كيف سيطر الإخوان في ليبيا على ديوان المحاسبة؟

كيف سيطر الإخوان في ليبيا على ديوان المحاسبة؟

كيف سيطر الإخوان في ليبيا على ديوان المحاسبة؟


08/11/2022

أعلنت وسائل إعلام محلية ليبيّة، في وقت سابق، أنّ اللجنة العليا لتوحيد المؤسسات الوطنية في ليبيا، اعتمدت بشكل نهائي، مسودة اتفاق لتوحيد ديواني المحاسبة في طرابلس والبيضاء، بعد سنوات من الانقسام. في محاولة لإنهاء حالة الازدواج المؤسسي في الشرق والغرب، بحسب تصريحات مفتاح الحرير، رئيس اللجنة العليا لتوحيد المؤسسات.

يأتي ذلك عقب عدد من الاجتماعات جرت في تونس، بين لجنتي الاتصال والتواصل التي تكوّنت من أعضاء ديواني المحاسبة في طرابلس والبيضاء، والتي اعتمدت في حزيران (يونيو) الماضي خريطة الطريق بشأن توحيد المؤسسات، بهدف الحفاظ على المال العام، ويأتي الاتفاق برعاية برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في ليبيا (UNDP)، بالإضافة إلى معهد الولايات المتحدة الأمريكية للسلام (USIP).

مفتاح الحرير أكد على "عزم اللجنة للمضيّ قدماً نحو الوصول إلى إنهاء حالة الانقسام أو الازدواج المؤسسي، بكافة مؤسسات الدولة، والحفاظ على وحدة كيانات ومؤسسات الدولة موحدة".

انفراد إخواني بديوان المحاسبة

على الرغم من المرونة التي أبداها عمر عبد ربه، رئيس ديوان المحاسبة التابع لمجلس النواب، إلّا أنّ الاتفاق انتهى إلى تمكين الإخواني خالد شكشك من رئاسة الديوان الموحد، وكان شكشك يرأس الديوان الموجود في طرابلس، بينما تمّ تكليف عمر عبد ربه، بمهام سفير ليبيا لدى المملكة المغربية.

الناشط السياسي الليبي، محمود الكزة، خصّ "حفريات" بتصريحات قال فيها إنّ شكشك تمكن من إبعاد عبد ربه، والحصول على قرار من الرئاسي، بتمكينه من ديوان المحاسبة، ما يعني هيمنة الإخوان وانفرادهم بالديوان لأول مرة.

مفتاح الحرير: اللجنة تمضي قدماً نحو الوصول إلى إنهاء حالة الانقسام أو الازدواج المؤسسي، بكافة مؤسسات الدولة

وبحسب الكزة، فإنّ شكشك يسعى منذ أن قام مجلس النواب بإعفائه من منصبه كرئيس للديوان في كانون الأول (ديسمبر) 2014، وفقاً للقرار رقم (30)، إلى إزاحة عمر عبد ربه، الذي عيّنه مجلس النواب رئيساً لديوان المحاسبة؛ حيث رفض شكشك ترك منصبه، وواصل إصدار التقارير، بينما أكد مجلس النواب مراراً أنّ كل ما يصدر عن شكشك أو وكيله علاء الدين المسلاتي، باطل ولا يعتد به، وغير قانوني؛ حيث أعفي المسلاتي من منصبه، وعين المجلس الطاهر منصور علي سعد وكيلاً بديلاً عنه، وفقاً للقرار (31).

يذكر أنّ مجلس النواب الليبي، أصدر بياناً رسمياً في أيّار (مايو) 2015، قال فيه إنّ "كل ما يصدر عن شكشك ووكيله بعد تاريخ هذين القرارين، من مكاتبات أو توقيعات على أيّ مراسلات أو إجراءات أو تقارير، تعتبر لاغية وباطلة ولا يعتد بها وغير شرعية؛ لأنّها صدرت من غير ذي صفة".

محمود الكزة: شكشك تمكن من إبعاد عبد ربه، والحصول على قرار من الرئاسي، بتمكينه من ديوان المحاسبة، ما يعني هيمنة الإخوان وانفرادهم بالديوان لأول مرة

وبحسب الكزة فإنّ الصفقة التي أُبعد بمقتضاها عمر عبد ربه إلى المغرب، ربح منها الإخوان الكثير من المزايا، أبرزها الهيمنة على جهاز سيادي هو الجهاز الرقابي الأعلى في البلاد، ما يدفع بعملية التمكين إلى فضاء جديد، ربما يحقق من خلاله الإخوان مبتغاهم في السيطرة على أجهزة الدولة.

شكشك المثير للجدل

يُعد الإخواني خالد شكشك من القيادات الإخوانية المثيرة للجدل، فقبل أسابيع، دخل شكشك في صراع غامض مع الصديق الكبير، رئيس مصرف ليبيا، والمحسوب أيضاً على المعسكر الإخواني، حيث دبّ بينهما خلاف حاد، إثر اعتماد خالد شكشك تقريراً صدر عن ديوان المحاسبة، احتوى على مخالفات جسيمة ارتكبها رئيس المصرف المركزي.

بدوره زعم الصديق الكبير، في بيان رسمي  للمصرف المركزي، أنّ "الاتهامات والانتقادات التي وجهها الديوان غير موضوعية أو مهنية، وتضر بسمعة المصرف، وتعتبر مغالطات؛ قد تسهم في تضليل الرأي العام". وهو ما سخر منه خالد شكشك، لافتاً إلى أنّ "ديوان المحاسبة يعي جيداً، أنّ هذا الرد الجاهز، هو الذي يصدر كل عام، عقب صدور تقرير ديوان المحاسبة السنوي". وأكد كذلك أنّ رئيس البنك المركز يقوم بمحاولة "لتوجيه الرأي العام، بعيداً عن ملاحظات ديوان المحاسبة والتقارير الرقابية".

وبحسب تقرير ديوان المحاسبة، فإنّ مصرف ليبيا المركزي ارتكب العديد من المخالفات، منها أنّه "لم يُمكّن مراجعي ديوان المحاسبة من الحصول على كافة البيانات والمستندات التي يتم طلبها". كما لفت التقرير إلى أنّ "القوائم المالية الخاصة بالمصرف، كانت مبتورة وغير معبرة عن المركز المالي الحقيقي للمصرف، ولا يمكن إبداء رأي نظيف أو متحفظ عليها". مضيفاً: "إعداد تقرير الديوان وإخراجه، تمّ بمهنية وموضوعية، وكل ما ورد به من ملاحظات وأرقام، معزز بالوثائق والأدلة الكافية للنشر، وتمثل آخر ما توصلت إليه لجان المراجعة، بعد دراسة ردود ومبررات الإدارات المختصة بالمصرف، والتي لم تكن مقنعة إلى الدرجة التي تستوجب شطب الملاحظات".

بحسب تقرير ديوان المحاسبة، فإنّ مصرف ليبيا المركزي ارتكب العديد من المخالفات، منها أنّه لم يُمكّن مراجعي ديوان المحاسبة من الحصول على كافة البيانات والمستندات التي يتم طلبها

ويذكر أنّ البرلمان الليبي كان قد أصدر قراراً بإعفاء الصديق الكبير من منصبه، على خلفية مخالفات يتعلق بعضها بتمويل الميليشيات المسلّحة من إيرادات بيع النفط الليبي.

ويرى مراقبون أنّ الخلاف بين شكشك والصديق الكبير، هو مجرد خدعة إعلامية مكشوفة، الهدف منها الإيعاز بأنّ شكشك لا يحابي الإخوان، ما مكنه من عقد الصفقة الأخيرة بالهيمنة على ديوان المحاسبة الموحد، والتخلص من منافسه عمر عبد ربه، في حين يرى البعض أنّه يعبر عن الانقسام الحاد في المعسكر الإخواني في ليبيا، بين جناح عماد البناني، وجناح محمد صوان.

مواضيع ذات صلة:

تأثيرات تجميد عائدات النفط على الانقسام السياسي في ليبيا

مسارات التوافق في ليبيا ورهانات القوى الدولية

الوضع العسكري والميداني في ليبيا.. حكومتان بلا دولة



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية