تعاظم دور دول الخليج في 2023... ما الأسباب؟

تعاظم دور دول الخليج في 2023... ما الأسباب؟

تعاظم دور دول الخليج في 2023... ما الأسباب؟


08/12/2022

حققت دول مجلس التعاون الخليجي طفرة كبيرة خلال الأعوام الماضية، على مستوى السياسات الخارجية والعلاقات مع الدول، برزت خلالها كقوة إقليمية عظمى ومؤثرة في الملفات الدولية والإقليمية، ونجحت في الوصول إلى مكانة مؤثرة وأصبحت شريكاً قوياً للقوى الإقليمية والدولية الكبرى، وساهمت بشكل مميز في دعم وتعزيز أهداف التنمية المستدامة والاستقرار، والمساهمة بشكل فعال في مواجهة التحديات العالمية، وأبرزها جائحة كورونا.

وفي هذا السياق، استعرضت الكاتبة الإماراتية أمل عبد الله الهدابي أسباب وتداعيات صعود وتنامي الدور الخليجي إقليمياً ودولياً خلال الأعوام الماضية، في تحليل نشره مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، بعنوان: "لماذا سيتصاعد دور الخليج في النظام الدولي 2023؟".

ووفق الهدابي، برزت دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية خلال الأعوام الماضية كقوة مؤثرة في المشهدين الإقليمي والعالمي، وتنامى دورها بشكل متزايد في النظام الدولي،  وأصبحت طرفاً فاعلاً ومؤثراً في الكثير من القضايا الدولية، وشريكاً موثوقاً لدول العالم ومنظماته الدولية في مواجهة التحديات العالمية المتنامية، وتعزيز السلام والاستقرار والتنمية.

وقد برز هذا الدور بشكل واضح خلال الأزمتين الأخيرتين اللتين شهدهما العالم، وهما جائحة كوفيد-19، والحرب الروسية -الأوكرانية.

ما أبرز دوافع التمييز ومواطن القوة؟

تقول الهدابي: إنّ دور دول مجلس التعاون الخليجي شهد تنامياً ملحوظاً في العديد من الملفات الإقليمية والعالمية خلال الأعوام الأخيرة، مدفوعاً بمجموعة من العوامل المهمة؛ يأتي في مقدمتها ما تتمتع به هذه الدول من ثقل اقتصادي ومالي، وما يتوفر لديها من موارد نفطية ضخمة. ووفقاً لبيانات صندوق النقد الدولي وهيئات الإحصاء الخليجية، ارتفع الناتج المحلي الإجمالي لدول الخليج بالأسعار الجارية بنسبة 18.3% خلال عام 2021، ليبلغ نحو (1.68) تريليون دولار، مقابل (1.42) تريليون دولار في عام 2020، لترتفع نسبته في الاقتصاد العالمي إلى  1.75% في العام الماضي، مُحتلاً المرتبة الـ (12) عالمياً، مقارنةً بالمرتبة الـ (13) في 2020.

الكاتبة الإماراتية أمل عبد الله الهدابي

وجاءت المملكة العربية السعودية، وفق التحليل المنشور بمركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، في المرتبة الأولى بناتج محلي إجمالي بلغ (833.5) مليار دولار، تليها دولة الإمارات بناتج محلي (410) مليارات دولار، ثم قطر بـ (179.6) مليار دولار، والكويت بـ (135.4) مليار دولار، وسلطنة عُمان بـ (83.7) مليار دولار، وأخيراً البحرين بناتج محلي قدره (38.9) مليار دولار. وفيما يتعلق بالموارد النفطية، السلعة الاستراتيجية الأهم في العالم، تسيطر دول مجلس التعاون الخليجي على نحو 30% من الاحتياطيات النفطية العالمية المؤكدة، وتُعتبر من أكبر مُصدري النفط في العالم، لتكون بذلك اللاعب الأهم في أسواق الطاقة العالمية.

سياسات خارجية حكيمة لقيادة المنطقة

ترى الكاتبة الإماراتية أمل الهدابي أنّه من بين العوامل أيضاً التي عززت من مكانة ودور دول مجلس التعاون الخليجي شبكة العلاقات الخارجية الواسعة التي نجحت هذه الدول في بنائها مع القوى الدولية المختلفة، بشكل جعل منها شريكاً موثوقاً للعالم كله، بفضل سياساتها الخارجية المتوازنة والحكيمة، إلى جانب ما تتمتع به من استقرار سياسي وأمني مقارنةً بدول المنطقة المحيطة والعالم ككل.

دراسة: برزت دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية خلال الأعوام الماضية كقوة مؤثرة في المشهدين الإقليمي والعالمي وأصبحت طرفاً فاعلاً ومؤثراً في الكثير من القضايا الدولية

 وهو الأمر الذي سمح لها بقيادة النظام الإقليمي العربي الذي مرّ العقد الماضي بواحدة من أسوأ مراحله وأزماته، وتمكنت من التعامل بفاعلية مع أزماته المختلفة، ممّا عزز من الثقة في قدرات وسياسات دول الخليج.

مواقف دولية صعبة أبرزت مكانة عالمية مؤثرة لدول الخليج

أوردت الكاتبة في بحثها (3) أزمات عالمية خلال الأعوام الـ (3) الماضية أبرزت بشكل كبير تنامي الدور الدولي والمكانة الإقليمية لدول مجلس التعاون الخليجي.

أولاً: جائحة (كوفيد-19(، حيث كان لدول المنطقة، خاصةً الإمارات والسعودية، دورها الفاعل في دعم جهود مواجهة الجائحة عالمياً من خلال تقديم كل صور الدعم والمساندة للدول التي عانت من وطأة الجائحة، وتحركت قوافل الإغاثة الإماراتية والسعودية والخليجية الأخرى لتصل إلى العديد من الدول، وهي مواقف أشادت بها جميع المنظمات الإنسانية والصحية وعلى رأسها منظمة الصحة العالمية.

ثانياً: الحرب الأوكرانية، وقد تبنّت دول مجلس التعاون الخليجي سياسة خارجية محايدة، وهو ما أهّل دولة الإمارات والسعودية لتكون وسيطاً نزيهاً في محاولة احتواء هذه الأزمة ووقف الحرب، وقام رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بزيارة إلى روسيا ولقاء الرئيس فلاديمير بوتين للوساطة وإيجاد حل للصراع، وهو ما أكد الدور العالمي للإمارات ودول الخليج عامة، كما نجحت الجهود السعودية في التوصل لاتفاق لتبادل الأسرى بين روسيا وأوكرانيا.

حققت دول مجلس التعاون الخليجي طفرة كبيرة خلال الأعوام الماضية، على مستوى السياسات الخارجية والعلاقات مع الدول

ثالثاً: تغير المناخ، وهذه الأزمة بدأت آثارها تظهر بوضوح في الأعوام الأخيرة، ووقفت دول الخليج، لا سيّما السعودية والإمارات، موقف الدول المسؤولة والحريصة على مواجهة التحديات العالمية، فتعددت المبادرات التي أعلنتها الدولتان، ومن بينها وضع استراتيجيات لتحقيق الحياد المناخي. وأعلنت دولة الإمارات والولايات المتحدة الأمريكية في مطلع تشرين الثاني (نوفمبر) 2022 عن شراكتهما الاستراتيجية لاستثمار (100) مليار دولار في تنفيذ مشروعات للطاقة النظيفة تبلغ طاقتها الإنتاجية (100) جيجاوات في كل من دولة الإمارات والولايات المتحدة ومختلف أنحاء العالم بحلول عام 2035.

ما التوقعات لعام 2023؟

تتوقع الكاتبة أن يستمر هذا الاتجاه التصاعدي للدور الخليجي في النظام الدولي خلال العام 2023، وذلك بالاستناد إلى مجموعة من الحقائق، وأبرزها:

استمرار، وربما تفاقم الأزمات الاقتصادية العالمية الناجمة عن الحرب الروسية -الأوكرانية، وتبعات جائحة كوفيد-19 التي ما تزال مستمرة، بما في ذلك مخاطر التضخم، والكساد العالمي. وفي هذه الحالة، فإنّ دول الخليج العربية، بما تمتلكه من قدرات اقتصادية وفوائض مالية كبيرة، سيكون لها دور أكبر في محاولة مواجهة هذه الأزمات، بالرغم من أنّها قد تتأثر بها.

كما تتوقع أن يكون لدول الخليج، وبصورة خاصة دولة الإمارات، دور أكبر في مواجهة ظاهرة التغيرات المناخية وقيادة الجهود العالمية في هذا الصدد، عندما تستضيف الدولة أعمال مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ في دورته الـ (28) "كوب 28". وتستعد دولة الإمارات منذ الآن من أجل أن تكون هذه الدورة هي الأهم والأبرز ضمن الجهود الأممية لمواجهة ظاهرة التغير المناخي العالمي.

أمل الهدابي: الاتجاهات المستقبلية لعام 2023 تشير بوضوح إلى دور أكبر لدول الخليج في النظام الدولي، وهو أمر يمثل نتاجاً لسياساتها الخارجية والتنموية الحكيمة

وترجح الكاتبة أن تنضم دول الخليج، أو بعضها، إلى مزيد من التكتلات الدولية الصاعدة، مع سعي العديد من القوى الدولية لاستقطابها لهذه التكتلات للاستفادة من القدرات المتوفرة لديها. فإلى جانب "مجموعة الـ 20" التي تتمتع السعودية بعضويتها وتشارك الإمارات في اجتماعاتها، هناك تكتل "بريكس بلس"، وهو تجمع موسع لمجموعة "بريكس" التي تلقت بعض دول الخليج دعوات بالفعل للانضمام إليه، وهناك أيضاً الدور الإماراتي البارز في مجلس الأمن الدولي، وهذا بدوره سيعزز من الدور العالمي للمنطقة.

وتتوقع إفساح مجال أكبر للوساطة الخليجية بخصوص الأزمة الأوكرانية، وسوف تلعب دول مجلس التعاون الخليجي دوراً أكبر في تعزيز ونشر القيم التي تحض على التسامح والانفتاح، وستواصل دول مجلس التعاون الخليجي جهودها في مجال بناء علاقات شراكة استراتيجية بناءة مع مختلف القوى الدولية.

وتخلص الكاتبة إلى أنّ الاتجاهات المستقبلية لعام 2023 تشير بوضوح إلى دور أكبر لدول الخليج في النظام الدولي، وهو أمر يمثل نتاجاً لسياساتها الخارجية والتنموية الحكيمة.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية