حادثة تهديد الإخوان باحثة فرنسية بالقتل تواصل الجدل.. ما الجديد؟

الإخوان خطرون حتى في فشلهم... حادثة تهديد باحثة فرنسية بالقتل تواصل الجدل

حادثة تهديد الإخوان باحثة فرنسية بالقتل تواصل الجدل.. ما الجديد؟


30/05/2023

أثار إرجاء محاضرة في فرنسا مخصصة لكتاب موضع جدل حول جماعة الإخوان الإرهابية، ردود فعل حادة، وقد وُضعت الكاتبة تحت حماية الشرطة بعد تلقيها تهديدات بالقتل، وتحدّث عن الحادثة أيضاً الكاتب في شؤون التطرف ليام دافي، الذي اعتبر أنّ الإخوان المسلمين يمثلون أبرز تنظيم إسلاموي حول العالم، وسرّي أيضاً بشكل مهووس.

فبينما كان دافي واقفاً أمام مقر إقامة الباحثة الفرنسية، لاحظ رجلاً ضخماً مع وشوم على عنقه، ويقول دافي في مجلة (سبكتيتور) كيف كان واضحاً أنّ الرجل لم يكن هناك للغداء، لقد حضر بالنيابة عن الدولة الفرنسية لمنع اغتيال الأكاديمية التي أراد لقاءها. إنّها الدكتورة فلورانس بيرغو-بلاكلير التي كانت تعيش تحت حماية الشرطة في الأسابيع الـ (6) الماضية؛ بسبب ردود فعل على كتابها: "الإخوانية وشبكاتها: الاستقصاء".

دافي يشير إلى أنّ الإخوان المسلمين يمثلون ربما أبرز تنظيم إسلاموي حول العالم، وسرّي أيضاً بشكل مهووس، لذلك فإنّ استقصاء عالمة أنثروبولوجيا وكتابتها عن أنشطته ليس له وقع إيجابي عليه. بدأ الاستياء قبل نشر الكتاب حتى، لكن عندما صدر الكتاب في كانون الثاني (يناير) لم يكن بإمكان بيرغو-بلاكلير توقع الرد، برغم أنّها غير غريبة عن المواضيع الحساسة، نقلاً عن موقع (24).

الإخوان المسلمون يمثلون أبرز تنظيم إسلاموي حول العالم، وسرّي أيضاً بشكل مهووس

تكررت التنديدات؛ بعضها من متعاطفين إسلامويين في الفضاء الإعلامي والأكاديمي، وبعضها ممّن اعتقدوا أنّهم كانوا يدافعون عن المسلمين ضد رسالة طويلة ومتطرفة. ألغي مؤتمر المؤلفة في جامعة السوربون، قبل إعادة برمجته لاحقاً، دون تفسير مناسب، ومع تصاعد الجدل، وصلت تهديدات بالقتل.

وردّاً على سؤال الكاتب، قالت بيرغو-بلاكلير متحدية: إنّها لا تنوي الهرب وترك كل شيء وراءها. لكنّ عالمة الأنثروبولوجيا تستاء عند وصفها إشارة بعض الأكاديميين الآخرين إلى أنّ التهديدات بالقتل كانت ملفقة أو مبالغاً فيها للترويج للكتاب. كانت التهديدات بالقتل حقيقية، وذات مصداقية، ليس فقط لأنّها تعيش في فرنسا، بعد قتل المدرّس صامويل باتي. إلى جانب ذلك، أعربت العالمة عن شكوكها الكبيرة في انتداب الجمهورية حارساً شخصياً، للمساعدة في مبيعات الكتب.

أضاف دافي أنّ بيرغو-بلاكلير وجدت تعاطفاً من قسم من وسائل الإعلام، ممّا سمح لها بالرد بقوة. وحتى الآن، تصر على أنّها لم تتلقَّ دحضاً حقيقياً لعملها. بدل ذلك، تقول، تضمن رد الفعل اتهامات بالإسلاموفوبيا، والترويج لنظريات المؤامرة، إلى جانب شجب شخصيتها، ودوافعها. وتضمن بعض الردود كل هذه الأمور، لكن تحت غشاء من النقد الأكاديمي، حسب المصدر ذاته.

ومن الاتهامات الأكثر هستيرية لدراسة بيرغو-بلاكلير تلك التي قارنتها مع بروتوكولات حكماء صهيون، وهي الخطط المختلقة عن الهيمنة اليهودية على العالم والمصممة لإثارة المشاعر المعادية للسامية. المقارنة في غاية التطرف وعدم التناسب لكهان مفيدة للمعارضين ليلجؤوا إليها.

إنّ الإخوان المسلمين تنظيم يسعى لتحويل الدولة والمجتمع تدريجياً إلى رؤيته الإسلامية. وأشهر شعاراته "الإسلام هو الحل". وقد وضع يوسف القرضاوي، أحد أكثر منظري جماعة الإخوان نفوذاً، قبل وفاته أخيراً، خطة شاملة لأولويات الحركة. لكن في كثير من الأحيان يمكن أن يكون التنظيم غير شفاف. وترك عضو بارز في المملكة المتحدة التنظيم بسبب السرية المفرطة. واشتكى قائلاً: "نحن لا نبيع الأفيون، نحن ننشر الدعوة".

دافي: إذا كان على الأكاديمي أن يواجه حملة إدانات وتهديدات بالقتل بسبب التحقيق في الإسلاموية داخل أوروبا، فلن يلتقط الأكاديمي أو الصحافي الموالي قلمه أبداً

دافي سأل بيرغو-بلاكلير إذا كانت هناك علاقة بين الإخوان والإرهاب، خاصةً "الجهادي". وكان هذا النوع من السؤال يتردد في دوائر السياسة الأوروبية منذ أوائل الألفية، وأجابت العالمة، وهي تكاد تضحك: "إنّهم محرجون فعلاً من الجهاديين".

وقد لاحظ الكاتب أنّ هذا اعتراض استراتيجي عوض أن يكون أخلاقياً: يجذب الجهاديون إضاءة إعلامية سيئة. ومن جهة أخرى تعتقد أنّ روايات الإخوان عن تعرضهم لمظالم  تساهم بشكل غير مباشر في التطرف.

لم تُخفِ بيرغو-بلاكلير معارضتها للإخوان والسياسات الإسلاموية، بعدما أشار دافي بشكل أخرق، حسب وصفه، إلى ضرورة سعي الأكاديمي للموضوعية. "أنا أعارضهم لأنّي ديمقراطية، وعالمة"، تردّ بحسم. وأوضحت: "في أيّ ثيوقراطية، لا يمكن ممارسة العلم كما نعرفه، لذلك يجب أن أعارضهم".

هذا، وأعرب دافي عن ذهوله من فكرة تأسيس تنظيم الإخوان المسلمين ثيوقراطية في أيّ وقت قريب، وهو أمر غاب كثيراً عن التحليل على مرّ الأعوام. يسهل أن يصاب المرء بالفزع من الخطط الكبرى للتنظيم، الأمر الذي أدى إلى خلط بعض الجهات بين المسلمين العاديين وطموحات مجموعة صغيرة من النشطاء السياسيين. لكنّه يعتقد أيضاً أنّ التنظيم لا يحتاج في الواقع أن يكون ناجحاً، فمجرد محاولة تنفيذ هذه الرؤية الخيالية، يمكن أن يحدث الضرر.

وبحسب دافي، إذا كان على الأكاديمي أن يواجه حملة إدانات وتهديدات بالقتل بسبب التحقيق في الإسلاموية داخل أوروبا، فلن يلتقط الأكاديمي أو الصحافي الموالي قلمه أبداً. وعندما نهضا للمغادرة، وظهر ضباط شرطة لم يلاحظ وجودهم، كان واضحاً أنّ العلم والحريات الديمقراطية يمكن أن تتعرض للتهديد، وقبل وقت طويل من أيّ تلميح إلى قيام ثيوقراطية، كما ختم.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية