تقرير أمريكي يحذر من عودة داعش بقوة... في أي دولة سيعيد التنظيم بناء قدراته؟

تقرير أمريكي يحذر من عودة داعش بقوة... في أي دولة سيعيد التنظيم بناء قدراته؟

تقرير أمريكي يحذر من عودة داعش بقوة... في أي دولة سيعيد التنظيم بناء قدراته؟


18/09/2022

وسط تطورات متلاحقة وهجمات متفرقة تُنذر بعودة تنظيم داعش مجدداً، رُفعت السرّية عن تقرير أمريكي يكشف توقع مسؤولي المخابرات الأمريكية قبل عامين استعادة "داعش" الكثير من قوته السابقة ونفوذه العالمي، خاصة إذا قلصت القوات الأمريكية والغربية الأخرى دورها في مواجهة هذا التنظيم الإرهابي.

 ويأتي نشر التقرير بعد أيام من زيارة الجنرال الأمريكي مايكل إريك كوريلا الذي يشرف على القوات الأمريكية في الشرق الأوسط لمخيم الهول، الذي يضم (55) ألفاً من أسر وأطفال الدواعش، مطلع الشهر الجاري، وقد شدّد على ضرورة "الإسراع في ترحيل ودمج الآلاف من أفراد أسر مقاتلي تنظيم داعش الذين يقبعون في مخيم الهول الذي يديره الأكراد في شمال شرق سوريا".

 إعادة بناء القدرات

لم يعد تنظيم داعش يسيطر على مساحات شاسعة من الأراضي، أو يشن هجمات داخل الولايات المتحدة، كما فعل قبل عدة أعوام قبل هجوم كبير قادته الولايات المتحدة الأمريكية ضده، لكنّه "الآن يعيد بناء بعض القدرات الأساسية ببطء في العراق وسوريا، ويقاتل الحكومات المحلية بشكل متزايد في عدة أماكن، بما في ذلك أفغانستان؛ حيث يصارع فرع من التنظيم حركة طالبان التي تمسك بالسلطة منذ انسحاب الولايات المتحدة"، على حدّ قول الوكالة الأمريكية.

 وبعد عامين من صياغة التقرير في 2020، بدت أحكامه "نافذة البصيرة اليوم"، حسبما نقلت الوكالة الأمريكية عن محللين لم تسمّهم، فقد أشاروا إلى أنّ "داعش" عاد بالفعل إلى الظهور في أفغانستان بعد أن سحب الرئيس الأمريكي جو بايدن القوات الأمريكية خلال العام الماضي.

داعش الآن يعيد بناء بعض القدرات الأساسية ببطء في العراق وسوريا

 التقرير، الذي كان في الأصل سرّياً في أيار (مايو) 2020، بعد أشهر من توصل إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب إلى اتفاق مع طالبان لسحب القوات قال: إنّه "إذا انسحبت الولايات المتحدة وشركاؤنا أكثر من المناطق التي ينشط فيها "داعش"، فإنّ مسار التنظيم سيعتمد بشكل متزايد على إرادة الحكومات المحلية (طالبان) وقدرتها على ملء الفراغات الأمنية الناتجة".

  قدرة "خارقة"

استشهد بايدن وكبار مسؤولي الأمن القومي الأمريكي بالضربة الأخيرة التي أسفرت عن مقتل زعيم القاعدة أيمن الظواهري، وقبله زعيم تنظيم داعش أبو إبراهيم الهاشمي القرشي في غارة في شباط (فبراير) الماضي، في شمال غرب سوريا، للتدليل على أنّ أمريكا تحتفظ بقدرة "خارقة للعادة" على مكافحة الإرهاب في أفغانستان بعد الانسحاب، وفقاً لـ"أسوشيتد برس".

رُفعت السرّية عن تقرير يكشف توقع مسؤولي المخابرات الأمريكية قبل عامين استعادة داعش الكثير من قوته السابقة ونفوذه العالمي

 

 ونقلت الوكالة الأمريكية عن مديرة المركز الوطني لمكافحة الإرهاب كريستي أبي زيد قولها: "إنّ حقيقة هذه العمليات تعكس مدى خطورة بيئة التهديد هذه"، لكنّها أضافت أنّ المحللين يعتقدون أنّ التهديد الإرهابي للولايات المتحدة يبقى "أقل حدة ممّا شهدناه" في أيّ وقت منذ هجمات 11 أيلول (سبتمبر) 2001.

  نمو "داعش" في أفريقيا

محللون رصدوا مؤخراً نمواً في فروع تنظيم داعش "في جميع أنحاء العالم، لاسيّما في أفريقيا"، على حدّ قول أبي زيد، التي تحدثت في قمّة الاستخبارات والأمن القومي خارج واشنطن.

 وأشارت أبي زيد إلى أنّ "ما يحدث في أفغانستان مثير للاهتمام من ناحية أنّ هذا البلد هو موقع يتمركز فيه فرع تنظيم داعش، ومن ناحية الكيفية التي نستمر بها في الانشغال بهذا الأمر".

يأتي نشر التقرير بعد أيام من زيارة مايكل إريك كوريلا الذي يشرف على القوات الأمريكية بالشرق الأوسط لمخيم الهول

 

 ويدفع بعض المحللين الخارجيين إلى أنّ وجود الظواهري في كابول يشير إلى أنّ الجماعات المتطرفة أصبحت تجد ظروفاً ملائمة أكثر للعمل في أفغانستان، وأنّ ذلك سيصعب مواجهة تنظيم داعش إثر تمدّده في جميع أنحاء البلاد.

  "عملية مختلفة"

ملاحقة "داعش" في معاقل الجبال المعزولة أو الوديان العميقة في أفغانستان "عملية مختلفة تماماً"، على حدّ قول كبير زملاء مكافحة الإرهاب في مجلس العلاقات الخارجية بواشنطن بروس هوفمان، الذي نبّه إلى أنّ "الظروف الملائمة التي مكنتنا من النجاح في القضاء على الظواهري لا تتوفر خارج كابول".

  وأصدر البيت الأبيض الشهر الماضي مقتطفات رُفعت عنها السرّية من تقييم استخباراتي يقول: إنّ تنظيم القاعدة لم يعد إلى التشكّل في أفغانستان، لكنّها لم تتناول تنظيم الدولة الإسلامية في خراسان، فرع داعش بأفغانستان. وكان تنظيم الدولة الإسلامية في خراسان مسؤولاً عن مقتل (13) جندياً أمريكياً خارج مطار كابول خلال الانسحاب في آب (أغسطس) 2021، واستمر في شن هجمات ضد حركة طالبان التي تسيطر الآن على البلاد.

كان وجود الظواهري في كابول يشير إلى أنّ الجماعات المتطرفة أصبحت تجد ظروفاً ملائمة أكثر للعمل في أفغانستان

 وفي بيان، قال مجلس الأمن القومي الأمريكي: إنّ "الولايات المتحدة تعمل على حرمان "داعش خراسان" من الوصول إلى التمويل، وردع المقاتلين الأجانب وتعطيل وصولهم إلى أفغانستان والمنطقة، ومكافحة تطرف داعش خراسان العنيف".

  هجمات قادمة

الفروع العالمية لتنظيم داعش من المرجح أنّ تزيد "قدرتها على شن هجمات في العديد من مناطق العالم، بما في ذلك الغرب"، على حدّ تعبير التقرير الأمريكي، الذي رُفعت عنه السرّية في آب (أغسطس) الماضي، ونُشر على الإنترنت الأسبوع الماضي.

 ورجح التقرير أن تواجه الولايات المتحدة الأمريكية هجمات من أشخاص متأثرين بإيديولوجيا الجماعة أكثر من الهجمات التي يديرها التنظيم أو يدعمها، لافتاً إلى أنّ الضغط الذي تمارسه الحكومات المحلية، حيث ينشط داعش وشركاؤه الدوليون، "سيشكّل بالتأكيد حجم عودة ظهور داعش في العراق وسوريا وتوسعه في جميع أنحاء العالم".

 ونقلت "أسوشيتد برس" عن كولين كلارك، خبير مكافحة الإرهاب ومدير الأبحاث في مركز صوفان، قوله: إنّ "الخبراء يتفقون بشكل عام مع توقعات التقرير"، غير أنّه ذكر أنّ كبار محللي المخابرات كانوا سيشاركون في صياغة التقييم المعروف رسمياً باسم "تقدير الاستخبارات الوطنية" ومراجعته.

التقرير: التنظيم الآن يعيد بناء بعض القدرات الأساسية ببطء في العراق وسوريا، ويقاتل الحكومات المحلية في عدة أماكن

 

 وأشار كلارك إلى العديد من الهجمات الأخيرة المرتبطة بتنظيم داعش في أفغانستان، بما في ذلك التفجير الانتحاري خارج السفارة الروسية في كابول الذي أسفر عن مقتل دبلوماسيين مطلع الشهر الجاري، إضافة إلى القتال المستمر بين المسلحين وقوات سوريا الديمقراطية المعروفة اختصاراً بـ"قسد"، المدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية، في مخيم الهول في سوريا، مشيراً إلى وجود "بعض الأشياء التي حدثت في الأسابيع القليلة الماضية، والتي تجعلك تتساءل عمّا إذا كان الوضع ليس أكثر خطورة ممّا هو مقدّم".

 في هذا السياق، قال الجنرال الأمريكي مايكل إريك كوريلا، الذي يتولى منصب قائد القيادة المركزية الأمريكية، خلال زيارة لمخيم الهول مطلع الشهر الجاري: إنّ كثيراً من المقيمين في مخيم الهول من أسر مقاتلي "داعش" الذين فروا من الباغوز، آخر جيب للتنظيم في سوريا، في عام 2019، وإنّ معظمهم من النساء والأطفال، مشدداً: "علينا أن ننظر إلى هذا الأمر بتعاطف؛ لأنّه لا يوجد حل عسكري لذلك، الحل الوحيد هو ترحيل هؤلاء الأفراد وإعادة تأهيلهم ودمجهم".

وأضاف كوريلا: إنّ نصف السكان البالغ عددهم (54) ألفاً من العراقيين، و(18) ألفاً من السوريين، وأمّا الباقون، وعددهم (8500)، فمن دول أخرى.

 وقد نددت الأمم المتحدة وجماعات حقوقية وغيرها بمقاومة العديد من الدول إعادة مواطنيها، الذين يقولون إنّهم محتجزون في ظروف غير إنسانية دون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة.

 وتيرة بطيئة

تصريحات كوريلا تأتي وسط مخاوف من انفجار "قنبلة" الهول "الموقوتة"، وبعد أعوام قليلة من دعوات متزايدة أطلقتها حكومات الشرق الأوسط لحث الدول على إعادة مواطنيها من مخيم "الهول"، غير أنّ ذلك، على ما يبدو، لا يحظى بشعبية في أوروبا نظراً لارتباطهم بـ"داعش".

وقال كوريلا: "ما نحتاجه هو أن تتحرك الدول وتؤدي واجبها، هناك حاجة إلى جعلها تقوم بذلك وتستعيد مواطنيها"، لافتاً إلى أنّ "الوتيرة الحالية للعودة، والتي تتراوح بين (125 إلى 150) أسرة عراقية شهرياً، بطيئة للغاية، وستستغرق (4) أعوام حتى تكتمل."

 وفي 14 آب (أغسطس) الماضي، خرجت دفعة جديدة من السوريين من عوائل عناصر تنظيم داعش تقدر بـ (400) شخص، يمثلون (77) عائلة من المخيم للمرة الأولى بعد توقف عمليات إخراج السوريين منذ (7) أشهر، وغادرت (150) عائلة عراقية المخيم بتاريخ 12 آب (أغسطس)، في إطار استمرار عمليات إخراج العراقيين من المخيم ونقلهم إلى وطنهم بتنسيق مشترك بين إدارة المخيم والحكومة العراقية، وفقاً للمرصد السوري الذي نقل عن مصادر قولها: إنّ العوائل الـ (150) العراقية شملت نحو (620) شخصاً، وهي الدفعة الرابعة التي تغادر الهول من اللاجئين العراقيين منذ مطلع 2022.

 وفي 18 آب (أغسطس) وصل وفد من اللجنة الأمنية التابعة للحكومة العراقية إلى الهول بتنسيق مع إدارة المخيم، والتقى الوفد باللاجئين العراقيين، وبدأت عملية تسجيل أسماء عوائل جديدة تمهيداً لإخراجها من المخيم خلال الأيام القادمة نحو الأراضي العراقية.

محللون رصدوا مؤخراً نمواً في فروع تنظيم داعش "في جميع أنحاء العالم، لاسيّما في أفريقيا"

 

  في المقابل، تشهد عمليات إخراج عائلات "داعش" من أصول أوروبية تباطؤاً شديداً، وكان آخرها في 20 تموز (يوليو)، حيث أعادت بلجيكا (16) طفلاً و(6) أمّهات هم أفراد عائلات جهاديين جميعهم بلجيكيون من مخيم الهول، بعد أيام من إعادة فرنسا (16) امرأة و(35) طفلاً في الشهر ذاته، بما فيهم بعض الأيتام، وما يزال هناك حوالي (165) طفلاً فرنسياً و(65) امرأة في المخيم، إلى جانب حوالي (85) رجلاً فرنسياً، وفقاً لتقرير لـ"نيويورك تايمز" في تموز (يوليو) الماضي.

 إلى ذلك، جدد المرصد السوري لحقوق الإنسان مناشدته للمجتمع الدولي بضرورة إيجاد حل لأزمة "دويلة الهول" التي تهدد بالانفجار بأيّ لحظة في وجه العالم أجمع، داعياً إلى وضع "آلية جادة وفورية لإعادة تأهيل النساء والأطفال داخل المخيم ممّن تشربوا بأفكار تنظيم الدولة الإسلامية سابقاً، لا سيّما مع العدد الهائل من الأطفال المتواجدين هناك، والانتشار الكبير لأذرع التنظيم، واستمرار تغذية عقول النسوة والأطفال بأفكار التنظيم."



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية