لا منير ولا حسين: جبهة إخوانية ثالثة تسعى لقيادة التنظيم

لا منير ولا حسين: جبهة إخوانية ثالثة تسعى لقيادة التنظيم


02/02/2022

اقترب محمود حسين من حسم الصراع التنظيمي لصالحة، خصوصاً في تركيا، التي كانت قد شهدت في السابق تأييداً واسعاً لجبهة إبراهيم منير، والتي حاولت أن تحشد جميع المعارضين لمحمود حسين، سواء من المجموعات القريبة منها، أو تلك التي كمنت تنظيمياً وابتعدت عن الصراع، أو، مؤخراً، مجموعات العنف المسلّح، التي يمثلها اتجاه محمد كمال، أو ما يعرف بـ "الكماليين"، وما خرج منها من مجموعات مثل حسم.

اقرأ أيضاً: فصل مصطفى طلبة... ما مآلات قرار عزل مرشد إسطنبول؟

في هذه الغضون، تطلعت حركة حسم ومجموعة الكماليين للمشهد، ووجدت أنّ الفرصة ربما تكون مناسبة لقطع الطريق على الشباب الذين انسحبوا من جبهة منير متجّهين من جديد لجبهة محمود حسين، حيث قدّم هذا الفريق نفسه باعتباره البديل الأفضل للشباب، فحاول ركوب موجة العمل البحثي والسياسي والاختباء خلفها، وسريعاً تمّ عقد مؤتمر تحت عنوان "شباب التغيير: عقد من النضال وخطوة للمستقبل"، المؤتمر الذي نظّمته أكاديمية "العلاقات الدولية"، التي يرأسها الإخواني عصام عبد الشافي، وبرز من بين المتحدثين فيها محمد الهامي، الذي يقدَّم باعتباره مؤرخاً، كما شارك فيها أيضاً محسوبون على حركة حسم ومجموعة كمال، مثل: مجدي شلش، منظّر العنف، ومحمد منتصر، المتحدث باسم حركة حسم، وشخصيات أخرى محسوبة على أكاديمية "العلاقات الدولية"؛ المظلّة التي تشكّل إحدى الواجهات البحثية التي نشطت في احتضان عدد من شباب الإخوان، الساعين للاختباء خلف البحث العلمي وإعادة التأهيل السياسي والإعلامي والإستراتيجي.

الإخوان هزموا لضعف تأهيلهم

وبرزت مقاربة لدى بعض شباب الجماعة، تقول إنّ الإخوان هزموا في الصراع السياسي لضعف تأهيلهم وتكوينهم العلمي بمهارات العمل السياسي، وما يرتبط بها من فنون الإستراتيجية والإعلام والاتصال السياسي والاستخباراتي، وأنّهم في سياق التجهيز لموجة ثورية جديدة، يبدو الشعب، من وجهة نظرهم، جاهزاً لها، في ظلّ صعوبة فاتورة الإصلاح السياسي والتنموي التي اختارها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وأنّ بإمكان مجموعات من الشباب، إذا تمّ تأهيلهم جيداً على إشعال الثورات، أن يفلحوا في "تثوير" الداخل المصري من جديد، ومن ثم إتاحة الفرصة لإشعال فوضى عارمة قد تمكّنهم، مع شركائهم في الداخل من الفوضويين ومجموعات العنف المسلح من القاعدة وداعش، أن يقفزوا على حكم مصر من جديد، وقد تسلحوا بالمهارات الكافية وأعدوا الكوادر اللازمة لإدارة الدولة، بعد أن يصلوا للحكم من جديد.

وفي أجواء الصراع التنظيمي بين محمود حسين وإبراهيم منير، اختاروا هم أن يلعبوا بطريقة مختلفة، فعقدوا هذا المؤتمر، ليعلنوا جبهة جديدة تعمل على إعداد البديل، وتعد بأن يكون الشباب عدّتها وعتادها، وأنّ أدوارهم محفوظة داخل هذا الكيان، كما أنّهم ليسوا في حاجة للعودة إلى محمود حسين من جديد، أو حتى البقاء ضمن جبهة منير التي تعجّ بالشركاء المتشاكسين هي الأخرى. 

اقرأ أيضاً: آخر فصول أزمة الإخوان... منير يتخذ إجراء ضد مصطفى طلبة

التأم هذا الخليط، الذي يضمّ مجموعات محسوبة على التيار السلفي ومجموعات محسوبة على حسم ومحمد كمال، هدفهم المعلن المشاركة في عملية التغيير المرتقب وإزالة الأنظمة، ضمن دورات خاصة تتخفى خلف عنوان التأهيل في العلوم الإنسانية والدراسات الاجتماعية، خاصة ما يرتبط بها بعلوم التغيير، قاصدين العلوم السياسية والعلاقات الدولية والدراسات الإستراتيجية والقانون والاقتصاد والإدارة والإعلام والاجتماع، وهي المجالات التي كان الإخفاق في تحصيلها وإتقانها السبب المباشر لديهم في فشل الإخوان في حكم مصر.

يرى مراقبون أنّهم أمام فريق جديد يريد وراثة قيادة التنظيم، مستغلاً أجواء الخلاف بين جبهتَي حسين ومنير، ومستفيداً من تفكير عدد من الشباب الذين التحقوا بمنير في العودة إلى حسين

عبر تلك الدورات يتلقى الشباب دورات في العمل الاستخباري، وأمن المعلومات، وأساليب التجنيد، والتأثير في الجماهير وقيادتها، فضلاً عن أساليب اختراق المجموعات السياسية والحزبية، إضافة إلى أساليب الحرب النفسية وتثوير الجماهير.

اقرأ أيضاً: وجه جديد في جبهتي الصراع.. هذا ما عكسه اختيار محمود حسين لمصطفى طلبة

بدت تلك الأهداف واضحة في الرسائل العلنية التي خرجت عن المؤتمر، وأبرزها كلمة محمد منتصر، المتحدث باسم حسم، التي ورد فيها قوله: "لقد اخترنا عقد المؤتمر في هذه الفترة لنوصل رسالة أنّ الثورات لم تنتهِ، وأنّ هناك موجات أخرى ستكون فيها الغلبة لنا"، متوعداً خلال كلمته "بالتدخل للحلحلة والخلخلة وتحريك الوضع القائم في الدول العربية وعلى رأسها مصر"، مضيفاً أنّ "كلّ الثورات لم تنتهِ، وهناك موجات أخرى ستكون فيها الغلبة لها".

شذرات في الاستخبارات والدفاع والسياسة

مطالعة عناوين بعض ما خرج من مؤلفات في هذا الأكاديمية، مثل عنوان "العمليات النفسية في حرب العصابات" وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، أو "شذرات في الاستخبارات والدفاع والسياسة" تشي بشكل التأهيل المطلوب ونوع الأهداف المطلوب تحقيقها.

الغريب هو سكوت الإدارة التركية على هذه الممارسات، التي تأتي تهديداً لحالة التقدم التي قطعتها في استئناف العلاقة الطبيعية بينها وبين الدولة المصرية، لكن يبدو أنّ غضّ الطرف من قبل الإدارة التركية له علاقة ربما بانزعاجها من حالة الانقسام التنظيمي التي أضعفت التنظيم كورقة للمساومة، وأنّ بروز عنصر جديد، أو مكوّن جديد، قد يكتسب زخماً، مع التحاق الشباب به، وقد يعطي لتلك الورقة أهمية أكبر على مائدة التفاوض بين الأتراك ومصر.

في أجواء الصراع التنظيمي بين محمود حسين وإبراهيم منير، اختارهم شباب أن يلعبوا بطريقة مختلفة، ليعلنوا جبهة جديدة تعمل على إعداد البديل، وتعد بأن يكون الشباب عدّتها وعتادها

ويرى مراقبون أنّهم أمام فريق جديد يريد وراثة قيادة التنظيم، مستغلاً أجواء الخلاف بين جبهتَي حسين ومنير، ومستفيداً من تفكير عدد من الشباب الذين التحقوا بمنير في العودة إلى جبهة حسين من جديد، وهم مرغمون على ذلك، لكنّهم يتيحون لهم جبهة بديلة تعدهم بخطط محددة وبأدوار محددة، قد تسيل لعابهم للانضمام لتلك الجبهة التي تختبئ، كما قلنا، خلف العمل البحثي والأكاديمي والتأهيلي البرّاق، لكنّها لا تهدف سوى لتجنيد المزيد من الشباب، لتجعلهم وقوداً لأعمال تخريبية مرتقبة تحت لافتة الثورة، العنوان الذي ما يزال قادراً على إلهاب خيال هؤلاء الشباب.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية