تركيا والتدريب على غزو الدول من سوريا إلى العراق

تركيا والتدريب على غزو الدول من سوريا إلى العراق


21/06/2020

من يراقب السياسة الخارجية التركية والعمليات العسكرية التركية في الخارج يتوصل الى استنتاج مفاده أن تركيا تتصرّف بمفردها في نظرتها أو طريقة إدارتها لعدد من الملفات الإقليمية ومن ابرزها تعاملها مع بلدين جارين لها وهما سوريا والعراق.

لا يختلف السلوك التركي في تدخله في الشأن السوري عن سلوك أية قوة استعمارية تتحرك بمنطق الغزو والغلبة والتفوق.

لكن في المقابل ولضمان افضل النتائج من عملياتها فقد صار واضحا أن تركيا تعتمد عدداً من الأدوات التي تساعدها في الوصول الى اهدافها:

* التشبث بمصالح الدول الكبرى والتداخل معها في بعض المصالح لضمان غطاء اممي لما ترتكبه من افعال ومن ذلك تقاسم المصالح مع روسيا في اطار اتفاقية استانة.

* التعامل فيما يتعلق بالتدخل في ليبيا بنفس المنطق ايضا لجهة اقتسام النفوذ اذ يجمع مراقبون بأن اردوغان لا يمانع في تفاهمات مماثلة للتفاهم السابق في سوريا لاقتسام المصالح والارض مع الروس.

* الإيحاء بوجود مصالح اقتصادية واستراتيجية مشتركة تهم جميع الاطراف بما يدفعها لتفهم التحركات التركية.

* التلويح بموضوع الارهاب بوصفه اشد القضايا حساسية والتي تدفع الدول الأخرى الى تفهم المهام العسكرية التركية في كونها نوع من الدفاع ضد الارهاب كما هو واقع الحال في شمال العراق بدعوى مقاتلة حزب العمال الكردستاني المصنف ارهابيا لدى تركيا والاتحاد الاوروبي و الولايات المتحدة وقتال تنظيم داعش الارهابي في الشمال السوري.

وعلى ذلك فإن الملاحظ تسارع وتيرة العمليات العسكرية التركية خلال ازمة كورونا في وقت يؤكد فيه اردوغان أن ما بعد كورونا هنالك اوضاع سوف تتغير في العالم.

وشدد أردوغان، على ضرورة الاستعداد للوضع الجديد الذي سيظهر في العالم والمنطقة بعد وباء كورونا و إن حكومته عازمة على المضي قدما للارتقاء بتركيا إلى المكانة التي تستحقها في النظام العالمي الجديد المرتقب ظهوره عقب تفشي وباء كورونا الجديد.

على وفق ذلك تسارع تركيا في التمدد على جميع الإتجاهات، تحشّد في إدلب وتهاجم شمال العراق وتحاصر سرا الليبية وفي ذات الوقت تظهر تسريبات حول نية تركية مبيتة لغزو جزر يونانية واحتلالها بدعوى عائديتها لتركيا وهو ما تم الكشف عنه مؤخرا ونفته حكومة العدالة والتنمية.

لكن الملاحظ انه بعد اتفاقية اردوغان – السراج اتضحت الرؤية التركية في الاستحواذ والسيطرة بشكل معلن والا كيف يفسر التمدد التركي في المياه الاقليمية والجرف القاري حتى لو مس مصالح العديد من الدول.

كل هذه الحلقات التي تبدو متباعدة لو تم ربطعها مع بعضها البعض فسوف تظهر التوجّه السياسي والعسكري التركي الذي يسترجع في ذات الوقت عهودا غابرة من السيطرة والاستقواء والقهر كانت تتبعه الدولة العثمانية البائدة وهو ما صارت الحكومة التركية تقتفي اثره بالدفاع عن الارث العثماني في العديد من الساحات واستخدامه غطاءا للتمدد على اراضي وحقوق االاخرين.

يقول توماس بييريه الباحث الفرنسي بالمركز القومي للبحوث العلمية، المتخصص في الشأن السوري، أن هناك عدة مآرب حقيقية من تحرك أردوغان نحو غزو ليبيا بعد غزو سوريا.

وأشار بيريه لإذاعة إر.إف.إي الفرنسية، إلى أن أردوغان يطمع بالسيطرة على ثروات المتوسط، ولديه مشروع للامتداد الجيوسياسي لتركيا في شمال أفريقيا، بالإضافة إلى تمويل الجماعات الإرهابية في المنطقة.

ولفت بييريه إلى تصريحات أردوغان التي تكشف نواياه الحقيقية وأطماعه، بأنه لا حل في ليبيا  ولا في سوريا بدون تركيا ، موضحا أن "أنقرة التي عارضت تدخل حلف شمال الأطلسي "الناتو" في ليبيا عام 2011، تريد اليوم أن تكون جزءًا من الحل في الأزمة السورية والليبية، ولكن في حقيقة الأمر أنه هناك عدة مآرب سياسية واقتصادية لهذا الغزو".

وفي هذا الصدد ايضا يقول الباحث د. سربست نبي في موقع ميدل ايست اونلاين أنه "بوحي من الأوهام والعقائد الأيديولوجية، يعتقد أردوغان اليوم أنه قام ويقوم الآن بمهمة تاريخية ودينية مقدسة، ستجعل من تركيا وصية على الشعوب والدول الإسلامية، وهي ستخرج من معمعة الربيع العربي كأقوى دولة في العالم الإسلامي تستطيع من هذا الموقع، ومن خلفها العالم الإسلامي، أن تواجه العالم الأوروبي والأميركي.

والحال أن تركيا اليوم باتت الجارة الأكثر عدوانية وغطرسة في محيطها الإسلامي والأوروبي. وأثبت حلفاؤها عبر ممارساتهم الفعلية في عفرين ومحيطها ومن ثم في شرق الفرات، وشمال العراق وليبيا، أنهم حلفاء على مقاس تطلعات أردوغان السياسية وشعاراته المعلنة.

ويضيف الباحث، "أن تركيا اللاهثة وراء دور يعيد لها هيمنتها وهيبتها المفقودتين تمارس الآن فجوراً سياسياً، عرقياً ومذهبياً، في كل مكان، داخلاً وخارجاً، بدواعٍ وأوهامٍ ما تزال معشعشة في رأس زعيمها فهي ما عادت قادرة على أن تضمن أمنها القومي، كما يعتقد رئيسها، من دون هذا التدخل في كل مكان، وتأليب شعب ضد آخر، وجماعة دينية ضد أخرى، أو تمارس العقاب الجماعي، الذي يرقى إلى مستوى جريمة حرب وإبادة وفق جميع المعايير الدولية، ضد مجموعة عرقية أخرى خارج حدودها".

واقعيا أن هذا ما نعيش فصوله اليوم من تدريب على الغزو واعتماد منطق الاحتلال والقهر وفرض الامر الواقع في اية ساحة تصلها طلائع القوات التركية سواء في مشرق الوطن العربي او مغربه.

عن "أحوال" التركية



الوسوم

انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية