رئيس اتحاد المؤسسات الإسلامية: نحتاج إلى الاجتهاد وتطوير الفقه مع المحافظة على الثوابت

رئيس اتحاد المؤسسات الإسلامية: نحتاج إلى الاجتهاد وتطوير الفقه مع المحافظة على الثوابت

رئيس اتحاد المؤسسات الإسلامية: نحتاج إلى الاجتهاد وتطوير الفقه مع المحافظة على الثوابت


05/10/2022

أجرى الحوار: ماهر فرغلي

يُعتبر اتحاد المؤسسات الإسلامية أكبر مؤسسة دينية إسلامية في أمريكا اللاتينية، وتحديداً دولة البرازيل، وقد تأسس فيها عام 1979 على يد الحاج حسين محمد الزغبي، وبرعاية وإشراف السفارات الإسلامية في برازيليا، ومباركة رابطة العالم الإسلامي، ووزارات الأوقاف والشؤون الإسلامية في أكثر من بلد إسلامي، وعقب وفاة مؤسس الاتحاد، تولى ابنه محمد حسين الزغبي قيادته، ليواصل تحقيق الأهداف نفسها، وهي رعاية شؤون الجالية المسلمة في البرازيل، وتأسيس المراكز والمساجد والمدارس الإسلامية، وتوفير الدعم المادي للمؤسسات والمراكز الإسلامية، وتوفير الطعام الحلال للمسلمين في البرازيل والأقليات المسلمة، وغيرها من الأهداف التي حدثنا عنها محمد الزغبي بنفسه على هامش مؤتمر وزارة الأوقاف المصرية حول ضرورة الاجتهاد، الذي انعقد خلال الأسابيع الماضية.

 وهنا نص الحوار:

 كيف تعاطيتم مع مؤتمر الاجتهاد وضرورته؟

المؤتمر بكل تأكيد هو مبادرة مهمة، والموضوع نفسه على مستوى عالٍ من الأهمية، حيث إنّ الأمة جميعاً تحتاج إلى الاجتهاد، وتطوير الفقه بما لا يخلّ بثوابت الأمة، وقد تناول المؤتمر نقاطاً حسّاسة، وتعاطى مع بعض المشكلات التي تواجهنا من الوجه الديني، فنحن باعتبارنا من الأقليات الدينية نحتاج إلى الاجتهاد في الأمور المستجدة بطريقة سليمة، وذلك من أجل تقديم الصورة الجيدة عن الإسلام بشكل وسطي، مع المحافظة على الثوابت.

هل هذا يؤكد على أهمية المؤسسات الدينية في هذا التوقيت؟

نعم، فعلى سبيل المثال وزارة الأوقاف المصرية تعطينا الدعم الدائم، من خلال إرسال المبعوثين، ومن أجل المحافظة على الإسلام الوسطي ومكافحة التطرف نحتاج إلى ذلك دائماً، لذلك أؤكد على أهمية جهود المؤسسات الدينية، هنا بالبرازيل، التي لا تمنع التعاطي مع الأمور الدينية بأيّ شكل، وهذا ما يسمح أحياناً لأيّ جماعة بممارسة طقوسها الدينية.

يُعتبر اتحاد المؤسسات الإسلامية أكبر مؤسسة دينية إسلامية في أمريكا اللاتينية

لكن أنتم لستم وحدكم كمؤسسة بالبرازيل، فمع أيٍّ منكم ستتعامل المؤسسات الدينية؟

نحن اتحاد المؤسسات المؤسسة الرسمية، التي تعبّر عن المسلمين بالبرازيل رسمياً، لقد تأسسنا عام 1979، ولدينا أكثر من (40) جمعية تابعة لنا، وهاجسنا الأول هو العمل لنشر الدعوة الإسلامية بخطها الوسطي، ولدينا اعتراف من الحكومة البرازيلية بأنّ مؤسستنا هي من تمثل المسلمين بالبرازيل، ونحن نحترم القانون البرازيلي، ونقف في المنتصف من القوى السياسية والدينية الحكومية، ولدينا العديد من الأنشطة داخل الدولة، ليس للمسلمين فقط بل للطبقة الفقيرة من كل الأديان، ونبذل قصارى جهدنا للتعامل مع الحالات الأكثر خطورة من المرضى والفقراء، ومنذ تواجدنا من (40) عاماً كان هدفنا هو إظهار وجه التسامح الإسلامي والمحبة للجميع، ولدينا العديد من العلاقات مع الحكومات المصرية والسعودية والإماراتية وباقي الدول العربية، ومنذ تأسيس الاتحاد ونحن في جميع الخطوات نحرص على ذلك، وهذا هو خط المؤسس للاتحاد الشيخ عبد الله عبد الشكور، ووالدنا الحاج حسين محمد الزغبي، رحمهما الله، فإنّ جهودهما من أجل المسلمين والأقلية الدينية المسلمة بالبرازيل كانت واضحة.

ألا توافقني أنّ كثرة المرجعيات للمسلمين هي المشكلة بالبرازيل؟

نعم، رغم أنّ الإسلام واحد، لكنّنا كاتحاد المؤسسات ليس لدينا مشكلات مع أحد، ونحن نحافظ على اتصالنا بجميع المؤسسات الدينية الوسطية مثل وزارة الأوقاف المصرية من أجل معالجة هذه الأمور من تعدد المرجعيات، فنحن في بلد غير مسلم ولدينا بعض المشاكل المحلية، وهذا سيؤثر على المسلمين، وهذه إحدى مطالبنا أن يكون مصدرنا واحداً، وهو الأزهر الشريف، ولا يكون أكثر من جهة.

هل أثر ظهور داعش والتنظيمات الإرهابية عليكم؟

نعم، بكل تأكيد، فالحكومة البرازيلية كانت تفتش في المنازل للبحث عن بعض الجماعات، لأنّ الدولة هنا لا تمنع أحداً من ممارسة حقه في التعبد، أو التعبير، فاستغلت هذه الجماعات ذلك ودخلت بشكل طبيعي، وهذا ما أدى إلى وجود قلق سياسي من وقوع إرهاب.

لفت انتباهي في حديثكم عن الاتحاد أنّ لديه (40) جمعية، هل هي مختصة بالبرازيل فقط أم بأمريكا اللاتينية؟

نحن مختصون بالبرازيل، لكنّ الاتحاد له شراكات ومراكز في دول متعددة، على سبيل المثال فنزويلا، ونساعد الجمعيات في بعض المواضيع في أمريكا اللاتينية، ولا نألو جهداً في دعم العمل الاجتماعي والثقافي لها.

 وكيف تستطيعون تقديم هذا الدعم الكبير في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية؟

 للتوضيح؛ الاتحاد له أهمية كبرى؛ لأنّه هو أول من أسس موضوع تجارة الحلال، والبرازيل لم تكن تُصدّر اللحوم للدول العربية، واليوم هي أكبر منتج ومصدّر لدول العالم أجمع، وهذا بفضل اتحاد المؤسسات، ومن خلال مكاسبنا في تجارة الحلال نساعد المؤسسات الجادة، وبشكل عام وليس للمسلمين فقط، وأؤكد هنا أنّنا ندعم الجمعيات التي لها خط وسطي؛ لأنّه لا يمكننا دعم الجمعيات التي لها أغراض سياسية، ونعتبر أنّ علينا مسؤولية، حتى لا تكون البرازيل دولة مفتوحة للنشاطات الإرهابية.

الاتحاد له أهمية كبرى

يا ترى هل هناك اتجاه معيّن لنشاطات اتحاد المؤسسات الإسلامية؟

 نحن نعمل على عدة محاور، الدعوية والثقافية والاجتماعية، فأمّا المشاريع الدعوية، فقد طرحنا مؤخراً مشروع (تعرّف على الإسلام)، وهو ليس دعوة للإسلام، لكنّه للتعرّف على الإسلام فقط، فالفكرة ليست دعوة الآخرين للدين الإسلامي؛ لأنّنا لسنا مستعدين لتأهيلهم في المرحلة الأولى، فالبرازيل دولة كبرى، ويجب أن يكون لدينا البرمجة لاستقبال المسلمين الجدد، فهناك عدد كبير يدخلون الإسلام، ونحن نعمل على التأهيل بشكل جيد، ونحن بحاجة إلى تأهيل أكبر للموجود، وهذا يحتاج إلى متخصصين يمرّون على الأزهر كمؤسسة دينية كبرى، وهذا لا يتوفر في أحيان كثيرة، وإن كان الأزهر الآن بالاتفاق مع الخارجية البرتغالية بدأ بتدريس اللغة البرتغالية، من أجل تأهيل بعض المشايخ ليتحدثوا البرتغالية، كما نقوم بعمل (طاولات الدعوة) التي تنتشر في الشوارع، والمحاضرات والندوات داخل الجامعات والمدارس، والدورات الخاصة في المراكز الإسلامية وبين أصحاب القرار من خلال وزارة الخارجية البرازيلية، ويتم توزيع الكتاب الإسلامي باللغة البرتغالية ومقاطع الفيديو والنشرات المختلفة التي تعرض الإسلام بطريقة حديثة ومبسطة، وقد بذل الاتحاد جهوداً كثيرة للتعريف بالإسلام بصورة صحيحة بعيدة عن الفكر المتطرف الذي يؤدي إلى الموجات الإرهابية التي تشوه صورة الإسلام، فهو يحرص على تأمين المشايخ والدعاة للمراكز الإسلامية المختلفة ويشترط أن يكونوا من خريجي الجامعات الإسلامية وعلى صلة بالمؤسسات الموثوقة مثل الأزهر الشريف ووزارات الأوقاف المختلفة ورابطة العالم الإسلامي. ويحرص الاتحاد أن تكون هناك مشاركة من سفارات الدول المختلفة في المشاريع الخيرية التي تدعم مالياً من الخارج حتى لا يتسرب هذا الدعم لجهات متطرفة، وكذلك من خلال الموقع الإلكتروني والكتب التي يوزعها الاتحاد يحرص على أن تكون لغة الخطاب بطريقة عصرية ومعتمدة من المرجعيات الموثوقة كالأزهر الشريف.

 وماذا عن الشأن الاجتماعي؟

 من الناحية الاجتماعية، فالجالية الفقيرة عندنا نقدّم لها مساعدات مالية وعينية، وعندنا مشاريع تعليمية، وكل دعمها يخرج من الحلال، من شركة (فامبراس) وهي شركة منفصلة عن الاتحاد، لكنّها تمول كل النشاطات، كما لدينا تضامن إسلامي، في المناطق الأكثر فقراً، لكل البرازيليين، ونقوم بعمل اليوم التضامني، وهو يوم نحضر فيه أطباء ونقّدم فيه جميع الفحوصات السريعة، والنظارات الطبية، وداخله أيضاً أمور ترفيهية، وتوزيع حصص غذائية، ونقدّم (3) آلاف سلة غذائية، ونساعد المرضى، وندفع تكلفة العمليات الجراحية.

 ما مدى تأثير "داعش" وأخواتها على صورة الإسلام في البرازيل؟

 تأثير سيّئ جداً، حيث تصل صورة لأناس يدّعون أنّهم يمثلون الإسلام، وللأسف الشديد يتوجب عليك أن تبذل جهوداً كثيرة من خلال وسائل الإعلام المختلفة حتى توضح الصورة الحقيقية للدين الإسلامي، وأنّ هؤلاء لا يمثلونه، وأعمالهم لا تمتّ له بصلة، وتدل على عدم فهم الدين الإسلامي، ولا تمتّ للإسلام بصلة .

 ألا تخشون من تغير الحكومات البرازيلية وتأثير ذلك على نشاطاتكم؟

 نحن لا نخشى من تغير السياسات وتغيير الحكومات عبر الانتخابات؛ لأنّنا مع الكل ونقف في المنتصف، وللعلم نحن نقيم دورة سنوية تدعى (العالم الإسلامي) بالتنسيق مع الخارجية، نعطيها للبرازيليين، حيث نجهّز الدبلوماسيين والبرلمانيين والوزراء، الذين سيذهبون إلى دول العالم الإسلامي كدبلوماسيين، وأعطيت هذه الدورة أهمية كبرى لدى البرازيل، وهي تعطي نتائج إيجابية، ورغم أنّها مكلفة لكنّها ممتازة، ولنا علاقات جيدة مع الرئيس الحالي والسابق أيضاً.

 بحديثكم عن الحلال، هل تنسقون مع الحكومات والمؤسسات الدينية في هذا الأمر؟

 بالطبع نقوم بعمليات تنسيقية مستمرة، وقد أنشأنا (أكاديمية الحلال) التي تقدّم أبحاثاً مستجدة عن هذا الأمر، بالتنسيق مع الأزهر ودار الإفتاء المصرية، ونقوم في هذه الأكاديمية بعمليات تأهيل وتدريب وتنفيذ، حيث نقوم نحن بتنفيذ عمليات الذبح، وللعلم الحلال ليس مختصاً بعمليات الذبح فقط، لكن له علاقة أكبر بالبيئة، والسياحة، وشركات اللحوم، والمعلبات، وأدوات التجميل، والأدوات الطبية، ومن خلال ذلك لنا شراكات في كل الدول العربية والإسلامية، مثل ماليزيا وسنغافورة والخليج وأوروبا، ونحن هنا نعترف أنّ (فامبراس حلال) من أهم الشركات من حيث الإمكانية والتكنولوجيا والتصدير، وكل ذلك من خلال مرجعية المؤسسات الدينية، ونحن نفكر خلال الفترة المقبلة في إعطاء كورسات "أونلاين" لمسائل الحلال، ولنا تجربة مع مصر، حيث كنت أعقد فيها مؤتمراً، يحضره التجار المصريون ليتعرّفوا على الشركات البرازيلية، ولما بدأ العمل، صدر قرار وزاري تم اعتماده من الحكومة المصرية.

 ماذا فعلتم خلال أزمة كورونا؟ وهل أثّر ذلك عليكم؟

 نعم، أثّر علينا مثل غيرنا، وكان علينا أن نراجع كل شيء، حيث لا بدّ من الجودة أن تكون الأعلى، ونقوم بعمليات تفتيش أونلاين، ونقدم برامج صحية للعمال.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية