تنظيما داعش والقاعدة يكرهان كأس العالم... لماذا؟

تنظيما داعش والقاعدة يكرهان كأس العالم... لماذا؟

تنظيما داعش والقاعدة يكرهان كأس العالم... لماذا؟


05/12/2022

شنّ تنظيما القاعدة وداعش حملة إعلامية متواصلة ضد مباريات كأس العالم لكرة القدم المقامة في قطر خلال هذه الأيام، معتبرين البطولة أنّها "زحف إباحي" على الجزيرة العربية، وأنّ التصدي الإعلامي لها، كبديل عن الاستهداف الإرهابي المسلح، "ضرورة شرعية واجبة".

ماهيّة الحملة الإرهابية على كأس العالم

توافق تنظيما داعش والقاعدة في ملف بطولة كأس العالم، وبدأ كل منهما حملة منظمة، فقد أصدرت القيادة العامة لـ (تنظيم القاعدة) بياناً بعنوان: "الزحف الإباحي لجزيرة محمد - صلى الله عليه وسلم- عبر كأس العالم بقطر 2022"، زعم التنظيم فيه: "أنّ النظام القطري يتلاعب بعواطف المسلمين، ويزعم أنّه سيُطبق قوانين الإسلام لكنّه نظّم هذه البطولة لمحاربة الدين"، داعياً "إلى التصدي لما وصفه بـ "الزحف الإباحي على جزيرة العرب"، سواء أكان ذلك في قطر أو في بلاد الحرمين، وأنّ التصدي "يكون بالجهاد لا بالتباكي".

في بيان آخر للقاعدة بعنوان "بيان بخصوص إقامة حدث كأس العالم في جزيرة العرب" حذّر التنظيم من المفاخرة أو المتابعة أو حضور هذا الحدث.

ونشرت حسابات قريبة من القاعدة تفسيرات فقهية غريبة، ومنها أبو شعيب طلحة المسيّر، أنّ "كأس العالم تعظيم للصلبان الموضوعة على أعلام عدد من الدول المشاركة ورفعها والافتخار بها، وكذلك الاستهانة بكلمة الله ـ جلّ وعلاـ الموضوعة على علم السعودية وإيران بوضع العلمين على الكرة وعلى الأرض والمفارش وأدوات الطعام".

بيان للقاعدة بعنوان "بيان بخصوص إقامة حدث كأس العالم في جزيرة العرب"

واعتبر حساب أبو شعيب المسيّر أنّ "نازلة كأس العالم 2022 في قطر فيها خير وشر، حق وباطل، وهي فتنة لمن فقد الميزان الشرعي، وفقه الواقع المعاصر، فلا غلو بالذم، ولا غلو بالمدح، وقد يخرج من الشر الخير، وأنّ الدعوة للإسلام عبر كأس العالم مهمة، واستثمار الحدث مهم جداً".

في حسابات القاعدة حدث جدل كبير حول حرمة وحل تنظيم كأس العالم، فذكروا أنّهم "لو قالوا بتحريمها لمجرد أنّها ظهرت أول ما ظهرت عندهم للزمنا تحريم استعمال كل ما يرد إلينا من الغرب ولو كان نافعاً مفيداً، كركوب السيارات واستعمال أجهزة الحاسوب وغير ذلك، وإنّما الواجب علينا أن ننظر في هذا الذي يرد إلينا منهم، فنقبله إن لم يكن مخالفاً لشرعنا، وكانت فيه مصلحة لنا".

ينطلق إرهابيو القاعدة وداعش في محاربة كأس العالم من أنّ البطولة تجمع الجماهير بعيداً عن الدعاية المنظمة لهم

أمّا تنظيم داعش، فقد أطلق حملة تحريضية تستهدف كأس العالم تحت وسم (حملة إنسانية لتنظيف قطر)، ونشرت مؤسسة قريش الإعلامية التابعة للتنظيم أنفوجرافيك تحريضياً لاستهـداف الحضـور في كأس العالم، ذكرت فيه مجموعة من الوسائل التي يمكن بها إفشال الفعاليات، والغريب أنّ من وسائلها اختيار (العقارب) وسيلة لاستهداف الجماهير بسبب صعوبة اختراق الأمن، أو إحداث أيّ عملية إرهابية.

ودعت بعض التدوينات لاستهداف الحضور من خلال استخدام بعض السّموم، وقد تم نشر مواد عن كيفية استخلاص السّم بطُرق تقليدية وسهلة جداً.

لماذا يكرهون كأس العالم؟

رغم أنّ وثائق أبوت أباد، ومذكرات قادة تنظيم القاعدة مثل مصطفى حامد، تحدثت أنّ أسامة بن لادن كان يحب كرة القدم، ويلعبها، ويقود فريقاً في مواجهة فريق سيف العدل، وبالرغم أيضاً من أنّ قادة داعش، ومنهم أبو بكر البغدادي، كانوا يلعبون الكرة، وتشجعهم باقي العناصر في سجن بوكا، إلا أنّ كلا التنظيمين يرفضان إشراف الأنظمة على تنظيم بطولات قاريّة وإقليمية وعالمية، وهذا ينبع من خلفيات كثيرة أهمها الفقهية، ومنها الفتوى القديمة التي أطلقها فقهاء التنظيمات، ومنهم عبد الآخر حماد، وأبو ذر القلموني، بحرمة لعب كرة القدم إن ألهت عن ذكر الله، وكذا إن ساعدت السلطات على إلهاء الجماهير، وفق قولهم.

بيان للقاعدة بعنوان: "الزحف الإباحي لجزيرة محمد - صلى الله عليه وسلم- عبر كأس العالم بقطر 2022"

يقول عبد الآخر حماد: إذا مارس المسلم كرة القدم في الحدود الشرعية التي ذكرناها، فليس في ذلك تشبّه بالكافرين، وخاصة إذا جعل نيته فى ذلك تقوية بدنه على طاعة الله تعالى واتباع ما ورد من الأحاديث والآثار في الحث على تقوية الجسم والمحافظة عليه، والله تعالى أعلم، وهذا لكي يستشعر المؤمن أنّ المال الذي بيده فتنة له.

أمّا أبو ذر القلموني، فهو يحرّم لعب كرة القدم على الإطلاق في كتابه (كرة القدم وأخواتها) ويرى عدم جواز لعبها، وأنّ الواجب فقط هو لعب الفروسية والضرب بالسيوف!

بالرغم أيضاً من أنّ قادة داعش كانوا يلعبون الكرة في سجن بوكا، إلا أنّهم يرفضون إشراف الأنظمة على تنظيم بطولات قاريّة وإقليمية وعالمية

أمّا المسألة الأخرى التي ينطلق منها إرهابيو القاعدة وداعش في محاربة كأس العالم، فهي أنّ البطولة تجمع الجماهير بعيداً عن الدعاية المنظمة من قبل هذه التنظيمات، وأنّ هذا يضعف كيان وظهور أفكارها، ومن ثم هم يضعون في حساباتهم كيف يوقفون مثل هذه البطولات، مثلما خططوا في أيار (مايو) 1998 لهجوم لاستهداف مباراة ضمن كأس العالم لكرة القدم في باريس.

ويرى البعض من هذه التنظيمات أنّ كرة القدم لعبة شيطانية تلهي الناس عنهم، ومنها كتاب "حقيقة كرة القدم" لكاتبه ذياب بن سعد الغامدي في أكثر من (600) صفحة، لما اعتبره "المخالفات الشرعية" المرتبطة بما سمّاها "اللعبة الشيطانية" التي أصبحت "منبع الضلالة، ومنجم الجهالة، فمنها نشأت سحائب الغواية، وإليها تقاد خبائث العماية"، وفق الكتاب.

أبو ذر القلموني يحرّم لعب كرة القدم على الإطلاق في كتابه (كرة القدم وأخواتها) ويرى عدم جواز لعبها

ويرى تنظيما القاعدة وداعش في هذه البطولة هزيمة لمبادئهم التي أعلنوها من قبل، وهي إخلاء جزيرة العرب من المشركين وفق أفكارهم، لذا فهم يطلقون على البطولة "الغزو الإباحي لجزيرة العرب"، وأنّها "لم تعد كما كانت مجرد سباقات رياضية وبدنية، بل هي أدوات فكرية ووسائل فلسفية لصبغ سكان الأرض".

لكنّ الأهم من ذلك هو الموقف القطري من التنظيم، إذ رأوه هزيمة لهم أيضاً من دولة كانوا ينتظرون منها أن تقف معهم لا أن تحاربهم بهذا التنظيم الرائع للبطولة، وهذا ما ذكروه أيضاً في بياناتهم التحريضية.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية