كيف مهد اجتماع مجلس شورى النهضة لولاية ممتدة لـ"الغنوشي"؟

كيف مهد اجتماع مجلس شورى النهضة لولاية ممتدة لـ"الغنوشي"؟


16/11/2020

لا يُنذر اجتماع مجلس شورى حركة النهضة أمس، الذي فشل في إدارة حوار منضبط كاشف حول رئاسة راشد الغنوشي لحركة النهضة، كما فشل في الدعوة إلى عقد اجتماع استثنائي لمناقشة القضية، لا ينذر بإمكانية خروج المؤتمر العام للحركة في الموعد المحدد له (قبل نهاية العام)، فضلاً عن إمكانية تخلي الغنوشي عن قيادة الحركة. 

وعقد اجتماع مجلس الشورى، في الوقت الذي يتمسك فيه 66 قيادياً بدعوة الغنوشي التعهد عدم الترشح مجدداً لرئاسة الحركة، على خلاف ما تنصّ عليه لائحتها الداخلية، ما يضمن عدم التلاعب فيها وتحقيق التداول. 

وبحسب لائحة الحركة، يحق لثلث أعضاء مجلس الشورى الدعوة إلى عقد اجتماع استثنائي لمجلس الشورى وتحديد جدول أعماله، وهو ما طالب به الأعضاء الرافضون لتمديد ولاية الغنوشي خلال الاجتماع أمس، والذي تم عن بُعد بسبب جائحة كورونا.

أمام التعنت من قبل المنظمين، انسحب للمرة الأولى في تاريخ الحركة نحو ربع الحضور، وفي تقديرات أخرى ثلثهم، في الوقت الذي واصل فيه الأعضاء الآخرون الاجتماع

وقوبل طلب الأعضاء الرافضين لتمديد الولاية بعقد جلسة استثنائية بالرفض من قبل مسؤولي مجلس الشورى (المقرّبين من الغنوشي)، كما رفضوا الخروج عن جدول أعمال الدورة التقليدية، التي تتمثل في مناقشة بعض القضايا التونسية وعلاقة الحركة بالحكومة والرئيس، لمناقشة قضية ترشح الغنوشي من عدمه.

وأمام التعنت من قبل المنظمين، انسحب للمرّة الأولى في تاريخ الحركة نحو ربع الحضور، وفي تقديرات أخرى ثلثهم، في الوقت الذي واصل فيه الأعضاء الآخرون الاجتماع، رافضين الإقرار بفشله أو حجم الصدع غير المسبوق داخل الحركة بسبب "فتنة الغنوشي".  

هل تنجح قيادة النهضة بالضغط على الغنوشي لعدم الترشح لولاية ثانية؟

وقالت الحركة في بيان عبر صفحتها الرسمية على فيسبوك: إنه "تبعاً لما ورد في الخبر المنشور اليوم حول انسحاب ثلث أعضاء مجلس الشورى من الدورة 44، نؤكد أنّ عدد المنسحبين لم يتجاوز 24 عضواً من جملة 111 سجلوا حضورهم، وذلك احتجاجاً على جدول الأعمال، الذي تمّ تعديله بعد ذلك استجابة لطلب عدد من الأعضاء".

وأضافت: "تتواصل أشغال الدورة حتى ساعة متأخرة من مساء اليوم بشكل عادي لدراسة عدد من الملفات الوطنية والداخلية، وبعد افتتاح الدورة 44 تم الاستماع إلى تقدير الموقف من رئيس الحركة حول الوضع العام بالبلاد، وخاصة على المستويين السياسي والاقتصادي، كما قدّم الدكتور منذر الونيسي رئيس لجنة الصحة بمجلس الشورى تقريراً عن الوضع الصحي بالبلاد، مقدّماً للدورة مقترحات حول الحد من انتشار عدوى وباء الكورونا.

اقرأ أيضاً: تونس: دكتاتورية الغنوشي تهدّد بتمزيق "النهضة"

في غضون ذلك، قال عضو مجلس الشورى السيد الفرجاني، في تصريح لموقع "عربي 21" المحسوب على الجماعة: إنّ المؤتمر سيحدد مسألة بقاء الغنوشي من عدمه وليس أي شخص آخر، ولا أحد يمكنه افتكاك صلاحيات المؤتمر في حركة مؤسسات وقانون.

كما نقل الموقع عن مصدر آخر في الحركة قوله: إنّ "بإمكان المحتجين على استمرار الشيخ راشد الغنوشي برئاسة الحركة بحث ذلك في المؤتمر العام للحركة، وإنّ محاولتهم لاستباق المؤتمر العام هي محاولة لحرمان المؤتمر من صلاحياته".

ويعكس التصريحان محاولات من مؤيدي الغنوشي الانفكاك من التسبب في أزمة داخل النهضة، وإلقاء المسؤولية على الفريق الآخر، وهو نهج اتبعه الغنوشي نفسه حين صرّح قبل أسبوع بأنّ الأزمة في الحركة ليست في اختلاف الآراء وإنما خروج المحتجين إلى الإعلام، دون أن يتعهد أو يكشف عن ترشحه من عدمه، وقال في عبارة مراوغة: إنه "لم يدعُ إلى تأجيل المؤتمر العام، بل إنه شخصياً مع إقامته في موعده، وإنه لا ينوي الترشح حتى الآن".

متى يُعقد المؤتمر العام؟

وفيما يدفع رجال الغنوشي بالاحتكام إلى المؤتمر العام للإيحاء بالنزاهة وعدم التلاعب من أجل التمديد للغنوشي، فإنّ المؤتمر العام نفسه دليل جديد على مراوغتهم، إذ ما زال موعد عقد المؤتمر ضبابياً، وتعكس المؤشرات صعوبة الوفاء بالموعد المفترض، وهو قبل نهاية العام الجاري، أي في غضون 6 أسابيع كحدٍّ أقصى.

اقرأ أيضاً: الغنوشي يلتقي بوفد حكومة الوفاق الليبية... لماذا؟

وعملياً، لم تصدر عن اللجان الممهدة لعقد المؤتمر أي نتائج، كما لم تعقد مؤتمرات محلية على مستويات تنظيمية دون المؤتمر العام.

وبحسب ما أوردته صحيفة العرب اللندنية قبل أيام، فإنّ مصدراً قريباً من المكتب التنفيذي لهذه الحركة أكد أنّ كل المؤشرات السياسية والتنظيمية المُحيطة بعمل لجان الإعداد لهذا المؤتمر، التي شكّلها مجلس شورى الحركة، منها "اللجنة المضمونية" التي تهتم بلوائح المؤتمر، تعكس مشهداً ضبابياً وسط مناخ ضاغط جعل التأجيل أمراً حتمياً.

فيما يدفع رجال الغنوشي بالاحتكام إلى المؤتمر العام للإيحاء بالنزاهة وعدم التلاعب من أجل التمديد للغنوشي، فإنّ المؤتمر العام نفسه دليل جديد على مراوغتهم، إذ ما زال موعده ضبابياً 

وأقرّ عضو مجلس شورى حركة النهضة حبيب بريبش، حسب المصدر ذاته، إمكانية تأجيل المؤتمر، وعزا ذلك إلى ما وصفه بـ"صعوبات تقنية" تحول دون ذلك. وقال بريبش: إنّ ضغط الوقت يترافق أيضاً مع عدم انطلاق المؤتمرات المحلية وعددها 270 مؤتمراً، وأيضاً عدم انطلاق المؤتمرات الجهوية (أكثر من 24 مؤتمراً)، التي تبقى أساس عقد المؤتمر العام، ما يعني أنّ هذه الظروف الموضوعية تحول دون عقده قبل نهاية العام الجاري. 

وتشير التسريبات إلى إمكانية الدعوة لعقد تلك المؤتمرات في شباط (فبراير) المقبل، وحتى تموز (يوليو)، ثم يُعقد المؤتمر العام.

اقرأ أيضاً: الغنوشي: 40% من مشاكل تونس حلها في ليبيا

ويعني ذلك أنّ مبادرة رئيس مجلس شورى النهضة، عبد الكريم الهاروني، بتمديد فترة الغنوشي عاماً أو عاماً ونصف العام لحين البحث عن صيغة لتداول السلطة داخل النهضة، تكون قد مُرّرت على نحو غير مباشر، وتكون قد غيّرت الفصل الثالث من اللائحة الداخلية، الذي يقصر مدة رئيس الحركة على فترتين.

الصفحة الرئيسية