كيف ساهم مجلس الإمارات للإفتاء ورابطة العالم الإسلامي والإفتاء المصرية في محاربة التطرف؟

كيف ساهم مجلس الإمارات للإفتاء ورابطة العالم الإسلامي والإفتاء المصرية في محاربة التطرف؟

كيف ساهم مجلس الإمارات للإفتاء ورابطة العالم الإسلامي والإفتاء المصرية في محاربة التطرف؟


10/09/2023

لطالما كانت مكافحة التطرف والإرهاب من أولويات حكومات أغلب الدول العربية، والتي أسفرت جهودها عن بعض النتائج الإيجابية في مكافحة التطرف العنيف، بالرغم من أنّها ما تزال تواجه خطر انتشار الإيديولوجيات المتطرفة والهجمات التي تشنها الجماعات المتطرفة العنيفة داخل المنطقة وخارجها.

هذه الحرب تصدّرتها الهيئات الإسلامية الرسمية، وخاصة (مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي، ورابطة العالم الإسلامي، ودار الإفتاء المصرية)، وهو ما اهتمت به دراسة حديثة أعدّتها وحدة الدراسات والتقارير التابعة للمركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، بعنوان: "محاربة التطرف؛ دور مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي، ورابطة العالم الإسلامي، ودار الإفتاء المصرية".

تتناول الدراسة دور الهيئات الإسلامية الرسمية في محاربة التطرف، ومجالات التعاون بينها وبين المنظمات الدولية والاتحاد الأوروبي لمكافحة التطرف.

محاربة التطرف ــ دور (فتوى برو) في محاربة التطرف

انطلق الملف من التحديات التي تعيشها المجتمعات المسلمة في الدول الأوروبية والضغوط، خاصة فيما يتعلق بأمور الدين، فهي تواجه ضغوطاً من اليمين المتطرف باعتبارها كياناً غريباً دخيلاً بثقافة ودين وتقاليد مختلفة، ومن ناحية أخرى تعاني من التنظيمات المتطرفة التي تعمل وفق مصالحها على حساب تشويه صورة الإسلام.

وفي ظل التضارب الشديد بين الفتاوى الناجم عن اختلاف المشارب والأهواء والمصالح، يبرز دور دار الإفتاء المصرية بما لها من رصيد فقهي عبر العصور وقاية للمسلم وحماية له من الوقوع في الجهل والتطرف أو الإلحاد، وهو ما دعاها إلى إطلاق تطبيق (فتوى برو)، (Fatwa Pro)، التطبيق الإلكتروني المقدّم للمسلم في الغرب مشتملاً على عدد من اللغات؛ منها الإنجليزية والفرنسية والألمانية.

الدكتور شوقي علام ـ مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم

التطبيقات أطلقها الدكتور شوقي علام ـ مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم ـ المملكة المتحدة في شهر أيار (مايو) 2022، خلال كلمته التاريخية التي ألقاها أمام مجلسَي العموم واللوردات البريطاني.

وبادرت حينها دار الإفتاء المصرية بإطلاقه على الهواتف الذكية، وقد أوضح حينها أنّ دار الإفتاء المصرية أدركت مبكراً أهمية التكنولوجيا والوسائل الحديثة في إيصال رسالتها إلى العالم أجمع ومواجهة جماعات التطرف، والإجابة عن كثير من المسائل التي تشغل ذهن المسلمين وغير المسلمين في المجتمعات الغربية حول الإسلام وتعاليمه.

في ظل التضارب الشديد بين الفتاوى الناجم عن اختلاف المشارب والأهواء والمصالح، يبرز دور دار الإفتاء المصرية بما لها من رصيد فقهي عبر العصور

وفي تشرين الأول (أكتوبر) 2022 أعلنت دار الإفتاء المصرية، تحت مظلة الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، بدء التشغيل الكامل لتطبيق (فتوى برو)، وهو تطبيقٌ إلكترونيُّ متعدد اللغات أُنشئ للتواصل مع الجاليات المسلمة خاصة في الغرب الناطقة باللغات الإنجليزية والفرنسية كمرحلة أولى، ليكون بمثابة المفتي المعتدل والمعين لهم على الحصول على الفتوى الرشيدة.

وكان الهدف الأوّل والرئيس هو "حماية المسلم في الغرب"، وتقديم الفتاوى الصحيحة والوسطية في مختلف مجالات الفتوى، وعرضها بصور ثابتة على التطبيق بأسلوب سهل للوصول إلى أيّ تساؤل يشغل المسلم في الغرب.

محاربة التطرف ـ مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي

من جانبها، حرصت دولة الإمارات العربية المتحدة على التصدي للإرهاب بقوة، ومكافحة التطرف والإرهاب، وانطلقت، بحسب الدراسة، من قناعة رئيسة أنّه وإن تلاشى الخطر المباشر للإرهاب عليها آنيّاً أو حتى مستقبلاً، فإنّه لا يمكنها أن تعيش مستقرة في ظل محيط غير مستقر يعاني من ويلات الإرهاب والتطرف.

وأصبحت مواجهة ظاهرة التطرف والإرهاب على رأس أولويات صناع القرار في دولة الإمارات، ومحركاً أساسيّاً لسياساتها الداخلية والخارجية، ويأتي إنشاء (مجلس الإمارات للإفتاء) استكمالاً لتجربة الإمارات الثرية في مجال تصويب فكر التطرف ومواجهة خطاب الكراهية.

مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي بدولة الإمارات تأسس ليكون الجهة الوحيدة المخولة بإصدار الفتاوى الشرعية العامة في الدولة، وفقاً لقرار مجلس الوزراء رقم (31) لعام 2017 وتعديلاته.

ويتولى إصدار الفتاوى العامة الشرعية في الدولة، وضبط الفتوى الشرعية وتوحيد مرجعيتها وتنظيم شؤونها، وآليات إصدارها في الدولة، ومواجهة الإساءة إلى المقدسات، والتكفير والتعصب المذهبي، من خلال بيان الرأي الشرعي في هذه المسائل.

حرصت دولة الإمارات العربية المتحدة على التصدي للإرهاب بقوة

كما يقوم بإصدار الدراسات والأبحاث الشرعية ذات الصلة بمختلف مجالات التنمية، فضلاً عن المتابعة والإشراف على الفتاوى الشرعية الصادرة عن الجهات المعنية بالتنسيق معها.

وتلفت الدراسة إلى أنّ رؤية المجلس تقوم على قاعدة العالمية والاستباقية في الفتاوى الشرعية وترسيخ القيم الإنسانية. والرسالة التي يتبنّاها المجلس هي: إفتاء شرعي معتدل ومؤصل، ومنظومة ذكية، وكفاءات إفتائية وطنية، بهوية حضارية وإنسانية.

هذا، ويتطلع مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي إلى ضبط الفتوى داخل المجتمع الإماراتي، وتكوين مرجعية دينية على أسس علمية وطنية، وابتكار أدوات اجتهادية معاصرة تقوم على صياغة خطاب ديني يُستمدّ من الموروث الديني العريق، ويراعي الواقع المعاصر ويستشرف المستقبل.

أصبحت مواجهة ظاهرة التطرف والإرهاب على رأس أولويات صناع القرار في دولة الإمارات، ومحركاً أساسيّاً لسياساتها الداخلية والخارجية

مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي يسعى، بقيادة الشيخ العلامة عبد الله بن بيه، إلى التعاون مع دول العالم من أجل أن يسود السلام والتسامح والأخوة، ونبذ التطرف والكراهية، وقد عمد إلى تبادل الزيارات والخبرات والمشاركة في المؤتمرات الدولية وإصدار البيانات التي تدين التطرف والإرهاب، بحسب الدراسة.

محاربة التطرف ـ جهود رابطة العالم الإسلامي في مواجهة التطرف

رابطة العالم الإسلامي أيضاً مؤسسة إسلامية لا ترتبط بأيّ حكومة، بل هي هيئة مستقلة، تعمل على جمع كلمة المسلمين، وتحقيق مبدأ التعاون والتضامن الإسلامي من أجل إعلاء كلمة الله، ورفع شأن الإسلام والمسلمين، والدعوة إلى الإسلام والسلام والخير. وليس للرابطة أيّ تدخل في الشؤون الداخلية للدول، وليس لها ميل أو تفريق بين جنس من الأجناس أو لون.

وهي منظمة دولية تأسست عام 1962 بمبادرة من المملكة العربية السعودية، وتضم (57) دولة إسلامية حول العالم. وتهدف الرابطة إلى تعزيز التعاون والتضامن بين الدول الإسلامية في مختلف المجالات، بما في ذلك الاقتصاد والتجارة والثقافة والتعليم والعلوم.

لرابطة العالم الإسلامي دور مشهود في محاربة الفكر المتطرف وحملات الإسلاموفوبيا، في الردّ على من يتهم الإسلام والمسلمين بتبنّي هذا الفكر

نشأت رابطة العالم الإسلامي عندما قرر ذلك قادة الأمّة الإسلامية وعلماؤها ومفكروها في المؤتمر الإسلامي العام الذي عُقد بمكة المكرمة في 18 أيار (مايو) 1962، وقد اتخذوا عدة قرارات من أهمّها تأسيس هيئة إسلامية مقرها مكة المكرمة تُسمّى (رابطة العالم الإٍسلامي).

من أهدافها نشر مبادئ الإسلام في جميع أنحاء العالم، وأنّه لا سلام للعالم إلّا بتطبيق قواعد الشريعة الإسلامية، والعمل على تحقيق العدل والتسابق في ميدان العمل الخيري ومساندته، وبذل قصارى الجهود في توحيد كلمة المسلمين، وإزالة العقبات التي يعاني منها المجتمع المسلم، واستخدام كافة الوسائل لتحقيق ذلك، والعمل على نبذ الخلافات والشعوبية والعنصرية والظلم والإفساد.

كما تسعى الرابطة للتصدي للتطرف والإرهاب والتطرف الديني، وتعزيز السلم والأمن في المنطقة والعالم.

 تسعى الرابطة للتصدي للتطرف والإرهاب والتطرف الديني، وتعزيز السلم والأمن في المنطقة والعالم

وذكرت الدراسة أنّ لرابطة العالم الإسلامي دوراً مشهوداً في محاربة الفكر المتطرف وحملات الإسلاموفوبيا، في الردّ على من يتهم الإسلام والمسلمين بتبنّي هذا الفكر ووضعه كشبهة لتشويه صورة الإسلام والمسلمين في العالم.

ولم تنسَ رابطة العالم الإسلامي الأقليات الإسلامية، والتي تفيد الإحصائيات أنّها تمثل ربع الأمّة الإسلامية، وهي موزعة في جميع القارات، وأسهمت الرابطة والهيئات التابعة لها على مدى أعوام طويلة في دعم الأقليات المسلمة في العالم، ومساعدتها في التغلب على كثير من المشاكل التي تعاني منها.

إلى ذلك، تعمل الرابطة العالمية الإسلامية بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي على تعزيز التعاون والتفاهم بين الثقافات والأديان، وذلك من خلال تنظيم العديد من الفعاليات والمؤتمرات وورش العمل المشتركة.

ومن بين أنشطتها عقد مؤتمر دوليّ، في آذار (مارس) 2023، في العاصمة البريطانية لندن، لتعزيز الحوار بين الأديان، بما يرسخ قيم التعايش والسلام في العالم، وعُقد المؤتمر ضمن مساعي رابطة العالم الإسلامي لترجمة وثيقة مكة المكرمة التي أعلنت في 30 أيّار (مايو) 2019.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية