قانون الموازنة يُفجر خلافاً بين بغداد وأربيل... ما قدرة الائتلاف الحكومي على الصمود؟

قانون الموازنة يُفجر خلافاً بين بغداد وأربيل... ما قدرة الائتلاف الحكومي على الصمود؟

قانون الموازنة يُفجر خلافاً بين بغداد وأربيل... ما قدرة الائتلاف الحكومي على الصمود؟


30/05/2023

يرتبك المشهد السياسي في العراق، بعد عام كامل ساد فيه التوافق والانسجام، بين قوى ما يُعرف بـ "ائتلاف إدارة الدولة" التي شكلت حكومة محمد شياع السوداني في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي. الشرخ السياسي المرجّح قد يأتي بعد اتهامات وجهها "الحزب الديمقراطي الكردستاني" بزعامة مسعود بارزاني لشركائه في تكتل "الإطار التنسيقي"، نتيجة التغييرات التي أجرتها اللجنة المالية النيابية على الموازنة الاتحادية، والتي يعتبرها "الديمقراطي الكردستاني" تغييرات نالت من حصة إقليم كردستان. 

ووصف حزب بارزاني ما حصل بـ "المؤامرة والخيانة والظلم"، والتنصل من الاتفاق السياسي الذي مهّد لتشكيل الحكومة التي تعرقل تشكيلها عاماً كاملاً. وقد وجّه أصابع الاتهام لغريمه الكردي "الاتحاد الوطني الكردستاني"، وقد عدّ حزبه الأحرص على وحدة الصف الكردي من غيره.

وكانت أبرز التعديلات التي أجرتها اللجنة المالية النيابية، على الموازنة مؤخراً؛ هي إلزام إقليم كردستان بتسليم النفط الخام المنتج في حقوله بمعدل لا يقلّ عن (400) ألف برميل يومياً إلى وزارة النفط، لتصديرها عبر شركة (سومو) الحكومية، أو استخدامها محلياً في المصافي العراقية. وأيضاً إلزام كردستان تسليم حصتها من النفط قبل إعطائها استحقاقاتها المالية، وايداع إيرادات النفط في حساب مصرفي في البنك المركزي العراقي تحديداً.

ويرى "الديمقراطي الكردستاني" أنّ تلك التعديلات جاءت خلاف الاتفاق الذي أبرمه مع القوى الشيعية التي شكلت الحكومة الاتحادية في بغداد، ممّا دفعه إلى مقاطعة البرلمان والتصعيد الإعلامي بالضدّ من الائتلاف السياسي الحاكم.

الاتحاد يدافع عن نفسه

ويتصدى منذ أيام "الاتحاد الوطني الكردستاني" لكل الاتهامات التي وجهت له من قبل غريمه "الحزب الديمقراطي الكردستاني" في محاولة منهما لكسب الرأي العام الكردي، والتعبئة المضادة وفقاً لحسابات سياسية مختلفة.

الإطار التنسيقي يناقش خطوات إعادة الحزب الديمقراطي الكردستاني لائتلاف إدارة الدولة وتمرير قانون الموازنة الاتحادية

وأعرب حزب مسعود بارزاني عن استغرابه من قيام "الاتحاد الوطني الكردستاني بضم صوته إلى الأصوات التي تمسّ الحقوق القانونية والدستورية لشعب كردستان"، واصفاً ما قام به بـ "المؤامرة المسمومة ضد الإقليم، ولا تقلّ أبداً عن خيانة 16 تشرين الأول (أكتوبر)"، في إشارة إلى وقوف الاتحاد إلى جانب حكومة حيدر العبادي في 16 تشرين الأول (أكتوبر) 2017، وإجهاض مشروع استفتاء استقلال كردستان عن العراق.

بالمقابل، صعّد "الاتحاد الوطني الكردستاني" من خطابه الإعلامي بالضد من اتهامات نظيره الكردي، وأكد أنّ وقوفه إلى جانب تمرير الموازنة بصيغتها الحالية، يأتي لصالح الشعبين الكردي والعراقي بشكل عام. وقال في بيان له: "منذ أيام وكتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني في مجلس النواب العراقي تنشر البيانات والتصريحات بلهجة غير لائقة، ولا تتناسب مع مكانة وثقل العمل النيابي، وتريد تضليل شعب كردستان، ومنهمكة بالمزايدات البالية". 

الديمقراطي الكردستاني يصف وقوف الاتحاد الوطني مع الإطار التنسيقي بالمؤامرة، والاتحاد يردّ: لا أحد يزاود علينا

وأوضح أنّه "من أجل مصلحة شعب كردستان ومراعاة حساسية الوضع، وانشغالنا بتثبيت المطالب المشروعة للناس في الموازنة، لم نرغب في الرد والنزول إلى ذلك المستوى المتدني وغير اللائق"، وتابع: "نقول فقط ليس بإمكان أيّ أحد، أو جهة، أن يزايد علينا في قضايا الدفاع عن حقوق شعب كردستان في بغداد، وحماية إقليم كردستان، والقضايا القومية والوطنية".

الموقف السنّي

التمثيل السياسي السُنّي يأخذ جانب الحياد في أتون الخلاف بين القوى الكردية والقوى الشيعية المنضوية في "ائتلاف إدارة الدولة". وعلى الرغم من التصعيد الواضح للنائب الأول لرئيس مجلس النواب، القيادي في الحزب "الديمقراطي الكردستاني" شاخوان عبد الله، بالضد من اللجنة المالية و"الإطار التنسيقي"، إلّا أنّ رئيس المجلس محمد الحلبوسي يحاول أن يضبط حياد البرلمان إزاء الخلاف على تمرير قانون الموازنة.

وكان الحلبوسي قد أعلن أنّ مجلس النواب سيصوّت على قانون الموازنة الاتحادية السبت (الماضي)، إلّا أنّ التعديلات الأخيرة دعت نائب رئيس البرلمان شاخوان عبد الله إلى إعلان تأجيل الجلسة إلى إشعار آخر. ويحاول تحالفا "السيادة" و"العزم" السُنّيان أن يحافظا على توازن علاقتهما مع سائر الأطراف الكردية والشيعية، ويعملان مع كلا الطرفين للوصول إلى تسوية أو صيغة توافقية للحيلولة دون تصدع الائتلاف السياسي الحاكم في بغداد.

كتلة الاتحاد الوطني الكردستاني تقف إلى جانب التعديلات الأخيرة التي أجرتها اللجنة المالية في البرلمان

وحذّر عضو تحالف العزم مشعان الجبوري من قيام بعض النواب بعرقلة الاتفاقات التي جمعت أطراف "إدارة الدولة". وقال: "لا شك أنّ هناك نواباً وسياسيين يعملون بكل طاقتهم لإفساد اتفاق بغداد وأربيل". وتابع قوله: "وخاصة حول الموازنة التي تمثل أساس ضمان وحدة البلاد، والاستقرار السياسي، وحقوق المواطن في كلّ العراق وكردستان".

اجتماع الإطار التنسيقي

على الصعيد الآخر، يبدي (الإطار التنسيقي) محاولات يعدّها جادة لعودة "الحزب الديمقراطي الكردستاني" إلى ساحة البرلمان، وتسوية الخلافات بشأن ما يتعلق بالفقرتين (13و14) من قانون الموازنة الاتحادية، مبدياً عدم رغبته بتمرير الموازنة عن طريق "الأغلبية السياسية".

وعقد زعماء الإطار أمس الإثنين اجتماعاً في مكتب النائب الأول لرئيس مجلس النواب محسن المندلاوي، بحضور رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني وقادة سياسيين، لمناقشة ملف موازنة 2023 في ضوء المستجدات الأخيرة.

التمثيل السياسي السُنّي يأخذ جانب الحياد في أتون الخلاف بين القوى الكردية والقوى الشيعية المنضوية في "ائتلاف إدارة الدولة"

ويرى سالم العنبكي، القيادي في الإطار التنسيقي، أنّ الاجتماع الأخير "جاء لتلافي أن تمرر الموازنة بالأغلبية السياسية، وأن يكون الاتفاق السياسي هو الحل من خلال تقريب وجهات النظر".

وأضاف: "نتوقع أن تُعرض الموازنة أمام مجلس النواب للتصويت نهاية الأسبوع الجاري، لكنّه موعد ليس جازماً، وننتظر ردّ الكرد على نتائج اجتماع الإطار التي تدفع إلى أن تكون هناك تنازلات من كل الأطراف من أجل تمرير الموازنة التي تمثل أهمية كبيرة لكلّ الشرائح العراقية".

وأشار إلى أنّ "الموازنة ستمرر، سواء بالأغلبية السياسية أو بالاتفاق السياسي، إذا ما وصلت إلى مجلس النواب"، مبيناً أنّ "الكرد يدركون هذا، لذا نعمل باتجاه أن يكون المسار وفق التوافقات التي تلبي مصالح كل الأطراف دون استثناء، بما يخدم الصالح العام".

مواضع ذات صلة:

العراق: شجار ينهي جلسة برلمان كردستان... والمعارضة تصف ما جرى بالمسرحية... ماذا حصل؟

العراق: سجاد سالم نائب أعزل بمواجهة الحشد الشعبي... ما نتيجة المواجهة؟

العراق: الاحتجاجات المطلبية بين مطرقة الصدريين وسندان الإطار التنسيقي



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية