شملت "الجينز" وأشياء أخرى... حركة حماس تفرض ضرائب جديدة على الغزيين

شملت "الجينز" وأشياء أخرى... حركة حماس تفرض ضرائب جديدة على الغزيين


26/07/2022

في خطوة أثارت غضب المواطنين والتجار في قطاع غزة، الذي يعيش أوضاعاً اقتصادية صعبة ويسجل ارتفاعاً كبيراً في معدلات الفقر والبطالة، فرضت حركة "حماس" التي تسيطر على القطاع ضرائب جديدة على بعض السلع.

ونشرت بعض شركات النقل والتجارة على مواقعها الإلكترونية تنويهاً لعملائها بشأن الرسوم الضريبية التي سيتم فرضها على بعض البضائع الواردة إلى غزة، منوهة إلى أنّ تلك الرسوم جاءت استجابة لما سمّته قرارات صدرت عن "اقتصاد حماس"، في إشارة منها إلى وزارة الاقتصاد بغزة، بهدف حماية المنتج المحلي بحسب الأخيرة.

وشملت الضرائب الجديدة، فرض (10) شواقل (3 دولارات) على كل قطعة من بناطيل الجينز، ومثلها على جلباب العباءة، إضافة إلى فرض ضريبة بواقع (1000) شيقل (290 دولاراً) لكل طن من النايلون، و(200) شيقل، (58 دولاراً) لكل طن من العصير.

وشملت تلك الإجراءات فرض رسوم استيراد على كافة السلع والبضائع الواردة إلى القطاع التي لها بديل محلي، حيث يشترط حصولها على إذن استيراد مسبق، وذلك اعتباراً من شهر آب (أغسطس) المقبل، وفق ما أوردته صحيفة "الأيام" الفلسطينية.

واكتفى رئيس مكتب الإعلام الحكومي في غزة سلامة معروف بالإشارة إلى أنّ إعلان "مالية غزة" هو "تنويه يتم تجديده على المعابر بين فترة وأخرى"، بينما امتنع ممثلو القطاعات الصناعية المتضررة من هذا الإجراء الضريبي عن الرد على الاتصالات.

فرضت حركة "حماس" التي تسيطر على القطاع ضرائب جديدة على بعض السلع

وكانت "مالية غزة" قد فرضت في شهر أيار (مايو) الماضي ضريبة على منتجات الضفة الواردة إلى القطاع، وأكدت أنّها ستواصل بحسب مسؤول التقته "الأيام" في حينه توسيع هذه الضرائب وصولاً إلى (24) سلعة، منها منتجات الصناعات المعدنية والأخشاب.

عبء جديد على أهالي القطاع

وفي تصريحات لوكالة  الأنباء الفلسطينية "وفا"، يقول التاجر رأفت انعيم، وهو رئيس لجنة اقتصادية في الغرفة التجارية: "هذه الرسوم غير قانونية، وحماس ليس لها دور في فرض أي رسوم على المستوردين، أو أن تفرض مزيداً من الأعباء في ظل هذه الأوضاع الصعبة".

ويضيف: "يتحججون بدعم المنتج المحلي، وهل هذه المبالغ المحصلة ستعطى لأصحاب المصانع المحلية؟ طبعاً لا، إذاً القصة جباية وليست حماية".

الباحث الاقتصادي مازن العجلة: حماس لا تعير اهتماماً للمواطنين ولا لمستويات المعيشة في غزة؛ لأنّ هناك ارتفاعاً في الأسعار عالمياً ولا يحتمل المواطن أي زيادة في الضرائب

 

ويؤكد انعيم: "لا دراسة توضع حيال هذه الرسوم التي تفرض دون وجه حق في ظل ظروف اقتصادية مأساوية، بالإضافة إلى أنّ ما يحدث هو محاربة للسلطة الوطنية الفلسطينية مالياً، التي تعتمد إيراداتها على ما تحصله من جمارك على البضائع المستوردة".

وحول موقف التجار يقول: "هناك احتجاجات خجولة، والمؤسسات القائمة التي تمثل القطاع الخاص تشارك في هذه الجريمة مع حماس، وهو فرض أمر واقع لا غير، يدفع المواطن المسحوق للأسف ثمن ما يحدث في ظل ارتفاع الأسعار مؤخراً".  

ويعلق الباحث الاقتصادي في مركز التخطيط الفلسطيني مازن العجلة بقوله: "في سياق السياسة المعهودة لحكومة الأمر الواقع كونها حكومة جباية تأتي هذه الضرائب المتزايدة (زيادة في ضريبة الاستيراد) حسب طبيعة السلعة، مثلاً المياه المعدنية كان يدفع التاجر (50) شيقل (14.5 دولار) على كل طن، بينما الآن يدفع (300) شيقل (87 دولاراً) وغيره".

ويضيف: "هذا الأمر يدل على أنّ حماس لا تعير اهتماماً للمواطنين، ولا لمستويات المعيشة في غزة، لأنّ هناك ارتفاعاً في الأسعار عالمياً، ولا يحتمل المواطن أي زيادة في الضرائب".

شملت الضرائب الجديدة، فرض (10) شواقل (3 دولارات) على كل قطعة من بناطيل الجينز

ويرفض العجلة مبرر أنّ هذه الضرائب هي لحماية المنتج المحلي بقوله: "هي حجج واهية، كون المنتج المحلي لا يكفي للسوق، فالهدف جبائي في ظل وضع اقتصادي خطير يمس حياة الناس، والأمر يشير إلى انعدام المسؤولية انعداماً كاملاً، ويجب أن تعود حماس عن هذه الضرائب".

ودعا العجلة إلى وقفة احتجاجية لرفض هذه الضرائب ومقاطعة هذه السلع.

 

شملت الإجراءات فرض رسوم استيراد على كافة السلع والبضائع الواردة للقطاع التي لها بديل محلي، حيث يشترط حصولها على إذن استيراد مسبق، وذلك اعتباراً من شهر آب المقبل

 

من ناحيته، قال عضو الأمانة العامة للاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين سلامة أبو زعيتر: إنّ "المواطن يعاني من غلاء الأسعار وتآكل في الأجور، وأيّ ضرائب جديدة سيدفع ثمنها المواطن، وهو عبء جديد خاصة في وقت التحضيرات لعام دراسي جديد"، داعياً المواطنين لمقاطعة هذه المنتجات، حتى تعود الأسعار إلى وضعها الطبيعي.

استياء شعبي

هذه القرارات لم تثر استياء التجار والنقابيين فحسب، بل أيضاً المواطنين الذي يعانون من ظروف اقتصادية صعبة، وتقول المواطنة هبة مستهزئةً في حديثها لـ "إندبندنت عربية": "إذا أردنا أن نلبس عباية سنجد سعرها مرتفعاً، لذلك لا أعتقد أنّ الحكومة تريد لنا الهداية، لذلك سأرتدي البنطال، لكنّي علمت أنّهم فرضوا عليه ضريبة يجب أن أدفعها أنا، ربما أيضاً الحكومة لا تريد لنا ذلك، نحن احترنا معهم إلى أي طريق يقودوننا، الأفضل في اعتقادي الهجرة".

وكانت هذه السخرية الوسيلة الوحيدة التي عبّر بها سكان غزة عن سخطهم من القرار، في ظل المعاناة التي يعيشونها، حيث تشير بيانات منظمة الأمم المتحدة حول واقع قطاع غزة إلى ارتفاع الفقر إلى نحو 60%، والبطالة إلى 75%، وانعدام الأمن الغذائي إلى 68%، لكنّ جميع هذه المؤشرات لم توقف الجهات الحكومية عن فرض ضرائب جديدة.

تقول وزارة الاقتصاد في غزة إنّ الزيادة تأتي للحفاظ على المنتج المحلي، وهي خطوة ضمن سلسلة إجراءات تم اتخاذها مسبقاً في هذا الإطار

 

الزخم الذي نتج عن الموضوع دفع الفصائل الفلسطينية إلى الاستنكار؛ إذ ذكر مصدر قيادي في "الجبهة الشعبية" أنّ "زيادة نسبة الضرائب لا يمكن أن تعتبر من ضمن التدابير اللازمة لحماية المنتج المحلي غير القادر على سد حاجة السوق المحلية". ورأى أنّ ذلك يزيد من حدة الاهتزازات السعرية، ويفاقم حدة الأزمات والتدهور الاجتماعي.

دعم المنتج الوطني

من جانبها، تقول وزارة الاقتصاد في غزة: إنّ الزيادة تأتي للحفاظ على المنتج المحلي، وهي خطوة ضمن سلسلة إجراءات تم اتخاذها مسبقاً في هذا الإطار.

وأضاف مدير عام الإدارة العامة للصناعة في الوزارة رائد الجزار لوكالة "الأناضول": "سبق أن تم إصدار قرارات بإعفاء المواد الخام المستوردة لمصانع الخياطة والنسيج، والإعفاء من رسوم فحص المنتج، ودعم خط الكهرباء الواصل لهذه المصانع، دعماً للمنتج الوطني".

وأوضح أنّ مصانع الخياطة والنسيج، التي تعمل في قطاع غزة، كانت خلال الأعوام السابقة تصدّر منتجاتها إلى الأسواق الأوروبية والأمريكية.

وبيّن أنّ الانقسام السياسي الفلسطيني، والحصار الممتد لأكثر من (15) عاماً، أدى إلى انخفاض عدد مصانع الخياطة والنسيج بغزة من (900) مصنع إلى بضع عشرات من المصانع.

وذكر أنّ عدد العمّال في تلك المصانع، انخفض خلال الأعوام الـ15 الماضية، من أكثر من (30) ألف عامل إلى بضع مئات من العمّال.

ويقول الجزّار: إنّ نظام الزيادة الجمركية هو نظام يتم اعتماده في معظم الدول لدعم منتجاتها المحلية، إلى جانب سياسة "الكوتة" التي تعتمد على تقليل نسبة الواردات من الخارج.

ويرى أنّ هذا القرار من شأنه أن يُشجّع أصحاب المصانع التي أغلقت أبوابها خلال أعوام الحصار على فتحها مُجدداً، ليستفيدوا من التسهيلات التي تقدّمها الوزارة. 

وقد يساهم هذا القرار، بحسب الجزار، في زيادة أعداد الأيدي العاملة في هذه المصانع، ويحرّك العجلة الاقتصادية، لافتاً إلى أنّ وزارته اتفقت مع أصحاب المصانع بعدم فتح أسواق خارجية موصيةً إياهم بتوجيه إنتاجهم للسوق المحلية.

 ضرائب على بضائع الضفة الغربية

ومنذ أشهر بدأت الجهات الحكومية في قطاع غزة فرض ضرائب إضافية على جميع الأصناف والسلع الواردة إلى القطاع عبر المعابر التجارية، وأخيراً قررت زيادة رسوم استيراد البناطيل والجلابيات النسائية، الأمر الذي أثار غضب السكان، واعتبروه "خطوة لإفلاسهم"، وطريقة جديدة "لإنعاش إيرادات الحكومة" بغضّ النظر عن ظروف الناس.

 وكانت وزارة المالية بغزة قد قررت في أيار (مايو) الماضي فرض ضرائب جديدة على منتجات الضفة الغربية التي تدخل قطاع غزة عبر معبر كرم أبو سالم.

 

كانت وزارة المالية بغزة قد قررت في أيار الماضي فرض ضرائب جديدة على منتجات الضفة الغربية التي تدخل قطاع غزة عبر معبر كرم أبو سالم

 

 ووفق ما أوردته شبكة راية الإعلامية، فإنّ وزارة المالية في غزة قررت فرض ضرائب جديدة على عدد من منتجات الضفة الغربية التي تدخل إلى قطاع غزة عبر معبر كرم أبو سالم، وطالبت الطواقم التابعة لها في المعبر، التجار والمستوردين، بدفع ضريبة بقيمة 16.5%، وقامت بحجز كميات من عدة بضائع مختلفة.

 وأوضحت المصادر لـ "راية" أنّ المستوردين والتجار رفضوا دفع ضريبة جديدة على بضائعهم الفلسطينية التي يتم إدخالها من الضفة الغربية إلى قطاع غزة، وهذه الضريبة تشكل 16.5% من قيمة الفاتورة، معتبرين أنّه قرار غير قانوني، ولن ينصاعوا للقرار، ولن يوافقوا على إدخال البضائع بضريبة جديدة.

 أحد التجار الكبار الذين يُدخلون بضائع من الضفة، وخاصة من مدينة الخليل؛ قال إنّ السلطات في غزة قامت بحجز كميات من بضائع له، وطالبوه بدفع ضريبة على المنتج المحلي من الضفة الغربية بقيمة 16.5% من قيمة الفاتورة و"بشكل فوري"، مؤكداً أنّ البضائع محتجزة منذ "أسبوع".

 وأضاف التاجر الذي طلب عدم ذكر اسمه: "لن أدفع ضريبة جديدة حتى لو تمّت مصادرة البضائع الخاصة بي بشكل نهائي"، لافتاً إلى أنّ دفع ضريبة جديدة سيؤدي إلى رفع سعر البضاعة للمستهلك؛ حيث يعتبر هو المتضرر الأكبر من هذا القرار، في ظل هذا الوضع المتردي، كما سيؤدي إلى خسائر مادية للتجار.

 ارتفاع أسعار السيارات

وفي سياق غلاء الأسعار في القطاع، أعرب ناشطون في غزة عن استيائهم إزاء ارتفاع أسعار السيارات، داعين إلى مقاطعة شرائها، بعد أن شهدت ارتفاعاً كبيراً على وقع الغلاء العالمي؛ ممّا دفع المواطنين إلى الاستياء من ذلك، خصوصاً في ظل ما تعيشه غزة من أوضاع اقتصادية متردية.

 ووصلت الزيادة على أسعار السيارات إلى أكثر من (5) آلاف دولار على السيارة الواحدة، وهو ما دفع القائمين على الحملة باتهام المستوردين بـ "الجشع والاستغلال"، ويرفض مستوردو المركبات تلك الاتهامات، ويقولون إنّ الارتفاع يأتي بسبب تداعيات جائحة كورونا وبطء سلاسل التوريد، وارتفاع أسعار الشحن عالمياً، لافتين إلى أنّ الغلاء في فلسطين أعلى من الدول الأخرى؛ بسبب ارتفاع أسعار الجمارك والضرائب الثلاثية المفروضة عليها من الجهات الحكومية في رام الله وغزة، والاحتلال.

 ذكر أنّ أهالي القطاع يعيشون أوضاعاً معيشية صعبة، وأنّ اقتصاد غزة يشهد حالة انهيار جرّاء تعرّض آلاف المنشآت الاقتصادية والخدمية والإنتاجية للتعطّل والتدمير والضرر بفعل الهجمات الإسرائيلية، وكذلك حالة الحصار التي يعيشها القطاع منذ استيلاء حركة حماس على السلطة عام 2007، بعد اشتباكات دامية مع أجهزة أمن السلطة الفلسطينية وحركت فتح أدت إلى سيطرة الحركة الإسلامية على القطاع.

 بحسب تقرير أصدره الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني (حكومي)، في أيار (مايو) الماضي، فإنّ نسبة البطالة في قطاع غزة بلغت 47%.

مواضيع ذات صلة:

حماس تعلن عودة علاقاتها مع سوريا.. ما دور إيران؟ وما علاقة تركيا؟

حماس تخطط للانتقال إلى ماليزيا.. هل تخلت عنها تركيا وقطر؟

لماذا تواصل "حماس" منع قطاع غزة من المشاركة في الانتخابات؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية