. ومع ذلك، فإنّ تركيا عضو في الناتو.

من وجهة نظر أمنيّة تُعتبر تركيا أيضاً دولة دخيلة متطفلة على الناتو. في عام 2012 انضمت تركيا إلى منظمة شنغهاي للتعاون (SCO) بصفتها "شريكاً في الحوار". ("شركاء الحوار" الآخرون هم بيلاروسيا وسريلانكا، والدولُ المراقِبة هي أفغانستان والهند وباكستان وإيران ومنغوليا). في عام2022  قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إنه يأمل في الانضمام إلى منظمة شنغهاي للتعاون كعضو كامل العضوية.

عقوبات على عضو الناتو

في أيلول (سبتمبر) 2013 كانت تركيا قد أعلنت بالفعل أنها اختارت شركة صينية (مدرَجة في قائمة العقوبات الأمريكية) لبناء أوّل نظام دفاع جوّي وصاروخي بعيد المدى. في عام 2019 قرّرت تركيا شراء أنظمة الدفاع الجوي الروسية الصنع S-400. تركيا هي العضو الوحيد في حلف شمال الأطلسي الذي فرضت عليه الولايات المتحدة عقوبات بموجب قانون مكافحة أعداء أمريكا Countering America's Adversaries Through Sanctions Act من خلال العقوبات.

في أيار (مايو) 2022 قال دولت بهجلي شريك أردوغان في التحالف القومي المتطرف إنّ على تركيا التفكير في مغادرة الناتو. قد يكون على حق. لكن مع الأسف هذا القول مجرد خدعة.

يحتاج أردوغان إلى الناتو - خاصة في هذه الأيام التي يحتاج فيها إلى ذخيرة لتغذية خطابه المناهض للغرب والمناهض لحلف شمال الأطلسي وخطابه الصاخب "نحن ضد الكفار" قبل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في 14 أيار (مايو) القادم. لقد أصبح توسيع حلف الناتو ليشمل الدول الاسكندنافية - ترغب السويد وفنلندا في أن تصبحا عضوين - رهينةً لحملته الانتخابية.

لا يزال معظم الأتراك يؤمنون بما تعلّموه في المدرسة الابتدائية: أنّ الصديق الوحيد للتركي هو تركي آخر. لا يزالون يعيشون في عالم غير واقعي ينمّ عن كرهٍ للأجانب

هناك حادثان استفزازيان في ستوكهولم وقعا في كانون الثاني (يناير) - شنقُ أردوغان في شكل دمية على عمود إنارة، وقيام سياسي دنماركي بإحراق القرآن أمام السفارة التركية - استخدمهما أردوغان لحشد دعم ناخبيه وصرف الانتباه عن اقتصاد البلاد المتعثر. والحال أنّ السلطات السويدية انتقدت بشدة كلا الحادثين.

وسط هتافات ناخبيه المحافظين والقوميّين أعلن أردوغان أنه من غير المجدي أن تأمل السويد في الحصول على دعم تركيا لانضمامها إلى الناتو (كل عضو فيه يملك حق النقض). في 21 كانون الثاني (يناير) ألغى وزير الدفاع التركي خلوصي أكار زيارة نظيره السويدي بال جونسون. وفي 24 كانون الثاني (يناير) ألغت أنقرة أيضاً اجتماعاً ثلاثياً مع السويد وفنلندا بشأن توسيع الناتو إلى الدول الاسكندنافية.

زعيم قوي!

قال أوزر سينكار، رئيس معهد ميتروبول للاستطلاع إنّ تضخيم الشعور بعدم الأمان في مجال العلاقات الدولية يوسّع قاعدة أردوغان الانتخابية. وأوضح أنّ هذا الأخير "يخلق تصوراً بأنّ تركيا يقودها "زعيم قوي". "إذا استطعتم إثارة الشعور بانعدام الأمن فسوف يحتشد الناس خلف القائد القوي".

فما العمل؟ في هذا الشأن أوصى جون ر. ديني، الأستاذ والباحث في معهد الدراسات الاستراتيجية في الكلية الحربية للجيش الأمريكي، من خلال الموقع السياسي الأمريكي The Hill بـ "الصبر الاستراتيجي".

رئيس معهد ميتروبول للاستطلاع: تضخيم الشعور بعدم الأمان في مجال العلاقات الدولية يوسّع قاعدة أردوغان الانتخابية. هذا الأخير يخلق تصوراً بأنّ تركيا يقودها زعيم قوي

إذا لم تتحرك أنقرة حول فنلندا والسويد بحلول نهاية الربيع فسيتعيّن على واشنطن أن تشير على الأقل إلى أنّ بعض الإجراءات قيد الدراسة في الوقت الحالي. يمكن أن تشمل هذه الإجراءات انخفاضاً في قيمة الليرة التركية مصحوباً بإشارة استياء مؤكد من قبل واشنطن إزاء تركيا، وسلسلة من العقوبات على صادرات تركيا الرئيسية ووزاراتها وقادتها، وقيود على بيع المعدات العسكرية الأمريكية إلى تركيا، مع إخطار تركيا أنّ هناك إرادة لإعادة النظر في الترتيبات العسكرية للناتو في تركيا، وكذلك الوجود الأمريكي في هذا البلد. فالخطر القائم بالفعل في أن تعزز مثلُ هذه الترتيبات موقفَ أردوغان محلياً، لكنها ستحقق الهدف الأكثر أهمية المتمثل في تعزيز عضوية فنلندا والسويد في الناتو. على أية حال فإنّ الصبر الاستراتيجي يبدو في الوقت الحالي هو الخيار السياسي الأكثر حصافة".

دينيس على حق. أي عرض علني للخلاف بين تركيا والغرب في الأشهر التي تسبق الانتخابات التركية سيكون غير حكيم، لأنه سيزيد من خطر إعادة انتخاب أردوغان. لا يزال معظم الأتراك يؤمنون بما تعلّموه في المدرسة الابتدائية: أنّ الصديق الوحيد للتركي هو تركي آخر. لا يزالون يعيشون في عالم غير واقعي ينمّ عن كرهٍ للأجانب حيث تتصرف جميع الدول الأخرى في نظرهم كأعداء لبلدهم وتتآمر ضد تركيا. من وجهة نظر علم النفس الجماعي فإنّ هذا التصور الطفولي للعالم يدفعهم إلى الاتحاد خلف قائد. هل هي مشكلة مع الغرب؟ وهل هو فوز أردوغان مرّة أخرى؟

المصدر:

https://fr.gatestoneinstitute.org/19410/turquie-cheval-troie-otan




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية