تعرّف إلى أشهر الموالد في مصر

إلى جانب رمزيتها الدينية، تحظى احتفالات الموالد في مصر برمزية ثقافية شعبية، ما يجعلها من أكثر الفعاليات ازدحاماً؛ حيث يشارك فيها الملايين، في بعض الأحيان، يأتون من مختلف المحافظات المصرية. 

تمكّن الشعب المصري من الحفاظ على طريقة أجداده بالتعبير عن عشقهم لنبيهم الكريم رغم أصوات المتشددين التي تُنادي بحرمة هذه الاحتفالات

وتتولى الطرق الصوفية في مصر تنظيم هذه الاحتفالات وتحديد مواعيدها، وتشارك بالمواكب، وحلقات الذكر المقامة فيها، وتالياً أشهر هذه الموالد التي يُحييها المصريون.

المولد النبوي 

رغم فتاوى بعض المتشددين بتحريم إحياء المولد النبوي الشريف واعتباره "بدعة"، إلّا أنّ الشعب المصري تمكّن من الحفاظ على طريقة أجداده بالتعبير عن عشقهم لنبيّهم الكريم، كما لعب علماء الأزهر دوراً كبيراً في الرد على هؤلاء وبيان مشروعية مثل هذه الاحتفالات، التي يُحييها الناس بارتداء الملابس الجديدة، وتبادل الهدايا، وتزيين الطرقات، وشراء الحلوى والألعاب.

وتنتشر في شوارع مصر حلقات الذكر التي يقيمها المصريون مرددين القصائد والمدائح على أنغام "الدف"، حيث يُعددون فيها خصال النبي محمد، عليه السلام، طالبين شفاعته، ومعبرين عن حَرّ شوقهم لرؤيته، كما يُعدّ المسلمون أكلات خاصة بهذه الذكرى، وتكون في الغالب أصنافاً مختلفة من الحلويات؛ كالسمسمية والفولية والحمصية.

مولد الحسين

يُعدّ مولد الحسين ثاني أهم مولد في مصر بعد مولد النبي محمد، عليه السلام، ويجتمع فيه الآلاف من أبناء الطرق الصوفية في ساحة جامع الحسين في القاهرة، حيث يُعتقد أنّ رأس الإمام الحسين مدفون هناك، بعد أن جاء به "الصالح طلائع" عام 548 هجرية من عسقلان في فلسطين.

ويحيي المصريون مولد الحسين مرتين كل عام؛ الأولى بمناسبة ميلاده الموافق 3 شعبان عام 4 للهجرة، والثانية في الأسبوع الأخير من ربيع الثاني، وهو تاريخ وصول رأسه إلى القاهرة، وفق ما أورد موقع "مصراوي".

اقرأ أيضاً: هل الصوفية في أفريقيا مهيأة لمواجهة الإسلام السياسي والتطرف الديني؟

وتمتاز أيام المولد بالأنشطة المتعددة والزحام الشديد بسبب توافد المسلمين من مختلف المحافظات المصرية، وينتشر الباعة المتجولون، الذين يبيعون الهدايا الرمزية، كما تنتشر حلقات الذكر والإنشاد الصادحة بالتواشيح والمواويل التي تمتدح الإمام الحسين وأباه وجده.

يُقام مولد السيدة زينب في الساحة المحيطة بالمسجد الذي يحمل اسمها في حي السيدة زينب وسط العاصمة المصرية

مولد السيدة زينب 

يُقام مولد السيدة زينب أو مولد "أم العجايز" كما يُسميه المصريون، في الساحة المحيطة بالمسجد الذي يحمل اسمها في حي السيدة زينب وسط العاصمة المصرية، ويحييه المصريون تكريماً للسيدة زينب بنت علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، التي يُعتقد أنّها دفنت هناك، حيث يرى بعض المؤرخين أنّ زينب رحلت إلى مصر بعد معركة كربلاء واستقرت فيها 9 أشهر قبل موتها ودفنها حيث المسجد الآن.

ويستمر الاحتفال بمولد السيدة زينب قرابة الأسبوع أيضاً، وسط حضورٍ مهيب حيث يتم تجهيز ميدان السيدة وما حوله بالزينة، ونصب الخيام التي يبقى فيها الزائرون والمريدون على مدار أيام الاحتفال، كما تقام فيها حلقات للذكر والتغني بحب السيدة زينب والتعبير عن عشق الشعب المصري لرسول الله وآل بيته.

ويقصد المولد العديد من الناس الذين يأتون بهدف التضرّع والتبرّك من ضريح السيدة، سيما حديثي الزواج أو ممّن ينتظرون مولوداً جديداً، كما تنتشر بين المصريين عادة القدوم للوفاء بالنذور التي قطعوها على أنفسهم.

مولد السيدة نفيسة

يُقال إنّ زوج السيدة نفيسة بنت الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب، رضي الله عنهم، أراد حملها ودفنها في المدينة المنورة بعد وفاتها قبل أن يعرف المصريون الذين حاولوا منعه بشتى الطرق وعرضوا عليه أموالهم مقابل دفنها في مصر لكنّه رفض مطالبهم، ومع حلول صباح اليوم التالي وجدوه مستجيباً لرغبتهم، فلمّا سألوه عن السبب قال: رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يقول لي رد عليهم أموالهم وادفنها عندهم.

اقرأ أيضاً: لماذا يكره داعش الصوفية ويفجر أضرحتهم؟

وتبدأ التحضيرات لإحياء مولد السيدة نفيسة أو "نفيسة العلم" كما يطلق عليها شعبياً في مصر، كباقي الموالد التي تحييها الصوفية في مصر، حيث يتم تجهيز مسجد السيدة نفيسة والصحن المحيط به في حي السيدة نفيسة بالقاهرة وتزيينه بالزينه، كما تُنصب الخيام التي يجتمع فيها المُنشدون لترديد الابتهالات والأشعار التي تتغني بآل بيت رسول الله. 

تستقبل مدينة طنطا بمحافظة الغربية مئات الآلاف من المصريين الذين يقصدونها للاحتفال بمولد العارف بالله سيدى أحمد البدوى، أحد أقطاب الصوفية

ويحرص المصريون على ذبح الذبائح طول أيام المولد، الذي يُقام على مدار أسبوع أيضاً، وتُقدّم المأكولات للزوّار لكسب الأجر والثواب، خصوصاً أنّ الكثير من الدراويش والمساكين اعتادوا زيارة موالد آل البيت.

مولد السيد البدوي

تستقبل مدينة طنطا بمحافظة الغربية مئات الآلاف من المصريين الذين يقصدونها للاحتفال بمولد العارف بالله سيدى أحمد البدوى، أحد أقطاب الصوفية، حيث يشهد ضريح الشيخ البدوي والساحة الخارجية زحاماً شديداً من قبل المريدين، الذين يحضرون زاهدين الدنيا ومتاعها، وفق ما أوردت صحيفة "اليوم السابع".

وتشهد المدينة انتشار الخيم الصوفية، التي تُتلى فيها آيات القرآن الكريم، إلى جانب الابتهالات، كما يوزّع الطعام بالمجان طيلة الأسبوع، وينتشر الباعة المتجولون، سيما بائعي الحُمص والحلاوة والسلاسل والخواتم وغيرها من التذكارات.