عشية رمضان: فقراء غزة يكتوون بنار الأسعار

عشية رمضان: فقراء غزة يكتوون بنار الأسعار


29/03/2022

يعاني سكان قطاع غزة قبل حلول شهر رمضان المبارك من أزمة جديدة، تتمثل في رفع أسعار العديد من المواد الغذائية الأساسية مثل "الدقيق، وزيت القلي، والبقوليات"، وغيرها من الأصناف التي يستخدمها المواطنون بشكل يومي، إضافة إلى ارتفاع أسعار مواد البناء بشكل كبير، الأمر الذي جعل سكان القطاع غير قادرين على شراء بعض الأصناف من السلع في ظل سوء الأوضاع الاقتصادية، وارتفاع معدلات البطالة.

وبعد اندلاع الحرب الروسية على أوكرانيا ارتفعت الأسعار في قطاع غزة بشكل كبير، بالإضافة إلى عدم توفر بعض السلع داخل الأسواق بذريعة أنها تأتي من أحد البلدين المتحاربين، مما أدى إلى حالة من الغضب، وعدم الرضا لدى المواطنين في قطاع غزة، خاصة وأنهم بالكاد يستطيعون تأمين قوت يومهم.

اقرأ أيضاً: غزة: عائلات ترقب الحرب في أوكرانيا بمشاعر القلق على أبنائها

 وبحسب وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" (UNRWA) فإنّ نسبة 80% من مليوني نسمة هم سكان غزة، وغالبيتهم من اللاجئين، لا يتمتعون بالأمن الغذائي، ويعتمدون في معيشتهم على مساعدات إغاثية.

ارتفاع أسعار المواد الغذائية

ويقول المواطن عبد الرحمن زيدان لـ "حفريات" : "قبل حلول شهر رمضان من كل عام نذهب إلى الأسواق لشراء جميع مستلزمات هذا الشهر المبارك، كون الاحتياجات كثيرة، ولكن هذا العام لم نشترِ إلا أصنافاً قليلة، وذلك نظراً لارتفاع أسعار المواد الغذائية بشكل كبير، وعدم قدرتنا على شرائها، فهناك بعض السلع ارتفع سعرها خمسة أضعاف سعرها الأصلي".

بالكاد يستطيعون تأمين قوت يومهم

يضيف: "نحن نعيش أوضاع اقتصادية متردية منذ عدة سنوات، وليست لدينا قدرة على تحمل أعباء إضافية تزيد من معاناتنا، وتجعلنا غير قادرين على إطعام أطفالنا، فهذا الغلاء الذي يضرب بالأسواق الغزية قبيل شهر رمضان المبارك سوف يسبب أزمة اقتصادية كبيرة، ويحرم الكثير من العائلات الفقيرة من تناول بعض الأطعمة".

تلاعب بالأسعار

يواصل حديثه: "الأسعار في قطاع غزة ترتفع كل لحظة، وليس كل يوم، إذ أننا في كل لحظة قد نشهد ارتفاعاً في أسعار عدد من السلع، حيث يكون سعر السلعة في الصباح عشرة شواكل، يرتفع سعرها بالمساء إلى اثني عشر شيكلاً، وهذا يعد تلاعباً بالأسعار".

مواطن غزيّ: لـ "حفريات" : قبل حلول شهر رمضان نذهب إلى الأسواق لشراء جميع مستلزمات الشهر الكثيرة، ولكن هذا العام لم نشترِ إلا أصنافاً قليلة

 وتساءل المواطن الذي لا يتجاوز دخله الشهري 250 دولاراً أمريكياً، لا أدري إن الراتب الذي أتقاضاه يكفي لدفع فاتورة المياه والكهرباء أو مصاريف المدارس أو تحمل أعباء إضافية بسبب الغلاء المعيشي الذي تسببت به الحرب الروسية الأوكرانية؟ ولماذا نحن في غزة نتحمل تداعيات ما يحدث بالغرب؟

 ويعاني محمد نصار (38 عاماً)، والذي يعمل بأجر يومي في أحد المحال التجارية، والذي لا يتجاوز عشرين شيكلاً أي ما يعادل 6 دولارات، من ارتفاع أسعار السلع الأساسية في قطاع غزة.

استغلال الحرب

ويقول في حديثه لـ "حفريات" : "أعمل اثنتي عشرة ساعة متواصلة مقابل هذا المبلغ الزهيد، والذي بالكاد يكفي لإطعام أطفالي الخمسة، وشراء بعض احتياجاتهم، ولكن بعد هذا الغلاء، واستغلال بعض التجار للحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا، أصبح راتبي لا يكفي لشراء الخبز، فالأسعار بارتفاع، والأجر كما هو لم يتغير".

الأسعار في قطاع غزة ترتفع كل لحظة، وليس كل يوم

أما شادي نور الدين والذي كان ينتظر بفارغ الصبر حصوله على التعويض من وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا لإعادة بناء منزله الذي تم تدميره خلال الحرب الأخيرة على قطاع غزة، وبعد حصوله على المبلغ المالي المخصص له، لم يتمكن من إعادة البناء نظراً للارتفاع الكبير على مواد البناء مثل الإسمنت، والحديد، وغيرها من مواد البناء التي أصبحت غير متوفرة بالقطاع.

المواطن المتضرر الوحيد

ويقول في حديثه لـ "حفريات": "غلاء الأسعار الذي تشهده الأسواق في غزة غير طبيعي، ولا يوجد مبرر لهذا الارتفاع الكبير، فهناك استغلال من قبل التجار لأوضاع الناس، والمواطن هو من يتحمل الأعباء لوحده، فالمبلغ الذي حصلت عليه من الأونروا أصبح لا يكفي لإصلاح جزء من المنزل، بسبب الارتفاع الذي طرأ على مواد البناء، وهذا الأمر يزيد من معاناتي، ومعاناة عائلتي".

 

اقرأ أيضاً: "الدولفين الجاسوس": سلاح إسرائيلي جديد لاختراق سواحل غزة

رباح حماد وهو صاحب شركة استيراد وتصدير تعمل في غزة، كشف أنّ غلاء الأسعار، والذي تشهده الأسواق الغزية، هو ارتفاع عالمي بسبب الأزمة الروسية الأوكرانية، وارتفاع تكلفة الإنتاج والنقل، الأمر الذي انعكس سلباً على الأسعار في قطاع غزة".

أزمة غذائية

يقول لـ "حفريات" : "نحن كتجار ليس لنا أي دور في غلاء الأسعار والتلاعب بها، إذ أننا نستورد البضائع من الخارج، وعندما طرأ ارتفاع على الأصناف التي نستوردها، ورفع تكلفة النقل، اضطررنا إلى زيادة الأسعار داخل الأسواق، لأنه لا يجب أن نتحمل الأعباء لوحدنا، لأنّ ذلك يتسبب لنا بخسارة كبيرة، ولا نستطيع استيراد البضائع، الأمر الذي سوف يسبب أزمة غذائية داخل القطاع".

غلاء الأسعار الذي تشهده الأسواق في غزة غير طبيعي

يضيف: "الحركة الشرائية سوف تتأثر بشكل كبير بسبب غلاء الأسعار، وخاصة وأننا مقبلون على شهر رمضان، والكثير من التجار وأصحاب المحلات يعولون على هذا الشهر، وبالتالي فإنّ البضائع سوف تتكدس داخل المخازن والمحلات، لذلك نطالب وزارة الاقتصاد الوطني، ووزارة المالية بالوقوف إلى جانبنا هذه الفترة، وإعفاء المواد الأساسية من الضرائب لتخفيف العبء على التجار والمواطنين".

أستاذ الاقتصاد في جامعة الأزهر د. معين رجب لـ"حفريات": ارتفاع أسعار المواد التموينية كالدقيق والبقوليات وزيت القلي له تداعيات خطيرة على المدى البعيد

من جهته يبين أستاذ الاقتصاد في جامعة الأزهر د. معين رجب أنّ ارتفاع أسعار المواد التموينية له تداعيات خطيرة على المدى البعيد، في حال استمر هذا الغلاء، خاصة وأنّ سكان القطاع يعانون من أزمات خانقة بسبب الحصار الإسرائيلي المفروض منذ عدة سنوات.

لماذا يتأثر فقراء غزة بغلاء الأسعار؟

ويشير رجب في حديثه لـ "حفريات" إلى أنّ الفقراء في قطاع غزة، هم أكثر الفئات تأثراً بهذا الغلاء، لاعتمادهم في غذائهم على الدقيق والبقوليات وزيت القلي، والتي ارتفعت أسعارها عدة أضعاف، عن سعرها الأصلي.

 

اقرأ أيضاً: إسرائيل تسمّم وتدمّر المحاصيل الزراعية في غزة والأغوار

وأبدى الخبير الاقتصادي قلقه من تأثر عمليات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا، والمؤسسات الدولية العاملة في قطاع غزة، بتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، وعدم قدرتهم على تقديم المساعدات الإنسانية لسكان القطاع، والذين يعتمدون بشكل أساسي على تلك المساعدات، الأمر الذي قد يسبب أزمة غذائية في القطاع.

64 بالمئة من الأسر في القطاع تعاني من انعدام الأمن الغذائي

ويوضح رجب أنّ 64% من الأسر في القطاع تعاني من انعدام الأمن الغذائي، بواقع 40.65% من الأسر تعاني من انعدام الأمن الغذائي الشديد، بينما 23.6% تعاني بدرجة متوسطة.

وينوه إلى أنّ معدل الفقر بلغ 59% جراء جولة الصراع الأخيرة وتفشي جائحة كورونا، وأنّ معدل البطالة بلغ 47%، وسجلت بطالة الخريجين الجامعيين 74%، وارتفعت نسبة الذين يتقاضون أجراً شهرياً أقل من الحد الأدنى للأجور (1450 شيكلاً) إلى 81%.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية