على الغرب أن يأخذ تهديدات خامنئي على محمل الجد

على الغرب أن يأخذ تهديدات خامنئي على محمل الجد

على الغرب أن يأخذ تهديدات خامنئي على محمل الجد


08/11/2022

ترجمة: محمد الدخاخني

كانت الكلمات مخيفة - وصادمة، أيضاً، لأنّها جاءت في سلسلة منشورات على وسيلة تواصل اجتماعيّ.

في أسبوعٍ كان التّركيز فيه بشأن ما يُقال على تويتر منصبّاً على رئيسه الجديد، إيلون ماسك، وخططه، قام مستخدمٌ مهمٌّ آخر للموقع باستغلاله للتّعهّد بشكلٍ قاطعٍ للغاية من أشكال الانتقام المميت.

المرشد الأعلى الإيرانيّ، آية الله علي خامنئي، وجّه رسالةً إلى العالم مُفادها أنّ بلاده مصمّمة على الثّأر لفقدان قائد فيلقٍ بالحرس الثّوريّ الإسلاميّ في عام 2020. كتب: «لن ننسى استشهاد الشّهيد [قاسم] سليماني. يجب أن يعرفوا هذا. تحدّثنا عن هذا وحازمون بشأنه. سوف يحدث [الانتقام] في الوقت المناسب وفي المكان المناسب، إن شاء الله».

جاءت التّغريدة ضمن سلسلةٍ من رسائل خامنئي حول عداء إيران للولايات المتّحدة ومهمّة تحدّي القوّة الأمريكيّة التي تتبّعَها إلى الخمسينيّات من القرن الماضي.

في الواقع، لا ينبغي قراءة رسالة سليماني في هذا السّياق على الإطلاق. إنّ القدرة الإيرانيّة على «الضّرب» - كما وصفها خامنئي - لها طابعها الخاصّ.

لقد كشفَ عن شيء يجب أن يكون بمثابة جرس إنذار للحكومات، خاصّة في أوروبا، حتّى تتعامل بجدّيّة أكبر مع طريقة عمل إيران. الدّليل على ذلك أنّ التّهاون في التّعاطي مع كيفيّة بناء طهران لنفوذها في دول أجنبيّة يمثّل نقطة ضعف رئيسة. يتمتّع النّظام الإيرانيّ بهدف مفتوح يتمثّل في تهديد ومضايقة أهداف خارج حدوده.

نطاق العمليات

إنّ نطاق العمليّات الإيرانيّة السّرّيّة يمتدّ عالميّاً، على الرّغم من عزلة البلاد وضعف مواردها.

في المملكة المتّحدة، هناك مجموعة معروفة من المراكز التي تُموّلها مكاتب خامنئي. وقد شَهِدت بعض هذه الأماكن احتجاجات اندلعت بسبب المظاهرات الإيرانيّة التي فجّرتها وفاة مهسا أميني (22 عاماً) في قسم شرطة إيرانيّ. وسُرعان ما ظهر بلطجيّة يرتدون سترات جلدية لإجبار النّاس على الابتعاد. في أحد المراكز الإيرانيّة في لندن، استخدم رجل دين يوتيوب لوصف المحتجين في إيران بالإرهابيّين.

المرشد الأعلى الإيرانيّ، آية الله علي خامنئي، وجّه رسالةً إلى العالم مُفادها أنّ بلاده مصمّمة على الثّأر لفقدان قائد فيلقٍ بالحرس الثّوريّ الإسلاميّ في عام 2020

كانت هناك احتجاجات كبيرة في ألمانيا ودول أوروبيّة أخرى للتّضامن مع التّظاهرات التي تقودها النّساء في إيران. وقد أُجبِرَت الشّرطة على حماية المتظاهرين عندما نزلت مجموعات من الرّجال أقوى مائة مرّة لضرب المتظاهرين السلميّين وركلهم.

وقد حدثت مظاهر استعراض القوّة هذه خارج السّفارة الإيرانيّة في برلين. وصف شهودٌ كيف قام عدد من الرجال - وقد تنكّروا بأوشحة على وجوههم - بتمزيق أعلام ولافتات قافلة كانت متوقّفة في الخارج ثم اشتبكوا مع شرطة المبنى.

كانت هناك احتجاجات كبيرة في ألمانيا ودول أوروبيّة أخرى للتّضامن مع التّظاهرات التي تقودها النّساء في إيران

على مدار سنوات، قدّمت تقارير المخابرات الدّاخليّة الألمانيّة على المستوى الوطنيّ والإقليميّ تحديثاً سنويّاً للنّشاط التّجسّسيّ الإيرانيّ في البلاد. ووصفت هذه التّقارير ما تعرّفه وزارة الدّاخليّة الألمانيّة على أنّه تهديد لنظام الحكومة في البلاد، فضلاً عن كونه مصدر خطر أمنيّ وعُرضة للزيادة.

مؤامرة اغتيال

مدى وصول هذه الشّبكة يمتدّ من بنك تجاريّ إيرانيّ في هامبورغ يُسهّل مدفوعات طهران للتّقنيّات الهندسيّة المتقدّمة التي يتمّ شراؤها أو سرقتها لتوريدات المعدّات ذات الاستخدام المزدوج. ومؤخّراً، كانت ألمانيا حلقة ضمن مؤامرة اغتيال شَهِدت قيام دبلوماسيّ إيرانيّ في فيينا بتشغيل عملاء في هولندا وبلجيكا لتنفيذ هجوم في باريس.

النّجاح في محاولة كسر هذه العمليّات الإيرانيّة يأتي من السّويد. فمؤخراً، أدانت المحاكم هناك حميد نوري، وهو مسؤول بارز بالنّظام. وصفته المحكمة بـ«السّاديّ» بعد أن اختار سجناء وعرَضَهم على «لجنة موت» أشرفت على مذابح سيئة السّمعة في إيران عام 1988. وجاء اعتقاله بعد وصوله إلى السّويد في عام 2019 للإشراف على أنشطة الجالية الإيرانيّة هناك.

النّية الواضحة أنّ إيران تريد تنظيم ضربة لإظهار أنّه يجب عدم تجاوزها. والقدرة على إعداد عمليّة بعيدة المدى واضحة، أيضاً. لا ينبغي استبعاد أنّ رسائل خامنئي ستترجم إلى أفعال

ومنذ ذلك الحين، حصل المزيد من الاعتقالات، بما في ذلك اعتقال مجموعة من الإخوة كانوا عملاء مزدوجين يعملون لصالح كلّ من المخابرات السّويديّة وإيران. وُصفوا بأنّهم أهمّ جواسيس كُشِفَ عنهم في السّويد في الذّاكرة الحيّة. الاحتراق البطيء لمقاربة طهران أُكِّد عندما قال المدّعون إنّ الإخوة المولودين في إيران أصبحوا مواطنين سويديّين في عام 1994.

المؤامرة الإيرانيّة التي استمرّت عقوداً ضدّ المؤلّف سلمان رشدي أتت ثمارها، أخيراً، في شمال نيويورك هذا الصّيف. حقّق الجاني، أخيراً، أحد الأهداف الرّئيسة لسياسة الدّولة الإيرانيّة، ولا يزال الكاتب يخضع للعلاج بعد تعرّضه لإصابات خطيرة.

الكاتب سلمان رشدي خلال فعالية ثقافية في برلين، نوفمبر 2019

في الوقت نفسه تقريباً، في الولايات المتّحدة، انقضّ مكتب التّحقيقات الفيدراليّ على مخططين مختلفين لقتل مستشار الأمن القوميّ السّابق جون بولتون والصّحافيّ الإيرانيّ-الأمريكيّ مسيح علي نجاد، الذي كان مساهماً في إذاعة النّسخة النّاطقة بالفارسيّة من إذاعة صوت أمريكا التي تموّلها الولايات المتّحدة.

تتضمّن وثيقة الاتّهام في هذه الحالات نصوصاً مخيفة تُظهر، من بين تفاصيل أخرى، كيف عمل الإيرانيّون على تجنيد وزراعة قتلة في أمريكا لتنفيذ هجماتهم.

عندما يقول خامنئي إنّ إيران لم تنس، يتّضح بشكل جلي من هذه النّصوص ما يقصده. النّية الواضحة أنّ إيران تريد تنظيم ضربة لإظهار أنّه يجب عدم تجاوزها. والقدرة على إعداد عمليّة بعيدة المدى واضحة، أيضاً. فالنّظام لا يُقدّم فقط كلمات يمكن أن تُخيف دولة غير ملتزمة بُغية أن تقوم باسترضائه.

مع وجود الهياكل اللازمة، لا ينبغي استبعاد أنّ رسائل خامنئي سوف تترجم إلى أفعال. لكن من سوف يلاحظ؟ دعا سياسيّون في ألمانيا الحكومة إلى التّحرّك، الأسبوع الماضي، لتصنيف الحرس الثّوريّ الإيرانيّ منظّمةً إرهابيّة قبل فوات الأوان.

مع ظهور أوامر خامنئي على الإنترنت الآن، سيكون من التّقصير ألّا تتّخذ الحكومات في أنحاء العالم كافّة إجراءات أكثر صرامة.

مصدر الترجمة عن الإنجليزية:

داميان ماكلروي، ذي ناشونال، 7 تشرين الثّاني (نوفمبر) 2022



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية