تونس... دعم جزائري ودولي في مواجهة التحذيرات الغربية

تونس... دعم جزائري ودولي في مواجهة التحذيرات الغربية

تونس... دعم جزائري ودولي في مواجهة التحذيرات الغربية


26/03/2023

توالت التصريحات الغربية التي تعددت مؤخراً محذرة ممّا سمّته "انهياراً ماليّاً" لتونس، في حال لم تتوصل إلى تسريع الاتفاق النهائي مع صندوق النقد الدولي، في وقت ترزح البلاد تحت وطأة أزمة اقتصادية فاقمتها الديون المتراكمة وارتفاع الأسعار بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا.

 تصريحات قابلها دعم جزائري وفرنسي وإيطالي لتونس التي تقود حرباً سياسية ضد حركة النهضة التي تمثل ذراع الإخوان بتونس، وقد دعا قادة هذه الدول إلى دعم تونس التي تواجه أزمة مالية خانقة، بينما تعثرت مفاوضات تجريها مع صندوق النقد الدولي على قرض تمويلي بـ (1.9) مليار دولار.

 دعم جزائري

إلى ذلك، أكد الوزير الأول الجزائري أيمن عبد الرحمن خلال محادثة جمعته برئيسة الحكومة التونسية نجلاء بودن تضامن بلاده مع تونس في مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي، وذلك بعد يومين من تأكيد الرئيس الجزائري دعمه للرئيس التونسي قيس سعيّد.

 وأفاد بيان لمصالح الوزير الأول الجزائري الجمعة بأنّ عبد الرحمن تباحث مع بودن العلاقات الثنائية بين البلدين، وتطرّقا إلى سبل دفعها في جميع المجالات، مضيفاً أنّ الجانبين بحثا آخر تطورات المفاوضات بين تونس وصندوق النقد الدولي لتسريع الاتفاق الموقع بين الطرفين.

 وذكر أنّ المسؤول الجزائري بحث مع رئيسة الحكومة التونسية سبل تعزير الدعم لتونس من أجل تمكينها من استعادة استقرارها الاقتصادي الذي تسعى السلطات التونسية لتحقيقه.

 وتابع البيان أنّه "بمناسبة هذه المحادثات حرص الجانبان على التأكيد على عزمهما المشترك للعمل سوياً على المضي قُدماً نحو المزيد من التكامل الاستراتيجي والتنمية المتضامنة والمندمجة، إعمالاً لتوجيهات قائدي البلدين".

 أكد الوزير الأول الجزائري أيمن عبد الرحمن خلال محادثة جمعته برئيسة الحكومة التونسية نجلاء بودن تضامن بلاده مع تونس

 وكان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون قد تحدث في تصريحات خلال مقابلة أجراها  الأربعاء مع قناة (الجزيرة) القطرية عن وجود "مؤامرة تحاك ضد تونس"، مؤكداً أنّ "الجزائر لن تتخلى عنها، أحب من أحب، وكره من كره"، دون تسمية أيّ جهة، ولا تفاصيل أكثر.

 وأضاف أنّ الجزائر "تدعم الرئيس التونسي قيس سعيّد باعتباره رمزاً انتخبه الشعب، ولم يوضع في المنصب بالقوة"، موضحاً أنّ بلاده تدعم الدولة التونسية عن طريق رأسها (رأس السلطة)، مضيفاً أنّه "لو تم دعمها عن طريق جمعيات، فإنّ ذلك سيكون تدخلاً في شأنها الداخلي".

 دعم فرنسي وإيطالي

من جانبه، دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني الجمعة في بروكسل إلى العمل على تقديم الدعم لتونس "من أجل تخفيف ضغط الهجرة".

 وقال ماكرون خلال مؤتمر صحافي إثر قمّة أوروبية: "التوتر السياسي الكبير جداً في تونس والأزمة الاقتصادية والاجتماعية المستعرة في ظل غياب اتفاق مع صندوق النقد الدولي مقلقة للغاية".

الرئيس الجزائري تحدث عن وجود "مؤامرة تحاك ضد تونس"، مؤكداً أنّ الجزائر لن تتخلى عنها

 

 وأضاف أنّ ذلك "يؤدي إلى زعزعة كبيرة للغاية لاستقرار البلاد والمنطقة، وإلى زيادة ضغط الهجرة على إيطاليا والاتحاد الأوروبي"، داعياً إلى "العمل معاً" على المستوى الأوروبي لمساعدة تونس و"السيطرة على الهجرة".

 وأشارت ميلوني من جهتها إلى أنّها "طرحت موضوع تونس أمام المجلس الأوروبي، لأنّه قد لا يكون الجميع على دراية بالمخاطر التي يمثلها الوضع هناك، وضرورة دعم الاستقرار في بلد يعاني من مشاكل مالية كبيرة".

 ورداً على سؤال حول بعثة إيطالية فرنسية محتملة إلى تونس مع المفوضة الأوروبية للشؤون الداخلية إيلفا يوهانسون، قالت ميلوني: "نعم، هناك بعثة على مستوى وزيري الخارجية، كثيرون في الوقت الحالي يتجهون إلى تونس".

 وتابعت رئيسة الوزراء الإيطالية التي تميل حكومتها اليمينية المتطرفة إلى اتباع نهج مناهض للهجرة: "إذا لم نتعامل مع هذه المشاكل بشكل مناسب، فهناك خطر إثارة موجة هجرة غير مسبوقة".

دعا إيمانويل ماكرون وجورجيا ميلوني في بروكسل إلى العمل على تقديم الدعم لتونس من أجل تخفيف ضغط الهجرة

 كما ناقشت جورجيا ميلوني الوضع في تونس مع المفوض الأوروبي للاقتصاد باولو جنتيلوني الذي "سيتوجه إلى هناك في الأيام المقبلة". وشددت على "ضرورة العمل على المستوى الدبلوماسي لإقناع الطرفين: صندوق النقد الدولي والحكومة التونسية، بإبرام اتفاق لتحقيق الاستقرار المالي".

 وشدد الرئيس الفرنسي أنّه "على المدى القصير جداً نحتاج إلى النجاح في وقف تدفق المهاجرين من تونس"، موضحاً أنّه تناول الموضوع مع رئيسة الوزراء الإيطالية خلال اجتماع ثنائي.

 انتقادات غربية

وكانت مساعدة وزير الخارجية الأمريكي باربرا ليف قد عبّرت عن قلق بلادها البالغ من الوضع في تونس، مشيرة إلى أنّ مصير الحصول على قرض بقيمة (1.9) مليار دولار من صندوق النقد الدولي لدعم الإصلاحات، والحيلولة دون حدوث انهيار اقتصادي، في يدي الحكومة التونسية.

 كما تحدثت عن وضع المهاجرين الأفارقة في تونس، معلقة على إجراءات الرئيس التونسي قيس سعيّد المتعلقة بترحيل المهاجرين غير النظاميين قائلة: "كانت هذه التعليقات سبباً في خلق مناخ رهيب من الخوف، لكن نتج عنها ما هو أكبر من ذلك، إذ تسببت في هجمات على هؤلاء الأشخاص الضعفاء، وموجة عارمة من الخطاب العنصري".

حذّر مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الإثنين الماضي من أنّ الوضع في تونس "خطير للغاية"

 وحذّر مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الإثنين الماضي من أنّ الوضع في تونس "خطير للغاية"، حتى أنّه أشار إلى خطر "انهيار" الدولة الذي من المحتمل أن "يتسبب في تدفق مهاجرين نحو الاتحاد الأوروبي، والتسبب في عدم استقرار في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا". وقد استنكرت الخارجية التونسية تصريحات بوريل، معتبرة أنّها "غير متناسبة" مع الوضع و"مبالغ فيها".

 هل تحافظ تونس على توازناتها الخارجية؟

وكانت (4) دول هي اليابان وألمانيا وفرنسا وبريطانيا قد أكدت الخميس دعمها لتونس في مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي، وثمّنت هذه الدول "الوصول إلى اتفاق مع الشركاء الاجتماعيين والجهود التي بذلتها الحكومة التونسية لوضع برنامج إصلاحات عاجلة لإنعاش الاقتصاد".

 ومطلع تموز (يوليو) 2022، انطلقت مفاوضات رسمية بين صندوق النقد الدولي وتونس، سعياً للتوصل إلى اتفاق للحصول على قرض بقيمة (4) مليارات دولار لاستكمال موازنتها لعام 2022.

كانت مساعدة وزير الخارجية الأمريكي باربرا ليف قد عبّرت عن قلق بلادها البالغ من الوضع في تونس

 وترتبط موافقة الصندوق على القرض بالتزام تونس بالشروع الفوري في تنفيذ حزمة إصلاحات تشمل نظام الدعم والمؤسسات العمومية المتعثرة والتحكم في كتلة الأجور وغيرها، لكنّ هذه المحاور أثارت غضب الاتحاد العام التونسي للشغل، المنظمة النقابية الكبرى في البلاد، مهدداً بأنّه لن يقف مكتوف الأيدي، وأنّه "غير ملزم باتّفاقيات لم يشارك فيها لا من بعيد ولا من قريب، فضلاً عن كونها تزيد من معاناة الشعب وتضرّ بمصالح تونس".

 وتبلغ حاجيات التمويل لسدّ عجز الميزانية التونسية نحو (23.5) مليار دينار، (7.5) مليارات يورو، في العام الحالي الذي سيكون "صعباً للغاية"، وفق توقعات الخبراء الاقتصاديين، مع تواصل ارتفاع نسبة التضخّم.

 وكانت القوى المعارضة لمسار 25 تموز (يوليو) 2021، وفي مقدمتها حركة النهضة الإسلامية، قد شنت حملة ضخمة لضرب صورة المسار في الخارج، والتسويق أنّ البلاد تتجه نحو "دكتاتورية جديدة"، لكنّ هذه الحملة بدأ تأثيرها بالانحسار رويداً، وباتت الصورة أكثر وضوحاً بالنسبة إلى القوى الغربية التي تراجعت عن مواقف سابقة أعلنتها.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية