شهادتان من إيران لـ"حفريات": الاحتجاجات مستمرة لتحطيم هيبة النظام

شهادتان من إيران لـ"حفريات": الاحتجاجات مستمرة لتحطيم هيبة النظام

شهادتان من إيران لـ"حفريات": الاحتجاجات مستمرة لتحطيم هيبة النظام


03/01/2023

تتزايد وتيرة التظاهرات بإيران رغم مرور أكثر من مائة يوم على اندلاعها، إثر مقتل الفتاة الكردية الإيرانية مهسا أميني. وفي ما يبدو أنّ الأوضاع تتفاقم للدرجة التي تجعل عدة مدن مرشحة للانضمام للاحتجاجات.

ومع القمع العنيف الذي تمارسه السلطة في إيران، فإنّ التعبئة لا تتوقف؛ إذ إنّ اعتقال أحد علماء السنة في مدينة تايباد، شرق طهران، يؤشر إلى انتفاضة محتملة بين سكان تلك المنطقة الحدودية التي تقع تحت وطأة الحرمان والتهميش وغياب الخدمات، مثلها مثل باقي مناطق الشعوب غير الفارسية أو من تصنفهم الحكومة بـ"الأقليات" الدينية والقومية.

الثورة مستمرة

ومع هذا المشهد الصعب في إيران، والذي اعتمد فيه ملالي طهران إستراتيجية القمع والإدارة الأمنية للأحداث، فالنتيجة هي مقتل ما لا يقل عن 508 من المتظاهرين، واعتقال أكثر من 18600 آخرين، بحسب تقارير منظمة حقوق الإنسان في إيران.

ووثقت "حفريات" شهادات ثلاث فتيات انخرطن في الاحتجاجات بإيران، بينما لا تتجاوز أعمارهن عشرين ربيعاً. وتؤكد كل منهن على ضرورة "كسر الخوف" من النظام الذي تمكن من خلق سرديات دموية لبعث الخوف وترهيب خصومه السياسيين. فالنخبة الحاكمة طوال الوقت اعتمدت فتاوى "آيات الله" لتنفيذ أحكام الإعدام ضد معارضي نظام "الولي الفقيه". كما كشفت الشهادات، التي جرى تسجيلها في مقاطع فيديو، على نحو منفصل، آليات الحركة الاحتجاجية، ومناوراتها التكتيكية، لمواجهة الأجهزة الأمنية، وعناصرها، الخفية والمعلنة.

21 طالباً أُدينوا بالسجن حتى 5 سنوات بجريمة الاحتجاج السلمي

تقول فريبا (اسم مستعار)، تقيم في طهران، وهي ضمن وحدات المقاومة الإيرانية، إنّها تنفذ مجموعة من الأنشطة التنظيمية المرتبطة بشبكة متينة تعمل في سائر أنحاء البلاد تقريباً، ولا تقتصر على منطقة أو مدينة معينة؛ بل إنّ فعالياتهم وتحركاتهم تعتمد على إستراتيجية تبدأ بالشعارات الدعائية المعارضة التي تستخدم في الهتافات أثناء المسيرات الاحتجاجية، وكذا وضع الملصقات المناهضة للنظام على جدران المؤسسات الرسمية والحكومية، ناهيك عن تنفيذ تحركات تكتيكية مباغتة مثل "ضرب مراكز القمع التي تعتبر قواعد للنظام لقتل الناس، كقواعد ومراكز الباسيج وحرس الملالي والقوات الأمنیة".

الغرض من هذه الأنشطة هو "كسر حاجز الخوف، وإنهاء موجة الاختناق والكبت التي يريد النظام خلقها في المجتمع"، تقول فريبا لـ"حفريات".

مع هذا المشهد الصعب في إيران، والذي اعتمد فيه ملالي طهران استراتيجية القمع والإدارة الأمنية للأحداث، فالنتيجة هي مقتل ما لا يقل عن 508 من المتظاهرين

يريد نظام الملالي نشر اليأس بين الناس، ونقل رسالة للعالم، وتحديداً المجتمع الدولي والولايات المتحدة الأمريكية، مفادها أنّه لا يمكن فعل شيء، أي شيء، وأنّ التغيير في طهران وإنهاء وجود الجمهورية الإسلامية يعد أمراً مستحيلاً، حسبما توضح عضو وحدات المقاومة الإيرانية، ومن ثم، فإنّ المقاربة التي تقوم عليها أنشطة وحدات المقاومة، تهدف إلى بعث "الأمل في صدور الناس، حتى يتمكنوا من الوقوف في وجه هذه الحكومة الغاشمة".

وتردف: "إنّنا نطالب من المجتمع الدولي ألا يسترضي هذا النظام، وألا يقدم التنازلات له، وقد صرحت الرئيسة المنتخبة لمجاهدي خلق، مريم رجوي، مرات عديدة أنّنا لا نطلب أيّ مساعدة من دول العالم. فقط توقفوا عن سياسة استرضاء ومهادنة هذا النظام. وفي المقابل فإنّ الشعب الإيراني والمقاومة الإيرانية سوف يُسقطون هذا النظام لا محالة".

حرق صور رموز "الجمهورية الإسلامية"

وتشير الفتاة المقيمة في طهران إلى أنّ "قبول الناس لأنشطة وحدات المقاومة، وخاصة الشباب منهم، يعد كبيراً، بل تملك الوحدات المعارضة قواعد حقيقية؛ لأنّ نشاطهم يكسر حالة الاختناق والكبت والخوف التي ينشر عدواها النظام بين الناس".

وفي رسالة مفتوحة إلى رؤساء الجامعات، كشفت الرابطة الدولية للجامعيين الإيرانيين، عن اختطاف القوات الأمنية والاستخباراية لأكثر من 650 طالباً، خلال الـ 100 يوم الفائتة من الاحتجاجات العامة.

وشددت الرابطة على ضرورة تحديد المسؤولين عن قتل الطلاب، ومتابعة أوضاع الطلاب المسجونين.

يريد نظام الملالي نشر اليأس بين الناس

وقالت الرابطة في رسالتها إنّ "21 طالباً أُدينوا بالسجن حتى 5 سنوات بجريمة الاحتجاج السلمي، فيما صدرت أحكام بالسجن على عدد منهم حتى خمس سنوات، كما حكم على بعضهم بالجلد"، موضحة أنّه "إذا كان رؤساء الجامعات غير قادرين على دعم طلاب الجامعات، التي يديرونها، فمن المأمول أن يستقيلوا من مناصبهم، في أقرب وقت ممكن. إنّ الإصرار على استمرار العملية الحالية في إدارة الجامعة يعني المسؤولية، التي لا يمكن إنكارها لكل من هؤلاء، بخصوص مصير الطلاب المسجونين والمقتولين. إنّ المسؤولين الذين لا يؤدون واجباتهم بشكل صحيح اليوم، سيخضعون قريباً للمساءلة أمام القانون العادل وذاكرة المجتمع".

فتاة كردية، وهي ناشطة إيرانية مستقلة، أبلغت "حفريات" بوجود صورة للخميني في ساحة قريبة من مدينة كرمانشاه التي تشهد احتجاجات، وجرى التوجه لنزعها وإحراقها

وقبل أيام قليلة، عندما تم حرق صورة قاسم سليماني على يد وحدات المقاومة، انضم مواطنون عاديون للتظاهرة ورددوا هتافات ضد الجنرال الإيراني القيادي بالحرس الثوري الذي يصفونه بـ"الإرهابي"، والذي اغتيل في العراق مع رئيس هيئة الحشد الشعبي وآخرين مطلع عام 2020 أثناء إدارة الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، وفي ذروة الصراع الخشن مع طهران، حسبما تقول نرجس (اسم مستعار)، التي تقيم في كرمانشاه، غرب إيران.

ووفق الفتاة الكردية في حديثها لـ"حفريات"، وهي ناشطة إيرانية مستقلة، فإنّ أحد الحاضرين لفت إلى وجود صورة للخميني في ساحة قريبة بالمدينة، بهدف نزعها وإحراقها. ومن الواضح أنّ هناك رغبة محمومة للانتقام من رموز هذا النظام، الأمر الذي يظهر من خلال القبول بمشاهد حرق صور أفراد بالحرس الثوري، أو المرشد الإيراني، علي خامنئي، وزعيم الثورة الإمام الخميني.

المرشد هو المتهم الرئيس

وتقول (نرجس) إنّه في المدينة التي تقطن فيها عندما "تتعطل سيارة أجرة، أو تحدث أزمات معينة في طابور ما باحد المخابز، أو في متجر، وغيرها من الأماكن التي تقدم خدمات عامة للمواطنين، يعبر الناس علانية أنّ السبب الرئيسي لتدمير إيران، وارتفاع الأسعار والتضخم وكل شيء، هو المرشد الإيراني علي خامنئي، ولا أحد غيره. ويردوون بشكل مباشر عبارات معارضة له ولنظامه".

ونقل موقع "رويداد 24" عن الخبير في الشؤون الاقتصادية، آلبرت بغزيان، قوله إنّ "النظام الإيراني لا يشعر بأزمة؛ حتى لو وصل سعر الدولار إلى 60 ألف تومان. لدى المجموعة التي تتخذ القرارات وتتولى زمام الأمور أولويات أهم من موائد الناس".

تضاعف سعر الدولار لحاجز 40 ألف تومان

وفي ما يتصل بتضاعف سعر الدولار لحاجز 40 ألف تومان، يوضح بغزيان "نواجه ظاهرة لا يمكن أن يكون لها سبب اقتصادي فقط؛ فبينما تتقلص موائد الناس يومياً، يصر البعض على الاستمرار في طرقهم الخاطئة، متجاهلين مشاكل المجتمع. ويبدو أنّ أمر عدم تمكن الناس من أن يكونوا مرتاحي البال إزاء موائدهم في الحد الأدنى، لا يعنيهم".

وتابع بغزيان: "أتعجب من هذا القدر من لا مبالاة البنك المركزي، تجاهَ زيادة سعر العملة الأجنبية. الوضع فوضوي لدرجة أنني لا أستطيع تقديم أيّ سبب أو مبرر لعمل الحكومة، التي تصر على التخلي عن كبح جماح سعر العملة الأجنبية. يأتي هذا المأزق المقلق في الوقت، الذي أظهرت فيه جلسة استجواب خاندوزي (وزير الاقتصاد) في البرلمان، أنّه لا يوجد أيّ شخص على استعداد لتحمل مسؤولية هذه الفوضى".

ولمّح الخبير الاقتصادي إلى أنّ "تجاهل البنك المركزي زيادة سعر العملة، يعكس حقيقة مفادها وجود ضغوط يتعرض لها (البنك المركزي) من قبل النظام. في الواقع، عندما يريدون حل جميع المشاكل عبر عرض سندات العملة والودائع المالية، فكيف نتوقع حل عقدة معيشة الشعب؟".

وعليه، فإنّ "المشكلة خطيرة للغاية، ونحن نواجه وضعاً لا يمكن السيطرة عليه، وليس لهذه القضية مبرر من الناحية الاقتصادية. أقل ما يمكننا فعله، هو بذل الجهود للتخلص من شر العقوبات، بمحاولة التوصل إلى اتفاق؛ من أجل تجاوز هذه الفترة. لكن هذا مستبعد أيضاً؛ لأنًه من الواضح تماماً أنَّ مسؤولي النظام لا يعتبرون رفع العقوبات أمراً مهماً وضرورياً".

نهاية الأسبوع، تمّ تعيين محافظ جديد للبنك المركزي، وذلك بعدما تراجعت العملة المحلية إلى أدنى مستوياتها في مقابل الدولار.

وذكرت وكالة الأنباء الحكومية (إرنا)، أنّ محمد رضا فرزين (57 عاماً)، وهو مصرفي بارز ونائب وزير المالية السابق، جرى اختياره ليحل محل علي صالح آبادي الذي استقال بعد قضاء 15 شهرا في المنصب.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية