كمال الهلباوي: مسيرة إخوانية استقرت بوعي الانشقاق.. ماذا عن مستقبل الجماعة كما توقعه؟

وفاة الدكتور كمال الهلباوي عن عمر (84) عاماً... هذا آخر ما قاله عن الإخوان

كمال الهلباوي: مسيرة إخوانية استقرت بوعي الانشقاق.. ماذا عن مستقبل الجماعة كما توقعه؟


01/03/2023

"رأيت بأمّ عيني الانحراف عن المشروع الإسلامي الذي يحمله التنظيم..."، كانت تلك الكلمات مما كتبه الراحل كمال الهلباوي عن التنظيم، وهو المتحدث السابق باسم جماعة الإخوان المسلمين في الغرب، وقد نشره موقع "حفريات" ضمن مقال مطول للهلباوي، تحت عنوان: "مستقبل الإخوان... إشكاليات الواقع وجدل السيناريوهات المرتقبة"، منتصف نيسان (أبريل) الماضي.

تلك الانحرافات تتمثل، بحسب الهلباوي، في "استمرار الجوانب السريّة التي تحول دون التوثيق الدقيق، وتنامي الميل إلى العنف، رغم شعار السلمية المرفوع، والاستحواذ أو الرغبة الخالصة في السلطة، رغم شعار المشاركة، فضلاً عن ثغرات في المنظومة الأخلاقية، وضعف قراءة الواقع، وإهمال التدرج وأهل الخبرة من الشعب، وهم كثر، وتقديم أهل الثقة فقط، حتى من الإخوان".

وفاة الهلباوي 

مساء أمس الثلاثاء أعلن نجل كمال الهلباوي وفاة والده الذي يشغل منصب رئيس مجلس إدارة المؤسسة الإسلامية للاستثمار، عن عمر (84) عاماً، وقد شغل الهلباوي سابقاً منصب المتحدث باسم جماعة الإخوان في الغرب لعدة أعوام، قبل أن ينشق عن التنظيم في آذار (مارس) عام 2012.

وكتب عمرو الهلباوي، عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك": "انتقل إلى رحمة الله الوالد كمال الهلباوي، نسأل الله أن يغفر له ما تقدم له من أمره وما تأخر، وأن يسكنه الفردوس الأعلى من غير حساب ولا سابق عذاب".

مسيرة الهلباوي في تنظيم الإخوان

انضم الدكتور كمال توفيق الهلباوي لتنظيم الإخوان في سنّ مبكرة، تحديداً أثناء دراسته الثانوية في إحدى المدارس بمحافظة المنوفية أوائل الخمسينيات، وشغل عدة مناصب داخل التنظيم، وصولاً إلى عضو قيادة التنظيم العالمي الذي يضم مكتب الإرشاد ومجلس الشورى في التسعينيات.

انضم الهلباوي لتنظيم الإخوان في سنّ مبكرة

وحول رحلته داخل الجماعة يقول الهلباوي: "انضممت إلى تنظيم الإخوان المسلمين منذ وقت مبكر في مدرسة المساعي المشكورة الثانوية بشبين الكوم، وذلك في أوائل الخمسينيات، وفي تسعينيات القرن الماضي، بعد رحلة طويلة، كنت عضواً في قيادة التنظيم العالمي (مكتب الإرشاد ومجلس الشورى)، واستقلت من القيادة في العام 1997، وعملت على مشروعات فكرية دعوية منها: ماذا يُقدّم الإسلام للغرب، ومشروع الإرهاب (وجهة النظر الأخرى)، وبقيت عضواً في التنظيم.

منذ استقالته من التنظيم لم يسلم الهلباوي من سهام الاستهداف الإخوانية في كافة المناسبات، حتى أنّ عناصر التنظيم قد اختلفوا فيما بينهم في مسألة نعيه بعد وفاته

ويضيف: "لمّا قامت ثورة كانون الثاني (يناير) العظيمة، حملت حقائبي وعدت إلى مصر من بريطانيا؛ رغبة في مشاركة الشعب فرحته ومستقبله المشرق".

ويتابع: "عدت إلى مصر بعد (23) عاماً من حكم الرئيس مبارك، كنت فيها في المنفى بأهواله، واطلعت بعد العودة، عن قرب، على أوضاع الإخوان في مصر. وقد كانت هذه الأيام كاشفة، ثم استقلت من التنظيم كله في أواخر آذار (مارس) العام 2012، عندما كان الإخوان يظنون أنّهم في صعود سياسي، ويركزون على السلطة أكثر من الدعوة".

لماذا استهدفه الإخوان؟

منذ استقالته من التنظيم لم يسلم الهلباوي، كغيره ممّن خرجوا عن الإخوان، من سهام الاستهداف الإخوانية في كافة المناسبات، حتى أنّ عناصر التنظيم قد اختلفوا فيما بينهم في مسألة نعيه بعد وفاته، وقد ظهر ذلك جلياً في تعليقات على منشور كتبه القيادي الإخواني عصام تليمة نعى فيه وفاة الهلباوي، لتنهال عليه التعليقات المستنكرة لذلك، باعتبار أنّ الرجل قد هاجم التنظيم قبل وفاته.

واللافت أنّ التنظيم قد تعمد تشويه خصومه، خاصة المنشقين عن التنظيم، وقد جاءت آخر الهجمات المنظمة ضد الهلباوي في عام 2018، بعد طرحه مبادرة حملت اسم "الإصلاح في الأمّة".

رأى كمال الهلباوي المستقبل أمام جماعة الإخوان يغلب عليه الانهيار والانقسام، وربما بات مشهد النهاية قريباً في ضوء الأزمات التي يمر بها التنظيم في الوقت الراهن

ويقول الهلباوي: "في العام 2018، تقدمت بمبادرة للإصلاح في الأمّة ـوليست عن مصر وحدها- وليست عن الإخوان والتحديات فقط- ورغم ذلك انهالت الاتهامات على رأسي من الإخوان، ورفضوا المبادرة، وما كانت المبادرة إلّا للخروج من الصراع، والسعي للإصلاح في الأمّة الإسلامية والعربية، وفي مقدمتها مصر بالطبع، والاستفادة من القدرات والإمكانات البشرية الكبيرة، والتركيز على العدو الحقيقي".

مواقف مثيرة للجدل

كان للهلباوي العديد من المواقف المثيرة للجدل، نتيجة تصريحات كان أبرزها ما يتعلق بدعم إيران والإشادة بثورة الخميني والمرشد الإيراني علي خامنئي.

وقبل أعوام انتشر فيديو للهلباوي أثار جدلاً واسعاً، تحدث خلاله عن إنجازات إيران، على حدّ زعمه، في ظل قيادة الخميني وخامنئي، مشيداً بالتطور الذي شهدته البلاد عقب الثورة الإسلامية في العام 1979، وواصفاً الخميني بأنّه الأستاذ الذي يتعلم منه طلابه، وأنّهم؛ أي جماعة الإخوان، تعلموا منه كما تعلموا من مؤسس جماعتهم حسن البنا، وسيد قطب، بحسب "العربية".

كان للهلباوي العديد من المواقف المثيرة للجدل، نتيجة تصريحات كان أبرزها ما يتعلق بدعم إيران والإشادة بثورة الخميني والمرشد الإيراني علي خامنئي

ووصف الهلباوي خلال الفيديو خامنئي بالقائد الصابر، متمنياً أن تكون إيران نموذجاً يُحتذى به في كل شيء، في العدل وجمع السنّة والشيعة، وحقوق الإنسان.

ما توقعات الهلباوي لمستقبل الإخوان؟

رأى كمال الهلباوي المستقبل أمام جماعة الإخوان يغلب عليه الانهيار والانقسام، وربما بات مشهد النهاية قريباً في ضوء الأزمات التي يمر بها التنظيم في الوقت الراهن.

وفي مقاله المنشور بـ "حفريات" يقول الهلباوي: "أمّا عن سيناريوهات المستقبل، فالانقسام والصراع والتعدد مستمر، هذا على الساحة الداخلية، ولم يعد هناك ملاذات آمنة بالكامل بعد الاتهام بالإرهاب والعنف، وتغير صورتهم في العالم العربي، وخصوصاً في السعودية والإمارات، وأوروبا، لا سيّما بعد أن تخلّت أمريكا عن دعمهم في موضوع السلطة، وفي ضوء التسويات الدولية الجديدة، والانقسام مستمر؛ نظراً لاختلاف المنهج والفهم والتحالفات".

واختتم مقاله بـ : "يا ليت الإخوان ينظرون في أمرهم بموضوعية، فالعاقل لا يحمل فوق كتفه ما لا يطيق، وهذا حتى مخالف للشرع، ولعلهم يسعون نحو حلحلة التحديات، مهما كان الثمن، فإنّه أقل ممّا يحدث لهم حالياً في الداخل وفي الخارج، ولا يكونون كالعصفور الذي يرفع رجليه إلى السماء خشية أن تقع السماء على الأرض. والله تعالى المستعان".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية