كيف نقرأ زيارة رئيس الوزراء العراقي لمصر؟

كيف نقرأ زيارة رئيس الوزراء العراقي لمصر؟

كيف نقرأ زيارة رئيس الوزراء العراقي لمصر؟


12/03/2023

حول دلالة التوقيت الذي تأتي فيه زيارة رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، إلى القاهرة،  يقول الباحث المصري في العلاقات الدولية، محمد فوزي، إنّ الزيارة تعكس حالة من "الازدهار التي تطغى على العلاقات الثنائية في السنوات الأخيرة بين البلدين؛ وهي الحالة التي عبرت عن تدشين حقبة جديدة من الشراكة الاستراتيجية والتعاون الوثيق بين مصر والعراق. كما امتدت هذه الحالة لتشمل دعم أطر العمل العربي المشترك"، وذلك عبر ما تصفه بعض الدوائر السياسية بـ "مشروع الشام الجديد" أو "المشرق الجديد".

وتمثل زيارة السوداني، إلى القاهرة، وهي الأولى له منذ وصوله لمنصبه الجديد، ولقاء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى جانب عدد آخر من المسؤولين، جزءاً من الشراكة الاستراتيجية بين البلدين وكذا ارتباطاتهم المتنوعة في ملفات مهمة، اقتصادية وسياسية وأمنية.

حقبة جديدة من الشراكة بين مصر والعراق

وتأتي زيارة السوداني في توقيت مهم تركز فيه بغداد على تنمية التعاون مع القاهرة، تحديداً في ما يخص قضايا الطاقة، وكذا مساهمة الشركات المصرية في إعادة تأهيل البنية التحتية بالعراق، فضلاً عن تقوية خط ربط كهربائي بين مصر والأردن ويصل إلى العراق. ووفق وكالة "ويترز" للأنباء"، فإنّ القدرة الحالية لخط الربط الكهربائي بين مصر والأردن تبلغ نحو 550 ميغاواط.

وتشهد العلاقات المصرية العراقية درجة غير مسبوقة من التعاون، تبرز نتائجها في مجالات عديدة ومتنوعة، بينما يبلغ حجم التبادل التجاري بين بغداد والقاهرة، سنوياً، قرابة نصف مليار دولار.

 الباحث المصري محمد فوزي: "الشام الجديد" يقوم على النهج التكاملي

وعن "مشروع الشام الجديد" أو "المشرق الجديد"، يقول فوزي لـ"حفريات" إنه يرتكز على بعض المسارات الرئيسية، ومنها المسار التنموي، وهو المسار القائم على "النهج التكاملي" بين الدول العربية، بما يدعم تحقيق الاستفادة المثلى من موارد وقدرات كل دولة، بالإضافة إلى مسار التحرك الفعال إزاء قضايا المنطقة مع الالتزام بمفهوم الدولة الوطنية ووحدة وسيادة الدول، خصوصاً في ظل تنامي نشاط الفاعلين المسلحين الأجانب، وزيادة التدخلات الإقليمية في شؤون الدول العربية، لا سيما الدول التي تعاني من أزمات بنيوية وحروب واقتتال.

وقال رئيس الوزراء العراقي خلال زيارته للقاهرة إنّ خطاً ثانياً للربط بين الأردن والعراق سيتيح وصول بعض الكهرباء المصرية إلى العراق، ومن المتوقع أن تكتمل المرحلة الأولى من خط الربط الثاني في يونيو (حزيران) المقبل.

الشام الجديد

رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، يرى أنّ مصر تعمل على تقوية خط الربط الكهربائي مع الأردن لاستيعاب قدرة تصل إلى ثلاثة غيغاواط، مع خطط لتوسيع "أطر التعاون المشترك" مع العراق.

وقال مدبولي: "لدينا ربط كهربائي مع الأردن بطاقة حوالي 550 ميغاواط، ونعمل حالياً على تقوية الخط لاستيعاب قدرات أكبر بهدف الوصول للعراق أيضاً، وتوجد إمكانية لزيادة قدرة خط الربط مع الأردن إلى اثنين أو ثلاثة غيغاواط".

تأتي زيارة رئيس الوزراء العراقي لمصر في توقيت مهم تركز فيه بغداد على تنمية التعاون مع القاهرة، تحديداً في ما يخص قضايا الطاقة

كما ناقش السيسي والسوداني مجموعة من القضايا والملفات السياسية والإقليمية، وفق ما ذكر المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، موضحاً أنّ "اللقاء شهد توافقاً على أهمية مواصلة التنسيق المكثف للتصدي للتحديات التي تواجه المنطقة، ما يحقق آمال شعوبها في العيش في سلام واستقرار".

وتابع المتحدث الرسمي أنّ "الرئيس المصري أكد خلال اللقاء اعتزاز القاهرة بالعلاقات الاستراتيجية مع بغداد". وأكد السيسي "حرص بلاده على تفعيل وتنويع أطر التعاون الثنائي المشترك في شتى المجالات السياسية، والاقتصادية، والتجارية، والثقافية، والإسراع في تنفيذ المشروعات المشتركة بين البلدين، وفقاً لاحتياجات الشعب العراقي، وبما يعزز التكامل بين الجانبين، ويحقق الأهداف التنموية المشتركة"، مشدداً على "مواصلة العمل في إطار آلية التعاون الثلاثي مع المملكة الأردنية".

وفي ما يبدو أنّ العلاقات المصرية العراقية الأردنية كانت ضمن النقاشات الممتدة على طاولة اللقاءات التي جمعت السوداني بالرئيس المصري وكذا رئيس الحكومة المصرية، حيث أكد الأخير لنظيره العراقي أنّ "مصر تنظر للتعاون الثلاثي من منظور استراتيجي شامل". ولمّح مدبولي إلى أنّ "التنسيق الجاري بين جهات الاختصاص للتحضير لعقد الدورة المقبلة للجنة العليا المصرية - العراقية المشتركة في شهر مايو (أيار)، أو يونيو (حزيران) المقبل، بالقاهرة".

مصر تعمل على تقوية خط الربط الكهربائي مع الأردن لاستيعاب قدرة تصل لـ 3 غيغاواط، مع خطط لتوسيع "أطر التعاون المشترك" مع العراق

وبعنوان: "الدعم العربي لتعزيز استقرار العراق وسيادته"، تم تدشين أعمال الدورة 34 للاتحاد البرلماني العربي، نهاية الشهر الماضي، في بغداد، وهي الدورة التي شارك فيها رئيس مجلس النواب المصري، المستشار حفني الجبالي. وقال رئيس مجلس النواب العراقي محمد الحلبوسي، في تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر": "أهلاً وسهلاً بالأشقاء في بغداد العروبة والسلام".

عودة العراق لحاضنته العربية

وتعد هذه اللقاءات مهمة على مستوى استعادة العراق إلى محيطه العربي الحيوي، بهدف "حفظ سيادته، واستعادة مكانته التاريخية"، حسبما أعلن الاتحاد البرلماني العربي.

إذاً؛ ارتبطت أهمية زيارة السوداني لمصر بجملة من الدلالات الرئيسية، وعلى رأسها إدراك القيادة السياسية في بغداد كما في القاهرة بـ"ضرورة" و"حتمية" عودة العراق إلى محيطه العربي، و"عدم تركه لتجاذبات وحسابات القوى الإقليمية غير العربية، وصولاً إلى القناعة بضرورة التأسيس لواقع عربي جديد يراعي أولويات الدول العربية ومحددات أمنها القومي". يقول الباحث المصري محمد فوزي.

الباحث المصري محمد فوزي لـ"حفريات" مشروع الشام الجديد يرتكز على بعض المسارات الرئيسية، ومنها المسار التنموي، وهو المسار القائم على "النهج التكاملي" العربي

ويردف: "هناك جملة من الملفات المهمة التي تقع على رأس أولويات الزيارة التي قام بها السوداني للقاهرة، منها تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين، وقد كان العامل الاقتصادي على رأس المحددات الحاكمة دائماً للعلاقات المصرية العراقية، ويمكن القول إنّ العامل الاقتصادي كان منفصلاً حتى عن بعض التجاذبات السياسية التي اعترت العلاقات الثنائية في بعض الفترات، وخصوصاً في مرحلة ما بعد ثورة 23 يوليو 1952 في مصر، وفي أعقاب توقيع مصر اتفاقية كامب ديفيد في عام 1978".

ويشير الباحث المصري في العلاقات الدولية إلى أنّ العلاقات الاقتصادية المصرية العراقية شهدت "طفرة كبيرة في السنوات الأخيرة، حيث اقتربت قيمة التبادل التجاري بين البلدين في عام 2022 من النصف مليار دولار (سجلت نحو 491.59 مليون دولار وفقاً للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء). كما يُتوقع أن تشهد الزيارة الحالية لرئيس الحكومة العراقية توقيع 21 اتفاقية ومذكرة تفاهم، وكذلك تفعيل اتفاقية "النفط مقابل الإعمار" بمشاركة القاهرة بقوة في إعادة تأهيل الكثير من المدن والبنى التحتية بالعراق".

تعد هذه اللقاءات مهمة على مستوى استعادة العراق إلى محيطه العربي الحيوي

ويختتم فوزي حديثه قائلاً إنّ زيادة التنسيق إزاء القضايا العربية قد تجاوز التنسيق المصري العراقي، المنبثق عن حالة النشاط الدبلوماسي التي شهدتها العلاقات الثنائية في السنوات الأخيرة، حدود دعم العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، ليشمل السعي لتقريب وجهات النظر والتنسيق بخصوص القضايا الإقليمية والعربية الراهنة والملحة "فمن جانب سعت دوائر صنع القرار العراقية في السنوات الأخيرة إلى تبني سياسة خارجية متوازنة، تضمن عودتها وانفتاحها على حاضنتها العربية، وتحييد العراق ولو تدريجياً عن سياسات المحاور والتكتلات، فضلاً عن سعي العراق لعب دور الوسيط بين الدول العربية وإيران، ومن جانب آخر توجد إرادة مصرية جادة وواضحة على مستوى دعم مساعي العراق في العودة إلى حاضنته العربية، وتوظيف الثقل الجيوسياسي لكلا البلدين بما يدعم أولويات الشعوب العربية في المرحلة الراهنة".

مواضيع ذات صلة:

الأمين العام للأمم المتحدة في العراق: سر الابتسامة المشبوهة

انفتاح العراق على شركائه الإقليميين: الخلاص من قبضة إيران

الإمارات والعراق.. علاقات أخوية يعززها التعاون في هذه المجالات



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية