كيف تعمل الحكومة المصرية على خفض الدين العام؟

كيف تعمل الحكومة المصرية على خفض الدين العام؟


08/06/2022

بخطوات متسارعة، تسعى الحكومة المصرية في سباق شاق مع التحديات والزمن، لمواجهة تداعيات الأزمة الاقتصادية الناجمة عن جائحة كورونا والحرب الأوكرانية، بهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي من السلع الإستراتيجية والحفاظ على معدلات نمو نسبية ببعض القطاعات، وتحقيق نمو قياسي في قطاعات أخرى، وتحقيق نسب قياسية لخفض مستوى الدين العام مقابل الناتج المحلي، بحسب المعايير الحاكمة لنمو السوق والاستثمار في الوقت الراهن.

وبحسب حديث وزير المالية المصري، محمد المعيط، أثناء عرضه لبرنامج الموازنة العامة للبلاد (2022-2023)، على البرلمان المصري في الأسبوع الثاني من أيار (مايو) الماضي، تستهدف الإجراءات الحكومية خلال العام الحالي وحتى نهايته، وضع معدل الديون الخارجية للدولة في منحنى تنازلي، ليصل بنهاية العام الجاري إلى 84% ثم يستمر بالانخفاض إلى 75% من إجمالي الناتج المحلي في البلاد خلال 4 أعوام. 

ما خطة الحكومة المصرية؟

الوزير المصري تحدث أيضاً، بشكل مفصّل، حول خطة بلاده لخفض الدين ومعالجة عجز الموازنة، يوم 27 أيار (مايو)، تعليقاً على تقرير مؤسسة موديز العالمية للتصنيف الائتماني لمصر عند (B2)، وهو نفس المؤشر السابق دون انخفاض، وهو ما يعتبره المعيط "أمراً جيداً".

وفي بيان له قال المعيط إنّ "قرار موديز حول التصنيف الائتماني لمصر على الرغم من الصدمات الخارجية المركبة التي تواجه الاقتصاد العالمي والدول الناشئة يعتبر قراراً إيجابياً جداً ويؤكد استمرار ثقة المؤسسات الدولية فى مرونة وصلابة الاقتصاد المصري في ضوء السياسات والإصلاحات الاقتصادية والمالية المنفذة خلال السنوات الماضية".

وزير المالية المصري، محمد المعيط: نخطط لجذب استثمارات مباشرة بنحو 10 مليار دولار سنوياً، خلال السنوات الـ 4 المقبلة

وتعهد المعيط، خلال البيان ذاته، بتنفيذ خطة طموحة لجذب استثمارات مباشرة بنحو 10 مليار دولار سنوياً، خلال السنوات الـ 4 المقبلة، من خلال تنشيط وتفعيل برنامج الطروحات الحكومية واستهداف وجذب استثمارات إضافية في مجالات ومشروعات متنوعة بما يسمح بإطلاق إمكانات ضخمة لتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى داخل مصر.

وتعكس الأرقام الخاصة بخطط المجموعة الاقتصادية، بحسب مراقبين، جهوداً مكثفة ومتسارعة من جانب الحكومة المصرية لتحقيق انخفاض مستدام في حجم الدين العام بالتزامن مع أزمات اضطرارية تتعرض لها البلاد؛ بسبب ارتفاع أسعار الصرف الأجنبي ومواجهة التحديات الخاصة بتوفير السلع الإستراتيجية خاصة التي كانت تعتمد بشكل كبير على الواردات الروسية والأوكرانية المتأثرة إلى حدٍ كبير بالأزمة.

4 محاور رئيسية

وتعتمد خطة الحكومة المصرية في خفض الدين العام على 4 محاور رئيسية، يذكرها الباحث الاقتصادي بالمركز المصري للفكر والدراسات الإستراتيجية، أحمد بيومي، على النحو التالي: 

أولاً: استمرار السعي نحو تحقيق الانضباط المالي والسيطرة على الدين. 

ثانياً: النشاط الاقتصادي بالبلاد في القطاعات المختلفة صناعي وزراعي وكذلك الأنشطة التصديرية.

ثالثاً: السعي إلى تحسين دخول المواطنين وتحسين مستوى معيشتهم.

رابعاً: على تطوير مجالات التنمية البشرية خاصة قطاعي التعليم والصحة.

أحمد بيومي: أهم المحاور التي يتم مراعاتها عند بناء الموازنة العامة للدولة هي الاستمرار في جهود الحفاظ على استدامة الانضباط المالي والمديونية الحكومية والاستقرار المالي

ويرى الباحث المصري أنّ "أحد أهم المحاور التي يتم أخذها في الحسبان عند بناء الموازنة العامة للدولة هي الاستمرار في جهود الحفاظ على استدامة الانضباط المالي والمديونية الحكومية والاستقرار المالي، ومحاولة استشفاف الأزمات المختلفة التي قد تواجه الدولة المصرية، والاستمرار في دعم النشاط الاقتصادي وتحفيزه دون الإخلال باستدامة المؤشرات المالية للموازنة والدين، وفق دراسته المنشورة بهذا الصدد تحت عنوان: "توجيهات رئاسية للحكومة بخفض الدين العام.. الأسباب والمسارات".

هل تسير الحكومة المصرية على خطى صحيحة؟

يرى أستاذ الاقتصاد السياسي كريم العمدة، أنّ الحكومة المصرية اعتمدت على خطة متميزة للخروج من التداعيات السلبية للأزمات العالمية خلال الأعوام الماضية، وتحقيق أقل خسائر ممكنة، من خلال التركيز على برامج شاملة للإصلاح الاقتصادي، وتنفيذ منظومة للحماية الاجتماعية للطبقات الأكثر احتياجاً في الوقت ذاته.

 كريم العمدة: كبح جماح التضخم أهم أولويات الحكومة المصرية لزيادة معدلات الإنتاج وخفض الدين العام

وفي تصريح لـ"حفريات" يشير العمدة إلى عدد من التوصيات من جانب صندوق النقد الدولي للحكومة المصرية، للمساهمة في عملية خفض الدين العام وزيادة الناتج المحلي، أبرزها؛ كبح جماح التضخم وتقليله إلى أقل مستويات ممكنة للتمكن من تحقيق طفرة اقتصادية ونشاط في مختلف القطاعات سيؤدي حتماً إلى زيادة الناتج المحلي. 

الأمر الآخر الذي نجحت الحكومة المصرية في تحقيقه، بحسب العمدة، يتمثل في تحقيق نمو اقتصادي متوازن يضمن تعزيز نسبة الناتج المحلي في مواجهة ارتفاع الدين العام، والحفاظ على معدل نمو بنحو 5.5%، وهي نسبة جيدة في ظل ظروف عاصفة بالاقتصاد العالمي بوجه عام.

ويتابع أستاذ الاقتصاد المصري إنّ "خفض العجز في الموازنة يرتبط بشكل محوري بزيادة الناتج المحلي وتحقيق فائض للإنتاج مقابل بنود الإنفاق".

كريم العمدة: خفض العجز في الموازنة يرتبط بشكل محوري بزيادة الناتج المحلي وتحقيق فائض للإنتاج مقابل بنود الإنفاق

وينوّه العمدة إلى أهمية دمج الاقتصاد الموازي أو (الاقتصاد غير الرسمي)، تحت مظلة الدولة، بهدف تحقيق أعلى استفادة من هذه المنظومة التي يتجاوز رأس مالها عشرات المليارات، (بحسب بعض الإحصائيات)، الأمر الذي سيسهم بشكل كبير في تعزيز الناتج المحلي وبالتالي خفض الدين العام للدولة. 

وأخيراً يؤكد العمدة على أهمية الإصلاح الهيكلي لكافة المؤسسات في الدولة، وتنقية الجهاز الإداري (يشمل كافة الموظفين في القطاع العام)، ورفع كفاءة العاملين به، وكذلك دعم منظومة الاستثمار الحر، والاستمرار بالتسهيلات الممنوحة للمستثمرين سواء المصريين أو الأجانب، والاهتمام أيضاً بشكل كبير بالبورصة المصرية ودعمها بكفاءات عالية قادرة على رفع كفاءة العمل بها وتحقيق نقلات نوعية للعمل الاستثماري والمصرفي من شأنها تعزيز نمو الاقتصاد بشكل سريع والمساهمة في خفض معدلات العجز. 

مواضيع ذات صلة:

الاقتصاد المصري يتجاوز أخطر محطة في تاريخه... كيف؟

هكذا عالج طلعت حرب الاقتصاد المصري وألهب الروح الوطنية

مصر ترفض شحنة قمح هندي... ما علاقة تركيا؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية