عبد الرشيد دوستم: من عامل بشركة بترول إلى أبرز أمراء الدم بأفغانستان

عبد الرشيد دوستم: من عامل بشركة بترول إلى أبرز أمراء الدم بأفغانستان


07/11/2017

يعد الجنرال عبد الرشيد دوستم الرأسَ الوحيد الباقي من رموز النظام الشيوعي السابق، حيث كان قائدًا للمليشيات الشيوعية الأوزبكية التي تحمي النظام الشيوعي السابق في أفغانستان، ويعد أحد أمراء الحرب في أفغانستان.
ينتمي دوستم عرقياً إلى قومية أزبك، ونشأ في ولاية جوزجان في شمال أفغانستان، ولم يتمكن من دراسة المرحلة الثانوية، واشتغل في بدايات شبابه عاملًا عاديًا في شركة التنقيب عن البترول.
في أعقاب الثورة الشيوعية عام 1978 والاحتلال السوفيتي لأفغانستان 1979 شكلت الحكومة الأفغانية الموالية للاتحاد السوفيتي كتائب من المليشيات المرتزقة، على أساس القوميات والعرقيات المتواجدة في أفغانستان، وانخرط دوستم في مجموعة المليشيات العرقية التابعة للحكومة الموالية للاتحاد السوفيتي، التي كانت مهمتها محاربة المجاهدين؛ دفاعًا عن الحكومة.
وخلال معارك كثيرة خاضها دوستم جنباً إلى جنب مع القوات السوفيتية والحكومية، أظهر شراسة واضحة في مواجهة الذين كانوا يقاتلون القوات السوفيتية والقوات الحكومية الشيوعية، مما أدى إلى عناية المسؤولين به، وترقيته إلى مواقع قيادية في كتائب المليشيات المنتمية إلى عرقية أزبك، وعرف عن المليشيات التابعة له الشراسة القتالية، وارتكاب أعمال القتل والنهب، حتى صار اسم دوستم ومليشياته علامة  للرعب والخوف في أفغانستان.

اتسم حكم طالبان بشكل خاص بالقسوة تجاه النساء والفتيات الأفغانيات، وارتكبت الحركة مذابح ومجازر ضد الشعب الأفغاني والأقليات

من الانتماء لأقلية إلى صاحب نفوذ
سطع نجم دوستم في عهد آخر الرؤساء الشيوعيين، وهو الرئيس نجيب الله، حيث حصل على رتبة جنرال، ورّقّي إلى عضوية اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الذي تغير اسمه من حزب الشعب الديموقراطي إلى حزب الوطن. برز اسم دوستم ومليشياته "إقليم جم" أكثر فأكثر، حيث تحول والقوات التابعة له إلى كيان كبير ومهم داخل الدولة، وسيطر على أجزاء من الولايات الشمالية، خاصة “جوزجان” و”بلخ” و”فارياب” وبدأ يتصرف باستقلالية عن سلطة الحكومة المركزية في كابول؛ الأمر الذي أدى إلى نشوب خلافات بينه وبين نجيب الله، ولكن نظرًا لقوة دوستم عجزت الحكومة الشيوعية عن إزاحته من موقعه.
سيطر دوستم على مناطق الشمال الأفغاني ذات الأكثرية الأوزبكية منذ الأيام الأولى لسقوط نظام نجيب الله، واتخذ مزار شريف عاصمة لمنطقته ومعقلاً حصيناً له. أسس وتزعم الكتلة الوطنية (جنبش ملي أفغانستان)، ثم انضم إلى تحالف المعارضة الأفغانية بعد سيطرة طالبان على كابل عام 1996 حيث أعلنت مدينة مزار شريف عاصمة للمعارضة الأفغانية، ولم تدم سيطرته على مزار شريف طويلاً، فقد تمكنت قوات طالبان من اجتياح المدينة بعد معارك عنيفة بمساعدة الجنرال عبد الملك الذي انقلب على قائده دوستم في آب (أغسطس) عام 1996، ثم اضطر للفرار من  أفغانستان والتوجه إلى تركيا، حينما دخلت قوات طالبان لمزار الشريف ، قبل أن يعود لاحقاً بتكليف دولي ليتابع مقاومة الطالبان، وقد تلقى دعمًا من إيران في فترة تحالفه مع الشيعة في "مزار الشريف"، واستقر بعدها في أوزبكستان.


كان الشعب الأفغاني على مدار العقود الطويلة الماضية ضحية لصراعات طويلة وممتدة، وكان حكم حركة طالبان فصلاً دموياً هو الأبرز فيها، منذ أن استولت على السلطة عام 1996، حيث اتسم حكم طالبان بشكل خاص بالقسوة تجاه النساء والفتيات الأفغانيات، وارتكبت الحركة مذابح ومجازر ضد الشعب الأفغاني والأقليات التي ينتمي إليها الجنرال دوستم.
يقول التاريخ الطويل لدموية حركة طالبان إنها أجهزت على مئات المدنيين الأفغان وفيهم نسوة وأطفال في ياكاولنغ، ومزار شريف، وباميان، وقيزيلأباد، ومدن أخرى. وقد اُستهدف الكثير من ضحايا هذه المذابح بسبب هويتهم الدينية وخلفيتهم الإثنية، حيث اقترفت قوات طالبان مجزرة في ياكاولنغ في كانون الثاني (يناير) 2001 كان ضحاياها في الأساس من قومية الهزار، وهم جماعة مسلمة شيعية، وبدأت المجزرة يوم 8 كانون الثاني (يناير) 2001 واستمرت أربعة أيام، قتل فيها أكثر من 170 شخصاً. فيما ارتكبت قوات تابعة لطالبان مذبحة في أيار (مايو) 2000 وقعت بالقرب من ممر روباتاك. وعثر على 31 جثة في موقع واحد معظمهم من الشيعة الهزار.
ومن أعنف المجازر الذي ارتكبت عندما أعادت طالبان الاستيلاء على باميان عام 1999، حيث قامت بتنفيذ عمليات إعدام عاجلة لدى دخولها المدينة، حيث تم فصل المئات من الرجال والنساء والأطفال عن عائلاتهم واقتيدوا الى مكان آخر ثم قتلوا. وإلى جانب إعدام مدنيين، أضرمت طالبان النار في المنازل واستخدمت محتجزين في القيام بأشغال شاقة.
وفي السياق ذاته، قامت قوات طالبان المتقهقرة في ايلول (سبتمبر) 1997 بإعدام قرويين شيعة من قومية الهزار بالقرب من مزار الشريف، بعد أن فشلت في الاستيلاء على المدينة. وأفادت مصادر حقوقية مستقلة في حينه أن طالبان ذبحت 70 مدنياً هزرياً، وأجهزت على حوالي 600 مدني، بمن فيهم أطفال في قيزيلاباد بالقرب من مزار الشريف.

قيّض لنجم دوستم أن يصعد أكثر بعد الاحتلال الأمريكي لأفغانستان، وحظي الرجل برعاية أمريكية كبيرة، في مقابل ما قدم من ولاء وخدمة لهم لضرب طالبان

بنية العنف والدم لدى دوستم
هذه الأحداث والتفاصيل ترسم شخصية الجنرال عبد الرشيد دوستم" (نائب وزير الدفاع الأفغاني) وهي ترسم في الوقت ذاته لوحة لمحنة أفغانسان من خلال رجلها القوي (الأوزبكي) في تلك اللحظة، حيث تورط الجنرال دوستم، بالضلوع في أسوأ الفظائع التي ارتكبت خلال الحرب الأهلية المستمرة منذ فترة طويلة في أفغانستان ومروراً باحتلالها.
دوستم اشتهر في الماضي هو وميليشياته بارتكاب المجازر. ففي الأيام الأولى للاحتلال الأمريكي مارس عملية إبادة جماعية لعدد كبير من الأسرى في قلعة "جانجي" بعد أن تم إعطاؤهم الأمان على حياتهم وأرواحهم، وهذه الإبادة كانت في القلعة التي تخضع لسيادة دوستم.
في عام 2001 شارك مع القوات الدولية في محاربة مقاتلي طالبان، وهي المواجهات التي شهدت ما يعرف بمجزرة القلعة، حيث اكتظ السجن بمقاتلي طالبان والعرب الذين كانوا محتجزين في زنازين في دهاليز القلعة تحت الأرض، وقد تعرضت قلعة "جانجي" لعملية إبادة كاملة للأسرى العزّل في صورة من العنف المفرط، حيث تم قصف القلعة بالمدفعية من جانب قوات التحالف الشمالي، بمعاونة الطائرات الأمريكية عقب ما سُمي بتمرد الأسرى، وقاد عبد الرشيد دوستم بنفسه قوات تحالف الشمال للقضاء على كل السجناء في القلعة، بعد عدة أيام مليئة بالدماء والمجازر التي ارتكبت في شهر رمضان، فيما انتهت الأحداث بإخماد تمرد السجناء من طالبان والعرب. وجرى قتل جميع السجناء، ثم غمرت الزنازين بالماء لإغراق من بقي حيًا.


وفي واحدة من أبشع مجازره الدموية اُحتجز آلاف المعتقلين الذين أسرهم الأمريكيون وحلفاؤهم في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) 2002، في زيني قرب مدينة مزار الشريف في أفغانستان داخل حاويات مغلقة لسيارات شحن تُركت تحت أشعة الشمس عدّة أيام، وعندما بدأ المعتقلون الذين كانوا يموتون من العطش والاختناق بالضرب بأيديهم على أبواب الحاويات، فتح جنود دوستم حليف واشنطن في حينه مع مجموعة تحالف الشمال الأفغاني نيران أسلحتهم الرشاشة على الحاويات وقتلوا من بداخلها، فيما حمل عدد كبير من الذين بقوا على قيد الحياة  في الحاويات مع الجثث، ونُقلوا الى الصحراء، وأُلقى الأحياء والأموات في حُفَرِ قبل أن يُقتل الأحياء رمياً بالرصاص.
دوستم، الذي يرتبط اسمه بسلسلة من الجرائم، متهم بأنه أمر حارسه الشخصي في عام 2016 بخطف خصمه أحمد ايشكي، وهو حاكم سابق، خلال لعبة "بوزكاشي" التقليدية التى تستخدم فيها الخيل ويتنافس المشاركون فيها على ذبيحة ماعز فى ولاية جوزجان الشمالية. وتم احتجاز ايشكى خمسة أيام في مزرعة دوستم الذي أمر حراسه بتعذيبه ثم اغتصابه، فيما طالبت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي الحكومة الأفغانية بفتح تحقيق عاجل.
وقيّض لنجم دوستم أن يصعد أكثر بعد الاحتلال الأمريكي لأفغانستان، وحظي الرجل برعاية أمريكية كبيرة، في مقابل ما قدم من ولاء وخدمة لهم لضرب طالبان، فيما تعرض لأكثر من محاولة اغتيال دبرت له كان آخرها في تشرين الأول (أكتوبر) من العام الماضي، إثر كمين نصبته حركة طالبان في إقليم فارياب شمال أفغانستان أدى إلى إصابته.
ورغم ذلك وفي الانتخابات الرئاسية الأولى، ترشح دوستم للرئاسة، لكنه لم يحصل سوى على (10%) من الأصوات.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية