تزويد إسرائيل المستوطنين بالأسلحة: ماذا لو وصلت للعرب؟

تزويد إسرائيل المستوطنين بالأسلحة: ماذا لو وصلت للعرب؟

تزويد إسرائيل المستوطنين بالأسلحة: ماذا لو وصلت للعرب؟


كاتب ومترجم فلسطيني‎
15/02/2023

ترجمة: إسماعيل حسن

انقسم الاسرائيليون في مواقفهم حول قرار الكابينت منح المستوطنين المزيد من تصاريح حمل السلاح رداً على المذبحة في نفيه يعقوب، فمنهم من اعتبر القرار صائباً وتعبيراً عن اهتمام من قبل الحكومة بحياة المواطنين بعد عملية إرهابية بشعة، والبعض يقول بدلاً من نشر المسدسات في الشوارع، مطلوب جمع الأسلحة غير القانونيّة من الشوارع، فالسلاح القانوني الذي سيشتريه اليهود سيصل جزء منه إلى المواطنين العرب وسيزيد ذلك الإرهاب، فما رأيناه قبل أسبوعين هو ثأر دم مباشر لعملية قوات الأمن في جنين، في أثناء الاقتحام قتل ما لا يقل عن تسعة فلسطينيين معظمهم مخربون.

 كان يمكن الافتراض بأنّ جهاز الأمن لو عرف بأنّ الوضع سيتطور على هذا النحو، ربما ما كانوا سيعملون بالشكل ذاته، أشار الجيش بالمقابل إلى أنّ ما جرى كان ضرورياً، لكنّ الرد لم يقع ضد جنود أو عناصر الشرطة، بل ضد مدنيين أبرياء كانوا يذهبون إلى الصلاة، والسبب كمية السلاح المجنونة الموجودة في مناطق الضفة وشرقي القدس.

حكومة إسرائيل ضعيفة

الحكومة الجديدة في إسرائيل تجد نفسها أمام اختبار أمني متفجر هو الأول مع مرور أقل من شهرين على توليها الحكم، صحيح أنّ موجة الإرهاب بدأت في عهد الحكومة السابقة قبل نحو عام، لكنّ عملية نفيه يعقوب وسلوان أثبتتا بأنّ التصعيد لا يرحل إلى أي مكان بل العكس، وما يزيد المخاوف داخل إسرائيل الحكومة الضعيفة القائمة، والتي تبعث برسائل سيئة لأعداء إسرائيل الذين لم يعد يخافون، لقد دعا رئيس الوزراء المواطنين ألا يأخذوا القانون بأيديهم، لكنّه بأفعاله يبث رسالة معاكسة عندما لا تكون حكومته قادرة على توفير الأمن، وتبعث بالمواطنين لتدبير أنفسهم وحدهم وهذا يدعو إلى أعمال ثأر، وإذا كانت الحكومة لا تحمي أحداً، فلا عجب إذا ما أخذوا القانون بأيديهم.

جلسة مجلس الوزراء، أمس، الصورة: حاييم تزاك رئيس الأركان

 طالب الإسرائيليون نتنياهو لأن يسأل وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن الذي استقبله في القدس، ماذا يحصل في دولة يتدحرج السلاح في شوارعها دون عراقيل، هل هو معني بأعمال ذبح جماعية مثلما في أمريكا، بدلاً من التملص من المسؤولية، على نتنياهو وسموتريتش وبن غفير ووزراء الليكود أن يعرضوا رؤية وخطة تعزز السيّادة اليهوديّة في البلاد ونزع الإرهاب، لقد انتخبوا لأنّهم وعدوا بجمع السلاح غير القانوني ووقف تفريغ مخازن ذخيرة الجيش، فالعمليات القاسية التي وقعت في القدس مؤخراً، تعيد إلى الذاكرة إحساساً بتكرار الأحداث، فكل بضع سنوات ينفذ فلسطينيون من سكان المدينة عمليات في العاصمة أو خارجها، في ظل استغلال قدرتهم على الحركة بين المناطق.

جمع السلاح

دعا كثيرون في إسرائيل هذه المرة للرد من خلال مزيد من القوة في مناطق شرقي القدس، نشر القوات ونصب الحواجز وتكثيف الجهود الاستخبارية والعملياتية بدلاً من نشر فوضى السلاح، هناك خطة من فرضية العصا والجزرة يجري التعامل من خلالها مع التحدي الذي تمثله المدينة المقدسة للجيش، بحيث تبدأ العملية بجمع السلاح من الأحياء والقرى الفلسطينية، على أن يتم البدء بمخيم شعفاط مصدر العمليات الإرهابية، والذي يتمتع بمكانة رمزية فريدة باعتباره المخيم الوحيد للاجئين في إسرائيل، وقد تكون الخطة أول حالة اختبار في عملية تفكيك وجمع أسلحة شاملة منه، بحيث ستبدأ عملية التسليم الطوعي لفترة محددة، بعدها يبدأ النشاط الهجومي في جمع الأسلحة من منزل إلى منزل، لكن ربما يواجه الجيش صعوبة ووقتاً أطوال في تنفيذ الخطة، ويعود ذلك إلى عدم وجود اتفاق سياسي إسرائيلي داخلي فيما يتعلق بموقع هذه الأحياء، في إطار تسوية سياسية مستقبلية مع السلطة الفلسطينية، وإلا فستكون هذه المناطق قنبلة موقوتة يمكن رؤية علاماتها في غربي القدس، لكنّ قدرتها التفجيرية أكبر بكثير، ولعل العملية الأخيرة في بيت حنينا كالتي سبقتها وتلك التي ستأتي في المستقبل، تؤدي لاستنتاج مفاده أنّ طريقة الحد من العمليات تتطلب دراسة ميدانية، وتستدعي توفير فرصة تستفيد من الإجماع السّياسي الإسرائيلي الداخلي والدعم الدولي واسع النطاق.

التحريض يصعّد العمليات

بالنسبة للمؤسسة الأمنيّة تشكل أعمال التحريض الخطر الأكبر الذي يتطلب مواجهته في هذه المرحلة، ثمة عناصر عدة ساعدت في وقوع هجمات داميّة ضد الإسرائيليين إلى جانب انتشار السلاح وأبرزها موجة التحريض على الشبكات الاجتماعيّة، لقد كان التحريض ناجعاً كما كان متوقعاً في ضوء عدد القتلى المرتفع، هددت منظمات الإرهاب على الفور بالثأر، ورداً على ذلك أطلق الجهاد الإسلامي سبعة صواريخ نحو إسرائيل، حماس من جهتها شاركت في الاحتفال حين أعلنت بأنّها أطلقت صواريخ مضادة للطائرات نحو طائرات سلاح الجو التي هاجمت قطاع غزة رداً على إطلاق الصواريخ نحو إسرائيل.

نتنياهو في تصريح لوسائل الإعلام

 تقدر إسرائيل بأنّ ليس لحماس مصلحة في التصعيد حالياً، لكنّ أجهزة الاستخبارات الإسرائيليّة تشير منذ فترة بعيدة، إلى أنّ تنظيم الإرهاب يحرّض على الإرهاب في الضفة الغربية، وسواء عمل المخربون في شرقي القدس بتوجيه من حماس أم لا، فإنّ العمليات مؤخراً هي بالضبط ما أرادت تحقيقه التنظيمات الإرهابية التي دعت إلى الثأر، كانت هذه العملية أكثر نجاحاً مما ينبغي كما تبين، فقد ولدت من نتائج التحريض المجنونة في الشبكات الاجتماعية ضد إسرائيل، عرفت حماس كيف تشعله جيداً، فيما أنّ هدف حماس الأعلى اليوم هو الحفاظ على قطاع غزة هادئاً لتحسين الوضع الاقتصادي بهدف التخطيط للجولة القتالية التالية، وبالتوازي تحفز الإرهاب في مناطق الضفة الغربية والقدس.

حل للمدى البعيد

يرى مراقبون بأنّ سياسة الرد التي يتبناها الجيش ضد العمليات الأخيرة ليست ناجعة، فهدم وإغلاق منازل المخربين وسحب حقوق التأمين الوطني وممن يدعمونهم، سيزيد من عنف المخربين بشكل أوسع، في موضوع القدس لا تقتصر مطالبة الحكومة على توفير جواب فوري للتحديات الأمنيّة، بل عليها أن تفكر أيضاً بشكل معمق في حل للمدى البعيد ويستوجب ذلك قرارات حاسمة، لقد سبق للتاريخ أن أثبت بأنّه إذا لم تتخذ هذه القرارات قبل فوات الأوان، فستقع العديد من الضربات القاسية، وهنا يجب السيطرة على مصادر وصول السلاح المسبب للعنف، فالسلاح يأتي عبر حدود الأردن ومصر ولبنان، وكذلك من قواعد الجيش الإسرائيلي، ويجب العمل في ثلاثة أشكال في موضوع السلاح، أولاً إغلاق الحدود مع الأردن ومصر ولبنان وهذا بالفعل عمل صعب ولكنّه واجب وضروري، ثانياً حماية أكثر تشدداً لقواعد الجيش لمنع سرقة السلاح، ثالثاً الحاجة لعمل ميداني لجمع الأسلحة بداية من قلب القدس وهذا هو التحدي الأكبر، لأنّ تنفيذ ذلك سيستغرق عدة أسابيع وستتطلب الخطة العديد من القوات، ويرجح أن تتميز الخطة بالاحتكاك العالي مع الفلسطينيين، ولكن إذا لم تنفذ هذه العملية للقضاء على الخلايا المسلحة، فسيوجه السلاح في نهاية المطاف وبشكل متصاعد علينا.

مصدر الترجمة عن العبرية:

https://www.israelhayom.co.il/news/geopolitics/article/13637364



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية