تونس: هل يتخلى الغنوشي عن "النهضة" حقاً أم هي مجرد مناورة؟

تونس: هل يتخلى الغنوشي عن "النهضة" حقاً أم هي مجرد مناورة؟

تونس: هل يتخلى الغنوشي عن "النهضة" حقاً أم هي مجرد مناورة؟


11/10/2022

قبل حوالي شهرين من إجراء الاستحقاق الانتخابي بتونس، تبدو حركة النهضة الإخوانية مبتورة الصلة بالواقع والمجتمع ومنهكة، بعد إزاحتها من الحكم، وفتح القضاء جميع الملفات التي تدين أعضاءها بالإرهاب والفساد، دون اعتبار تجربة الحكم التي عاشتها منذ 2011 إلى حدود 25 تموز (يوليو) 2021، والتي وُصفت بالعشرية السوداء في الأوساط التونسية.

الفشل في الحكم، وفي الحوار، وفي إدارة الديمقراطية داخل حركة النهضة التي تزعمها راشد الغنوشي، أفقدت الحركة ثقة التونسيين، حتى أنّ الغنوشي بات يتصدر لائحة الشخصيات السياسية التي لا يثق بها التونسيون مطلقاً، وفق استطلاعات الرأي، كما أدخلتها في دوامة من الخلافات الداخلية والانشقاقات والاستقالات.

الغنوشي بات يتصدر لائحة الشخصيات السياسية التي لا يثق بها التونسيون مطلقاً وفق استطلاعات الرأي

"النهضة" التي فقدت ثقة ودعم أكثر من (130) قيادياً في أقل من عام واحد، كانوا قد استقالوا منها بسبب رفضهم ترشح الغنوشي لولاية جديدة، تبدو اليوم على وشك الانهيار والزوال من المشهد السياسي.

الغنوشي يناور

هذا الرفض والتصدّع دفع زعيمها الغنوشي إلى الإعلان عن نيته التخلي عن منصبه، مشدّداً على أنّه لن يجدد ترشحه لرئاسة الحركة في مؤتمر النهضة القادم، في خطوة تضمنت إقراراً بأنّه أحد الأسباب الرئيسية للأزمة السياسية في البلاد ولانقسام حزبه وتشتته، وأنّ خروجه سيكون بداية الحل.

وهذه ليست المرة الأولى التي يعلن فيها رئيس حركة النهضة استعداده للتخلي عن الرئاسة والخروج من الحياة السياسية، فقد أعرب في آب (أغسطس) الماضي عن استعداده للتخلي عن رئاسة الحركة في حال "تقدّم أيّ طرف بتسوية للمشكل التونسي".

 تبدو حركة النهضة الإخوانية مبتورة الصلة بالواقع والمجتمع ومنهكة

وكان الغنوشي قد تمسك بزعامة الحركة قبيل عقد مؤتمرها الذي كان من المقرّر عقده قبل نهاية عام 2020، غير أنّ قرارات الرئيس قيس سعيّد في 25 تموز (يوليو) أجلت ذلك، حيث طالبت مجموعة من قيادات الصف الأوّل في هذا التنظيم بضرورة ضمان "التداول القيادي" في الحركة، بعد رواج أخبار عن إمكانية تغيير القانون الداخلي من أجل الإبقاء على الغنوشي على رأس الحركة.

"الغنوشي حالة مرَضية"

تعليقاً على ذلك، اعتبر القيادي السابق بحركة النهضة عماد الحمامي أنّ راشد الغنوشي حالة مرَضية وقد انتهى سياسياً، مؤكداً أنّ حركة النهضة أيضاً سوف تنتهي سياسياً؛ لأنّها ما زالت متمسكة بهذه الشخصية، وأكد أنّ من تبقى من مسانديه هم أشخاص دون كفاءة، لهم مصالح ضيقة يريدون تحقيقها عبر التقرب منه والارتباط بشخصه.

عماد الحمامي: راشد الغنوشي حالة مرَضية وقد انتهى سياسياً، وحركة النهضة أيضاً سوف تنتهي سياسياً

وأكد، في حديثه لإذاعة "اكسبراس اف ام" التونسية، أنّ تصريح راشد الغنوشي المتعلق بأنّ "الجيش والأمن يقفان في صف الشعب لذلك فيوم يتحرك الشعب فإنّ تقديرهم هو أنّ الجيش الوطني لن يطلق الرصاص لحماية قيس سعيد" هو تصريح خطير، ويحمل اتهامات ضمنية لمؤسسة الجيش.

 القيادي السابق بحركة النهضة عماد الحمامي

والحمامي هو أحد أبرز وزراء حركة "النهضة" في الحكومات التي تعاقبت على تونس في الأعوام الـ10 الأخيرة، وهو من الشق المعارض للغنوشي داخل الحركة قبل انشقاقه عنها، وقد توقع أن تتحول "النهضة" إلى مجرد حزب صغير، مؤكداً في تصريحات سابقة أنّ الإسلام السياسي انتهى في المنطقة إلى غير رجعة، بعدما شكّل عبئاً ثقيلاً على مسارات الانتقال وأشواق الشعوب.

"النهضة في طريقها إلى الزوال"

من جانبه، اعتبر القيادي السابق وأحد المؤسسين للحركة محمد بن سالم أنّ "القرار متأخر جداً، ويا ليته كان قبل الآن؛ لأنّه بسببه لم يبقَ في الحركة شيء، وهي في طريقها إلى الزوال بعد التلاشي والتهاوي الذي عرفته؛ بسبب تمسك الغنوشي بالرئاسة، وعدم تكريس الديمقراطية والتداول على السلطة داخل الحزب".

وأضاف محمد بن سالم، في تصريح لصحيفة "الصباح" التونسية، أنّه "ينظر إلى هذا القرار بتحفظ شديد، ويعتبره صعب التحقيق على أرض الواقع، لأنّه سبق أن صرّح بذلك من قبل، ولم يتغير شيء"، لافتاً إلى أنّ الغنوشي يتحمل المسؤولية في هذا الجانب، بقوله: "من المؤسف أن أقول إنّ راشد الغنوشي ساهم في الإطاحة بالديمقراطية على مستويين حزبي ووطني، وحال دون اكتمال المشروع الذي حلم به، ليس أبناء النهضة فقط، وإنّما كل التونسيين على حدّ السواء".

محمد بن سالم: النهضة في طريقها إلى الزوال بعد التلاشي والتهاوي الذي عرفته؛ بسبب تمسك الغنوشي بالرئاسة

وتابع محمد بن سالم: "صحيح أنّ الرجوع إلى الجادة والحق مسألة مهمة، ولكن هيهات، لأنّنا في الحقيقة تأذينا كثيراً بسبب ذلك"، وانتقد تشبث الغنوشي بالبقاء على رأس الحركة بطريقة غير شرعية، وذلك من الأسباب التي أدت إلى حدوث انشقاقات عمودية وأفقية، ودفعت أبناء الحركة لينفضّوا من حوله، ولم يقتصر الأمر على القياديين والمؤسسين فحسب، بل شمل أيضاً قواعد النهضة.

الاستقالات تتواصل

بالتزامن، تتواصل الاستقالات من التنظيم، فقد أعلن القيادي بالنهضة ناجي الجمل في تدوينة نشرها الأسبوع الماضي، على صفحته الخاصة بفيسبوك، أنّه قرر الاستقالة من حركة النهضة بعد مرور أكثر من (40) عاماً على انضمامه إليها.

وكشف الجمل أنّه قد أرسل بياناً مفصلاً إلى مؤسسات الحركة يتضمن أسباب استقالته، ودوّن: "كانت أهمّ مدرسة نحتت شخصيّتي وأثرت تجربتي، أخذت منها الكثير وأعطيت لها ما أستطيع".   

محمد بن سالم: النهضة في طريقها إلى الزوال بعد التلاشي والتهاوي الذي عرفته؛ بسبب تمسك الغنوشي بالرئاسة

وكان (131) عضواً من حركة النهضة، بينهم قياديون، قد قدّموا استقالتهم من الحزب في أيلول (سبتمبر) 2021 بشكل جماعي، محملين الغنوشي مسؤولية تردي الأوضاع في الحركة، دون اعتبار الاستقالات التي تتالت منذ أواخر 2014 في صفوف قياداتها التاريخيين وعدد من أعضائها ومنخرطيها، خصوصاً بعد عقد مؤتمرها الـ10 في 2016 الذي أقرت فيه فصل جانبها الدعوي عن السياسي.

ومنذ 25 تموز (يوليو) 2021 تعيش حركة النهضة صراعات داخلية وتضييقات خارجية، بعد إعلان الرئيس قيس سعيد مسار "إصلاحات تموز (يوليو)"، والذي تم بموجبه إبعاد حركة النهضة عن مراكز الحكم، وحلّ البرلمان الذي كانت تسيطر عليه، وإصلاحات في القضاء، ووضع دستور وقانون انتخابي جديدين.

مواضيع ذات صلة

- تونس: هل يقطع القانون الانتخابي الجديد الطريق أمام المال السياسي الفاسد؟

مبادرة تونسية جديدة لدعم مسار سعيد في مواجهة الإسلام السياسي.. ماذا جاء فيها؟

- قيادي سابق بـ"النهضة": الغنوشي أطاح بالديمقراطية... والحركة في طريقها إلى الزوال



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية