تونس تفتح ملف القروض الضائعة... هل تورط الإخوان في اختلاس أموال البلاد؟

تونس تفتح ملف القروض الضائعة... هل تورط الإخوان في اختلاس أموال البلد؟

تونس تفتح ملف القروض الضائعة... هل تورط الإخوان في اختلاس أموال البلاد؟


19/03/2023

ما تزال ملفات تسفير الشباب إلى بؤر التوتر والاغتيالات السياسية مفتوحة أمام حركة النهضة الإخوانية التي قادت الحكم في البلاد منذ 2011 حتى إجراءات الرئيس قيس سعيّد في 25 تموز (يوليو) 2021، فضلاً عن ملف التآمر على أمن الدولة، وقد باشرت السلطات التونسية التحقيق في ملف الهبات والقروض الخارجية المسندة إلى تونس بعد ثورة 2011.

واعتباراً لاتهامات وجّهها الرئيس التونسي قيس سعيّد إلى الحكومات المتعاقبة بعد 2011، بتوجيه بعض القروض والهبات إلى جيوب بعض المسؤولين، وتصاعد الدعوات للتدقيق في مجالات صرف تلك الأموال وكشف الحقائق المتعلقة بها، تجد حركة النهضة نفسها أمام عدّة جبهات قد تسرّع بأفولها من المشهد السياسي.

سعيّد يكشف ملفات الإخوان

هذا الموضوع الذي أثاره الرئيس سعيّد وحكومته خلال العامين الماضيين، أعاد طرحه عبدالرزاق الخلولي رئيس المكتب السياسي لحراك 25 تموز (يوليو) الداعم للرئيس، الذي أكد أنّه "تم فتح تحقيق لدى القطب القضائي المالي في ملف فساد يتعلق بالهبات والمساعدات الدولية وصندوق (18ـ 18) الخاص بجائحة كوفيد".

فتح تحقيق في ملف فساد يتعلق بالهبات والمساعدات الدولية وصندوق (18ـ 18) الخاص بجائحة كوفيد

وقال في تدوينة على صفحته بفيسبوك: "النيابة العمومية تأذن بفتح تحقيق لدى القطب القضائي المالي في ملف فساد يتعلق بالهبات والمساعدات الدولية وصندوق (18ـ 18) الخاص بجائحة كوفيد، فقد بلغت قيمة المساعدات والتبرعات (16) مليون دينار (5.3) ملاين دولار، وفق مصادر وتقارير رسمية، وعليه تمّت إحالة عبد اللطيف المكي وفوزي مهدي وإنصاف بن علية (وزراء ومسؤولون سابقون في قطاع الصحّة) على القضاء، إضافة إلى كلّ من سيكشف عنه البحث".

إخلالات بالتصرّف في القروض؟

وسبق أن اتهم الرئيس سعيّد في تصريحات عدة بعض الأطراف بسرقة أموال الدولة، متسائلاً عن مآل القروض والهبات التي حصلت عليها تونس إلى أن شُكّلت في شباط (فبراير) الماضي لجنة للتدقيق الشامل في ذلك.

وفي تشرين الأول (أكتوبر) 2021 طلب سعيّد من وزيرة المالية إجراء جرد كامل في قائمة القروض والهبات التي حصلت عليها تونس في العشرية الأخيرة.

وقد حصل على التقرير في آب (أغسطس) 2022، مبرراً إلحاحه على هذا الجرد بالشكوك في عمليات فساد أحاطت بالقروض والهبات التي تمتعت بها تونس خلال الفترة التالية لانتفاضة 2011، معتبراً أنّ هذه الأموال قد حوّلت وجهتها لفائدة أطراف معلومة لم يصرح بها، في إشارة إلى من تولوا الحكم خلال تلك الفترة.

وذكرت الرئاسة التونسية حينها أنّ التقرير كشف عن عدد من الإخلالات تسببت في تحمل موازنة الدولة فوائد وخسائر صرف من دون مبرر في عدد من الحالات، ودعا الرئيس سعيّد إلى ترتيب الآثار القانونية من التجاوزات التي أظهرها التقرير، موضحاً خلال لقائه وزيرة المالية سهام البوغديري ومحافظ البنك المركزي مروان العباسي بقصر قرطاج أنّ الأرقام الواردة في التقرير ضخمة، خاصة بالنسبة إلى الهبات التي كان من المفترض أن ينتفع بها مستحقها الطبيعي وهو الشعب التونسي، علماً أنّ بعض الهبات استفاد منها أشخاص ولم تطالهم بعد يد القضاء.

أثبت الجرد الذي طلبه الرئيس أنّ الحكومات المتوالية منذ العام 2011 حصلت على (325) قرضاً، منها (43) لم تدخل حيز النفاذ بسبب إلغاء أو تعطل المشاريع المتعلقة بها

وفي شباط (فبراير) 2021، قال سعيّد على هامش لقاء مع مسؤول بالبنك الدولي: إنّ بلاده "ستعمل على إحداث لجنة تتولى التدقيق في الأموال التي أخذتها تونس وهي بالمليارات"، وأضاف سعيّد حينها: "نسمع بهذه المليارات في نشرات الأخبار، ولا نعرف أين ذهبت هذه القروض والهبات التي نُهبت".

وسبق للقضاء أن فتح تحقيقاً في اتهامات لوزير الخارجية السابق رفيق عبد السلام بالاستيلاء على هبة صينية، الأمر الذي نفاه هذا الأخير بشدة، وفي كانون الأول (ديسمبر) الماضي أصدر القضاء التونسي بطاقات إيداع بالسجن ضد (3) أشخاص متهمين بالاستيلاء على أموال جمعية خيرية قطرية موجهة للعائلات الفقيرة.

ولا توجد أرقام رسمية دقيقة حول حجم الأموال التي توصلت بها تونس بعد الثورة، غير أنّ الاتحاد الأوروبي سبق له أن قدّر الأموال التي منحها لتونس بين 2011 و2018 بنحو (10) مليارات يورو.

حكومات الإخوان في قفص الاتهام

وبحسب معطيات أولية، فقد أثبت الجرد الذي طلبه الرئيس أنّ الحكومات المتوالية منذ العام 2011 حصلت على (325) قرضاً، منها (43) لم تدخل حيز النفاذ بسبب إلغاء أو تعطل المشاريع المتعلقة بها، كما حصلت الدولة التونسية على (113) هبة، ومنحت المؤسسات والشركات العمومية (99) هبة.

وبيّن التقرير وجود عدد من الإخلالات في مرحلة تنفيذ واستغلال أموال هذه القروض والهبات، تم على أثرها إحالة بعضها إلى القضاء، علاوة على نقائص في شأن عدم الاستغلال الجيد للموارد المتاحة لتونس وسوء التحكم في الآجال، ممّا أسهم في تعثر إنجاز المشاريع وارتفاع كلفتها.

اتهم الرئيس سعيّد في تصريحات عدة بعض الأطراف بسرقة أموال الدولة

وذكر أنّ التمديد المتكرر لتاريخ انتهاء حق سحب القروض نتج عنه ارتفاع كلفة المشاريع مقارنة مع كلفتها الأصلية، وتحمّل أعباء إضافية تتعلق برفع نسبة الفائدة أو توظيف عمولات تخصم من أصل القرض، ممّا أدى إلى عدم التوازن في موارد الدولة، إضافة إلى الضعف المسجل في بعض السحوبات المنجزة في تاريخ ختم القروض أو الهبات؛ ممّا أدى إلى إلغاء جزء منها، الأمر الذي تسبب في إشكالات بجدولة الموازنة التي تحملت الفارق أو ما تبقى من كلفة المشروع.

وفي تصريحات سابقة لإذاعة "شمس" التونسية، اعتبر الخبير الاقتصادي عز الدين سعيدان أنّ حجم القروض والهبات التي تحصلت عليها تونس بعد 2011، يفوق الـ (100) ألف مليار.

وقال سعيدان: إنّه في حال ثبوت وجود سرقات في المال العام، فسيترتب عن ذلك صورة "سيئة جداً" عن تونس لدى الجهات المانحة، أمّا في حال عدم إثبات ذلك، فإنّ رئيس الدولة سيكون في موقف حرج، حسب تقديره.

تاريخ من الاختلاسات

وعرفت تونس طوال الـ (150) عاماً الماضية عمليات نهب عدة لخزينة الدولة، خلال حقب زمنية مختلفة، ممّا ساهم في إضعاف الدولة وخضوعها للاستعمار، وكذلك لضغوط الدول الكبرى والمؤسسات المالية المانحة.

وبحسب منظمة (غلوبال فاينينشيال إنتغريتي)، فإنّ قيمة الأموال المنهوبة من تونس بلغت (60) مليار دولار منذ عام 1960 حتى عام 2011، ثلثها نُهب خلال فترة حكم الرئيس زين العابدين بن علي.

وبعد ثورة التونسيين على الرئيس السابق، قدّرت الدولة التونسية الأموال التي نهبها زين العابدين بن علي وأصهاره وأقاربه بنحو (20) مليار دولار، أي ما يُعادل (3) أضعاف ميزانية البلاد التونسية في 2010.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية