قيادات الإخوان في السجن... من يقف وراء أزمة الخبز في تونس؟

قيادات الإخوان في السجن... من يقف وراء أزمة الخبز في تونس؟

قيادات الإخوان في السجن... من يقف وراء أزمة الخبز في تونس؟


21/05/2023

تتصاعد أزمة نقص المواد الغذائية الأساسية في تونس، وفقدان بعضها تماماً بين الحين والآخر من الأسواق، لتشمل هذه المرّة نقصاً حاداً في الخبز (الرغيف)، ممّا أدى إلى اضطراب في عمل مصانع وغياب منتجات عن رفوف المتاجر، في البلاد التي يرى خبراء أنّ "الصعوبات المالية" التي تعاني منها هي السبب الرئيسي للأزمة، وسط تحذيرات من بلوغ الأزمة الاجتماعية ذروتها هذا الصيف.

وتشمل المواد التي تشهد نقصاً في السوق التونسية منذ بضعة أسابيع الخبز والطحين ومواد العجين وزيت الطبخ، وتشهد المخابز التونسية أزمة في ظل نقص في المواد الأولية اللازمة لصناعة الخبز غير المدعم، ممّا أدى إلى إغلاق نحو ثلثها البالغ عددها (1500).

أزمة خبز

وفي أحدث تطورات أزمة نقص المواد الأساسية وأخطرها، قال المجمع المهني للمخابز العصرية التابع لكنفدرالية المؤسسات التونسية المواطنة "كونكت": إنّ تونس ستشهد أزمة في مادة الخبز في حال عدم إيفاء سلطة الإشراف بالتزاماتها.

وجدّد المجمع المهني للمخابز العصرية، في بلاغ له الأربعاء، مطلبه لوزارة التجارة وتنمية الصادرات بمزيد من الحرص على احترام التزاماتها تجاه أصحاب المهنة لتفادي المزيد من تدهور الوضع.

وأعرب المجمع عن قلقه إزاء تواصل مشكل النقص الفادح في التزود بمادتي "الفارينة" (الطحين) والسميد، منذ أكثر من (3) أشهر في كامل الجهات، والذي أدى إلى إغلاق العديد من المخابز، ودعا المجمع المهني للمخابز العصرية بالمناسبة إلى الترشيد في استهلاك الخبز.

تشمل المواد التي تشهد نقصاً في السوق التونسية منذ بضعة أسابيع الخبز والطحين ومواد العجين وزيت الطبخ

ويحتلّ الخبز مكانة بارزة في المجتمع التونسي، وله دلالات سياسية واجتماعية، "فقد كان الخبز محرّكاً للفئات الثائرة على أنظمة الحكم"، لعلّ أبرزها "أحداث الخبز" التي جدّت في كانون الثاني (يناير) 1984، إثر رفع سعر الخبز من (80) مليماً إلى (170) مليماً في عهد حكومة الحبيب مزالي.

كان الخبز محرّكاً للفئات الثائرة على أنظمة الحكم، لعلّ أبرزها "أحداث الخبز" التي جدّت في كانون الثاني 1984

هذا، وأبلغ رئيس الغرفة الوطنية لأصحاب المخابز العصرية (غير المدعمة) محمد الجمالي وكالة (أنباء العالم العربي) الأسبوع الماضي بأنّ نسبة المخابز التي أغلقت بلغت 30%،  في ظل "صعوبات في التزود بالمادتين الأوليين لصناعة الخبز؛ وهما الفارينة (الطحين) والسميد".

سعيّد: البعض يسعى لتأجيج الأوضاع

هذه الأزمة التي رجّح خبراء اقتصاديون أنّها نتيجة للصعوبات المالية التي تعاني منها الدولة، إضافة إلى حالة الاضطراب التي تشهدها عملية التزود في الأسواق المحلية بسبب عدم قدرتها على دفع الفواتير للمزودين الخارجيين، إلّا أنّ الرئيس قيس سعيّد أشار في أكثر من مرة إلى وجود عمليات احتكار للمواد الغذائية من قبل المضاربين، ودعا وزيرة التجارة إلى مواجهة ذلك.

وقال سعيّد السبت: إنّ عدم توافر الخبز في الآونة الأخيرة يرجع إلى "سعي البعض لتأجيج الأوضاع الاجتماعية" في البلاد.

وأضاف سعيّد، بعد اجتماع مع وزيرة التجارة وتنمية الصادرات كلثوم بن رجب قزاح أنّ مسألة نُدرة الخبز في عدد من الولايات، منها القيروان وسليانة، تعود إلى "سعي البعض لتأجيج الأوضاع الاجتماعية والعمل على افتعال الأزمات، حيث إنّه من غير المقبول ألّا يتوفَّر الخبز في ولاية في حين يتوفَّر في ولايات أخرى مجاورة"، وفق بيان لرئاسة الجمهورية.

رجّح خبراء اقتصاديون أنّها نتيجة للصعوبات المالية التي تعاني منها الدولة، إضافة إلى حالة الاضطراب التي تشهدها عملية التزود في الأسواق المحلية

ولم يُحدد الرئيس التونسي من يُلقي عليهم باللوم في عدم توافر الخبز.

ونوَّه سعيد بأنّ "فقدان بعض المواد الأخرى أو نُدرتها في بعض الجهات من البلاد على غرار القهوة والسكر على سبيل المثال، بسبب الاحتكار والمضاربة غير المشروعة وسيطرة بعض (التجمعات) على مسالك التوزيع بغاية التنكيل بالشعب".

ويتناول الرئيس قيس سعيّد باستمرار ملف غياب سلع أساسية عن السوق، لكنّه يعتبر أنّ سبب النقص هو "الاحتكار" و"المضاربة.

أغلب قيادات الإخوان قيد الاعتقال

الأزمة الاجتماعية عدّها شق واسع من التونسيين، وحتى الرئيس التونسي نفسه، مفتعلة وغير بريئة، التقطت لحظات ضعف الدولة، التي تمرّ بظروف اقتصادية صعبة، نتيجة العشرية التي حكمت خلالها حركة النهضة الإخوانية، وأنّ أطرافاً بعينها تحاول تأليب الرأي العام التونسي ضدّ سعيّد.

ورغم أنّ سعيّد أكد في عدّة مناسبات أنّ من يقف وراء تواصل هذه الظاهرة، يسعى بكل الطرق لتأجيج الوضع الاجتماعي حتى يستفيد سياسياً، مشيراً إلى الإخوان الذين حاولوا بطرق عديدة العودة إلى المشهد السياسي، غير أنّ اعتقال أغلب القيادات الإخوانية المتهمة بتأجيج الأوضاع الاجتماعية، والتآمر على أمن الدولة، أضعف شكوك هذه المحاولات الجديدة.

يتناول الرئيس قيس سعيّد باستمرار ملف غياب سلع أساسية عن السوق، لكنّه يعتبر أنّ سبب النقص هو "الاحتكار" و"المضاربة

وقد اعتقلت السلطات التونسية عدداً من القيادات الإخوانية، في مقدمتهم عبد الحميد الجلاصي القيادي الإخواني والبرلماني السابق، وكمال اللطيف رجل الأعمال التونسي، بالإضافة إلى فوزي الفقيه، في قضية التآمر على أمن الدولة ومحاولة الانقلاب على الحكم.

وكانت مجموعة "متشعبة الأطراف" في تونس قد حاولت في 27 كانون الثاني (يناير) الماضي الانقلاب على الحكم، عن طريق تأجيج الوضع الاجتماعي وإثارة الفوضى ليلاً، مستغلة بعض الأطراف داخل القصر الرئاسي، إلّا أنّ قوات الأمن والاستخبارات التونسية تمكنت من إفشال هذا المخطط عن طريق تتبع مكالماتهم واتصالاتهم وخطواتهم، ليتبين أنّ خيام التركي -الشخصية التي أجمع عليها الإخوان لخلافة قيس سعيّد- كان حلقة الوصل فيها.

سعيّد: عدم توافر الخبز في الآونة الأخيرة يرجع إلى سعي البعض لتأجيج الأوضاع الاجتماعية في البلاد

وشهدت تونس خلال الفترة الماضية حملة توقيفات نفذتها قوات الأمن التونسية ضد سياسيين ومنتمين للإخوان ورجال أعمال متعاونين معهم وقضاة معزولين، وتعلقت أغلب التهم بشبهات التآمر على أمن الدولة وفساد مالي.

وقد اعتبر سعيّد حينها "أنّهم يتآمرون على أمن الدولة، ويُخططون ويُعِدّون لاغتيال رئيس الدولة، وهم تحت حماية الأمن"، مضيفاً أنّ "الأمر يتعلق بحياة الدولة، ومستقبل الشعب، وهم يتحدثون عن الإجراءات".

ارتفاع نسبة التضخم

إلى جانب فقدان بعض المواد الأساسية، يواجه التونسيون ارتفاعاً حاداً في الأسعار، وسط مخاوف من تدهور أسوأ للأوضاع المالية والاقتصادية للبلاد خلال هذا العام.

وبحسب معهد الإحصاء الحكومي، صعدت نسبة التضخم في تونس خلال شهر تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي إلى رقمين، مسجلة 10.1%، وهي النسبة الأعلى التي تسجل في البلاد منذ نحو (40) عاماً، وارتفعت أسعار الغذاء بنسبة 14.6%.

وشهد مؤشر مجموعة التغذية ارتفاعاً بنسبة 0,2% مقارنة بالشهر المنقضي. ويعود ذلك بالأساس إلى الارتفاع المسجل في أسعار الزيوت الغذائية بنسبة 2,8% وغيرها من المواد. وباحتساب الانزلاق السنوي ارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة 14,6%.

ولمواجهة هذا الانزلاق المالي، تسعى تونس للحصول على قرض بقيمة (1.9) مليار دولار من صندوق النقد الدولي، مقابل إصلاحات لا تحظى بقبول النقابات الاجتماعية، وتشمل خفض الإنفاق، وتجميد الأجور، وتخفيضات في دعم الطاقة والغذاء.

مواضيع ذات صلة:

اتفاق تصدير الحبوب على المحك... أي أزمة جديدة تنتظر منظومة الغذاء العالمي؟

كيف يتعايش العالم مع أزمة الغذاء؟ ومتى يتجاوزها؟

وزير الخارجية المصري يطرح حلاً لأزمة الغذاء العالمية... ما هو؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية