"طالبان".. بنسختها الحقيقية!

"طالبان".. بنسختها الحقيقية!

"طالبان".. بنسختها الحقيقية!


12/01/2023

هيلة المشوح

تصاعدت الآراء الشعبية والمواقف الدولية المستنكرة لقرار حكومة «طالبان» بحظر التعليم الجامعي للفتيات ومنع دخول النساء للعديد من المرافق العامة في أفغانستان كالمقاهي والحدائق ودور السينما وأماكن الترفيه.. وهو القرار الذي جاء وقْعه قاسياً على العالَم ككل وخيبةَ أمل قوية في هذا الوقت الذي يتطلع فيه العالَم إلى تراجع الأمية وتمكين المرأة ومساواة الجنسين والمزيد من التقدم في الحقوق والنماء والمستقبل التقني والرقمي.. رغم التأكيدات المتكررة من «طالبان» نفسها، إبان استلامها مقاليدَ الحكم في البلاد، بعدم التعرض لحق النساء في التعليم.

لكن يبدو أن حديث البدايات يناقض حديث النهايات حين يصبح زمام الأمور بيد الأيديولوجيات الأصولية الدينية المتطرفة. فما كانت تخشاه الفتيات والنساء في مختلف أنحاء أفغانستان منذ عودة «طالبان» إلى السيطرة على البلاد، حدثَ إذن، ولدى وصول الطالبات يوم 21 من ديسمبر المنصرم إلى مداخل جامعاتهن، منعهن رجالُ أمن «طالبان» من الدخول وأبعدوهن عن البوابات!

حين تم تنسيق الانسحاب الأميركي من أفغانستان كان من أهم البنود في اتفاق الدوحة، تَعهُّد «طالبان» بعدم إيواء أي جماعة أو تنظيم معادٍ للولايات المتحدة، وبالأخص تنظيم «القاعدة» أو أي أحد من أعضائه، بينما لم يتضمن الاتفاق أي بند يضمن العدالة للمجتمع ويساهم في رفع الحالة الحقوقية وتوثيقها، وبالأخص حقوق النساء اللائي عانين أعواماً من الاضطهاد والقمع تحت حكم الجماعة في السابق (1996-2001) ومنعنهن من العمل والدراسة، وهذا أمر تعيه الولايات المتحدة، لكن يبدو أن المصالح الكبرى طغت على أقل الحقوق الإنسانية التي تنادي بها أميركا، وغيرها من دول الغرب، ليلاً ونهاراً!

شهدنا في عالمنا العربي آراء مؤيدة لقرارات «طالبان»، وخصوصاً من جماعة الإخوان المتأسلمين، رغم ترويجهم شعارات الحقوق والحريات في دول الغرب، لكن حين أصبحت الحقوق على المحك في أفغانستان خرجوا مؤيدين للقمع ومنددين بمَن يرفض ذلك، فإحدى الإخوانيات على منصة التواصل الاجتماعي «تويتر» تطرح رأيَها المؤيد لقرار «طالبان» وتوجهه للمعترضين عليه بأنها لن تدافع عن حقوق النساء اللاتي لا يلتزمن بالضوابط الشرعية حالَ منْعهن من الالتحاق بأي جامعة على الأرض.. مضيفة: «أنتم تريدون من الإسلام اسمه وما يوافق أمزجتكم ونحن نريد الإسلام كلَّه».

وذيلت هذه الإخوانية تغريدَتَها بشكر «طالبان» على قرارها! ولو طرحت هذه المتأسلمةُ رأيَها من قندهار أو تورا بورا لتفهمنا قليلاً، لكن الواقع أنها تعيش في تركيا وتنعم بكامل حقوقها الإنسانية وبالحرية التامة في التنقل والتعليم والعمل والملبس وارتياد النوادي والحدائق والمقاهي.. إلخ. ولا غرابة في هذا التناقض عند المتأسلمين والأصوليين، فالمتحدث الرسمي لـ«طالبان»، والذي شدد على منع الفتيات من التعليم في حوار متلفز، لم يجد رداً منطقياً حين سُئل عن دراسة بناته في جامعة بالدوحة!

يبدو جلياً أن جميع سبل التعليم الرسمي قد أغلقت في وجه الفتيات والنساء في أفغانستان، ولا تبدو في الأفق بوادر أمل في التراجع عن ذلك القرار، فوزير التعليم العالي في حكومة «طالبان»، ندا محمد نديم، صرّح قبل أيام مشدداً على أنه لا عودة عن منع التعليم الجامعي للنساء، وأكد كلامه بهذه الجملة: «وحتى لو ألقوا علينا قنبلة ذرية»!

عن "الاتحاد" الإماراتية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية