تركيا تواصل تأزيم الوضع الليبي وتدعم المسلحين والمرتزقة

تركيا تواصل تأزيم الوضع الليبي وتدعم المسلحين والمرتزقة


14/06/2020

منذ إعلان المبادرة المصرية التي تهدف إلى حل سياسي للأزمة الليبية، خلال الأيام القليلة الماضية، والتي قام بها الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، بحضور القائد العام للقوات المسلحة، المشير خليفة حفتر، ورئيس مجلس النواب، المستشار عقيلة صالح، بالإضافة إلى عدد من سفراء دول عربية وغربية، فإنّ ثمة ردود فعل متباينة من عدة أفراد سياسية، إقليمية ودولية، ومن بينهم، الأطراف الفاعلة والمعنية بالأزمة، تراوحت بين الصمت والترحيب والرفض.
الجيش في مواجهة الميلشيا
وبالرغم من طرح مبادرة القاهرة حلولاً سياسية، تتضمن إعلاناً دستورياً، وتفكيك الميليشيات المسلحة، وإعلان وقف لإطلاق النار، إلا أنّ حكومة الوفاق، برئاسة فائز السراج، المدعومة من تركيا، استأنفت عملياتها العسكرية والميدانية؛ إذ شنت هجوماً على مواقع الجيش الوطني الليبي في مدينة سرت، فضلاً عن دعم أنقرة المستمر للميلشيات المسلحة، ونقل المرتزقة والسلاح، مما يعطل الحل السياسي واستئناف المفاوضات، برعاية الأمم المتحدة، وتبعاً للمعايير المتفق عليها، في مؤتمر برلين.

 

 

وقد تضمنت المبادرة المصرية مسارات سياسية وأمنية واقتصادية عديدة، أبرزت أهمية وضرورة تشكيل مجلس رئاسي بالانتخاب، يعكس تمثيلاً عادلاً لجميع أقاليم ليبيا الثلاثة، ومن ثم، اعتماد إعلان دستوري ينظم المرحلة المقبلة، والاستحقاقات الانتخابية فيها، وذلك تحت إشراف الأمم المتحدة.
كما شددت المبادرة على خطورة الحل العسكري نحو استقرار ليبيا، وتهديده لأمن المنطقة والإقليم، بينما طالبت "وقف إطلاق النار، بداية من الثامن من حزيران (يونيو) 2020، وإخراج المرتزقة الأجانب من الأراضي الليبية، وتفكيك الميليشيات وتسليم أسلحتها، حتى يتمكن الجيش الليبي من الاضطلاع بمهامه الأمنية، فضلاً عن استمرار عمل اللجنة العسكرية (5+5)".
تركيا تعترف
بيد أنّ الموقف التركي الرسمي سرعان ما عمد إلى تأزيم الموقف الليبي، وأعلن عن رفضه للمبادرة المصرية، وأي حل سياسي في ليبيا، وذلك في ظل استمرار نقل العناصر المسلحة من سوريا إلى ليبيا، بفضل الجسر الجوي الذي دشنته تركيا، لشحن السلاح والمقاتلين إلى مدينتي مصراته وطرابلس؛ حيث كشف موقع "أتيمال رادار" الإيطالي، المتخصص في تتبع حركة الطيران الحربي والسفن عبر المتوسط، عن صور وإحداثيات تبرز قيام أنقرة ببناء جسر جوي، كما تم رصد 11 طائرة شحن عسكرية، أقلعت من اسطنبول وكونيا في وسط تركيا إلى طرابلس ومصراتة والعودة في نفس الاتجاه.

 

 

كما هنأ ياسين أقطاي، مستشار الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، العناصر المسلحة التابعة لحكومة الوفاق على التطورات الميدانية الأخيرة، وقال في تغريدة عبر "تويتر": "الحمد لله، أنجزت تركيا ما وعدت به إخواننا في ليبيا"، ما يعكس اعترافه المباشر بضلوع أنقرة في العمليات العسكرية التي تجري في ليبيا.

 

 

الموقف التركي الرسمي عمد إلى تأزيم الموقف الليبي، وأعلن عن رفضه للمبادرة المصرية، وأي حل سياسي في ليبيا

ويضاف إلى الموقف الرسمي التركي، ظهور بعض الأصوات الداعمة والمؤيدة لسياسات أنقرة، والتي تضطلع بدور رئيس في الترويج لأغراضها التوسعية في المنطقة، سواء عبر منصات التواصل الاجتماعي أو وسائل الإعلام؛ إذ دأبت الناشطة اليمنية، توكل كرمان، على التحريض ضد الحل السياسي السلمي في ليبيا، وشق طريق الحرب والعمليات العسكرية، بغض النظر عن التكلفة والخسائر التي يتكبدها الليبيون وتأثيرها على مستقبل بلادهم.
وغردت الناشطة اليمنية عبر حسابها في "تويتر": أفكر في زيارة طرابلس لكنني مشتاقة إلى بنغازي"، مما أثار ضدها انتقادات حادة، واعتبر ناشطون تغريدتها "تحريضاً على العنف" و"رقص على دماء الليبيين"، خاصة في ظل العمليات العسكرية التي وقعت، مؤخراً، وتسببت في سقوط قتلى وضحايا من المدنيين والعسكريين الليبيين.
القتال خيار أردوغان
ومن جانبه، أكد مجلس الأمن القومي التركي، أنّ أنقرة ستظل تعمل على "تقديم الاستشارات العسكرية للحكومة الشرعية في ليبيا"، حسبما ذكر بيان نشرته وكالة الأناضول التركية، وجاء فيه: "بحثنا مواقف الدول المعادية لأنشطتنا المشروعة في المتوسط، وأكدنا على الاستمرار في حماية مصالحنا بالبر والبحر والجو من دون تقديم أي تنازلات".
ولئن يبدو الموقف التركي وحليفه الليبي يراكم الأزمات في الإقليم وبين دول الجوار، وتحديداً، في منطقة المتوسط، كما هو الحال في سوريا وليبيا، لكنه، في المقابل، يقف معادياً لقرارات أممية وإجماع دولي، يسعى نحو تأييد الحل السياسي السلمي، ووقف العمليات العسكرية؛ إذ قرر مجلس الأمن تمديد التفويض الخاص بـ"التنفيذ الصارم لحظر الأسلحة في أعالي البحار، قبالة سواحل ليبيا، لمدة 12 شهراً، معتمداً القرار رقم 2526 للعام 2020".

 

 

وأوضحت بعثة الأمم المتحدة، في بيان رسمي صادر عنها، أنّ "التقارير الواردة عن اكتشاف عدد من الجثث في مستشفى ترهونة تبعث على الانزعاج الشديد"، ووجهت "سلطات حكومة الوفاق الوطني إلى إجراء تحقيق سريع ونزيه"، وذلك بعدما كشفت عن وجود تقارير تفضح "حالات نهب وتدمير للممتلكات العامة والخاصة في ترهونة والأصابعة، لافتة إلى أنّ "بعض الحالات تعكس صور انتقام وثأر من شأنها أن تزيد من تآكل النسيج الاجتماعي الليبي".
وإلى ذلك، كشف المرصد السوري لحقوق الإنسان عن وجود معلومات جديدة، تتصل بوجود بكتيبة عراقية، تضم العشرات من عناصر تنظيم "داعش"، يعملون لصالح تنظيم "أحرار الشرقية" والاستخبارات التركية.
داعش مجدداً.. صناعة تركية
وأوضح المرصد أنّ الكتيبة الداعشية (العراقية) المنضوية في تنظيم "أحرار الشرقية"، والتي تتخذ من مدينة الباب، في ريف حلب الشمالي الشرقي مقراً لها، تتألف من 40 مقاتلاً، جميعهم من الجنسية العراقية، كما تتركز مهمتها الأساسية في تنفيذ عمليات اغتيال وتفجيرات وتفخيخ، فضلاً عن التعرف على عناصر التنظيم الأجانب الذين يحاولون الهرب باتجاه الأراضي التركية، والمتخفين ضمن ريف حلب، ليقوموا بعد ذلك بزجهم في السجون، ومنهم من جرى تصفيته أو نقله إلى تركيا، في مقابل مبالغ مالية طائلة، كما تم مساومة آخرين من المتواجدين في السجون، بغية إرسالهم للقتال في ليبيا.

 

 

 

 

وفي السياق ذاته، أوضح موقع ديفينس بلوغ، المعني بالشؤون الأمنية، أنّ القوات المسلحة المصرية، نشرت دبابات أبرامز القتالية بالقرب من الحدود مع ليبيا، كما ظهر مقطع فيديو قصير لقافلة عسكرية مصرية مع 18 دبابة قتال رئيسية من طراز M1A2 أبرامز في المنطقة الحدودية، وهو ما علق عليه الصحفي ومحلل الطيران العسكري، باباك تغافي، في تغريدة عبر حسابه في "تويتر" أنّ "هذا الفيديو المسجل منذ دقائق يظهر 18 دبابة M1A2 أبرامز الرئيسية للجيش المصري على الحدود مع ليبيا مستعدة لدخول البلاد لاستخدامها ضد الميليشيات الإسلامية المدعومة من تركيا والمرتزقة السوريين"، مضيفاً أنه "تم رصد ما لا يقل عن ست طائرات هليكوبتر هجومية من طراز Mi-24 في المنطقة ذاتها".

 

 

دأبت الناشطة اليمنية توكل كرمان على التحريض ضد الحل السياسي السلمي في ليبيا وشق طريق الحرب والعمليات العسكرية

ولا يعدو الاصطفاف العسكري المصري على حدودها مع ليبيا توجهاً للحرب أو استخدام القوة العسكرية، بحسب تقديرات سياسيين مصريين، إذ إنّ القاهرة تتجه نحو الحل السياسي في ليبيا، وتقديمه على أية حلول أخرى، لكنها، في الوقت ذاته، تؤمن مقدرات أمنها القومي، وتحمي حدودها في مواجهة المهربين والعناصر المتطرفة، بالإضافة إلى منع محاولات التسلل عبر الحدود أو تهديد أمنها؛ حيث سبق وشنت القوات المسلحة المصري عدداً من الغارات الجوية في ليبيا، في العام 2015، ضد مواقع لتنظيم داعش الإرهابي، في مدينتي سرت ودرنة، بعد ذبح 21 مصرياً من الأقباط على يد العناصر الإرهابية.
كما نفذ الجيش المصري غارات جوية أخرى، في العام 2017، على مدينة درنة، حيث استهدف مجلس شورى مجاهدي درنة، وذلك على خلفية تورط عناصره في هجوم إرهابي ضد مجموعة من الأقباط المصريين، كانوا في حافلة تتجه بهم إلى دير الأنبا صموئيل، الموجود في محافظة المنيا، جنوب مصر.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية