"قافلة النور".. خلاص من خطاب الكراهية التركي أم ضغط جديد على أوروبا؟

"قافلة النور".. خلاص من خطاب الكراهية التركي أم ضغط جديد على أوروبا؟


11/09/2022

بعد أعوام طويلة من التحريض ضد اللاجئين السوريين في تركيا، وتطوره إلى مرحلة الاعتداءات والقتل والضرب وانتهاك الحرمات، والعنف ضد الأطفال وكبار السن من قبل شريحة كبيرة من الأتراك، وجد الكثير من اللاجئين ضالتهم عبر الهجرة الجماعية إلى أوروبا، فقد تجمّع العديد من اللاجئين لمغادرة البلاد في "قوافل عملاقة" تحت مسمّى (قافلة النور)؛ بسبب العنصرية والتحريض الإعلامي وانتهاكات حقوق الإنسان وغيرها من الاستفزازات.

 وتقوم على تنظيم الحراك مجموعة من اللاجئين السوريين في تركيا، الذين يحاولون تشكيل قافلة للوصول إلى الاتحاد الأوروبي، حسب ما أعلن أحد المنظمين عبر تطبيق تليغرام، وفق ما نقلت وكالة "فرانس برس".

 ويجري العمل على وضع الخطط لهذه القافلة عبر قناة أنشئت على تلغرام تم إعدادها قبل (6) أيام، ويتابعها ما يقرب من (100) ألف شخص، وقد تجاوز عدد المنضمين إلى القافلة الراغبين بالهجرة (40) ألف سوري.

 ويدعو المنظمون الناس إلى إحضار أكياس نوم وخيام وسترات نجاة ومياه وأطعمة معلبة وأدوات إسعاف أولية.

 وقال أحد المنظمين، وهو لاجئ يبلغ من العمر (46) عاماً، طلب عدم كشف هويته: "سنعلن عن ذلك عندما يحين وقت الانطلاق".

 وتُشير تقارير نقلها موقع "أحوال تركيا" إلى أنّ عدد الأشخاص الذين يرغبون في الانضمام إلى المجموعات المغادرة يمكن أن يتضخم إلى الآلاف. وعلى الرغم من وجود حملة واسعة عبر الإنترنت على وسائل التواصل الاجتماعي تدعم اللاجئين، إلا أنّه من غير الواضح عدد المهاجرين الذين اجتمعوا بالفعل على اتخاذ قرار مغادرة تركيا.

وجد الكثير من اللاجئين ضالتهم عبر الهجرة الجماعية إلى أوروبا

 وقد عبّر أحد الصحافيين عبر تويتر عن مخاوفه من أن تتحول (# قافلة_النور) إلى صفحة مظلمة للغاية في الإنسانية، عبر تعرّض الآلاف من السوريين لانتهاكات من قبل السلطات التركية أو الأجهزة الأمنية والعسكرية للدول الأوروبية.

 ومن غير الواضح عدد الأشخاص الذين يرغبون في الانضمام إلى هذه القوافل، وما إذا كانت الحكومة التركية ستشجع الناس على الوصول إلى اليونان، فقد سبق أن استخدمت أنقرة اللاجئين في الماضي لخلق أزمة.

 

صحافي يعبّر عن مخاوفه من أن تتحول قافلة النور إلى صفحة مظلمة في الإنسانية، عبر تعرّض الآلاف لانتهاكات من قبل السلطات التركية أو الأجهزة الأوروبية

 

 وفي السياق، قالت الباحثة في شؤون اللاجئين لينا الزعبي: إنّ تعامل المسؤولين الأتراك سياسياً ومحلياً مع قضية اللاجئين بسيناريو دراماتيكي، أجبر اللاجئين داخل تركيا على التفكير في سيناريوهات الحياة، خصوصاً أنّ أنقرة تريد إعادة أكثر من مليوني لاجئ قبل انتخابات عام 2023، ولا يمكن استيعاب هذا العدد في شمال سوريا.

 وبحسب الباحثة، فإنّ تواجد نحو (3) ملايين و(700) ألف لاجئ سوري يعيشون في تركيا، خلق تصوراً لدى الحاضنة الشعبية أنّهم فرضوا تكلفة باهظة على اقتصاد البلاد، والتي أدت إلى المشاكل الاجتماعية الناجمة في المدن التركية، والإجراءات المناهضة لهم، وبعض النزاعات التي أدت إلى القتل، وتُعدّ قضية السكن، والتعليم، ومنح حق المواطنة، من القضايا الخطيرة التي أثيرت في المجتمع التركي في الأعوام الأخيرة.

 ورغم ذلك، تُقدّر مراكز الدراسات التركية أنّ هناك عدة أسباب لتغيير سياسة تركيا تجاه سوريا، منها اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في تركيا عام 2023، حيث إنّ حزب "العدالة والتنمية" وأردوغان في السلطة منذ ما يقرب من (20) عاماً، وبطبيعة الحال تقلصت شعبيتهم، لذلك هناك تخوف بينهم من عدم تمكنهم من الفوز في الانتخابات، لهذا السبب كان التليين، وتغيير السياسة تجاه سوريا، وفق ما نقل موقع "الحل نت".

 

الزعبي: تعامل المسؤولين الأتراك سياسياً ومحلياً مع قضية اللاجئين بسيناريو دراماتيكي، أجبر اللاجئين على التفكير في سيناريوهات الحياة

 

 من جهته، قال الباحث والمحلل السياسي الدكتور ليث عبيدات في تصريح صحافي: إنّه على المستوى المحلي، زودت إدارة أزمة اللاجئين حزب "العدالة والتنمية" بأداة استطرادية مناسبة، سمحت لإدارة أردوغان بادعاء التفوق الأخلاقي من خلال التأكيد على السمة الإنسانية لسياسة الباب المفتوح، القائمة على الكرم والأخوة. وضمن هذا المنظور، تجسد تهجير السكان السوريين كفرصة لقتل عصفورين بحجر واحد؛ فقد سمحت لحزب "العدالة" بتهميش المعارضة، والتملق لناخبيه المحافظين، وصياغة سياسته "الصديقة للاجئين"، كالتزام أخلاقي مستمد من التقاليد الإسلامية.

 هناك عدة أسباب لتغيير سياسة تركيا تجاه سوريا، منها اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في تركيا عام 2023

 شعار "الهجرة أو الموت" هو السائد حالياً لدى العديد من السوريين داخل تركيا، بحسب ما ذكره عبيدات، وذلك لأنّ الأتراك الذين يواجهون وضعاً اقتصادياً متدهوراً مع ارتفاع معدلات التضخم وتراجع قيمة الليرة، وجّهوا استياءهم تجاه اللاجئين، وخاصة السوريين والأفغان، متهمين إيّاهم بسرقة الوظائف، وزيادة الإيجارات.

 ويشير عبيدات إلى أنّ استطلاعات الرأي تظهر أنّ معظم الأتراك يريدون إعادة اللاجئين إلى ديارهم، ويستغل السياسيون من اليمين واليسار، الذين يولون اهتماماً للانتخابات البرلمانية والرئاسية المقبلة، الغضب الشعبي لمهاجمة سياسة التوطين لـ"حزب العدالة والتنمية"، الحاكم والتي بسببها تبنّي سياسية إعادة اللاجئين أو تشجيعهم على الهجرة، من أجل الضغط على أوروبا بملفات سياسية أخرى تخص الإشكالات القائمة على غزو روسيا لأوكرانيا.

 

عبيدات: شعار "الهجرة أو الموت"، هو السائد حالياً لدى العديد من السوريين داخل تركيا، لأنّ الأتراك وجّهوا استياءهم بسبب غلاء الأسعار والبطالة والفقر تجاههم

 

 وفي سياق متصل بالانتهاكات بحق السوريين وخطاب الكراهية، قال عضو منصة حقوق اللاجئين طه الغازي: إنّ السوريين غير مرتاحين بسبب خطاب الكراهية المنتشر في المجتمع، وهذا العام 60% من العائلات السورية تفكّر في عدم إرسال أطفالها إلى المدارس خوفاً"، وفق دراسة أجرتها المنصة.

 وقد بلغ عدد السوريين الذين حصلوا على الجنسية التركية منذ عام 2015 نحو (120) ألف سوري، وتُثار التساؤلات حول حقيقة اندماجهم في المجتمع الجديد، وهل أنّ جميع من حصل على الجنسية هم موالون لحزب العدالة والتنمية الإسلامي الحاكم، الذي يقوده الرئيس رجب طيب أردوغان؟

يأتي ذلك، بينما يعيش في تركيا اليوم فعلياً قرابة (3) ملايين سوري، حوالي مليون منهم في سنّ الدراسة، بينما تبلغ نسبة الملتحقين بالمدارس حوالي 60% فقط، وسط مخاوف من زرع مفاهيم وأفكار الحزب الحاكم في عقولهم من خلال المناهج الدراسية الموجهة، على نمط مدارس "إمام-خطيب" التركية التي تعتمد الدين أولاً وتبتعد عن العلمانية.

 وما زالت الحكومة التركية تتجاهل مصير ما يزيد عن (400) ألف طفل سوري في عُمر الدراسة لا يتلقون اليوم أيّ تعليم، رغم تمويل الاتحاد الأوروبي لمدارس يُفترض أن تكون لهم.

 يُذكر أنّ هناك (3,7) ملايين لاجئ سوري يعيشون رسمياً في تركيا، ويخشى العديد من اللاجئين السوريين في تركيا أن تتم إعادتهم إلى بلادهم، خاصة بعد التحول الأخير في موقف تركيا من دمشق. 



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية