شروط سورية للتطبيع مع تركيا واستدعاء المزيد من "الاحتلالات"

شروط سورية للتطبيع مع تركيا واستدعاء المزيد من "الاحتلالات"

شروط سورية للتطبيع مع تركيا واستدعاء المزيد من "الاحتلالات"


23/03/2023

في ظل التحولات الجيوسياسية التي تجري بالمنطقة والعالم على خلفية الحرب الروسية الأوكرانية، فإنّ الأزمة السورية تتأثر، على نحو مباشر، بفعل تعدد اللاعبين الدوليين، تحديداً روسيا والولايات المتحدة، بالإضافة إلى وكلائهما الإقليميين والمحليين، سواء تركيا أو إيران.

ومع محاولات التقارب أو بالأحرى إعادة سوريا للحاضنة العربية، تبدو دمشق مترددة بين حسابات عديدة ومعقدة. فعملية التوصل إلى تفاهمات نهائية وحاسمة بشأن هذه العودة المحتملة والقبول بـ"الشروط" العربية، تظل مسألة شاقة وصعبة. ومن ثم، تحديد المقاربة السياسية لحل وتصفية الحرب الممتدة لأكثر من عقد، فيما لا تزال البلاد مرتهنة لإرادات خارجية، وتطوقها الميليشيات الموالية لإيران كما تركيا، فضلاً عن القواعد الروسية على سواحل المتوسط، في مرفأ طرطوس، حيث تم استئجار المرفأ لقرابة نصف قرن تقريباً.

زيارة الأسد الأخيرة لموسكو ولقاء نظيره الروسي فلاديمير بوتين، تأتي في لحظة وتوقيت شديدة الحساسية والتوتر، حيث تبعث التحركات الخارجية بدلالات سياسية عديدة، وترتيبات إقليمية وأمنية متباينة. فالصراع في كييف ما يزال يكشف عن إعادة توزيع الأدوار والمساحات والمصالح بين القوى الكبرى في قمة العالم، بينما تتوسع تداعيات ذلك الصراع خارج نطاق أوروبا إلى منطقة الشرق الأوسط.

 لذا، لا يمكن اعتبار زيارة الرئيس السوري لموسكو، وحديثه عن زيادة الوجود العسكري لروسيا، أمراً عفوياً، بل هي رسائل للغرب وواشنطن في ظل الاستقطاب الدولي. كما أنّها تعكس رؤيته السياسية للمحور الذي يصطف معه، ومتانة ذلك التحالف الاستراتيجي من خلال تأكيده على أهمية الوجود العسكري والأمني.

ووفق الناطق الرسمي بلسان الكرملين، دميتري بيسكوف، فإنّ المحادثات بين الرئيس الروسي ونظيره السوري التي استمرت قرابة ثلاث ساعات، تناولت جملة من القضايا منها "التعاون في سياق إعادة إعمار سوريا بعد الحرب، واستمرار التسوية السورية، على هذا النحو، بما في ذلك جميع الجوانب، مع التشديد على الأولوية المطلقة لسيادة سوريا وسلامتها الإقليمية"، كما تطرقا أيضاً لموضوع "العلاقات السورية التركية".

شيار خليل: هدف الأسد الحفاظ على كرسي الحكم

وناقش الطرفان تطوير التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين، وبحث التغيرات والتطورات التي يشهدها العالم، وفق بيان الرئاسية السورية، بالإضافة إلى "أهمية الاستمرار في بناء تحالفات وشراكات بين الدول التي تجمعها مبادئ ومصالح مشتركة، بحيث تشكل قوة فاعلة تتحرك لصالح شعوبها وتعمل لتحقيق الاستقرار الأمني والاقتصادي في مواجهة السياسات الغربية القائمة على نشر الفوضى والتخريب، وإشعال الحروب بهدف الاستمرار في الهيمنة وخدمة لمصالحها الضيقة".

القوات الروسية في سوريا.. ما الجديد؟

وفي مقابلته مع وكالة "سبوتنيك" الروسية، قال الأسد إنّ روسيا والصين "تتحملان مسؤولية كبيرة في وقف السياسة العدوانية الأميركية المستمرة منذ نحو 3 عقود". وتابع "لا تزال الولايات المتحدة قوة عظمى، ولو أنّها تنحدر حالياً، ولكن لا نستطيع القول إنّ هناك دولة ستوقف هذه العدوانية الأمريكية التي استمرت على الأقل 3 عقود منذ تفكك الاتحاد السوفياتي، وربما أكثر من ذلك".

وفي أعقاب القمة الثنائية والمحادثات التي جمعت الأسد ببوتين، ذكر الأول أنّ "هناك طرقاً مختلفة، إذا كنا نتحدث عن العمل السياسي. لا بد من أن يكون هناك تحالف بين دول عدة. روسيا والصين تتحملان مسؤولية كبرى في هذا الموضوع، وهناك دول البريكس، ودول أخرى بدأت تبتعد عن الولايات المتحدة وتفقد الثقة بها".

يحاول بشار الأسد أن يدخل في الدائرة التي تتشكل لمواجهة الوجود الأمريكي في شمال شرق سوريا. لكن هذه المحاولة، وبحسب التحليلات الجيوسياسية الخاصة بالمنطقة، لن تنجح

كما شدد على أنّ "دمشق وموسكو في صدد توقيع اتفاقية تعاون اقتصادي في الأسابيع المقبلة تشمل 40 مشروعاً استثمارياً في مجالات مختلفة"، موضحاً أنّ "الاتفاقية التي سيتم توقيعها تتضمن 40 مشروعاً استثمارياً محدداً في مجالات الطاقة والكهرباء والنفط، وفي مجال النقل والإسكان، إضافة إلى المجالات الصناعية ومجالات أخرى كثيرة. حالياً، تمت دراسة المشاريع، وسيتم توقيع الاتفاقية لاحقاً خلال أسابيع، ولكن هذه النقطة تركت لكل مشروع، ولكل شركة على حدة، فكل مشروع سيقيّم بشكل منفصل لاحقاً".

كما عرج الرئيس السوري على مسألة القواعد العسكرية الروسية في دمشق، لافتاً إلى احتمالية مضاعفة عدد هذه القواعد، الأمر الذي وصفه بأنّه قد يكون "ضرورياً في المستقبل"، حيث إنّ التواجد الروسي بسوريا "مرتبط بتوازن القوى في العالم".

وقال إنّ "النظرة إلى القواعد العسكرية لا يجب أن ترتبط بموضوع مكافحة الإرهاب، التي هي أمر قائم حالياً، ولكنّه سيكون مؤقتاً، ولا يمكن للوجود العسكري الروسي في أيّ دولة أن يُبنى على شيء مؤقت. إذا كان هذا التوسع في دول أخرى يخدم الفكرة نفسها، فإنّنا نقول إنّ هذا شيء قد يكون ضرورياً في المستقبل".

هل يلتقي الأسد بأردوغان؟

وفي ما يخص ترتيبات لقاء الأسد بنظيره التركي رجب طيب أردوغان، أكد الرئيس السوري رفضه أيّ لقاء إلا بعد انسحاب القوات الموالية لتركيا من شمال سوريا، مؤكداً أنّ "(أي اجتماع) يرتبط بالوصول إلى مرحلة تكون تركيا فيها جاهزة بشكل واضح ومن دون أيّ التباس للخروج الكامل من الأراضي السورية". وطالب الأسد بضرورة "وقف دعم الإرهاب". وتابع: "هذه هي الحالة الوحيدة التي يمكن عندها أن يكون هناك لقاء بيني وبين إردوغان". وقال متسائلاً: "عدا عن ذلك، ما هي قيمة اللقاء إن لم يكن سيحقق نتائج نهائية بالنسبة إلى الحرب في سوريا؟".

المحلل السوري شيار خليل لـ"حفريات": الأسد ليس بمقدوره الخروج عن طاعة القوى التي توفر له الغطاء الجوي والحماية الميدانية، بما تسبب في تطويق البلاد بالاحتلالات الأجنبية

إذاً، يحاول الأسد، ومنذ بداية الثورة السورية، اللجوء لفكرة "الاحتلال وجلب المزيد من المرتزقة (فاغنر والتي لا تختلف عن الدور المشبوه للميليشيات الإيرانية والتركية)، والدول الراعية للإرهاب"، بحسب الكاتب السوري شيار خليل، الذي يوضح لـ"حفريات أنّ هذا التكتيك "الأسدي" يجري تعميمه في سوريا، يهدف تأمين الحكم، واستمرارية وجود النظام البعثي الذي تحول لأوليغاركية متوحشة، طائفية وعسكرتارية.

السنوات الماضية كانت كافية بأن يظهر الأسد كمجرم حرب، قتل شعبه، ودمر البنية التحتية في سوريا

وفي ما يتعلق بزيارة الأسد إلى موسكو، والتصريح برغبته استضافة المزيد من القواعد الروسية في سوريا، يقول خليل: "هي محاولة في نفس الاتجاه المستمر لقرابة عقد أو أكثر قليلاً، بما يعكس رغبة بشار الأسد في البقاء على رأس السلطة حتى لو ظل يحكم أجزاء بسيطة من سوريا بينما باقي المناطق محتلة، والمناطق التي تخضع لسيطرته تتولى إدارتها وتحقيق السيادة عليها إيران وروسيا. غير أنّ تصريح الأسد في حقيقة الأمر يمكن النظر له، من زاوية التطورات التي تجري في المنطقة من تحالفات سياسية جديدة، حيث يحاول الأسد أن يدخل في اللعبة أو الدائرة التي تتشكل لمواجهة الوجود الأمريكي في شمال شرق سوريا. لكن هذه المحاولة، وبحسب التحليلات الجيوسياسية الخاصة بالمنطقة، لن تنجح، فالأسد ليس بمقدوره الخروج عن طاعة القوى التي توفر له الغطاء الجوي والحماية الميدانية، بما تسبب في تطويق البلاد بالاحتلالات الأجنبية".

ويردف: "السنوات الماضية كانت كافية بأن يظهر الأسد كمجرم حرب، قتل شعبه، ودمر البنية التحتية في سوريا، في سبيل الحفاظ على السلطة، فقط، وحتى الروس المتحالفين معه على يقين كامل أنّ الأسد سيرحل يوماً ما. وعلى ما يبدو أنّ بوتين ذاته يتحرك في أوضاع مماثلة بعد إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحقه على خلفية جرائم القتل والتدمير في أوكرانيا".

وفي ضوء ذلك، فإنّ الأسد، كما يرجح خليل "سيحاول في المستقبل، كما في السنوات الماضية، جلب المزيد من الاحتلالات في سوريا، والهدف الأول والمباشر من كل ذلك؛ هو الحفاظ على كرسي الحكم، والسعي لخلق هيمنة وديكتاتورية متوحشة بحق شعبه من السوريين، بالتزامن مع تحقيقه لمصالح تلك البلدان التي ترعى الإرهاب في سوريا والمنطقة".

مواضيع ذات صلة:

أردوغان يخفق في التقارب مع الأسد ويتوغل في شمال سوريا

باحثان يكشفان لـ"حفريات" سر استدارة أردوغان باتجاه الأسد

المصالحة بين المعارضة و"الأسد": تركيا في مواجهة "الإخوة الأعداء"



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية