قوانين الحجاب في إيران.. سلطة صارمة تجرم النساء وعقوبات تبث الرعب

قوانين الحجاب في إيران.. سلطة صارمة تجرم النساء وعقوبات تبث الرعب

قوانين الحجاب في إيران.. سلطة صارمة تجرم النساء وعقوبات تبث الرعب


06/12/2022

تشير ورقة صادرة عن هيئة "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، وهي مؤسسة رسمية إيرانية تشرف على فرض التعاليم الدينية الإسلامية في المجتمع الإيراني، إلى أن نحو 60 بالمئة من نساء إيران لا يرتدين الحجاب، وتعتبر الورقة هذا العدد من النساء في البلاد "مجرمات" وفقا لقانون العقوبات الإيراني.

وتورد الورقة التي تحمل تاريخ عام  1400 الفارسي (عام 2021)، والتي صدرت عدة نسخ منها، واحدة مطولة تصل إلى 120 صفحة، استراتيجية لحمل النساء الإيرانيات على "الالتزام بقوانين الحجاب"، مستندة إلى فتاوى لمؤسسة الجمهورية، روح الله خميني، والمرشد الإيراني الحالي علي خامنئي.

وفي الورقة، تحذر الهيئة من أن استمرار عدم الالتزام بالشكل الصارم من الحجاب سيؤدي إلى "التطبيع" مع الشكل المخالف من الحجاب ومن ثم إلى إلغاء الحجاب بالكامل.

وبشكل عام، يوجب الحجاب وفق القانون الإيراني على المرأة تغطية شعرها بالكامل وكامل جسدها بملابس فضفاضة أو ما يسمى بالشادور، وهو عباءة سوداء أو ملونة تغطي كامل الجسم.

تاريخ فرض الحجاب

عقب نجاح الثورة، اعتبر قادة إيران الجدد أن على النساء أن يرمزن إلى الطابع الإسلامي الجديد للدولة. وفي 7 مارس 1979 فرض الحجاب الإلزامي على كافة النساء، كما أصبح الزي الرسمي الذي يجب أن ترتديه كل النساء اللواتي تولين مناصب قيادية في الدولة أو تزوجن من وزراء؛ تعبيرا عن أنه الرداء الذي يرضى عنه الخميني في دولته الجديدة، كما يقول موقع "ارفع صوتك".

تصادفت صبيحة اليوم التالي لاتخاذ ذلك القرار مع الاحتفال باليوم العالمي للمرأة، وهو ما عدته آلاف النساء فرصة ذهبية للاحتجاج على القرار فخرجن في تظاهرات عدة أجبرت الحكومة الإيرانية على التراجع عن تطبيقه لفترةٍ من الزمن.

رغم الاحتجاجات النسائية، لم يتخل رجال الدين عن فكرة "التحجيب"، فعادوا وطبقوها مجددا ولكن بشكل تدريجي.

يقول الكاتب، فهمي هويدي، في كتابه: "إيران من الداخل" إن السلطة الإيرانية اعتبرت ضمنا أن الحجاب زي إسلامي ملزم للجميع. وتولت لجان الثورة تطبيق هذا التوجيه ومتابعة الالتزام به في الشوارع.

يقول هويدي: "اندفع الشباب في هذا الاتجاه حتى أساء بعضهم التصرف. وتجاوز حدود النصح والإرشاد إلى الإهانة والتقريع. وقيل لي إنهم كانوا يستوقفون بعض النساء في الشوارع، ويطالبونهن بإحكام غطاء الرأس، أو إزالة الأصباغ من الوجه".

زاد الأمر تطرفا حينما تقرر تشكيل فرقة نسائية عرفت بِاسم "أخوات زينب" تراقب مدى التزام النساء بالحجاب و"عدم الإسراف" في استخدام مستحضرات تجميل، إلا أنه تقرر إلغاء هذا التنظيم في أوائل التسعينات بسبب عنف منتسباته الشديد تجاه الإيرانيات حتى وصفن بأنهن "سببن الرعب للنساء في الشوارع".

عقوبة إيرانية لا إسلامية

يحاول رجال الدين في إيرن تبرير إلزامية الحجاب بأنه يدخل ضمن سلطة الدولة في ضبط المجتمع، مثلما فعل المرجع، عبد الكريم موسوي أردبيلي، رئيس السلطة القضائية في إيران الذي برر تقنين الحجاب بقوله: "يجب أن نفرق بين المبدأ والأسلوب. وأنا أوافق على التفرقة بين الأحكام الشرعية والآداب الإسلامية، لكني أضيف أن المسائل التي لم ينَص فيها على حكم شرعي، لا ينبغي أن تترَك بغير تدخل من جانب الدولة".

وكذا قال المرجع الديني، لطف الله الصافي الكلبايكاني: "جميع النساء مطالبات بالحجاب حتى غير المسلمات، وللحاكم أن يعاقب المخالفات".

رمز "للجمهورية الإسلامية"

بحسب، محمد الصياد، فإن مسألة الحجاب لم تعد مشكلة اجتماعية أو دينية، بل أصبحت رمزا سياسيا للدولة الدينية في إيران. رمز يتصارع حوله المعارضون لحكم الرجال الدين والمؤيدون له الذين يدعون للتمسك بالقانون وتنفيذه بصرامة.

لذا كان الحجاب حاضرا دائما وأبدا في أي صراع سياسي تشهده إيران. وكان مفهوما أن يقل تشدد السلطات تجاه الحجاب في عهدي الرئيسين ذوَيْ الميول الإصلاحية؛ هاشمي رفسنجاني ومحمد خاتمي.

لكن هذا التشدد عاد بقوة في عهد الرئيس المحافظ، محمود أحمدي نجاد، الذي دشنت الشرطة في عهده حملة للتصدي لـ"الحجاب السيء".

يفسر هذا أيضا تصريحات قادة أمنيين إيرانيين بأن الحجاب "خلق أجواء إسلامية ساعدت الجمهورية الإسلامية على البقاء"، لذا هم يعتبرونه "خطا أحمر" لا يسمح للإصلاحيين ومعارضي النظام تجاوزه.

من قلب مدينة "قم" معقل رجال الدين، قال، عبد الرضى آقاخاني، قائد قوى الأمن الداخلي في المدينة:  "إن العفة والحجاب إحدى هواجس المرشد ومراجع التقليد، والأئمة، والشعب المتدين. وهناك 26 جهازا يلعبون دورا في موضوع الحجاب والعفاف، الجانب الأكبر منها له دور ثقافي، والجزء الأصغر منه تنفيذي، وهو الذي تتولاه القوات الأمنية الإيرانية".

وهو تقريبا نفس ما عبر عنه المرشد الأعلى للجمهورية، علي خامنئي، حين صرح قائلا: "لا أرى الحجاب منحصرا فقط في الشادور، ولكني أقول إنها أفضل أنواع الحجاب، هي شعارنا الوطني الذي لا يتنافى مع حركة المرأة".

ووفقا لدراسة الصياد، اعتقلت 30 ألف امرأة بين عامي 2003 و2013، وتعرضت 460 ألف أخرى للتوبيخ بسبب سوء ارتداء الحجاب.

يأتي هذا التمسك الإيراني بالحجاب بالرغم من بعض الآراء المتسامحة، حول شكل الحجاب وشروطه ومدى حق الدولة في إلزام النساء به، التي صدرت ليس فقط عن زعماء سياسيين وإنما عن رجال دين بارزين، مثل المرجعَيْن كمال الحيدري وحسين منتظري (أحد قادة الثورة الإيرانية وأول نائب للخميني بعد وصوله إلى الحكم) ورجل الدين المعروف أحمد قابل.

لكن هذه الآراء لم تخترق النواة الصلبة للنخبة الدينية الإيرانية التي تدعم النظام الحالي في معركته ضد نزع الحجاب، وتعتبرها مسألة وجودية قد تهدد استمرار الجمهورية الإسلامية برمتها.

قوانين الحجاب

على مر السنين، أدخلت الحكومة الإسلامية المزيد من الإجراءات القانونية والقيود الاجتماعية لفرض قوانين الحجاب الإلزامية. وبدأ تطبيق العقوبة الجنائية لمن يخالف القانون في التسعينيات وتراوحت العقوبات بين السجن والغرامة.

ومع ذلك، كان هناك تحول ضبط طريقة ارتداء النساء في طهران، بدءًا من يناير 2018.

ووفقًا لهذا المرسوم الجديد، كما يقول موقع Conversation فإن النساء اللواتي لم يلتزمن بالزي الإسلامي لم يعد يواجهن غرامات أو سجن، بل كان عليهن حضور دروس تعليم الإسلام.

وقالت تقارير إعلامية محلية نقلا عن قائد شرطة طهران آنذاك الجنرال، حسين رحيمي، "لن يتم نقل النساء بعد الآن إلى مراكز الاحتجاز، ولن يتم رفع دعاوى قضائية ضدهن".

لكن بعد صعود المتشددين، عقب انتهاء ولاية الرئيس الإصلاحي حسن روحاني، عادت الجهات الأصولية في إيران لمحاولة تشديد قوانين الحجاب.

وأعلن الرئيس الحالي، إبراهيم رئيسي، قبل نحو ستة أشهر أن قوانين الحجاب سيتم تطبيقها بصرامة.

وفي الورقة المسماة بـ"طرح عفاف وحجاب" باللغة الفارسية أو "بحث العفة والحجاب" بالعربية، والصادرة عام 2021 يشير المعدون إلى قوانين إيرانية متعلقة بارتداء الملابس للنساء في الأماكن العامة.

وتشير الورقة إلى الفقرة الخامسة من المادة 18 من قانون إعادة الموارد البشرية لمؤسسات الدولة والوزارات الذي يعتبر عدم مراعاة اللباس الإسلامي انتهاكا.

وتقول "لكن بعد فترة، تحت دعاية الجماعات النسوية في الخارج، أصبح شكل جديد من الحجاب سائدة في البلاد".

ووفقا للورقة، صدر أول قانون بشأن ملابس النساء في البلاد عام 1983، حيث نصت المادة 102 من قانون "التعزير" على أن "النساء اللواتي يظهرن في الأماكن العامة دون حجاب يحكم عليهن بالتعزير حتى 74 جلدة".

كما صدر تعميم من مكتب المدعي العام الإيراني عام 1984، بحسب الورقة، يأمر المسؤولين في الشركات الحكومية والخاصة بعدم إدخال النساء اللواتي لا يرتدين الحجاب.

وفي المادة 4 من قانون التعامل مع المخالفات ومعاقبة البائعين يشير القانون إلى "من يرتدي الملابس والمكياج في الأماكن العامة بما يخالف الشريعة أو يحرض على الفساد أو يخالف الحياء العام، يتم توقيفه ومحاكمته أمام محكمة مختصة، وبحسب الحالة، بإحدى العقوبات المنصوص عليها في المادة 2 ".

وتنص المادة الثانية على العقوبات "الإرشاد، التوبيخ، الجلد من 10-20 جلدة، والغرامة المالية"، وتضيف "إذا كان الجاني موظفًا حكوميًا، فبالإضافة إلى إحدى العقوبات المذكورة أعلاه، فسيتم الحكم عليه بإحدى العقوبات التالية: الفصل المؤقت لمدة تصل إلى عامين ، الفصل والفصل من الخدمات الحكومية، حظر التوظيف لمدة خمس سنوات في جميع الوزارات والشركات والمؤسسات والهيئات العامة".

كما يمكن أن يحاسب من لا يرتدي الحجاب وفقا المادة 638 من قانون العقوبات الإسلامي الذي يحاسب "من قام بارتكاب فعل محرم في الأماكن العامة والأماكن والممرات العامة بالحبس من عشرة أيام إلى شهرين أو حتى 74 جلدة"، ويضيف "إذا ارتكب فعلًا لا يعاقب عليه القانون، ولكنه يضر بالحياء العام، فسيُحكم عليه فقط بالسجن من عشرة أيام إلى شهرين أو حتى 74 جلدة".

ووفقا للمادتين 37 و38 من قانون العقوبات الإسلامي المعتمد  في عام 2013، فإذا قرر القاضي أنه  يمكنه تحويل سجن المتهم وجلده إلى عقوبة مالية، فإن المادة، وهي المادة 102 من  قانون التعزير لعام 1983، تنص على "النساء اللواتي يظهرن في الأماكن العامة دون حجاب، يتم سجنهن من عشرة أيام إلى شهرين أو تغريمهن بمبلغ خمسمائة ألف ريال".

لكن العقوبة ارتفعت في عام 2020، نتيجة للتضخم، إلى 10 ملايين ريال "250 دولارا تقريبا".

عن "الحرة"


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية