"شهر عسل" بين تركيا وإسرائيل

"شهر عسل" بين تركيا وإسرائيل


26/02/2022

محمد نور الدين

تبدو السياسة الخارجية التركية أمام مرحلة جديدة من استعادة نظرية «صفر مشكلات» التي وضعها أحمد داود أوغلو الرئيس السابق لحزب العدالة والتنمية. وفي حين أصبح داود أوغلو في صفوف المعارضين لحكم الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان، فإن هذا الأخير يتلمس أقصر الطرق وأضمنها للتواصل من جديد مع بعض الخصوم السابقين خلال السنوات القليلة الماضية.

 وإذا كانت العلاقات قد فتحت من جديد مع الإمارات العربية المتحدة أولاً وتبادل الزيارات بينهما على أعلى مستوى والتوقيع على اتفاقيات بلغت 13 اتفاقاً أثناء زيارة أردوغان للإمارات قبل أسبوعين، فإن المملكة العربية السعودية ستكون هي التالية من بين الدول العربية على ما تعكسه أوساط إعلامية تركية. فيما تنتظر المحادثات مع مصر نقلة نوعية بعدما مر أكثر من سنة على بدئها.

 لكن ما يلفت، أن الخطوات الأكثر زخماً تظهر في مسار العلاقات بين أنقرة وتل أبيب، خصوصاً مع الزيارة التي أعلن أن الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتزوغ سيقوم بها إلى تركيا في التاسع من مارس /آذار المقبل. وفي الطريق إلى تلك القمة المنتظرة بين رئيسي تركيا وإسرائيل فإن العديد من الخطوات قد ظهر في انعكاس للتطور الملحوظ في العلاقات الثنائية.

 فقد أعلنت تركيا قبل فترة إلقاء القبض على شبكة تجسس إيرانية كانت تخطط لاغتيال شخص اسمه يائير غالر يحمل الجنسيتين التركية والإسرائيلية في محاولة انتقام من اغتيال العالم النووي الإيراني محسن فخري زاده على ما تذكره وسائل إعلام تركية.

 كما ذكرت صحيفة «شالوم» التركية الناطقة باسم الجماعة اليهودية، أن الاستخبارات التركية والموساد الإسرائيلي قد أحبطا معاً 12 محاولة اغتيال تستهدف إسرائيليين في تركيا. وفي نهاية الأسبوع المنصرم كان وفد تركي رفيع المستوى ضم الناطق باسم الرئاسة إبراهيم قالين ومدير عام الخارجية سادات أونال، يزور تل أبيب ويلتقي أعضاؤه نظراءهم في إسرائيل. وقد انضم إلى أعضاء الوفدين على طاولة المحادثات لبعض الوقت الرئيس الإسرائيلي هرتزوغ في لفتة لاقت انشراح الأعضاء وعكست الود المتزايد بين البلدين.

 وأتت هذه الخطوات بعدما التقى أردوغان قبل شهرين ما سمي «تحالف حاخامات الدول الإسلامية» في أنقرة ونقل عبرهم رسالة إلى إسرائيل حول أهمية العلاقات الثنائية لضمان الأمن والاستقرار في المنطقة. ولم يفوّت الرئيس التركي مناسبة إلا وكان يعلن عن خطوات جديدة في مسار العلاقات بين البلدين.

 وفي الواقع إن العلاقات بين أنقرة وتل أبيب لم تنقطع في مستوياتها السياسية والأمنية يوماً. لكنها عرفت بعض الفتور الذي لم ينعكس على العلاقات الاقتصادية حيث شهد حجم التبادل التجاري على امتداد السنوات الماضية تزايداً مطرداً بحيث يكاد يقارب السبعة مليارات دولار. ويترقب البلدان زيارة هرتزوغ التي ستفتح الطريق حتماً أمام تبادل السفراء بعدما كاد يحصل ذلك قبل عام من الآن.

 ولا يمكن فصل التحسن في العلاقات بين تركيا وإسرائيل عن عدة عوامل كانت السبب في هذا التقارب: الأول أن تركيا عضو في حلف شمال الأطلسي ولا يمكن لبلد أطلسي مثل تركيا ألا يكون في علاقات جيدة مع إسرائيل وتجمعهما المظلة الأمريكية.

 كذلك، فإن القاعدة الثابتة التي تقول إن مفتاح قلب الإدارة الأمريكية هو في علاقات جيدة مع إسرائيل تعكس صحتها.

فالوضع الاقتصادي في تركيا تدهور كثيراً في السنتين الأخريين بسبب الضغوط الأمريكية على تركيا. وتأمل تركيا أن يشكل تحسين العلاقات مع إسرائيل باباً لتخفيف هذه الضغوط، خصوصاً أن أردوغان يعول كثيراً على تحسين الوضع الاقتصادي قبل حلول موعد الانتخابات الرئاسية في نهاية ربيع 2023 خصوصاً في ظل استطلاعات الرأي التي لا تعطيه في ظل الظروف الراهنة حظاً في الفوز بالرئاسة.

 وفي جميع الأحوال فإن الأنظار ستتجه بعد زيارة هرتزوغ إلى أنقرة، نحو انعكاسات التقارب التركي – الإسرائيلي على دول إقليمية أخرى، ولا سيما تلك التي تعاني تركيا معها مشكلات كثيرة مباشرة أو غير مباشرة مثل سوريا واليونان وقبرص الجنوبية وإيران وإلى حد ما العراق. كما سيترقب الجميع انعكاسات هذا التقارب على القضية الفلسطينية وعلاقة تركيا بحركة حماس.

عن "الخليج" الإماراتية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية