كيف نجح الأردن في تقليم أظافر "الإخوان" دون صدام؟

كيف نجح الأردن في تقليم أظافر "الإخوان" دون صدام؟

كيف نجح الأردن في تقليم أظافر "الإخوان" دون صدام؟


15/11/2022

طارق ديلواني

منذ أن وضعت محاولات خلق ربيع عربي في الأردن أوزارها منتصف عام 2012، اتخذت الحكومة الأردنية عدداً من الخطوات لعزل جماعة الإخوان وتهميشها وتحجيم حضورها في الشارع بعد سنوات طويلة من تحالف غير معلن.

في أبريل (نيسان) 2016، أغلقت الحكومة مقر الجماعة في العاصمة عمان وأعلنت أنها باتت جماعة محظورة بقرار قضائي قطعي، لاحقاً وتحديداً في عام 2020 أغلقت الحكومة نقابة المعلمين بعد اتهامات بسيطرة الجماعة عليها، وخلال هذه الأعوام فقد الإخوان كثيراً من حضورهم في الشارع وخسروا نقابات مهنية وازنة ولم يعد لديهم أي تأثير إعلامي، بل إن كتلتهم النيابية داخل البرلمان الأردني انكمشت وتراجعت إلى خمسة أعضاء، ومن ثم فقدت قدرتها على التأثير تحت قبة البرلمان أو في قرارات الحكومة.

ومنذ ذلك الحين نفذت عمان حزمة إجراءات ضمن مقاربة "رمادية" هدفت إلى تقليم أظافر الجماعة وفق سياسة "الأمن الناعم"، التي أفضت إلى انقسامات كبيرة، وتفكيك بنيوي للتنظيم.

عزلة دون صدام

في الأشهر القليلة الماضية، بدا أن الدولة الأردنية لم تعد بحاجة إلى مساحيق تجميل إخوانية تستعين بها كلما ارتفعت وتيرة النقد في التقارير الدولية لسجل المملكة حقوقياً وإنسانياً.

وأقصيت الجماعة تماماً من تشكيلة مجلس الأعيان التي يعينها العاهل الأردني، وخلت بعض المناصب القيادية الشكلية من رموزها، وجردت الجماعة من كل أدواتها التي كانت تعد صلة وصل مع النظام، ونجح الأردن في فرض عزلة على التنظيم دون صدام بفضل مقاربة مختلفة عن تلك التي اتبعتها كثير من الحكومات العربية الأخرى.

وعلى رغم محاولتها لتظهر أكثر براغماتية والانحناء مراراً لعواصف داخلية وسياسية عدة، تعيش جماعة الإخوان في الأردن أسوأ أيامها منذ تأسيسها عام 1946 بفعل أزمة داخلية أسفرت عن انشقاقات عديدة فتحولت الجماعة إلى جماعات.

جاء الانشقاق الأول عام 2013 مع إنشاء "حزب المؤتمر الوطني (زمزم)" الذي يرأسه رحيل غرايبة رئيس المكتب السياسي السابق للإخوان.

أما الانشقاق الثاني، فوقع عام 2017 من خلال تأسيس "حزب الشراكة والإنقاذ" بزعامة سالم الفلاحات المراقب العام للجماعة سابقاً، وفي نفس العام تأسس الانشقاق الثالث عبر "جمعية الإخوان المسلمين" برئاسة المراقب العام السابق للجماعة عبدالمجيد ذنيبات.

 فقدان التأثير

 في آخر تحد لها عبر الشارع، فشلت جبهة العمل الإسلامي (الذراع السياسية للجماعة) في التعبئة ضد اتفاق المياه مع إسرائيل قبل أيام، وظهر بوضوح أن قدرتها على الحشد تراجعت كثيراً بعد دعوتها لتظاهرة مليونية لم يشارك فيها سوى المئات.

في المقابل بدت الحكومة أكثر إقناعاً في خطابها الإعلامي بأهمية المضي قدماً في اتفاق الطاقة مقابل المياه مع إسرائيل باعتباره جزءاً مهماً من حل دائم لمعالجة أزمة الفقر المائي في المملكة.

بينما اعتمدت الجماعة على خطاب شعبي لم يعد يقنع الأردنيين على ما يبدو، فاعتبرت أن هذه الاتفاقية مخالفة للدستور ‏واعتداء صارخ على السيادة الأردنية.

على رغم ذلك، يقول مراقبون إن الجماعة ما زالت الأكثر تأثيراً على المستوى الشعبي في المشهد السياسي الأردني بالنظر إلى ضعف التيارات السياسية الأخرى.

وفقد الإسلاميون ثقلهم التشريعي بعد خسارتهم القاسية في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، وهو ما دفعهم وفق مراقبين إلى الاتكاء على الغضب الشعبي جراء الأزمة الاقتصادية، والتيارات الشعبية المعادية لإسرائيل الرافضة للتطبيع معها.

استهداف وتضييق

تتهم جماعة الإخوان الحكومة الأردنية بالتضييق عليها، بينما تقول الحكومة إن الجماعة تحاول استثمار الاحتقان الاجتماعي جراء الأزمة الاقتصادية في المملكة، فضلاً عن ممارسة الشغب والتشويش السياسي على الأداء الحكومي داخلياً وخارجياً.

يقول مراد العضايلة الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي، إن الحكومات المتعاقبة مارست نهج إقصاء وتضييق، ونفذت اعتقالات عديدة ضد ناشطي الحزب وأعضاء الجماعة للتغطية على فشلها في إدارة جميع الملفات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية واحتقان الشارع الأردني بسبب ذلك.

ويؤكد العضايلة وجود مضايقات يتعرض لها أعضاء وقيادات حزب جبهة العمل الإسلامي في المطارات والمنافذ الحدودية، إضافة إلى استدعاءات أمنية، والطلب من أعضاء الحزب تقديم استقالاتهم مقابل تحصيل حقوقهم، خصوصاً في توظيف أبنائهم وأقاربهم، فضلاً عن منع الحزب من إقامة الفعاليات والأنشطة واستخدام المرافق العامة للدولة.

وتصر جماعة الإخوان على أنها حركة وطنية راشدة غير طامحة في الحكم وزاهدة به، لكن الحكومة تتهمها بمحاولة القفز على قاطرة الحكم وفرض سياسة الأمر الواقع والاستقواء على الدولة ولي ذراعها عبر أدوات عدة.

يؤكد مراقبون للمشهد البرلماني أن الإسلاميين منذ خسارتهم القاسية في الانتخابات التشريعية لم تعد لديهم أي أداوت ضغط باستثناء محاولة استثمار غضب الشارع والرهان على الثقل العشائري، كمناورة سياسية مع الحكومة بحثاً عن مكاسب سياسية وتنظيمية.

ففي شهر يونيو (حزيران) الماضي على سبيل المثال، اتهم وزير الأوقاف الأردني محمد الخلايلة جماعة الإخوان بشن حملة ضده وضد وزارته، على خلفية تعليق الوزير عمل عديد من فروع جمعية المحافظة على القرآن الكريم، لوجود مخالفات مالية وإدارية.

عن "اندبندنت عربية"



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية