حركة النهضة تفشل في كل محاولات إرباك المسار الانتخابي بتونس

حركة النهضة تفشل في كل محاولات إرباك المسار الانتخابي بتونس

حركة النهضة تفشل في كل محاولات إرباك المسار الانتخابي بتونس


22/11/2022

أقل من شهر يفصل تونس عن إجراء الانتخابات البرلمانية المبكرة، كآخر خطوة تضمنتها خريطة طريق الرئيس قيس سعيّد ضمن مسار 25 تموز (يوليو)، وتواصل الأطراف السياسية المتضرّرة، ومنها خصوم تاريخيون، على غرار حركة النهضة الإخوانية  والحزب الدستوري الحر، إرباك المسار الانتخابي وتعطيله.

ومؤخراً كثّفت القوى المعارضة من التحركات الميدانية، في محاولة لدفع الناس إلى مقاطعة التصويت بهدف التشويش على الانتخابات المرتقبة، فقد أعلن عدد كبير من أحزاب المعارضة مقاطعته للانتخابات التشريعية، ودعت حركة النهضة الشارع للتحرّك، ورفع الحزب الدستوري الحر قضية استعجالية لوقف الانتخابات.

في أثناء ذلك، أكدت هيئة الانتخابات إنهاء الاستعدادات لإطلاق الحملة الانتخابية في 25 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري، بعد قبول (1055) ملف ترشح بصفة نهائية في سباق الانتخابات.

وكان سعيّد قد أطلق إصلاحات سياسية ودستورية أعادت تونس إلى نظام الحكم الرئاسي القوي حيث يملك غالبية الصلاحيات، وسط اتهامات له بمحاولة إرساء ديكتاتورية جديدة من قبل معارضيه، لكنّه ينفي ذلك، مؤكداً أنّه سيحمي الحريات والحقوق، وأنّ هدفه تصحيح مسار ثورة كانون الثاني (يناير) 2011.

الدستوري الحر يخسر قضية إيقاف الانتخابات

وقد فشلت أغلب التحركات الداعية إلى إرباك مسار الانتخابات، وأقرّ الحزب "الدستوري الحر" في تونس الإثنين بخسارة الدعوى القضائية التي رفعها ضد الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لإيقاف الانتخابات التشريعية، وذلك قبل أقل من شهر من الاستحقاق الانتخابي المرتقب. 

وأكدت رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي الإثنين أنّ القضاء قرر رفض الدعوى القضائية الاستعجالية التي كان حزبها قد رفعها ضد هيئة الانتخابات لإيقاف مسار الانتخابات التشريعية المقررة يوم 17 كانون الأول (ديسمبر) المقبل، معتبرةً أنّ ما حصل "وصمة عار جديدة" على جبين الدولة التونسية.

اعتبر الغنوشي أنّ الوضع في البلاد غير قابل للاستمرار لأنّه ينذر بالخطر، مؤكداً أنّ هدف حركة النهضة هو إسقاط الانقلاب، على حدّ تعبيره

ووصفت عبير موسي خسارتها للقضية بأنّها اغتيال للعدالة، قائلة: "قصر العدالة (مقر المؤسسة القضائية)، اغتيلت فيه العدالة وأسس الدولة المدنية، والكلمة ستكون للشعب، ولن نقبل بتدمير الدولة التونسية، ولا بالإصلاحات التي أعلنتها الحكومة التونسية".

وكان الحزب الدستوري الحر في تونس قد رفع قضية ضد الهيئة العليا المستقلة للانتخابات؛ بهدف إيقاف مسار الانتخابات التشريعية، ودعا لتجميد الموازنة المالية المخصصة للهيئة، التي اتهمها بالقيام بـ "مغالطات خطيرة" للتستر على عدم شرعية الانتخابات المرتقبة، على حدّ ما أورده ملف دعواه.

واتهم الحزب الهيئة بـ "الاعتداء على حق التونسيين في انتخابات قانونية ومطابقة للمعايير الدولية وإهدار المال العام، وذلك من خلال تمسكها بالمضي قُدماً في إجراء الانتخابات دون استكمال الترشحات في كل الدوائر الانتخابية، بعد ثبوت عدم تلقيها أيّ ترشح في (7) دوائر من جملة (161) دائرة انتخابية".

الانتخابات البرلمانية هي آخر خطوة تضمنتها خريطة طريق الرئيس قيس سعيّد ضمن مسار 25 تموز

 

وكانت موسي قد شنت حملة واسعة وقوية ضد حركة النهضة الإخوانية في وقت سابق، واتهمتها بالإرهاب، ودعت إلى محاكمتها ومحاسبتها على أعوام حكمها خلال الـ (10) أعوام الماضية، كما طالبت برحيل زعيمها راشد الغنوشي من البرلمان، معطّلة عقد الجلسات البرلمانية، طريقة للاحتجاج.

موسي، وحزبها، قررت أيضاً مقاطعة الانتخابات البرلمانية المبكرة، متهمة سعيّد بأنّه لا يختلف عن الإخوان الذين أمسكوا بزمام الحكم قبل أن يزيحهم سعيّد العام الماضي.

النهضة تفشل في امتحان الشارع

حركة النهضة (أكبر المتضرّرين من قرارات سعيّد) فشلت أيضاً في تحريك الشارع التونسي للاحتجاج من أجل تعطيل مسار الانتخابات، خصوصاً بعد أن قال زعيمها راشد الغنوشي إنّه يعوّل على الشارع وعلى حركة الشارع لإسقاط مسار الرئيس قيس سعيّد، مشدّداً على أنّه سيقاوم المسار من أجل عودة "الديمقراطية".

وأشار الغنوشي خلال خطاب ألقاه في محافظة بنزرت الشمالية أواخر تشرين الأول  (أكتوبر) الماضي إلى التحركات الاحتجاجية التي حصلت في مدينة جرجيس (جنوب شرق) وحي التضامن (أحد أكبر الأحياء الشعبية في العاصمة)، ووصفها بأنّها التقاء بين ما هو سياسي وما هو اجتماعي.

واعتبر الغنوشي أنّ الوضع في البلاد غير قابل للاستمرار لأنّه ينذر بالخطر، مؤكداً أنّ هدف حركة النهضة هو إسقاط الانقلاب، على حدّ تعبيره، مشيراً إلى أنّ هناك حالة من التخبط تعيشها تونس بسبب غياب التعقل وهيمنة النزوات الفردية، وفق تصريحه.

كثّفت القوى المعارضة من التحركات الميدانية في محاولة لدفع الناس إلى مقاطعة التصويت بهدف التشويش على الانتخابات

 

وقال: إنّ برنامج الرئيس التونسي قيس سعيّد يخلو من الأحزاب والنقابات والحريات والانتخابات الحرة، مؤكداً أنّ ذلك ما يدل عليه الدستور الذي أقرّ بعد استفتاء 25 تموز (يوليو) الماضي.

من جانبها، أعلنت جبهة الخلاص الوطني في تونس الأحد تحركها في جميع البلاد، لتحقيق ما سمّته "التعبئة السياسية" من أجل العودة إلى الديمقراطية وحماية الحريات، وقال رئيس حزب العمل والإنجاز والقيادي في جبهة الخلاص عبد اللطيف المكي: إنّ الجبهة تسعى لإصلاح المسار الديمقراطي من مشاكله التي كان يعاني منها قبل ما سمّاه "انقلاب 25 تموز (يوليو)".

وقال حينها رئيس الجبهة أحمد نجيب الشابي، الخصم التاريخي لحركة النهضة الإخوانية قبل قرارات 25 تموز (يوليو): إنّ تونس تعيش أزمة عميقة وتحتاج لقيادة متبصرة، مضيفاً أنّ أعضاء الجبهة انطلقوا في سلسلة من التحركات في كامل الولايات التونسية "بهدف التعبئة السياسية من أجل العودة إلى الديمقراطية ولحماية الحريات والمؤسسات".

فشل في استعطاف الرأي العام الدولي

رئيس البرلمان المنحل راشد الغنوشي قال في التصريحات نفسها: إنّ الجهات الأجنبية تضغط على سعيّد للعودة إلى الديمقراطية ومجلس النواب، لكنّها لم تصل بعدُ إلى حدّ وصف ما حصل بالانقلاب، واصفاً الرئيس التونسي المنتخب بـ "المنقلب"، يأتي ذلك في وقت يتهم فيه التونسيون أطرافاً سياسية بالالتجاء إلى الجهات الأجنبية ومطالبتها بفرض عقوبات على تونس، معتبرين ذلك سلوكاً انتهازياً وغير وطني.

وكانت آخر انتخابات تشريعية قد أجريت في العام 2019، وحصدت فيها حركة النهضة (52) مقعداً، وحققت أغلبية غير مطلقة، لتبدأ حينها أزمة سياسية بين البرلمان والرئاسة، قبل أن يعلن سعيّد في 25 تموز (يوليو) 2021، تجميد البرلمان، وحل حكومة هشام المشيشي.

هيئة الانتخابات تؤكد إنهاء الاستعدادات لإطلاق الحملة الانتخابية في 25 تشرين الثاني  الجاري

 

وكانت المعارضة قد فشلت في معركتها الأولى التي حسمها الرئيس قيس سعيّد لصالحه بإقرار دستور جديد في استفتاء شارك فيه ثلث التونسيين، وذلك رغم توحيد جهودها لإفشال الاستفتاء وعدم اعترافها لاحقاً بنتائجه.

ورغم أنّ سعيد يواجه ضغوطاً قوية من الداخل في ظل اتساع جبهة المعارضين لخططه، إلا أنّه لم يتراجع، ويمضي نحو تنظيم انتخابات تقاطعها غالبية القوى السياسية؛ إثر إصداره قانوناً انتخابياً مثيراً للجدل ينص على اعتماد الاقتراع على الأفراد وإلغاء التمويل العمومي للمرشحين.

 في الأثناء، تتقدمّ الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بثبات نحو تنظيم الانتخابات البرلمانية المقررة يوم 17 كانون الأول (ديسمبر) المقبل، وأكدت استعدادها اللوجستي التام لهذا الاستحقاق الانتخابي، وذلك رغم مقاطعة قوى المعارضة لهذه الانتخابات، احتجاجاً على قرار الرئيس قيس سعيد تعديل القانون الانتخابي، ورفضاً لمشروعه السياسي.

 

مواضيع ذات صلة:

تونس: الغنوشي انتهى سياسياً فهل تختفي "النهضة"؟

تونس: دماء شكري بلعيد ومحمد البراهمي تطارد الغنوشي

اعترافات الغنوشي: إعلان هزيمة أم خداع سياسي؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية