عبد الله السماوي .. الحركي العابر للجماعات المتطرفة

عبد الله السماوي .. الحركي العابر للجماعات المتطرفة

عبد الله السماوي .. الحركي العابر للجماعات المتطرفة


22/01/2023

عمار علي حسن

في كثير من الكتابات عن تأسيس الجماعات السياسية الإسلامية نتحدث عن نصوص أو بيانات أو كتب مؤسسة، ولا نعطي وزنا ثقيلا لبعض رجالها، الذين لم يتركوا كتابات ذات بال، طُبعت ونُشرت بين أتباعهم وصارت متاحة للباحثين والقارئ العام، لكنهم تخففوا من عبء الكتابة، واكتفوا بالفعل أو الحركة، وكان تأثير بعضهم أكبر من أي كتب.

أحد أبرز هؤلاء، إن لم يكن واقفا في أول صفوفهم، عبد الله السماوي، والذي يحلو لبعض المنتمين للجماعات والتنظيمات المتطرفة أن يشبهوه بالملك الفرعوني مينا موحد القطرين، الذي أخذت على يده مصر هيئتها الجغرافية والسياسية المستمرة إلى الآن، فيقولون إن السماوي “موحد الجماعات”، وأن بعض أعضائها البارزين تتلمذوا على يديه، أو سمعوا منه، لاسيما في بداية طريقهم، ثم تفرقوا منخرطين في جماعات شتى.

فالسماوي لم ينشغل بتأليف الكتب، حتى إنه حين كتب اثنين منها هما “الفيض السماوي” و”من معالم دعوتنا” لم يحرص على نشرهما وظلا مخطوطين حتى وفاته. في المقابل حرص على أن يسمع منه الناس مباشرة، فتعلم منه كثيرون ينتمون إلى خط يمتد من التبليغ والدعوة والسلفية المدرسية وينتهي بجماعة الإخوان المسلمين، مرورا بالجهاد وجماعة المسلمين المعروفة باسم التكفير والهجرة، والجماعة الإسلامية والقطبيين والشوقيين وغيرهم، وهي مسألة نتبينها حين نستعرض بعض أسماء من مروا عليه، ومنهم رفاعي طه وناجح إبراهيم وكرم زهدي من الجماعة الإسلامية، ومحمد عبد السلام فرج وخالد الإسلامبولي من الجهاد، وعصام العريان من جماعة الإخوان المسلمين التي قابل في السجن بعض قادتها مثل حسن الهضيبي ومحمد قطب ومصطفى مشهور، وآخرون منهم المحامي منتصر الزيات والشيخ عبد الله بن عمر أحد أبرز تلاميذ جيهمان العتيبي.

وإلى الآن لا يزال هناك من يؤمن بأفكار السماوي، رغم رحيله عن الدنيا عام 2009، ينشرونها بين الناس مباشرة، أو من خلال مجموعة أسسوها على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك باسم “محبو الشيخ عبد الله السماوي”.

الرؤية التي تبناها السماوي لم تكن بعيدة عن طيف الجماعات والتنظيمات التي تحول الإسلام  إلي أيديولوجيا

عرف السماوي، المولود عام 1946، السجون في سن مبكرة، إذ أُعتقل للمرة الأولى عام 1963 بعد أن ألقى قصيدة وهو طالب في المرحلة الثانوية، في ذكرى انتصار مصر على العدوان الثلاثي عام 1956، من بين أبياتها:

“النصر للدين مثل العود للعلم

ما فارق النصر دين الله من قدم

وراية الله السمحاء إن وجبت

فإن من رفعوها سادة الأمم

والدين سيف إذا شعب تقلده

يموت بالرعب من عاداه والنقم.”

لكن القصيدة، التي ألهبت حماس الطلاب فكانوا يطلبون منه تكرارها كثيرا، حملت من المعان ما يغمز في قناة السلطة وقتها، من زاوية علاقتها بالدين، علاوة على أنه كان يدعو زملائه للانضمام إليه في مناهضة السلطة فاعتقلته. ثم أعيد اعتقاله عام 1966 بتهمة الانتماء إلى جماعة الإخوان، فلبث في السجن خمس سنين، ليعاد اعتقاله بعيد اغتيال الرئيس المصري الأسبق أنور السادات عام 1981، فلما أفرج عنه عام 1984 عاد بعد عام ليؤسس تيارا أسمته أجهزة الأمن “السماوية” توزع على عدة مجموعات، وقيل أنه جعل لها جناحا عسكريا، قام أعضاؤه بحرق أندية فيديو بعد أن حددوا أهدافهم كذلك في حرق دور السينما والمسارح والكايزنوهات والبارات ومحلات بيع الخمور وكل ما اعتبرته من أماكن اللهو، فأعتقل السماوي مرة أخرى، ليخرج بعد فترة وجيزة، ثم حددت إقامته في بيته، وكان يؤخذ إلى السجن أحيانا، كان آخرها في نوفمبر 2007، حين أُتهم بمحاولة إحياء جماعة يحظرها القانون.

لم يكمل السماوي دراسته الجامعية، وتفرغ لدعوة الناس إلى ما يعتبره “صحيح الإسلام”، منطلقا من مسجد صغير في محافظة المنيا ـ صعيد مصر، يسمى “الغر المحجلين”، حيث أسس ما أسماها “جماعة المسلمين” في اسم يتشابه مع جماعة شكري مصطفى، لكن السماوي لم يتوقف في مكانه، إنما كان يجوب أرجاء مصر واعظا وداعيا إلى أفكاره أو تصوراته. وهنا يقول: ” كنت أجوب مصر بعد خروجي من المعتقل عام 1971، وكأني أريد أن أعوض ما فاتني في أمر الدعوة، وكنت أطوف بالمدن والقري من الإسكندرية إلي أسوان وبلاد النوبة، وأدعو هنا وهناك، وعن طريق تجوالي في الدعوة، تزوجت وزوجت وكانت لنا ارتباطات وعلاقات بأخوة كثيرين وكانوا يدعوننا للقاءات متعددة.” وقد ساعده في هذا التجوال أن السلطة الرسمية في سبيعينات القرن العشرين، وكما هو معروف، فتحت الباب واسعا أمام التيار الديني في مسعاها للحد من نفوذ وانتشار اليسار.

وحتى يعبر الحركات والجماعات، ويجذب الأتباع، ويجندهم إلى مسار ما يسمى “الإسلام السياسي”، اتسمت طريقة السماوي بتوظيف أربع أدوات أساسية، هي:

1 ـ الدعوة غير التنظيمية لصنع تيار سائل، وهي التي بدأها في سن مبكرة، إذ يقول: “بدأت منذ كنت تلميذاً في المدرسة الإعدادية، فقد كنت أعقد ندوات أدعو إليها ناظر المدرسة والمدرسين بالإضافة إلي زملائي الذين كانوا يشاركونني فيها”، أما صيغة هذه الدعوة التي سلكها فيصفها هو قائلا: “أعرف الإسلام، ولم أدع إلي فكر خاص، ولست الآن علي فكر خاص إنما هو الإسلام ولا شيء سواه.”، لكن تصوره الإسلامي هذا كان غاية في المحافظة والتقليدية والانغلاق، مستقى من كتب قديمة كان يعظ منها، ويحفظ بعض متنونها عن ظهر قلب. وربما ساعده موقفه العابر للتنظيمات والجماعات على أن يظل محل ترحاب منها جميعا، فهو يقوم بجذب الشباب أو تجنيدهم وتعبئتهم إلى فكرته، التي ليست بعيدة عن مشروع هذه الجماعات، ثم يبايعونه كما يقول على “السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره، وعلي الصدق والوفاء، والتعاون علي البر والتقوي، وأن نكون أخوة في الله متحابين وفي سبيله مجاهدين.”.  ويأتي بعدها التنظيمون ليجذبوا إليهم من بايعوه ، فينخرطوا في صفوفهم، غير ناسين أن أول من وضعهم على الطريق هو السماوي.

ومن الأمثلة على ذلك أن السماوي يعترف أنه هو من أسس تنظيم “الجماعة الإسلامية”، وأمد الإخوان بكثير من العناصر، ويقول: “لم أكن أحض من يستجيبون لي على عدم الانضمام إلى الجماعات الأخري، ولم أكن أمنع أحداً من أن يستمع للدعاة الآخرين، كما تفعل بعض الجماعات الآن، لأنني كنت أعتبر أن المسلمين جميعاً أمة واحدة، ولذلك أكون فرحاً وسعيداً بأنني سبب في إقبال أناس علي الإخوان وغيرهم.” بل يعترف أن بعض أفراد جماعة الجهاد كانوا يزورونه، ثم يستدرك: “لم أكن أعلم بما وراءهم لكنهم كانوا يترددون علي.”

ومن يطالع خطاب السماوي وتحركاته وصلاته ومستهدفيه يصعب عليه أن يعرف إلى أي جماعة أو تنظيم ينتمي الرجل، فها هو عبد الرحمن لطفي، أبرز أتباعه، يقول إن “الذى يريد أن يصنفنا يعجز عن ذلك فلا يعرف هل نحن من الإخوان المسلمين؟ أم من التبليغ والدعوة؟ أم من السلفيين؟ أم من الجهاديين؟! وذلك لأننا نوالى الجميع، ونتعاون مع الجميع، وندافع عن الجميع، لأن الجميع فى نظرنا مسلمون وإن تفاوتت أفهامهم ومناهجهم.”

منظر تنظيم القاعدة سيد إمام عبد العزيز

وحتى ما تسمى “السماوية” لم تكن جماعة بالمعنى المتعارف عليه، وليست تنظيما وفق المعهود من التيار السياسي الإسلامي المتشدد، فقوامها غيرها متماسك، وخطابها يمكن أن يُحال جزء كبير منه إلى أي من الجماعات الأخرى. ولذا ليس من المستغرب أن يصف السماوي نفسه المجموعات التي تكونت حوله بأنها “ليست جماعة علي فكر معين، ولكن هي مجموعة من الأخوة قاموا علي التعاون علي البر والتقوي، والاعتصام بحبل الله، والعمل علي أن نقيم الدين في أنفسنا، وندعو الناس إليه، أي أنه إسلام صرف.”

وفضلا عن أن السماوي لم يكن له تنظيم  محدد، نجده قد رفض الانخراط في الأحزاب السياسية الإسلامية، وكان يرى هذا أمرا مضرا بالدعوة، ويقول: “وجودى خارج الأحزاب مصلحة للمسلمين داخل وخارج الأحزاب حتى أُقرّب بين وجهات النظر.”، لكنه لم يجهر بموقفه هذا بما يكفي، حتى لا يغضب المؤمنين بهذه الفكرة منه، ورغم هذا لم يسلم من انتقاد بعض قادة التنظيمات السياسية الدينية له، ورأوا أن موقفه من “مشروعية العمل السياسي” يتسم بالميوعة والتخبط، ما شكل ضغطا نفسيا عليه، جعله ينضم في أواخر حياته إلى الهيئة العليا لحزب العمل بعد سيطرة جماعة الإخوان المسلمين عليه.

2 ـ الملكات الخاصة اللافتة، فهو رجل كان فصيح اللسان، لا يتحدث إلا العربية الفصحى حتى مع أطفاله في البيت، ولاسمه سحر في نفوس من يُذكر أمامهم للمرة الأولى، فاسمه “عبد الله” ـ وهو الاسم الذي اختاره لنفسه في السجن بدلا من اسمه المدون في الوثائق الرسمية وهو (طه أحمد السيد) والكنية هي “السماوي” لتبدو موصولة بالسماء، لكل ما لها من هيبة وجلال وتقديس في نفوس الناس. وكان زيه مميزا، يلفت الانتباه إليه في سهولة، وهو عبارة عن جلباب أبيض قصير، به جيبان يتدليان على صدره، وعلى رأسه عمامة، تهبط منها ذؤابة خلف ظهره.

 وكان السماوي يحرص على أن يلقى الناس بوجه باش، وإن تحدث أسر سامعيه، وإن تصرف كان ما يفعله محل قبولهم. حتى أن أحد كبار دعاة السلفية أبي اسحق الحويني يقول عنه: “كان رجلاً حَسَنُ الخُلُق جدا، و قَلَ من رأيت في مثل اخلَاقِهِ و حِلمِه مع اختلافنا معه في كثير من المسائل.”

 ولم تكن هذه البشاشة قاصرة على أتباعه، فحتى في المجتمع العام كان قادرا على التأثير. وهنا يحكي الكاتب صلاح الدين حسن، المناهض للتيار السياسي الديني بل الذي يصنف نفسه كملحد، عن أنه قد التقاه في رحلة بالباص من المنيا إلى القاهرة، ويروى كيف وقف مخاطبا المدخنين من الركاب ألا يشعلوا سجائرهم، واستطاع إقناعهم في يسر. ويرى حسن أن السماوي، لو لم يكن رأسه قد حُشي بتصوراته المتطرفة، لكان يمكن بسهولة أن يكون أحد قادة العمل الاجتماعي في مصر، ويحرز في هذا تقدما كبيرا، يشار إليه بالبنان.

وقد سخَّر السماوي قدراته هذه لصالح “التيار الإسلامي”، فكان يجمع أموالا يقدمها لهؤلاء حين يكلف أحد أتباعه بأن يكون أميرا لـ “البذل”، الذي يعني جمع اشتراكات شهرية من الأعضاء وغيرهم، لإنفاقها في سبيل ما يدعو إليه.

3 ـ الاقتناع بالعمل على المدى الطويل: فرغم أن السماوي لم ينتم إلى أي جماعة، لكن مسلكه في العمل كان يشبه إلى حد كبير ذلك الذي تتبعه جماعة الإخوان المسلمين، فهو كان يؤمن بأنه لا بد من أن تنتشر فكرته في المجتمع، وتصبح الأغلبية الساحقة معها، ووقتها يمكنها أن تفرض ما تريد.

فهو، ورغم زعمه أنه ليس مع التغيير باليد، فإنه لم ينكر أو يدين قيام بعض المتأثرين بأقواله بحرق بعض أندية الفيديو، منتقدا فقط القيام بهذا في غير أوانه، إذ قال: “هذا لم أقم به، وإنما قام به بعض الأفراد من تلاميذي، وأنا لم أخطط لهذا أو أستعجل الأمور وأسبق الأحداث.”

ولهذا راوغ حين سئل عن رأيه في الخروج على الحاكم، ففي الوقت الذي قال فيه إنه ليس مع هذه الفكرة وأن أهل السنة لم يجيزوا الخروج على الحاكم الظالم، عاد ليلمح إلى ضرورة امتلاك القدرة على هذا، حتى لا تندلع فتنة أشد، إذ قال “لا أستعجل الأمور، وأسبق الأحداث ونبينا (صلي الله عليه وسلم) قال: لا ينبغي للمؤمن أن يذل نفسه.. قيل وكيف يذل المؤمن نفسه يا رسول الله، قال يتعرض من البلاء لما لا يطيق”، ثم عاد يلتمس العذر لمن اغتالوا السادات قائلا: “إنني في الفتن الشديدة العمياء، والتي عاشتها ولاتزال تعيشها الأمة، ألتمس العذر لكل المسلمين سواء، أصابوا أو أخطأوا لأنهم ليس لهم إمام يقودهم ويوجههم، وليس معني أني ألتمس العذر أنني أقر ما فعله زيد أو عمرو.”

4 ـ الإدعاء بتمثيل الإسلام في معناه ومبناه الأصلي: فقد كان السماوي يغري الشباب بأن ما يدعو إليه ليست فكرة ولا مسارا سياسيا إنما هو الإسلام نفسه، ولاسيما في مسألة التمسك بمكارم الأخلاق، والتعاون على إقامة الدين، وحض الناس على ذلك. وكان يقول ردا على من ينظرون إلى تجربته باعتباره جزءا من الفكرة العامة لتنظيمات سياسية دينية: “لا أعتبر ما أنا عليه وما دعوت إليه فكرة، إنما هو الإسلام ولكن لغربة الإسلام سار الإسلام فكراً من الأفكار”. وهذا الرأي لم يكن يعكس بالطبع حقيقة الإسلام، فهو ظل ملخصا لمسار واحد يعتبره الأصح أو الأسلم وهو الذي تبنته السلفية الجهادية ولا تزال.

لكن هذه السمات لا تمنع من أن الرؤية التي تبناها السماوي لم تكن بعيدة عن طيف الجماعات والتنظيمات التي تحول الإسلام  إلي أيديولوجية، وتوظفه في خدمة أغراضها تحت ادعاء أنها أهداف الإسلام وغاياته نفسها. فالسمات الشخصية اللافتة لهذا الرجل لم تخف التشدد والغلو الموجود في تصوره وأقواله، فهو كان يعتبر إعطاء البيعة له واجبا شرعيا، ويصف من ينقضها بأنه فاسق، لا تجوز الصلاة معه ولا خلفه. والبيعة عنده كانت مركبة، فهو يسميها المبايعة، ويقول بشأنها: “المعاهدة وسميت المعاهدة مبايعة تشبيهاً لها بالمقايضة المالية، وكأن المبايع قد باع نفسه وماله لله، والبيعة أو المبايعة تجوز لمطلق أعمال البر والمعروف، فهناك بيعة علي الإسلام، وبيعة للخلافة، وبيعة علي الجهاد، وبيعة علي الموت، وبيعة علي ألا نسأل الناس شيئاً، وهناك بيعة علي إقام الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم، فالمبايعة مشروعة علي مطلق أعمال البر والمعروف ولا تختص بالخلافة فقط.”.

كان السماوي يحرم التعليم الحكومي، وأوذي كثيرون بسبب رأيه، إذ ترك طلاب جامعاتهم، واكتفوا بدراسات دينية، وأضطروا للعمل بالتجارة المحدودة. كما كان يحرم العمل في البنوك، والصلاة في المساجد التابعة لوزارة الأوقاف، إذ كان يعتبرها “مساجد ضرار”، لاسيما بعد أن استولت الوزارة على المسجد الذي كان يعظ فيه. وكان يقبل تكفير الناس إن توافرت في رأيه ما يسميها “الضوابط الشرعية”.

وهناك من أتباع السماوي من يقول إنه، لاسيما في البداية، لم يكن يكتف بتكفير “الحاكم الطاغوت”، ويطلب الخروج عليه وإسقاطه، بل ينظر إلى مصر كلها على أنها “دار كفر” بدعوى أنها لا تطبق أحكام الإسلام، ولذا وجب قتال أهلها، في سبيل إقامة “الدولة الإسلامية”. وقد آمن السماوي في السبعينيات بفكرة “الهجرة” التي تبناها شكري مصطفى، وطلب من أتباعه قبل اغتيال السادات بالذهاب إلى منطقة الصالحية في صحراء مصر الشرقية، واستيطانها واستصلاح أراضيها، واتخاذها نقطة انطلاق لفتح مصر فيما بعد.

وقد وجد السماوي الساحة فارغة أمامه في نهاية الستينيات وأوائل السبعينيات من القرن العشرين، بعد أن سيق الإخوان إلى السجون، ولم تكن السلفية الدعوية والجهادية قد بدأت في مصر، فكان هو الوحيد تقريبا على المستوى العام، الذي يلتقي الناس وجها لوجه، ولا يكتفي بالخطابة مثل الشيخ عبد الحميد كشك، أو التجنيد السري مثل الإخوان ومن بعدهم التنظيمات الجهادية مثل “جماعة المسلمين” وجماعة “الفنية العسكرية” وغيرها.

لكن السماوي تراجع في سنواته الأخيرة عن فكرة الانسحاب من المجتمع وتكفيره، ومدح المراجعات التي قام بها منظر تنظيم القاعدة سيد إمام عبد العزيز واصفا إياها بأن لها “وزنها وقيمتها”، وقد أقعده المرض عن كثير من نشاطه السابق، وانفض كثير من أتباعه عنه، لكنه مع هذا مثَّل بوابة مهمة لتأسيس واستمرار التيار السلفي الجهادي في مصر.

عن "عين أوروبية على التطرف"

مواضيع ذات صلة:

مهدي عامل: غرامشي العرب

حرب الـ 20 عاماً.. 5 مراحل لتطور ظاهرة الإرهاب


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية