صومالي لاند: المعارضة تتهم الحزب الحاكم بالسعي لكسر شوكتها

صومالي لاند: المعارضة تتهم الحزب الحاكم بالسعي لكسر شوكتها


14/02/2022

بعد نجاحها في تنظيم الانتخابات التشريعية والبلدية، تواجه جمهورية أرض الصومال (صومالي لاند)، المستقلة من جانب واحد، تحدياً جديداً، يتمثّل في تنظيم الانتخابات الرئاسية، المقررة في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل.

وخلال كانون الأول (ديسمبر) العام الماضي، سعى الرئيس موسى بيحي عبدي إلى إحداث تغيرات جذرية في الحياة السياسية، وذلك بطرح مشروع قانون على البرلمان لتعديل مادة دستورية تحدّد عدد الأحزاب السياسية الرسمية في البلاد بثلاثة أحزاب، ما يعني فتح الباب أمام التعددية الحزبية، رفض حزبا المعارضة مشروع القانون، مُعللَين ذلك بأنّه خطوة من جانب الرئيس لتمديد ولايته الرئاسية، وتأخير عقد الانتخابات الرئاسية، لحين إجراء ترتيبات جديدة تضمن للحزب الحاكم صدارة الانتخابات، وعدم تكرار سيناريو خسارة الانتخابات التشريعية والبلدية الأخيرة.

الانتخابات الرئاسية

ومن المرتقب تنظيم الانتخابات الرئاسية قبيل إنتهاء ولاية الرئيس الحالي، في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، والتي سينافس فيها الرئيس الحالي، موسى بيحي عبدي، وتأمل المعارضة أن ينجح من ترشحهم في إنهاء سيطرة الحزب الحاكم على السلطة التنفيذية، منذ عام 2010، حين فاز الرئيس السابق، أحمد محمود سيلانيو، وخلفه الرئيس الحالي في انتخابات 2017، بعد تأجيل تنظيم الانتخابات لمدة عامين، بسبب الجفاف وأزمات داخلية.

رئيس صومالي لاند، موسى بيحي عبدي

ويترأس رئيس الدولة السلطة التنفيذية في صومالي لاند، ويُنتخب مباشرةً من الشعب في اقتراع سرّي مباشر، ويترشح ضمن قائمة تضمّ معه نائب رئيس الدولة، بخلاف الانتخابات في دولة الصومال الفيدرالية التي يختار فيها أعضاء البرلمان رئيس الدولة.

وكانت الانتخابات التشريعية والمحلية الأخيرة التي عقدت في أيار (مايو) الماضي، وتنافست فيها ثلاثة أحزاب سياسية، شهدت خسارة الحزب الحاكم، كلمية، للأغلبية البرلمانية، وفقدانه لرئاسة مجلس النواب، بعد فوز حزبَي المعارضة؛ ودني وأوعد، بالأغلبية، وإعلانهم التحالف في مواجهة الحزب الحاكم.

بحسب دستور صومالي لاند، لا يجوز أن يزيد عدد الأحزاب السياسية في البلاد عن ثلاثة أحزاب، وينظّم قانون الأحزاب السياسية عملية تحديد هذه الأحزاب

ومن صومالي لاند، قال الناشط والمحلل السياسي، عبد العزيز محمود يوسف: "تخشى أحزاب المعارضة من تأجيل الانتخابات الرئاسية، ولهذا سوابق في البلاد، ولهذا تتمسك بعقد الانتخابات في موعدها في نهاية العام الجاري، قبل التفكير في تجديد شرعية الأحزاب السياسية الحالية".

ثلاثة أحزاب سياسية

وبحسب دستور صومالي لاند، لا يجوز أن يزيد عدد الأحزاب السياسية في البلاد عن ثلاثة أحزاب، وينظّم قانون الأحزاب السياسية عملية تحديد هذه الأحزاب، وتعقد انتخابات تنافسية بين الجمعيات السياسية في البلاد لتشكيل الأحزاب السياسية الثلاثة، وذلك كلّ عشرة أعوام، ويتمّ حلّ الأحزاب التي لا تحتلّ المراكز الثلاثة الأولى، وتنضمّ إلى الأحزاب الفائزة، ما يجعل العلاقة بين الأعضاء والأحزاب لا تتسم بالولاء والقوة، بل بالبحث عن تنظيم رسمي للتنافس انتخابياً من خلاله.

اقرأ أيضاً: انتخابات صومالي لاند: الشباب ينتصرون. ماذا بعد؟

ويتسبّب ما سبق في إضعاف وحدة الأحزاب، بسبب تعدّد الأجنحة داخلها، وحدوث تنقلات وشراء ذمم لتأمين أغلبية برلمانية، مثلما فعل حزب كلمية الحاكم خلاله تنافسه مع المعارضة على رئاسة مجلس النواب، وذلك بتأمين أصوات تسعة نواب إلى جانب 30 مقعداً فاز بها في الانتخابات، ليصبح مجموع ما حصل عليه مرشحه لرئاسة المجلس 39 مقابل 43 لتحالف المعارضة.

عبد الفتاح موسى: يقرّ دستور جمهورية صومالي لاند بوجود ثلاثة أحزاب سياسية فقط

ويقول الصحفي من صومالي لاند، عبد الفتاح موسى: "يقرّ دستور جمهورية صومالي لاند بوجود ثلاثة أحزاب سياسية فقط، هي حزب كلمية الحاكم، وحزبا المعارضة؛ الحزب الوطني (ودني) وأوعد".

وحاول الرئيس عبدي تمرير مشروع قانون عبر مجلس النواب ينصّ على فتح الحياة السياسية أمام التعددية الحزبية، وهي الخطوة التي رفضها رئيس النواب، عبد الرزاق خليف.

وتسبّب مشروع القانون الذي أمضاه رئيس الدولة بخلافات كبيرة داخل مجلس النواب بين النواب المؤيدين للرئيس والمعارضين، ورفع عددٌ من النواب الخلاف إلى المحكمة العليا للبت في شرعية ونفاذ القانون، بعد أن أجريت الانتخابات النيابية والبلدية السابقة وفقاً له.

اقرأ أيضاً: ما دور تركيا وقطر في إفشال لقاء مقديشو وصومالي لاند؟

وأفاد عبد العزيز يوسف لـ "حفريات"؛ بأنّ "المدة الشرعية للأحزاب الثلاثة ستنتهي قبل عقد الانتخابات الرئاسية بحوالي 12 يوماً، وحزبا المعارضة يرفضان فتح الباب لتجديد الأحزاب قبل عقد الانتخابات الرئاسية، وبالطبع يرفضان فتح الباب أمام التعددية السياسية قبل الانتخابات".

ومن جانبه، قال الصحفي عبد الفتاح موسى لـ "حفريات": "تخشى أحزاب المعارضة من أنّ تمرير قانون فتح المجال أمام الأحزاب السياسية سيؤجل تنظيم الانتخابات الرئاسية في البلاد، ما يمدّد فترة الرئيس الحالي، موسى بيحي عبدي، لفترة غير محدودة، وهذا ما يهدّد السلم القومي في صومالي لاند، خصوصاً مع الفشل الاقتصادي الذي يلاحق حكومة الرئيس عبدي".

اقرأ أيضاً: هل تسعى السلطة الدينية لاختطاف الدولة في صومالي لاند؟

فضلاً عن ذلك، يتابع موسى: "ترفض أحزاب المعارضة أيضاً مساعي حزب كلمية لتمديد فترة الرئيس، لأنّ ذلك يمنحه زمناً كافياً لترتيب الحزب من الداخل، وضمان دخول انتخابات تمكنه من العودة إلى رئاسة أرض الصومال لولاية جديدة. وتتهم المعارضة الحزب الحاكم بالسعي إلى كسر شوكتها، لضمان بقائه في السلطة، مع استحواذ كلمية على رئاسة أرض الصومال منذ عام 2010، عندما أخفق حزب أوعد في الانتخابات البلدية".

مستقبل الأزمة

ويسعى الحزب الحاكم من وراء فتح الباب أمام التعددية السياسية دخول أحزاب جديدة إلى العمل السياسي، وإضعاف حزبَي المعارضة، وذلك بخروج الأعضاء والنواب المنتمين إليهما منهما، وانضمامهم إلى أحزاب جديدة، وهو الأمر الذي يتيح للرئيس عبدي تقديم مشروعات قوانين مضمونة التمرير على البرلمان، وتشكيل تحالفات سياسية تضمن له كتلة تصويتية في الانتخابات الرئاسية.

عبد العزيز يوسف: المدة الشرعية للأحزاب الثلاثة ستنتهي قبل الانتخابات

وفي حديثه لـ "حفريات"، حول مستقبل الأزمة، توقّع عضو حزب وداني، سالم مصطفى صديق؛ بأن "تكون طاولة المفاوضات هي الحلّ بين الحزب الحاكم والمعارضة"، وشدّد على أنّ "أرض الصومال تشتهر بالحوار والتوافق السياسي والتسوية في الخلافات، وذلك بدعم قادة المجتمع من العشائر؛ ولهذا لن تطول هذه الأزمة".

الناشط والمحلل السياسي عبد العزيز محمود يوسف، من صومالي لاند لـ"حفريات": تخشى أحزاب المعارضة من تأجيل الانتخابات الرئاسية، كما جرى سابقاً، ولهذا تتمسك بعقد الانتخابات في موعدها

وهناك جانب آخر من المرجح بقوة أن يساهم في تجاوز الأزمة، التي هدأت قليلاً بعد تراجع الرئيس عبدي أمام البرلمان، وهو حرص جميع سياسيي صومالي لاند على التجربة الديمقراطية في البلاد، والتي ينظرون إليها كعامل فاعل في كسب احترام المجتمع الدولي، خصوصاً الغربي، على أمل أن تُسهم الديمقراطية في القبول الدولي، ثم الاعتراف بهم كدولة مستقلة، وهي الخطوة الشاغلة لسائر السياسيين.

وتنتهج صوماليلاند سياسة خارجية أقرب إلى الدول الغربية خصوصاً واشنطن، في مواجهة نموّ النفوذ الصيني في شرق أفريقيا، خاصّة في إثيوبيا، التي زادتها الحرب الأهلية قرباً من الصين وإيران وروسيا، وزادت من العداء الشعبي لأوروبا والولايات المتحدة، على خلفية موقفهم المندد بالحرب على إقليم تيجراي.

اقرأ أيضاً: هل تصلح تركيا لرعاية المفاوضات بين الصومال وصومالي لاند؟

وفاز الرئيس عبدي في الانتخابات الرئاسية التي عُقدت عام 2017، بنسبة 55% من الأصوات، ولم تنجح حكومته التي يترأسها في تحقيق انفراجة تعالج الأزمة الاقتصادية وأزمة البطالة التي وصلت إلى 70% بين الشباب.

سالم صديق: أرض الصومال تشتهر بالحوار والتوافق السياسي والتسوية في الخلافات

وشهدت علاقات صومالي لاند توتراً كبيراً مع دولة الصومال الفيدرالية في عهد عبدي والرئيس الصومالي محمد عبد الله فرماجو، وأخفقت جولات الوساطة بين البلدين، وأقدمت مقديشو على معاقبة هرجيسا في ملف المساعدات الأممية.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية