فشل الإخوان في الحشد... هل ثمة دلالات جديدة على تمرّد القواعد؟

فشل الإخوان في الحشد... هل ثمة دلالات جديدة على تمرّد القواعد؟

فشل الإخوان في الحشد... هل ثمة دلالات جديدة على تمرّد القواعد؟


13/11/2022

بعث فشل جماعة الإخوان، المُصنفة إرهابية في عدد من الدول، في حشد عناصرها للتظاهر يوم الجمعة الماضي، بالكثير من الدلالات والرسائل حول الأزمة المتفاقمة التي يعيشها تنظيم الإخوان على المستوى الداخلي، أبرز تلك الرسائل تفاقم حالة عصيان داخل الإخوان إلى الحدّ الذي جعل قواعد التنظيم يتجاهلون دعوات التظاهر بشكل نهائي، حتى أنّ معظم المتفاعلين معها عبر منصات التواصل الاجتماعي هم من عناصر الإخوان في الخارج وليس من داخل مصر، وهذا يعني أنّ التنظيم فقد بشكل شبه كامل، وفق مراقبين، أيّ قدرة له على السيطرة المركزية أو إقناع قواعده، وربما فقدت قواعد الإخوان الثقة في قيادات الخارج، وجميعها مؤشرات قوية على حالة تفكك غير مسبوق تمرّ بها جماعة الإخوان.

المتتبع لدعوات الإخوان المماثلة يجد أنّ الجماعة فشلت تماماً في حشد أيّ تظاهرات ضد الدولة المصرية منذ نهاية عام 2015، وبالرغم من تكرار الدعوات التحريضية خلال الأعوام الماضية من جانب قيادات الخارج والمتحالفين معهم، لدفع عناصر التنظيم إلى التظاهر والفوضى، إلا أنّ أحداً لم يتحرك استجابة لتلك الدعوات، فيما يمكن وصفه بأنّه حالة عصيان كبيرة تحدث داخل التنظيم الذي كان أحد أهم أدبياته التي حافظت على تماسكه على مدار نحو (9) عقود هو "مبدأ السمع والطاعة".

دلالات على حالة العصيان الكبير داخل التنظيم

بالرغم من محاولة قيادات الإخوان الهاربين في الخارج توظيف كافة الأدوات التنظيمية لحشد المتظاهرين في مصر، أبرزها على سبيل المثال ما صدر عن القيادي الإخواني أسامة جاويش بأنّ القائم بأعمال المرشد إبراهيم منير أوصى، قبل وفاته، بالنزول والمشاركة في تظاهرات (11-11)، وهي محاولة واضحة لاستمالة قواعد التنظيم، إلا أنّها هي الأخرى لم تنجح في إقناع العناصر التنظيمية بالمشاركة أو حتى النزول من المنزل في ذلك اليوم.

أبو السعد: لم يستجب عناصر الإخوان لدعوات قياداتهم من الخارج تأثراً بواقع الانشقاقات التنظيمية المحتدمة وأزمة الصراع الداخلي

حالة العصيان تلك التي نتحدث عنها اعترف بها بعض قيادات الإخوان مؤخراً، وقد كتب عنها القيادي الإخواني محيي عيسى عبر صفحته على مواقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، معتبراً أنّ "الضربات الشديدة التي تعرضت لها الجماعة أدت إلى فشلها في القدرة على الحشد، وأنّ عناصر التنظيم في الداخل قرروا عدم المشاركة في أيّ تظاهرات تدعو إليها قيادات الخارج، وأنّ هذا القرار إن لم يكن معلناً، فإنّه واقع ملموس من كافة المواقف السابقة".

 دوافع متعددة لفشل الإخوان وفقدان السيطرة المركزية

 الباحث المصري المختص بالإسلام السياسي والإرهاب طارق أبو السعد يرى أنّ فشل جماعة الإخوان الإرهابية في الحشد للتظاهرات التي دعت إليها خلال الفترة الماضية، وسخّرت كافة أدواتها ومنصاتها الإعلامية وكذلك جناحها المسلّح من أجل التعبئة لها، جاء مدفوعاً بالعديد من الأسباب أبرزها؛ الانشقاقات التي تضرب الجماعة من الداخل التي أدت إلى تفكيكها وفقدانها أيّ قدرة على السيطرة المركزية، إضافة إلى الحضور القوي للدولة المصرية في مواجهة تلك المخططات العدائية.

 ويضيف أبو السعد، في تصريح لـ "حفريات"، أنّ الخطاب الدعوي الفاشل على مستوى التنظيم يمكن اعتباره أيضاً ضمن أهم تلك الأسباب التي أدت إلى تهاوي قدرة الجماعة على الحشد، فقد حاول الإخوان توظيف الظروف الاقتصادية التي تمر بها مصر لتحريض الشعب على التظاهر، وهذا الأمر لا يلقى استجابة لدى الشعب المصري الذي بلغ درجة عالية من الوعي فيما يتعلق بأساليب التحريض ومحاولات خلط الأوراق وتزييف الحقائق، لذلك أخطأت الجماعة في قراءة الشعب المصري.

طارق أبو السعد: فشل الإخوان في الحشد جاء مدفوعاً بالعديد من الأسباب أبرزها؛ الانشقاقات التي تضرب الجماعة من الداخل والتي أدت إلى تفكيكها وفقدانها أيّ قدرة على السيطرة المركزية وفشل خطابها الدعوي

 

 وعلى مستوى عناصر التنظيم لم يستجب عناصر الإخوان لدعوات قياداتهم من الخارج تأثراً بواقع الانشقاقات التنظيمية المحتدمة وأزمة الصراع الداخلي التي أفقدت تلك العناصر الثقة المطلقة في القيادات، ولم تعد التعليمات أو الأوامر تسير في الإخوان بشكل رأسي كما كانت من قبل، فقد طرأ على التنظيم الكثير من التغيرات خلال الفترة الماضية أثرت في بنيته وهيكله إلى حد كبير، بحسب أبو السعد.

 أزمة ضاربة في عمق التنظيم

يرى أبو السعد أنّ فشل الإخوان في الحشد لا يمكن قراءته في ضوء فقدان الجماعة لأيّ قوة ومصداقية لدى الشعب المصري فقط، ولكنّه دلالة قاطعة على فشل الإخوان في مخاطبة قواعدها، التي لم تستجب على مدار أعوام لتلك الدعوات التي تأتي من الخارج، بعد أن فقدوا تماماً الثقة فيمن يطلقونها، لذلك فإنّ أزمة الإخوان في الوقت الراهن هي أزمة تنظيمية عميقة في المقام الأول، وربما هي مؤشر على نهاية التنظيم وتفككه.

 وبحسب أبو السعد، اتفقت قيادات الجبهات الـ (3) المتناحرة داخل الإخوان؛ ممثلة في جبهة "الكماليون" أو ما يُعرف بـ "تيار التغيير"، وجبهة إسطنبول بقيادة محمود حسين، ولندن بقيادة إبراهيم منير، ثم محيي الدين الزايط، اتفقوا جميعاً على الدعوة والحشد لتظاهرات 11 تشرين الثاني (نوفمبر) في مصر، وبالرغم من ذلك لم تستجب لها قواعد التنظيم في الداخل، ولم ينزل أحد.

القيادي الإخواني محيي عيسى: الضربات الشديدة التي تعرضت لها الجماعة أدت إلى فشلها في القدرة على الحشد، وعناصر التنظيم في الداخل قرروا عدم المشاركة في أيّ تظاهرات تدعو إليها قيادات الخارج

 

ويُعبّر أبو السعد عن اعتقاده أنّ عناصر التنظيم لا يتحركون للتظاهر إلا في حدود بعض القضايا التي تتعلق بفكرهم أو إيديولوجيتهم بشكل مباشر، وخلال الفترة الأخيرة يرفض الإخوان التظاهر بشكل مباشر في مواجهة الدولة المصرية، لكنّهم يبحثون عن قوة مدنية تتصدر مشهد التظاهرات أو الاحتجاجات، ثم تعود الجماعة إلى استغلال تلك التظاهرات وحالة الفوضى لصالح أجندة التنظيم، إلا أنّ الجماعة فشلت أيضاً في تحقيق هذا الهدف؛ لأنّها لا تملك أيّ قدرة على تحريك المشهد حتى من خلال حلفائها السياسيين؛ لذلك سيظل التنظيم يدور في دوائر مفرغة من الفشل المتواصل، يدعو إلى التظاهر، ثم تفشل دعوته ويتقهقر، وتنكشف نواياه أكثر وأكثر أمام الشعب المصري.

 ويؤكد أبو السعد أنّ حالة التفتت التنظيمي قد بلغت ذروتها داخل الإخوان، ولم تعُد هناك قوة للهيكل أو القيادة المركزية، كما أنّها باتت عاجزة تماماً عن تحريك المشهد السياسي، أو حتى خلق مساحات جديدة من الفوضى في الشارع المصري كما كانت تخطط من قبل.

مواضيع ذات صلة:

حراك الإخوان الممنهج ضد مصر ينتهي إلى هزيمة مريرة.. ألا يتعظون؟!

هل اختطف الإخوان حركية الجماهير العربية؟

هل يقوم الإخوان بتزوير الأعمال الكاملة للقرضاوي؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية