قواعد غابت عن تيارات التطرف

قواعد غابت عن تيارات التطرف

قواعد غابت عن تيارات التطرف


08/06/2023

حسين القاضي

تتعدّد الدوافع والمسبّبات التى تؤدى إلى التطرف وخلق بيئة مواتية للفكر المنحرف، منها دوافع فكرية وسياسية واقتصادية ونفسية، وتبدأ الدوافع وتنتهى عند غياب قواعد علمية، بغيابها انطلقت الجماعات نحو التطرّف والتشدّد والإرهاب، مما جعل هذه التيارات تدخل إلى القرآن والسنة بتصورات مسبقة، أو نظريات خاصة؛ وتنطلق لتستنطق القرآن بما تريد، وتقول ما تحب، فجعلت مفاهيمها وتصوراتها القائد للقرآن وليس العكس.

وقد ورد فى كتاب «الحق المبين»، التنبيه على قواعد كلية مهمة، بإغفالها فى الخطاب الدينى والمحاضن التربوية التعليمية، فيظل المجتمع يعانى من ويلات التطرف والتشدد، وأول ذلك: جمع كل الآيات والأحاديث المتعلقة بالقضية، حتى يتاح لنا النظر فى القضية بصورتها الكلية الكاملة، من خلال مجموع مفرداتها ومتعلقاتها، وإلا فإن انتزاع أحد النصوص دون ما يتعلق به ويتمّمه ويكمله يجعل الآية القرآنية التى انتُزعت كأنها سمكة أخرجت من الماء.

- احذر من أن تستنبط من القرآن معنى يؤدى إلى بطلان النص؛ فإنه يجوز أن نستنبط من النص الشريف معنى يخصّصه أو يعمّمه، لكن لا يستنبط منه معنى يعود عليه بالبطلان، قال الإمام ابن حجر الهيتمى فى (الفتاوى الفقهية الكبرى): (ومن قواعد الشافعى رضى الله عنه أنه يستنبط من النص معنى يخصصه أو يعممه ولا يستنبط منه نصاً يعود عليه بالبطلان).

- احترم تراث المسلمين، وانطلق منه، وأضف إليه، وانتفع بما فيه من مناهج، دون الوقوف عند المسائل المعينة، التى أفرزها زمانهم وتجاوزها زماننا، لكنها عالجوها ونظروا فيها، وقاموا معها بالتصوير والتكييف والتعليل والتدليل، وفق منهج سديد من النظر، فخرجت النتيجة محقّقة مقاصد الشرع فى زمانهم، ولو أجرينا المنهج بعينه تصويراً وتكييفاً لحوادث زماننا لخرجنا بنتيجة أخرى، تحقّق مقاصد الشرع فى زماننا، فلا تجمد أيضاً عند أقوالهم.

- لا بد لصناعة فهم صحيح وفق ثلاثة أركان عظام: معرفة الوحى الشريف، ومعرفة مناهج فهمه، والإلمام بالواقع إلماماً صحيحاً.

- الفقه والفكر والأطروحات والاستنباطات التى صنعت وأنتجت وتبلورت تحت ضغط نفسى، أو بين جدران السجون، أو بدافع الحماسة فقط، لا يكون إلا فكراً مضطرباً، لم يستوفِ حقه من النظر، ولم يتهيأ له مسلك صناعة العلم على معهود أهله، فقد روى البخارى فى صحيحه: كتب أبوبكرة إلى ابنه بأن لا تقضى بين اثنين وأنت غضبان؛ فإنى سمعت النبى، صلى الله عليه وسلم، يقول: (لا يقضين حَكَمٌ بين اثنين وهو غضبان)، والسبب أن الغضب والانفعال لا يدع للعقل مجالاً لإحكام النظر، وقال حجة الإسلام الغزالى فى (المستصفى): (قوله عليه الصلاة السلام: «لا يقض القاضى وهو غضبان» تنبيه على أن الغضب علة فى منع القضاء، لكن قد يتبين بالنظر أنه ليس علة لذاته، بل لما يتضمنه من الدهشة المانعة من استيفاء الفكر، حتى يلحق به الجائع والحاقن والمتألم).

- باب المصالح والمفاسد لا يصلح للاجتهاد فيه إلا من أحاط بمقاصد الشريعة جملة وتفصيلاً، كما قال الشاطبى فى (الموافقات): (الاجتهاد -إن تعلق بالاستنباط من النصوص

- فلا بد من اشتراط العلم بالعربية، وإن تعلق بالمعانى، من المصالح والمفاسد، فلا يلزم فى ذلك العلم بالعربية، وإنما يلزم العلم بمقاصد الشرع من الشريعة جملة وتفصيلاً).

- للسيرة النبوية قواعد فى الاستنباط منها، واستخراج الأحكام من وقائعها، ومن تسرع فى الإلحاق بها والقياس عليها فقد كذب على النبى، صلى الله عليه وسلم، ونسب إليه نقيض شرعه، ومن كذب عليه فليتبوأ مقعده من النار، قال الإمام الزركشى فى (البحر المحيط): (ثم وراء ذلك غائلة هائلة، وهى أنه يمكن أن الواقعة التى وقعت له هى الواقعة التى أفتى فيها الصحابى، ويكون غلطاً، لأن تنزيل الوقائع على الوقائع من أدق وجوه الفقه، وأكثرها للغلط).

عن "الوطن"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية