قصف الحرس الثوري لكردستان العراق: الملالي ينتقمون

قصف الحرس الثوري لكردستان العراق: الملالي ينتقمون

قصف الحرس الثوري لكردستان العراق: الملالي ينتقمون


11/10/2022

تواصل إيران تنفيذ اعتداءاتها الخارجية، وتهديداتها، على شمال العراق، بحجّة وجود قوى كردية معارضة تقوم بتعبئة الاحتجاجات المنتشرة في غالبية مدن وأقاليم إيران، إثر مقتل الفتاة الكردية الإيرانية، مهسا أميني، على يد أفراد دورية "شرطة الأخلاق" بسبب "الحجاب السيء"، على حد تعبير النظام. 

تفريغ الأزمة من حمولاتها

وفي ما يبدو أنّ الحكومة الإيرانية تستهدف تصفية الحراك الثوري الاحتجاجي الذي يطوق البلاد، بينما تبعث تداعياته بمخاطر جمّة على النظام. ويسعى الملالي، في طهران، إلى تشتيت انتباه القوى المحلية والخارجية من خلال سلوكها العدواني، المتكرر والتقليدي، ضد كردستان العراق، وتقليص الأزمة إلى حدود الصراع الفئوي أو اعتبارها مجرد تمرد أقليات على أساس قومي، وقد اتهم مسؤولون إيرانيون المحتجين بأنّهم "عناصر انعزالية".

وزعمت الخارجية الإيرانية وجود جماعات "انفصالية وإرهابية" تهدد أمن إيران في كردستان العراق، وذلك بالتزامن مع القصف المستمر على الإقليم؛ إذ إنّ الضربات التي طاولت مناطق الأكراد في شمال العراق، بواسطة الطائرات المسيّرة والصواريخ، قد نجم عن إحداها في 28 أيلول (سبتمبر) الماضي، مقتل 14 شخصاً، منهم امرأة حامل، فضلاً عن إصابة أكثر من خمسين شخصاً "معظمهم من المدنيين وبينهم أطفال دون سن العاشرة"، وفق بيان جهاز مكافحة الإرهاب في الإقليم. 

الاحتجاجات، التي انطلقت شرارتها من كردستان إيران وفي طهران على خلفية مقتل الفتاة الإيرانية الكردية، انخرطت في مواجهة مباشرة مع نظام الملالي ولم تعد مسألة حجاب قسري 

وقال الحرس الثوري الإيراني، إنّ مجموعات المعارضة الكردية الموجودة في كردستان العراق، تعمد إلى "مهاجمة إيران والتسلل إليها لزعزعة الأمن وإثارة أعمال شغب ونشر اضطرابات". 

وبالتزامن مع الاعتداء الإيراني على شمال العراق، تواصل القوات الأمنية الإيرانية عمليات القمع الوحشي بحق الأكراد في مناطقهم بكردستان إيران، ما تسبب في اندلاع مواجهات محتدمة ودموية مع عناصر الحرس الثوري، حيث كشفت وكالة أنباء "مهر" الإيرانية، عن مقتل أحد عناصر "الحرس" في مدينة سنندج عاصمة محافظة كردستان الواقعة غرب البلاد.

الحرس يواصل تهديداته الخارجية

وذكرت وكالة الأنباء الإيرانية، أنّ غلام رضا بامدي أحد كوادر فيلق "بيت المقدس" التابع للحرس الثوري في كردستان إيران قد قُتل، بالإضافة إلى مقتل قائد وحدة النجدة بقوى الأمن الداخلي في مدينة مريوان بالمنطقة ذاتها قبل عدة أيام.

وفي أعقاب القصف الأخير لأربيل من قبل الحرس الثوري الإيراني، أوضح إقليم كردستان العراق، مطلع الأسبوع، أنّه "سيتم إخلاء مقرات الجماعات الكردية المعارضة لإيران في المنطقة".

ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية "إرنا" عن ممثل إقليم كردستان العراق في إيران، ناظم الدباغ، قوله إنّ "حكومة الإقليم تسعى لوقف هذه الجماعات المسلحة من أجل منع الحرس الثوري الإيراني من مهاجمتها مرة أخرى".

وأشار الدباغ إلى أنّه "لا أحد من مسؤولي حكومة الإقليم له علاقات مع الجماعات الكردية المعارضة للجمهورية الإسلامية، واجتماعاتهم وتواجدهم في مقار هذه المجموعات جزء من نشاطهم للتفاوض ونقل الرسائل والحد منها".

بيد أنّ قناة العالم الإيرانية أوضحت أنّ "هجمات الحرس الثوري توقفت بعد تدمير أهدافها المحددة، واستمرارها سيكون مرتبطاً بالسلوك المستقبلي لسلطات منطقة كردستان العراق".

حركات تمرد ومؤامرات

وفي حديثه لـ"حفريات"، يوضح الصحفي السوري، زياد الريس، أنّ النظام الإيراني لم يتوقف عن استهداف مناطق الأكراد، منذ سنوات، وهذا الاستهداف المتكرر تتفاوت درجاته بحسب طبيعة الحراك الاحتجاجي في إيران، بين الحين والآخر، وذلك بهدف "تصدير الأزمات" التي يقع تحت وطأتها النظام مع الشعب الإيراني، فضلاً عن تشتيت الأنظار عن الوقائع التي تجري في العديد من مدن وأقاليم طهران، بما فيها من قمع وخروقات لحقوق الإنسان. 

الصحفي السوري، زياد الريس لـ"حفريات": النظام الإيراني لم يتوقف عن استهداف مناطق الأكراد، منذ سنوات، وهذا الاستهداف المتكرر تتفاوت درجاته بحسب طبيعة الحراك الاحتجاجي في إيران

ووفق الريس، فإنّ النظام في طهران يستهدف، من خلال قصف أربيل، بعث رسالة إلى الخارج مفادها أنّ "كل ما يحصل من تظاهرات واحتجاجات في طهران ما هي إلا حركات تمرد موجهة من خارج الحدود، وأنّها تستهدف وحدة أراضي الجمهورية الإسلامية من قبل القوميات غير الفارسية والأقليات". 

ويلفت الصحفي السوري، إلى أنّ هناك تفاهمات إيرانية تركية حول العمليات العسكرية الأخيرة، خاصة أنّه مع بداية الاحتجاجات الإيرانية التي دخلت أسبوعها الرابع، صعدت إيران من عملياتها الأمنية والعسكرية في المناطق الكردية بإيران، وكذا في عمق الاراضي العراقية. 

الصحفي السوري زياد الريس: رسالة الملالي إلى الخارج

ويتابع: "بالتنسيق مع تركيا أيضاً عمدت طهران إلى رفع وتيرة القصف والاستهداف للأراضي العراقية، بينما قامت بتنفيذ عمليات هبوط لعناصر المظلات بهدف اغتيال قادة عسكريين كرد، تطاولهم اتهامات بالإرهاب من قبل النظام التركي". 

ويرجح المصدر ذاته، أنّ القصف الإيراني المتواصل لكردستان لن يتوقف، بل إنّ الملالي سوف تبحث في كل مرة عن الحجج المناسبة لتبرير عدوانها، الأمر الذي يحقق لها الاستقرار السياسي المؤقت، وكذا تقليل مخاطر أي استدارة من جانب الأقليات القومية والدينية للمطالبة بحقوقها بإيران.

واصل الحرس الثوري تهديداته لحكومة إقليم كردستان بشن هجمات جديدة، مطلع الأسبوع، وذلك إذا لم تتراجع أنشطة الجماعات المعارضة الموجودة في الإقليم ضد طهران.

إطلاق النار هذا (لن) يستمر

ونقلت وكالة "تسنيم" الإيرانية عن مصدر مطلع، لم تكشف هويته، قوله إنّ "هجمات الحرس الثوري الإيراني توقفت بعد تدمير أهداف محددة سلفاً"، لكنّه عاود التأكيد على أنّ استمرار القصف سيعتمد على "السلوك المستقبلي" لـ"سلطات المنطقة الشمالية من العراق".

وقال المصدر الذي تحدث للوكالة الإيرانية، شبه الرسمية، إنّه إذا اتخذت حكومة أربيل "قراراً معقولاً" لمنع الأعمال المعادية لإيران، فإنّ "إطلاق النار هذا لن يستمر".

وفي حال لم يحدث ذلك "فإنّ الحرس الثوري الإيراني سوف يستأنف عملياته" ضد الجماعات المعارضة لطهران. وتابع: "يحتفظ (الحرس الثوري) بالحق في تحديد طريقة تنفيذ العملية".

الباحث هاني سليمان: النظام الإيراني وضع نفسه في حالة انتقام

إذاً، قيام إيران بتكرار الهجوم على كردستان العراق يعكس عدة مؤشرات، وفق الباحث المصري المتخصص في العلوم السياسية، الدكتور هاني سليمان، ومنها أنّ "النظام وضع نفسه في حالة انتقام مع القومية التي تنتمي لها الفتاة مهسا أميني، بما يؤدي إلى تفجير لغم الصراع القومي الذي، ربما، يحمي النظام من تداعيات اتساع وتيرة الاحتجاج الذي تجاوز صفته الفئوية إلى رفض النظام السياسية برمته".

ويلفت الباحث المصري المتخصص في العلوم السياسية، في حديثه لـ"حفريات"، إلى أنّ الاحتجاجات، التي انطلقت شرارتها من كردستان إيران وفي طهران على خلفية مقتل الفتاة الإيرانية الكردية، انخرطت في مواجهة مباشرة مع نظام الملالي، بينما لم تعد القضية مسألة الحجاب القسري أو التعامل العنيف من قبل الشرطة.

ويردف: "النظام الإيراني يعاني مأزقاً حقيقياً، داخلياً وإقليمياً، وبالتالي؛ يحاول نقل المعركة إلى مواجهة أقل حدة وأكثر هامشية، وهي محاولة لتشتيت المجتمع الدولي، وتصدير فكرة أنّ هذه مواجهة تنحصر بين الحكومة والقوميات الانفصالية. كما يحاول النظام تثبيت سرديته بشأن المؤامرات الخارجية التي تحرك التظاهرات".

مواضيع ذات صلة:

-إيران: الاحتجاجات تصل مناطق جديدة ومسؤولون يهددون.. آخر التطورات؟

ثورة النساء في إيران تتحدى آلة القمع الأمنيّة



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية