كيف انعكس الصراع السنّي الشيعي على شكل الجغرافيا السياسية في الشرق الأوسط؟

كيف انعكس الصراع السنّي الشيعي على شكل الجغرافيا السياسية في الشرق الأوسط؟


كاتب ومترجم جزائري
14/01/2019

ترجمة: مدني قصري


كان الصراع السنّي الشيعي أرضاً خصبة للنزاعات في الشرق الأوسط، منذ أوائل الثمانينيات، كان التصدّع السنّي/ الشيعيّ في المقام الأوّل تصدّعاً لاهوتياً، الانشقاق الشيعيّ عام 656 (تاريخ مقتل الخليفة عثمان رضي الله عنه) بين السنّة والشيعة، أعيد إحياؤُه من قِبل الثورة الإيرانية، عام 1979.
داعش السنّي
اليوم، يدّعي داعش انتماءه إلى السنّة، الحركة ذات الأغلبية في الإسلام، أعداؤه الحتميون هم الشيعة، سواء في إيران أو في العراق، لكن في الشرق المعقّد؛ حيث يسود الإسلام، يُخفي الانقسام السنّي/ الشيعي أيضاً، تنافسات عميقة بين قوى محلية وخارجية عديدة، وقضايا اجتماعية ووطنية.
في البداية خلافٌ لاهوتي

في الشرق يُخفي الانقسام السنّي الشيعي تنافسات عميقة بين قوى محلية وخارجية عديدة وقضايا اجتماعية ووطنية

يستمدّ انقسام المسلمين بين ثلاثة فروع جذوره من الأيام الأولى لظهور هذا الدين، مع مرور الوقت، ازدادت وتفاقمت الفروقُ بين العقيدة والطقوس؛ ففي عام 656، مع ظهور الخليفة الرابع للنبي محمّد، صلّى الله عليه وسلّم، انقسمت جماعة المؤمنين (الأمة).
علي، رضي الله عنه، الخليفة الرابع، رغم أنّه صهر النبيّ، صلى الله عليه وسلّم، وابن عمه، لم يحظَ بالبيعة والإجماع؛ فمنذ تعيينه، صارت شرعيّة علي، رضي الله عنه، موضع تشكيك؛ فقد اتّهمه والي دمشق، معاوية، باتلأر في القصاص من قتلة عثمان رضي الله عنه، ولهذا جهّز جيشاً ضدّ الخليفة الجديد.
يدّعي داعش انتماءه إلى السنّة، الحركة ذات الأغلبية في الإسلام

حكم الجدارة
هُزم هذا الجيش، لكنّ الخليفة علي ما لبث بعد تردّده أن منحه الهدنة، لكنّ هذه الهدنة رُفضت من قبل معارضين أرادوا الانفصال (الخوارج)، هؤلاء الخوارج صاروا أنصاراً لما يسمّى "خلافة الجدارة"(1)، وقد قام أحدُهم باغتيال علي، رضي الله عنه، عام 661، واليوم؛ نجد أقليات خوارجية في تونس (جربة) والجزائر وليبيا.
ميلاد الشيعية
بعد اغتيال عليّ، أعلن معاوية نفسَه خليفة للمسلمين، وأسّس خلافة سلفية تابعة ووفيّة لتقليد (السنّة) النبي محمّد، صلى الله عليه وسلّم، وقد رفض ابنا عليّ، الحسن والحسين، الولاء لمعاوية، ربما لأسباب سياسية، وخاصة لأسباب دينية وروحية، وهي الأسباب التي أدّت في النهاية إلى ميلاد المذهب الشيعيّ.

اقرأ أيضاً: لماذا صارت طقوس السياسيين الشيعة مبعثاً لكوميديا عراقية ساخرة؟
ما لبث الفرق بين السنّة والشيعة أن أصبح تدريجياً فرقاً عقائدياً؛ صحيح أنّ السنّة والشيعة يدّعون انتماءهم لنفس القاعدة ...، لكن منذ (الفتنة) انقسموا إلى ثلاثة فروع في القرن السابع (الخوارج والسنّة والشيعة)، لم يتوقف الشيعة عن تطوير جهدهم الخاص في التفسير (الاجتهاد)، وهذا الاجتهاد تحديداً هو الذي ألهم الدستوريين في إيران، عام 1916، وهو الذي نصّب الخميني رئيساً للجمهورية الإسلامية، عام 1979، عائداً من منفاه في فرنسا.
ما لبث الفرق بين السنّة والشيعة أن أصبح تدريجياً فرقاً عقائدياً

السنّة والمذاهب الأربعة
أنهى السنّة، من ناحيتهم، جهد التفسير هذا منذ القرن الحادي عشر، من خلال الإبقاء على أربع مدارس فقهية فقط، والتي ما تزال موثوقة اليوم، وهي: المالكية، والشافعية، والحنبلية، والحنفية،
وهذه المدارس تندرج في تقليد المسلمين الأوائل.

اقرأ أيضاً: هل يختلف الشيعة على مفهوم ولاية الفقيه؟
المذهب المالكي هو مذهب الغالبية، في شمال إفريقيا، ومصر، والسودان، والشافعيون موجودون أيضاً في مصر وأندونيسيا وماليزيا واليمن وسلطنة بروناي، والحنبليون (الحنابلة)، وهم أصحاب المذهب الأكثر تحفظاً بين المذاهب الأربعة، حاضرون في السعودية وقطر، وهم يؤكدون على الأصل الإلهي للحقّ؛ فالحنفية يقبلون بالأخذ بعين الاعتبار بالرأي الشخصي، عندما لا يمكن العثور على إجابة معيّنة في المصادر الأصلية للإسلام، وهم موجودون بكثافة في تركيا، وفي الإمبراطورية العثمانية القديمة، وفي المناطق الآسيوية الواقعة شرق إيران (أفغانستان وطاجيكستان وباكستان والهند وبنغلاديش)، وعام 2016، أكّد  مجلس يضمّ أكثر من 200 شخصية سنّية انتماء الحنفية إلى المجتمع السنّي الكبير.
رتبة رجال الدين عند السنّة والشيعة
الأغلبية الساحقة من المسلمين ينتمون اليوم إلى السنّة، وأقلية صغيرة إلى الشيعة إلى الإباضية ... .

اقرأ أيضاً: الباطنية في الإسلام وصِلاتها بين الشيعة والسنّة
الكهنوت الديني غير موجود بين السنّة، بينما هو هرمِيّ جداً بين الشيعة، والإمام عند السنّة موظف يتم تعيينه ليؤمّ صلاة الجماعة، بينما هو رئيس الطائفة عند الشيعة، وتعتمد رتبة رجال الدين في المجتمع الشيعي على مستوى دراساتهم اللاهوتية، وعند الشيعة، ومنذ البداية، فالمؤمن إذا كان في خطر فهو مخوّل بإخفاء إيمانه الحقيقي، وفي هذه الحالة يُعفى من الأوامر الدينية لدينه.
الأغلبية الساحقة من المسلمين ينتمون اليوم إلى السنّة

انشقاقات دينية وجيوسياسية
تفاقمت المواجهة الحديثة بين السنّة والشيعة، في القرن السادس عشر، مع إقامة الإمبراطورية العثمانية السنّية، التي كانت تقاتل الإمبراطورية الشيعية الفارسية، هناك منذ ذلك الحين، بعضُ التوتر بين هذين المذهبين، وقد تميّز القرن التاسع عشر بحركتين متناقضتين؛ حركة دينية توحيدية، وحركة مرتبطة بالهُويات. ومع ذلك، فحتى تاريخ قيام الثورة الإسلامية الإيرانية، عام 1979، ظلت المعارضة الشيعية / السنّية ثانوية في الفضاء الإسلامي؛ حيث طغت القضايا الوطنية والاجتماعية.

أنهى السنّة جهد التفسير منذ القرن 11 من خلال الإبقاء على أربع مدارس فقهية فقط: المالكية والشافعية والحنبلية والحنفية

منذ تأسيس الجمهورية الإسلامية في إيران، عام 1979؛ يرفع الشيعة رؤوسهم ويتباهون في جميع أنحاء العالم، من باكستان إلى الهند، ومن أفغانستان إلى الصين واليمن وجنوب لبنان (مع حزب الله)، إلى سوريا (حيث العلويّين في السلطة منذ عام 1966)، إلى العراق حيث عزّزوا هيمنتهم بعد الغزو الأمريكي عام 2003، كما يسيطر الإيرانيون أيضاً على الجانب الشرقي من الخليج العربي، ومضيق هرمز، الذي يَعبُر من خلاله ما يقرب من 20 ٪ من نفط العالم.
وهكذا أصبحت إيران "وطن" الشيعة، وهو ما يعادل ما كان لشبه الجزيرة العربية بالنسبة إلى السنّة ... .
رغم قلّة عددهم؛ يشكل الشيعة تهديداً للسنّة في شبه الجزيرة العربية وخارجها؛ فهم يسيطرون على صنعاء، عاصمة اليمن، وهم متمركزون في المنطقة الشرقية في المملكة السعودية والبحرين وجنوب لبنان ونصف العراق تقريبا... .
يشعر العديد من السنّة بإرادة الشيعة في الهيمنة على جميع نواحي الإسلام

تنظير الجهاديين لانتصارهم
يشعر العديد من السنّة بإرادة الشيعة في الهيمنة على جميع نواحي الإسلام، وردّاً على ذلك، على سبيل المثال، سارع الجهاديون السنّيون الذين انتصروا لحساب السوفييت في أفغانستان، بالتنظير لانتصارهم، تبريراً لانقلابهم على عدوّيهِما اللدودين الآخرين: الأمريكيين والشيعة، ...إلخ.
بل وقد رأينا أيضاً حتى بعض المتطرفين من السنّة يفسّرون أن الشيعة هم من اختراع اليهود، الذين يسعون لتعريض الإسلام للخطر.
التسلسل الزمني لمعارضة ألفيّة
• 632: وفاة النبي محمّد، صلّى الله عليه وسلّم، ومن بعده تولى أبو بكر وعمر وعثمان، رضي الله عنهم، خلفاء على رأس الأمة الإسلامية.
• 656: علي، رضي الله عنه، ابن عمّ النبي، صلى الله عليه وسلم، وصهره، تولى بدوره الخلافة، وقد حدث انشقاق بين أنصاره الشيعة والأغلبية السنّية.
• 632-661: فتح الجزيرة العربية والشرق الأوسط وحوض البحر الأبيض المتوسط من قبل الخلفاء الأربعة الأوائل.
• 680: مقتل الحسين بن علي، رضي الله عنه، على يد جيش الخليفة السنّي في كربلاء، وبداية تاريخ الشهداء الشيعة.
• القرنان من الثامن إلى الثالث عشر: تعايش بين خلافتين؛ العباسيين السنّة (750-1258)، والفاطميين الشيعة (909-1171).
• 939: اختفاء الإمام الثاني عشر، المهدي المنتظر، الذي كان الشيعة ينتظرون عودته وفقا لمعتقدهم.
• 1517-1924: الخلافة العثمانية السنّية.

رأى برلماني روسي في إعدام صدّام الإعلان دوامة عنف جديدة بالعراق والخليج وقد أثبت المستقبل أنه على حقّ

• 1639: معاهدة قصر شيرين (2) تُنهي قرناً ونصف القرن، من الصراع بين الإمبراطورية العثمانية السُنّية والإمبراطورية الصفوية الفارسية الشيعية.
• القرن الثامن عشر: ساندت الحركة الوهابية، الفرع الصارم للسنّة، في تأسيس الدولة السعودية في الجزيرة العربية.
• 1926: أوّل دستور لبناني يوزع الوظائف السياسية بين الجماعات الدينية.
• 1932: تأسيس المملكة العربية السعودية نظاماً ملكياً مرتبطاً بالمذهب السنّي الحالي.
• 1959: بموجب فتوى، اعترف إمام الأزهر (أول مركز لاهوتي سنّي) بالشيعة كمسلمين كاملين.
• 1979: قيام الثورة الإسلامية في إيران، الخميني يؤسس جمهورية إسلامية تنتمي للمذهب الشيعي الإثني عشري، لتصبح السلطة السياسية تحت وصاية السلطة الدينية.
• 1980: في باكستان؛ تحتجّ الطائفة الشيعية ضدّ فرض القوانين السنيّة على المجتمع الإسلامي بأكمله.
• 1982: في لبنان؛ تأسّس حزب الله، حزب سياسي شيعيّ، ذو فرع مسلّح، وحليف لإيران.
• 1980-1988: الحرب الإيرانية العراقية بين النظام العراقي العلماني البعثي (ذي الأغلبية السنّية)، والجمهورية الإسلامية (الشيعية) الإيرانية.
• 2003: الغزو الأمريكي للعراق يضع حداً للحكم السنّي، ويمهد الطريق للأحزاب الشيعية لحكم العراق.
• 2006: بعد إعدام صدّام حسين، تضرب موجة من العنف العراق، وتصبح الانقسامات طائفية.
• منذ عام 2011: الحرب في سوريا تبلور الصدام بين المملكة العربية السعودية (قلب السنّة) وإيران الشيعيّة.
 أصبحت إيران القوة الرئيسة، غير العربية، في العالم العربي

انتقام الشيعة ونتائجه
بعد مرور 14 عاماً على الحملة العسكرية الأمريكية على العراق، أصبحت إيران القوة الرئيسة، غير العربية، في العالم العربي (ميشال فوشير/ Michel Foucher)، وقد تمّ الاعتراف بهذه القوة فعلياً، مع اتفاقية تموز (يوليو) 2015، المُبرمَة مع واشنطن بشأن الطاقة النووية (ألغي لاحقا في بداية عهد ترامب).

اقرأ أيضاً: كيف اخترقت القيادة الإيرانية شيعة أفغانستان؟
في 30 كانون الأول (ديسمبر) 2006؛ أعدم الرئيس العراقي صدّام حسين، من حزب البعث السنّي، بتهمة ارتكاب جرائم ضدّ الإنسانية، وقد استند هذا الاتهام إلى المذبحة التي ارتكبها، منذ أكثر من عشرين عاماً، ضدّ قرية شيعية في الدجيل، ردّاً على هجوم فاشل على القافلة الرئاسية، وخلال محاكمته، ما انفك صدّام حسين يشجب أعداء العراق (الأمريكيين و"الكهنة الفارسيين")، مشيراً بذلك تحديداً إلى آيات الله، وحرّاس الثورة الإيرانية، وكان تاريخ الإعدام، الذي اختاره رئيس الوزراء العراقي الشيعي، نوري المالكي، هو اليوم الأوّل من عيد الأضحى، الذي يحتفل به السنّة قبل الشيعة.
إعدام صدّام ودوّامة العنف الجديدة
وقد فُسِّر هذا الخيار من قبل المملكة العربية السعودية، ومعظم وسائل الإعلام المغاربية، على أنه إعدامُ رجل سنّي، وليس إعدام طاغية.

اقرأ أيضاً: هل فقدت إيران سلطتها الدينية على الشيعة العرب؟
وقد رأى أحد الخبراء في البرلمان الروسي في إعدام صدّام وفي رمزيّته الإعلان عن دوامة جديدة من العنف في العراق، وفي منطقة الخليج، والحال أنّ المستقبل سرعان ما أثبت أنه كان على حقّ فيما تنبّأ به.
تنامي قوّة إيران الشيعية أصبح غير مقبول من قبل المملكة العربية السعودية

"الربيع العربي" أرض خصبة للصراعات
تنامي قوّة إيران الشيعية أصبح غير مقبول من قبل المملكة العربية السعودية،... لذلك رغبت المملكة العربية السعودية في الحدّ من نفوذ إيران في الشرق الأوسط.
الوضع الحالي
بعد مرور ما يقرب من خمسة عشر عاماً من التدخل الأمريكي في العراق؛ تفاقمت الصراعات الطائفية، وأدّت إلى نشوب جميع الصراعات الممكنة في الشرق الأوسط.
ومع ذلك؛ فإنّ جوهر هذه الصراعات هو، في المقام الأول، جوهر ديني؛ حيث يتمّ استخدام الانقسامات الدينية كأداة من قبل الدول والحركات السياسية التي تسعى لتحقيق الهيمنة الإقليمية؟
الانتقام الشيعيّ
هناك بالفعل، مع الثورة الإيرانية، عام 1979، وعواقبها، التأكيدُ على الانتقام الشيعي، المدعوم بسقوط القوة السنّية في العراق.
كما استفاد الجهاديون في داعش من محاولة تشكيل "سنيستان" (Sunnistan)، في المحافظات المركزية الأربعة في العراق، بعد سقوط نظام صدام حسين.

اقرأ أيضاً: الشيعة والسنة.. الفتنة الكبرى في 100 سؤال
إرادة داعش في إعادة إحياء "الخلافة" تمرّ عبر تفاقم الانقسامات السياسية والدينية، ولا سيما من خلال الهجمات المميتة على المساجد الشيعية في العراق، أو في شمال شرق المملكة العربية السعودية الشيعية كذلك... .
في البحرين؛ تمّ وقف تمرّد الحراك الشيعي ضدّ السلالة الحاكمة السنّية، بعد تدخل قوات درع الجزيرة الذي تقوده السعودية.
ليس مجرّد حادث دبلوماسي
كلّ هذه المواجهات تعكس إستراتيجيات تأثير القوّتين العظميين في الشرق الأوسط، إيران والمملكة العربية السعودية، ولا شكّ في أنّ تقارب إدارة ترامب مع المملكة العربية السعودية على حساب العلاقات مع إيران، من وجهة النظر هذه؛ لا يمكن أن يكون مجرد حادث دبلوماسي.

تشابه الصراعات
يرى ميشال فوشير (Michel Foucher)، في صراعات الشرق الوسط المتعدّدة الأشكال، ما يعادل صراعات حرب الثلاثين عاماً، التي كانت مُميتة جداً في أوروبا، والتي تصارع فيها الكاثوليك والبروتستانت، والتي كشفت ما بين عامي 1618 و1648، حروبَ نفوذٍ بين الأمراء الألمان، الذين كانوا أدوات استخدمتها القوى العظمى في ذلك الوقت (فرنسا، السويد، النمسا)، فأيّ توازنٍ جديد لا مفرّ من أن يقوم أساساً، وقبل كلّ شيء، على اتفاقٍ مبدئي بين إيران والمملكة العربية السعودية، وتقبَلُ به القوى الإقليمية الأخرى (تركيا، وإسرائيل، ...إلخ)، حجمُ المهمّة إذاً هائل، لا شكّ في ذلك؛ فقد كانت المهمّة كذلك أيضاً في أوروبا قبل معاهدة ويستفاليا (1648).
هل المصالحة السنّية/ الشيعية ممكنة على المدى القصير؟
تبدو المصالحة غير محتملة، أيديولوجياً أو سياسياً، هناك كثير من الاشتباكات الشيعية/ السنّية تجري حالياً في سوريا، الحرب في سوريا تُبلوِر الصّدام بين المملكة العربية السعودية (قلب السنّة)، وإيران (قلب الشيعة)، لكن لا يمكن تفسيرُ هذا الصراع باستخدام شبكة القراءة الوحيدة هذه؛ فهذه الحرب، القاسية من كلّ الجهات، تمتصّ كلّ القوى الإقليمية التي يضاف إليها الجهاديون الأوروبيون، الذين يقاتلون إلى جانب داعش، لكن أيضاً الميليشيات الشيعية الدولية، القادمة من لبنان والعراق، أو من أفغانستان، والتي تقاتل إلى جانب القوات السورية النظامية، وروسيا.
نهاية الهيمنة الأمريكية
حتى الآن، لا يبدو في الأفق أيّ حلٍّ عسكريّ أو سياسيّ حقيقي، ومع ذلك؛ فإنّ جزءاً كبيراً من مستقبل الشرق الأوسط ربما تجري لُعبتُه اليوم في سوريا، لكن، ممّا لا شك فيه، أنّ هناك نظاماً سياسياً عالمياً جديداً يرتسم، وتطبعه نهاية الهيمنة الأمريكية، التي وُلدت من انهيار الكتلة السوفيتية.


المصدر: Espace Prépas

الصفحة الرئيسية