"داعش" يصدّر الفزع لمونديال موسكو ثأراً من الدب الروسي

داعش

"داعش" يصدّر الفزع لمونديال موسكو ثأراً من الدب الروسي


17/12/2017

على أحد المنتديات التابعة لتنظيم "داعش"، سأل أحد الأعضاء: "هل نحن قادرون على إحراق كأس العالم؟"، فجاءته الإجابة على الفور من عنصر يدعى (أبو فارس العراقي)، قائلاً: "الإخوة اخترقوا الحدود الروسية خلال الشهور الماضية، وبدؤوا بتأسيس ولايةٍ جديدةٍ، سيتم الإعلان عنها في منتصف العام المقبل"، في إشارةٍ منه إلى أنّ المجموعات ستبدأ نشاطها الإرهابي قبيل انطلاق مونديال موسكو الذي سينطلق في شهر حزيران (يونيو) 2018، ثم توالت التعليقات من عناصر مختلفة اتفقت غالبيتها في أنّ هناك رحلات كبرى لأعضائه ستحطّ رحالها في روسيا.
تهديدات "داعش" للمونديال تغرق مواقع التواصل
ومع أنّ التنظيمات الإرهابية اعتادت التغطية على العمليات التي تعتزم شنّها، حتّى لا تعطي فرصةً لخصومها لاتخاذ التدابير اللازمة لحماية أنفسهم من تلك الهجمات الافتراضية، إلّا أنّ تنظيم داعش كسر تلك القاعدة في عدّة مرّات كان قد هدد فيها بشنّ عملياته على أهداف محددة، ثمّ نفذ تلك التهديدات فيما بعد، وهو ما أكده زعيم تنظيم الجهاد السابق نبيل نعيم الذي قال لـــ"حفريات": إنّ التنظيم، في هذه الحالة، تبنّى ذلك التكتيك للحصول على مكسبين: الأول: أن يضع خصمه المهدَّد في دائرة الاستنفار المكلّف والمزعج، فضلاً عن التأثير عليه اقتصادياً، والثاني: أن يعطي إشارة البدء لأنصاره في منطقة العمليات بالإسراع في تنفيذها، حتى لو باءت بالفشل.

إرهابيو "داعش" أغرقوا مواقع التواصل بصورة تحمل الشعار الرسمي لمونديال موسكو يقف فيها أحد مقاتليه وهو يحمل بندقية وقنبلة

وهو ما أشار إليه الزميل البارز في المجلس الأطلنطي إيان برزيزينسكي، في تصريحات لصحيفة "ميرور" البريطانية في تشرين الأول (أكتوبر) 2017؛ حيث قال: إنّ التطرف الإسلامي يشكّل قلقاً للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي يعدّه أكثر التهديدات المباشرة لروسيا، وأوضحت الصحيفة في نشرتها الإلكترونية أنّ إرهابيي التنظيم أغرقوا مواقع التواصل الاجتماعي بصورة تحمل الشعار الرسمي للبطولة يقف فيها أحد مقاتليه في ملعب كرة قدم بجنوب روسيا وهو يحمل بندقية وقنبلة عليها شعار التنظيم.

عناصر "داعش" الروس الأكثر عدداً
وكان وزير الداخلية الروسي، فلاديمير كولوكولتسيف، قد أعلن في أيلول (سبتمبر) 2017؛ أنّ حوالي 1800 من المواطنين الروس يحاربون في صفوف "داعش"، وهو ما يجعل افتراضية الهجمات على روسيا في المونديال واردة.
وكشف تقرير لشركة الاستشارات الأمريكية (Soufan) بشهر تشرين الأول (أكتوبر) عن عدد العناصر الذين انضموا إلى تنظيم "داعش" الإرهابي، بحسب الدول والتوزيع الجغرافي، فذكر أنّ روسيا أكثر الدول الأوروبية المصدِّرة لعناصر التنظيم، فيما جاءت ألمانيا وفرنسا بمراكز مختلفة، وأوضح التقرير أنّ عدد الروس منهم يُقدر بـ3417 مقاتلاً.

أعلن وزير الداخلية الروسي أنّ حوالي 1800 من مواطني بلده يحاربون بصفوف "داعش" مما يقوي فرضية الهجمات على المونديال

بدأت الحكاية بنشر مؤسّسة "وفاء" الإعلامية؛ وهي إحدى المؤسّسات المناصرة لتنظيم "داعش"، ولا تعبّر عنه رسمياً، تصميماً يحمل عنوان "قادمون يا روسيا"، يتضمن تحريضاً لخلايا التنظيم النائمة على شنّ هجماتٍ إرهابيةٍ في روسيا أثناء المونديال.
وتوالت التصميمات المنشورة من هذا النوع التي تحمل تهديداتٍ مباشرةً بالقتل لعدد من اللاعبين البارزين، على رأسهم الأرجنتيني ليونيل ميسي، والبرتغالي كريستيانو رونالدو، والبرازيلي نيمار، إضافة لمدربين، وألبس التنظيم صور كلّ هؤلاء زيّ الإعدام الأصفر الذي خصّصه التنظيم للمحكومين بالقتل.

"مداد القلم في حكم لاعبي كرة القدم"
وصفت جميع تلك التهديدات السابقة بأنّها صادرة من غير ذي صفةٍ رسميةٍ في التنظيم الإرهابي، الذي لم يعلن مبرراً كافياً لاستهداف هؤلاء الرياضيين، حتى نشر ما يعرف بــ"مكتب البحوث والدراسات"، وهو أحد المكاتب الرسمية التابعة لـ"داعش" والمندرجة تحت ما يعرف بــ"القطاع الشرعي"، في نهاية شهر تشرين الأول (أكتوبر) 2017 كتاباً بعنوان "مداد القلم في حكم لاعبي كرة القدم" يؤصّل فيه لفكرة قتل اللاعبين والمشاركين في اللعبة، واصفين إياهم بـ"الكفّار".

تصف صحيفة "ديلي ميل" البريطانية في تقرير نشرته تهديدات "داعش" بأنها مثيرة للقلق لجلبها الفوضى والفزع إلى البطولة

عدّ الكتاب المتطرف قبول اللاعبين المشاركة في المسابقات التي ينظمها الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) "تحاكمًا إلى الطاغوت"؛ لأنّ هذه القوانين وضعها أشخاص غير مسلمين على مدار سنوات.
وعدّت جماعة الإخوان المسلمين والجماعات السلفية، من قبل، لعبة كرة القدم "ضلالاً وإلهاءً للشعوب"، لكنّها لم تصل إلى درجة تكفير اللاعبين أو القائمين على اللعبة، فقال أبو إسحاق الحويني، الداعية السلفي، وفق ما نشر موقع youtube بتاريخ 26 تموز (يوليو) 2009: "إنّها من اللهو الباطل الذي نهى عنه النبي"، بينما وصفها الداعية المحسوب على جماعة الإخوان وجدي غنيم، بـ"الفتنة" في تسجيل بثه الموقع ذاته بتاريخ 7 آب (أغسطس) 2010.

نشر "مكتب البحوث والدراسات" التابع لداعش كتاباً يؤصّل فيه لفكرة قتل اللاعبين والمشاركين في اللعبة واصفاً إياهم بـ"الكفّار"

وبينما عدّ كتاب داعش لاعبي كرة القدم المسلمين مرتكبين لناقضٍ من نواقض الإسلام؛ هو التحاكم للقوانين التي وضعها الكفّار، والقبول بحكمهم، سبقهم عددٌ آخر من شيوخ السلفية لهذا الحكم، ومنهم ناصر بن سليمان العلوان، فكفّروا لاعبي كرة القدم، وعدّوا اللعبة من باب "الشرك بالله".
وقد نقل الكتاب، الذي جاء تأكيداً لرضا التنظيم عن التهديدات التي صدرت من أنصاره في غير منابره الرسمية، عدداً من قوانين كرة القدم المتعلقة بالعقوبات التي تستحق البطاقات الصفراء أو الحمراء، وعدّها "أصل الكفر"؛ لأنّها عطلت "الحدود الشرعية"، عبر اعتماد حكمٍ "بشريّ" تكون له السلطة المطلقة في إدارة المباريات، إضافةً إلى قيام اللاعبين بتحية العلم، وترديد النشيد الوطني، وهو ما يعدّه التنظيم "كفراً" وفق اعتقاده المتطرف.

عزم على الانتقام
وتصف صحيفة "ديلي ميل" البريطانية وفق تقرير نشرته في تشرين الأول (أكتوبر) 2017؛ تهديدات "داعش" بأنها "مثيرة للقلق"؛ لجلبها الفوضى والفزع إلى البطولة، وبحسب التقرير؛ فإنّ التنظيم يتوعّد المباراة النهائية تحديداً، التي من المقرر أن تقام في ملعب لوزنيكي في موسكو، فضلاً عن أنّ العدد المتوقَّع أن يحضر المباريات سيصل إلى مئات الآلاف أو الملايين من المشجعين مع مباريات البطولة التي ستستمر شهراً، ورغم أنّ التنظيم يعاني من خسائر إقليمية شديدة، بسبب الحملات العسكرية التي ترعاها موسكو وواشنطن، فضلاً عن التحالفات العربية معهما، إلّا أنّه دائماً ما يروّج لدعاياتٍ يؤكّد فيها عزمه على الانتقام، وفق الصحيفة.
أيضاً، ستكون مدينة سان بطرسبرج، وهي ثاني أكبر المدن الروسية، ضمن المدن التي ستستضيف بعض المباريات، وقد كانت مسرحاً لإحدى هجمات داعش؛ عندما انفجرت قنبلةٌ يدويةٌ تحت الأرض في نيسان (أبريل) 2017، ما أسفر عن مصرع 14 شخصاً، وعلّل التنظيم الهجوم على المدينة، بأنّه ردّ على الضربات الجوية الروسية لسورية.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية