كيف يؤثر التغيّر المناخي على حياتنا؟ وما الدول الأكثر تأثراً على الصعيد الاقتصادي؟

كيف يؤثر التغيّر المناخي على حياتنا؟ وما الدول الأكثر تأثراً على الصعيد الاقتصادي؟


08/11/2021

بالتزامن مع انطلاق مؤتمر الأمم المُتحدة السادس والعشرين للتغير المناخي (COP26) في مدينة غلاسكو الاسكتلندية، أصدرت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية (World Meteorological Organization) تقريراً جديداً عن حالة المناخ العالمي لعام 2021، تضّمن أهم مؤشرات المناخ للعام الحالي وتأثيرات التغير المناخي على المستوى الاجتماعي والاقتصادي للشعوب والدول.

 

وصلت درجة الحرارة في مقاطعة كولومبيا البريطانية الكندية إلى 49.6 درجة مئوية في حزيران للمرة الأولى في التاريخ

 

وأكّد التقرير أنّ الأعوام السبعة الماضية هي الأسخن على الإطلاق في تاريخ الكوكب، حيث تُشير بيانات أول 9 أشهر من العام الحالي إلى أنّ عام 2021 هو العام السادس أو السابع في ترتيب الأعوام الأكثر دفئاً في التاريخ، علماً بأنّ الترتيب هذا قد يتغير إلى الأسوأ مع نهاية العام. 

وقالت المنظمة، في بيان صحفي، إنّه في عام 2020 وصلت تركيزات غازات الاحتباس الحراري إلى مستويات قياسية جديدة؛ إذ وصل مستوى تركيز غاز ثاني أكسيد الكربون في الجو إلى 413.2 جزء من المليون، وهو ارتفاع بحوالي مرة ونصف عن المستويات التي كان عليها قبل حقبة الصناعة، كما تضاعف مستوى غاز الميثان في الجو مرتين ونصف المرة منذ تلك الفترة.

تأثير الاحترار العالمي على المحيطات

أشارت المنظمة إلى أنّ متوسط درجة الحرارة العالمية في عام 2021 ارتفع عن متوسط الفترة ما بين عامي 1850و1900 بحوالي 1.09 درجة مئوية.

أكّد  التقرير أنّ المحيطات تمتص حوالي 23% من الانبعاثات السنوية من ثاني أكسيد الكربون

وأكّد بيان المنظمة، الذي أُعدّ بناءً على التقرير، استمرار احترار المحيطات إلى أعماق تصل إلى 2000 متر، فضلاً عن أنّ معظم المحيطات شهدت موجة حارة بحرية قوية واحدة على الأقل في وقت ما من عام 2021.

وأكّد  التقرير أنّ المحيطات تمتص حوالي 23% من الانبعاثات السنوية من ثاني أكسيد الكربون، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة حموضتها، ما يعني خفض قدرتها على تخزين هذا الغاز.

 

شهد العالم كلّه الحرائق الكبرى الناتجة عن ارتفاع درجات حرارة الكوكب، التي قضت على مئات آلاف الهكتارات من الغابات في كاليفورنيا والجزائر وجنوب تركيا واليونان

 

كما سجّل التقرير تسارع ذوبان الأنهار الجليدية في أمريكا الشمالية خلال العقدين الماضيين، وقد تفاقمت الظاهرة هذه خلال العام الحالي بسبب الصيف الحار والجاف، الذي تسبّب بهطول أمطار فوق القمم الجليدية في غرينلاند للمرة الأولى في التاريخ الحديث.

اقرأ أيضاً: الشرق الأوسط من بين أكثر مناطق العالم عرضة للتهديدات البيئية بسبب التغيرات المناخية

وبيّن التقرير أنّ وتيرة ارتفاع مستوى سطح البحر بلغت 4.4 مليمترات سنوياً خلال الفترة ما بين عامي 2013 و2021، وهو رقم يُمثّل ضعف متوسط الارتفاع الذي كان عليه بين عامي 1993 و2002.

كيف ينعكس أثر الاحترار العالمي على حياتنا؟

رصدت الدول حول العالم ظواهر استثنائية خلال العام الحالي، بدءاً من موجات الحر الهائلة التي حطّمت أرقاماً قياسية في الحرارة، حيث وصلت درجة الحرارة في مقاطعة كولومبيا البريطانية الكندية إلى 49.6 درجة مئوية في حزيران (يونيو) للمرة الأولى في التاريخ، كما بلغت درجة الحرارة في جزيرة صقلية الإيطالية 48.8 في آب (أغسطس)، وهو رقم قياسي أوروبي، كما وصلت درجات الحرارة في القيروان التونسية إلى 50.3 درجة مئوية.

 

شهد العام الحالي هطول أمطار بغزارة استثنائية أدت إلى فيضانات مُدمرة في دول مختلفة حول العالم

 

وشهد العالم كلّه الحرائق الكبرى الناتجة عن ارتفاع درجات حرارة الكوكب، التي قضت على مئات آلاف الهكتارات من الغابات في كاليفورنيا والجزائر وجنوب تركيا واليونان.

إلى ذلك، شهد العام الحالي هطول أمطار بغزارة استثنائية أدت إلى فيضانات مدمرة في دول مختلفة حول العالم، منها فيضانات مدينة تشنغ تشو الصينية التي نتج عنها أكثر من 302 حالات وفاة، ناهيك عن الخسائر الاقتصادية، بالإضافة إلى فيضانات أوروبا الغربية؛ إذ شهدت دولتا ألمانيا وبلجيكا واحدة من أشد الفيضانات خطورة على الإطلاق في منتصف تموز (يوليو)، تسبّبت في وفاة أكثر من 200 شخص.

اقرأ أيضاً: نوبل للفيزياء تكافئ البحث في "التغير المناخي" و"نظرية الأنظمة المعقدة"... من الفائزون؟

وفي المناطق شبه الاستوائية في أمريكا الجنوبية ساد جفاف شديد للعام الثاني على التوالي، وقد كان مُعدّل هطول الأمطار أقل بكثير من المتوسط في معظم المناطق تلك، الأمر الذي أدى إلى خسائر زراعية كبيرة.

ماذا عن الاقتصاد؟

تزامنت ظواهر الطقس الاستثنائية التي خيّمت على الكوكب مع جائحة فيروس كورونا ما جعل سُكان كوكب الأرض يواجهون جوائح متتالية على المستوى الاجتماعي والاقتصادي. 

في المناطق شبه الاستوائية في أمريكا الجنوبية ساد جفاف شديد للعام الثاني على التوالي

وقد تطرّق التقرير للجانب الاقتصادي والاجتماعي من الأزمة، مؤكداّ أنّ الظواهر الجويّة زادت من النزاعات حول العالم، كما أدّت إلى زيادة الجوع، مُتسبّبىة في تقويض عقود من التقدّم نحو تحسين الأمن الغذائي.

وتحدّث التقرير عن أنّ معدلات تدهور النظم البيئية غير المسبوقة، ستحدّ من قدرة البيئة على دعم رفاهية الإنسان وتُضعف من مرونتها للتكيف مع التغيرات المناخية.

وبحسب ما نقلت وكالة "سكاي نيوز"، فقد كشفت دراسة حديثة أعدّتها منظمة "كرستيان أيد" أنّ التغير المناخي سيلحق ضرراً بالغاً بالدول الأفقر في العالم بحلول العام 2100.

 

تزامنت ظواهر الطقس الاستثنائية التي خيّمت على الكوكب مع جائحة فيروس كورونا ما جعل سُكان كوكب الأرض يواجهون جوائح متتالية على المستوى الاجتماعي والاقتصادي

 

وقالت الدراسة، التي صدرت على ضوء محادثات قمة غلاسكو، إنّ الدول الـ 65 الأكثر عرضة لتداعيات التغيّر المناخي في العالم، ستشهد انخفاضاً في إجمالي ناتجها المحلي بمعدل 20 % بحلول العام 2050، و64 % بحلول 2100، وذلك في حال ارتفعت درجة حرارة العالم بـ 2.9 درجة مئوية.

وأوضحت الدراسة أنّ الهدف الأكثر طموحاً لاتفاقية باريس، والمُتمثّل بالحد من ارتفاع درجات الحرارة في العالم لتبقى عند 1.5 درجة مئوية، لن يمنع إجمالي الناتج الداخلي للدول الأكثر فقراً من التراجع بنسبة 13 بالمئة بحلول عام 2050 و33 بالمئة مع نهاية القرن الحالي.

 

الهدف الأكثر طموحاً لاتفاقية باريس، والمُتمثّل بالحد من ارتفاع درجات الحرارة في العالم لتبقى عند 1.5 درجة مئوية، لن يمنع إجمالي الناتج المحلي للدول الأكثر فقراً من التراجع

 

وأشارت الدراسة إلى أنّ أكثر من ثلث دول العالم تحتاج للمساعدة العاجلة لتتمكن من تعزيز قدرة اقتصاداتها على الصمود وتحمل موجات الحر والجفاف والفيضانات والعواصف التي فاقمها الاحترار العالمي.

ونقلت وكالة "فرانس برس" عن الأكاديمية في جامعة هومبولت في برلين والتي ساهمت في إعداد الدراسة، مارينا أندريفيتش، نقلت عنها قولها إنّ  قدرة الدول الواقعة في جنوب الكرة الأرضية على التنمية بشكل مستدام "مُعرّضة للخطر الشديد".

وأكّدت أندريفيتش أنّ خيارات الدول اليوم صارت مفصلية لمنع وقوع المزيد من الأضرار.

وتقع 8 دول من الدول العشر الأكثر تضرراً من التغيّر المناخي في القارة السمراء، بينما تقع اثنتان في أمريكا اللاتينية، حيث تواجه الدول هذه أضراراً في إجمالي ناتجها الداخلي تتجاوز نسبتها 70 بالمئة بحلول العام 2100 في ظل الاتجاه الحالي للسياسات المناخية، و40 بالمئة في حال تم حصر الاحترار العالمي بـ 1.5 درجة مئوية، بحسب "سكاي نيوز".

بدوره، قال مدير مركز أبحاث المناخ والطاقة في نيروبي محمد أداو إنّ أفريقيا كانت من الجهات الأقل تأثيراً على التغير المناخي "إلّا أنّ التقرير هذا يكشف بأنّها ستواجه أشد العواقب.. إنّه أمر غير منصف على الإطلاق".

ماذا عن غلاسكو؟  

كانت فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ في مدينة غلاسكو الاسكتلندية في المملكة المتحدة قد بدأت يوم الإثنين الماضي 1 تشرين الثاني (نوفمبر) بمشاركة نحو 200 دولة.

رئيس مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ: قمة غلاسكو الأمل الأخير لإنقاذ الأرض

ويقول مراقبون إنّ القرارات والتوصيات التي ستصدر عن القمة تُمثّل أملاً "أخيراً" للحد من ظاهرة التغيّر المناخي التي باتت تُهدّد حياة الأجيال القادمة على كوكب الأرض، في ظل تخوفات من أن تطغى المصالح الاقتصادية للدول العظمى على المصالح الإنسانية.

ووقعت 19 دولة على الأقل من بينها دول تتسبّب بانبعاثات كربونية كبيرة مثل الولايات المتحدة وكندا على التزامات بشأن الوقود الأحفوري خلال القمة، كما التزمت أكثر من 40 دولة بإعلان الانتقال من الفحم إلى الطاقة النظيفة، في مبادرة روّجت لها الحكومة البريطانية، وفق ما أورد موقع "فرانس 24".

 

أكثر من ثلث دول العالم تحتاج للمساعدة العاجلة لتتمكن من تعزيز قدرة اقتصاداتها على تحمّل موجات الحر والجفاف والفيضانات والعواصف التي فاقمها الاحترار العالمي

 

ويتزامن انعقاد القمة مع مشاركة آلاف الشبان في مسيرة من أجل المناخ نُظّمت في مدينة غلاسكو من قِبل حركة شبابية تطلق على نفسها اسم "أيام الجمعة من أجل المستقبل" للضغط على قادة العالم من أجل اتخاذ خطوات أكثر جدية فيما يتعلّق بالاحترار العالمي. 

ونقلت وكالة "بي بي سي" عن  الناشطة في حركة "أيام الجمعة من أجل المستقبل" أنّا براون قولها إنّ المسيرة تؤكد على الحاجة إلى إخراج النقاشات بشأن المناخ من "القاعات المغلقة"، مؤكدة أنّ "الرسالة التي تبعث بها المسيرة مفادها أن نظام قمم المناخ -وقد بات لدينا الآن 26 منها- ليس فعّالاً. إنّهم بحاجة إلى الاستماع للناس في الشوارع.. للشباب.. للعمال".


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية