لقاء وزاري وتسمية سفراء... أين وصلت المباحثات بين القاهرة وأنقرة؟

لقاء وزاري وتسمية سفراء... أين وصلت المباحثات بين القاهرة وأنقرة؟

لقاء وزاري وتسمية سفراء... أين وصلت المباحثات بين القاهرة وأنقرة؟


29/11/2022

شهدت الأيام القليلة الماضية، منذ اللقاء الذي جمع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بنظيره التركي أردوغان، على هامش افتتاح كأس العالم بالعاصمة القطرية الدوحة الأحد 20 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري، شهدت تطورات متلاحقة في مسار العلاقات الثنائية بين البلدين، وعكست التصريحات من الجانب التركي مؤشرات إيجايبة حول المباحثات التي تجري بين البلدين لتسوية الخلاف القائم منذ أعوام حول عدد من القضايا أبرزها الملف الليبي وترسيم الحدود البحرية في مياه شرق المتوسط، فضلاً عن الدعم التركي لعناصر تنظيم الإخوان الهاربين من القاهرة منذ عام 2013.

وفي تصريحات متلفزة له أول من أمس تحدث الرئيس التركي، للمرة الثانية خلال أسبوع، عن اللقاء الذي جمعه بالرئيس المصري، وقال: إنّه ناقش قضايا مشتركة بين البلدين، وكشف عقد اجتماع قريب على مستوى وزراء الدولتين لاستكمال المفاوضات والمباحثات حول القضايا الخلافية.

وقال أردوغان في حوار بثته إحدى القنوات التركية من مدينة قونية: "لقد ركزنا المحادثات مع السيد السيسي هناك، وقلنا لنتبادل الآن زيارات الوزراء على مستوى منخفض، بعد ذلك دعونا نوسع نطاق هذه المحادثات"، وأشار أيضاً إلى إمكانية تحسين العلاقات مع سوريا، وأضاف: "يمكن أن تعود الأمور إلى نصابها مع سوريا في المرحلة المقبلة، مثلما جرى مع مصر".

وأضاف أنّ عملية بناء العلاقات مع مصر ستبدأ باجتماع وزراء من البلدين، وأنّ المحادثات ستتطور انطلاقاً من ذلك.

ما أبرز الملفات باجتماع وزراء مصر وتركيا؟

حول أبرز الملفات المطروحة للنقاش في الاجتماع الوزاري المرتقب بين المسؤولين المصريين والأتراك، يقول الدكتور كرم سعيد الخبير المختص بالشأن التركي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية: إنّها ستركز على ترسيم الحدود البحرية في مياه شرق المتوسط، مشيراً إلى أنّ هذا الملف بات ضرورة مُلحة بالنسبة إلى تركيا، وكذلك هي دولة تفتقد لموارد الغاز وتسعى لتوفير احتياجاتها.

ويضيف سعيد في تصريح لشبكة "سكاي نيوز" أنّ الملف الثاني الذي يمثل خلافاً بين الدولتين هو الملف الليبي، موضحاً أنّ البلدين قد يناقشان الأزمة الدائرة في ليبيا، في ظل عمل حكومة عبد الحميد الدبيبة رغم انتهاء ولايتها، ورفضها تسليم السلطة للحكومة التي كلفها البرلمان ويرأسها فتحي باش آغا.

وبخصوص ملف جماعة الإخوان يرى سعيد أنّه لم يعد يحظى بأهمية بالغة لدى الطرفين، فالقاهرة لا تضعه ضمن أولوياتها مقارنة بالقضايا الإقليمية المشتركة.

كرم سعيد: في ملف شرق المتوسط تحرص القاهرة على مصلحة جميع الحلفاء مع الالتزام بالقرارات الشرعية الدولية المحددة لعملية التنقيب عن الغاز، كما تسعى القاهرة إلى تحقيق الاستقرار في الملف الليبي

ويشير سعيد إلى أنّ السياسة المصرية واضحة ومتوازنة فيما يتعلق بكافة الملفات الإقليمية، ففي ملف شرق المتوسط تحرص القاهرة على مصلحة جميع الحلفاء مع الالتزام بالقرارات الشرعية الدولية المحددة لعملية التنقيب عن الغاز.

وتسعى القاهرة لتحقيق الاستقرار في الملف الليبي، وتجدد مطالبها دائماً بسحب كافة القوات الأجنبية من الأراضي الليبية لتحقيق حالة من الاستقرار والتوافق السياسي الداخلي.

لقاء مخابراتي... ماذا دار فيه؟  

كشفت مصادر لـ "رويترز" أمس عقد لقاء مخابراتي بين مسؤولين من القاهرة وأنقرة خلال الأسبوع الماضي، تحديداً بعد اللقاء الذي جمع الرئيسين في الدوحة، وصفه مراقبون بأنّه لقاء تمهيدي للتشاور حول القضايا الخلافية بين البلدين، وتبادل وجهات النظر، والتنسيق بخصوص الملفات المشتركة.

وتحدث مسؤول تركي كبير للوكالة عن المناقشات ووصفها بالمهمة، وقال إنّه من المقرر أن تبدأ مصر وتركيا محادثات حول القضايا العسكرية والسياسية والتجارية، بما في ذلك مشاريع الطاقة.

وقال المسؤول التركي الكبير: إنّ الدولتين قد تدخلان في تعاون جدي بشأن قضايا إقليمية، خاصة في أفريقيا.

اوغلو: مصر وتركيا قد تستأنفان العلاقات الدبلوماسية الكاملة، وتعيدان تعيين سفيرين في الأشهر المقبلة

وأضاف بحسب ما نقلته صحيفة "الشرق الأوسط" عن "رويترز" أنّ الوفود ستبدأ في مناقشة قضايا تجارية وعسكرية وسياسية خلال فترة قصيرة، مشيراً إلى ملفات منها اتفاق تركيا لترسيم الحدود البحرية مع ليبيا ومشروعات الطاقة واستكشاف الموارد الهيدروكربونية وخطوط الأنابيب في البحر المتوسط.

وقال مصدر في المخابرات المصرية لـ "رويترز": إنّ الوفدين ناقشا في القاهرة كيفية تقريب وجهات النظر بشأن الملفات الأمنية المشتركة، وأضاف أنّ تلك الملفات شملت وسائل إعلام مقرها تركيا مرتبطة بـ "الإخوان المسلمين" تعارض الحكومة المصرية.

عودة التمثيل الدبلوماسي بين البلدين

من جانبه، تحدث وزير الخارجية التركي مولود تشاويش أوغلو عن تقدم المناقشات بين البلدين، والتوصل إلى تفاهمات، مُعلناً عودة التمثيل الدبلوماسي بين القاهرة وأنقرة خلال أشهر.

وقال اوغلو أمس للصحفيين في أنقرة: إنّ "مصر وتركيا قد تستأنفان العلاقات الدبلوماسية الكاملة، وتعيدان تعيين سفيرين في الأشهر المقبلة".

مصادر لـ "رويترز": لقاء مخابراتي عقد بين مصر وتركيا الأسبوع الماضي، ناقش جملة من القضايا السياسية والأمنية والعسكرية، وتطرق للموضوعات الخلافية

وأضاف، بحسب ما نقله موقع "24 الإخباري"، أنّه من المرتقب أن يستأنفا المشاورات الدبلوماسية بقيادة نائبي وزيري الخارجية للتطبيع "قريباً".

أيّ مسار يحكم مستقبل العلاقات بين البلدين؟

على الرغم من تسارع الخطوات نحو مصالحة قريبة مع القاهرة، يتوقع مراقبون أن تمثل الملفات الخلافية بين البلدين عائقاً للتوصل إلى حلول سريعة تضمن مستوى من التعاون المشترك بين البلدين، وتشير أغلب التقديرات إلى إزالة الخلاف في الفترة المقبلة لكن دون أن تصل العلاقات إلى مستوى التحالف.

وفي تصريح سابق لـ "حفريات" توقع الباحث المصري المختص بالشؤون الدولية والملف التركي صلاح لبيب أن تشهد العلاقات بين البلدين مزيداً من التنسيق والتعاون المشترك خلال الفترة المقبلة على مستوى العلاقات الثنائية، ومن المتوقع تبادل الزيارات السياسية والدبلوماسية بين القاهرة وأنقرة، مؤكداً أنّ "البلدين في طريقهما لمزيد من التقارب السياسي، وإن ظلت بعض الملفات السياسية الخلافية عالقة، وعلى رأسها التدخلات التركية في الإقليم".

تتجه السياسات التركية نحو تضيق شديد على جماعة الإخوان المصنفة على قوائم الإرهاب في عدة دول العربية

وقال لبيب: إنّ ملف ترسيم الحدود البحرية التي تسعى أنقرة نحو المصالحة مع مصر من أجل إنجازه لن يمر سريعاً، وستواجهه عوائق عدة من الجانب المصري الذي لا يثق في الجانب التركي، وكذلك بسبب تحالفات دخلت فيها القاهرة على مدى الأعوام الـ (7) الماضية، تجعل الطموحات التركية صعبة المنال.

ما مصير الإخوان؟

تتجه السياسات التركية نحو تضيق شديد على جماعة الإخوان المصنفة على قوائم الإرهاب في عدة دول العربية، وربما المؤشر الأبرز كان في آذار (مارس) الماضي بوقف نشاط التنظيم الإعلامي المحرض ضد القاهرة، ثم تبعه عدد من الإجراءات كان أبرزها خلال الأسبوع الماضي إزالة كافة اللافتات والرموز التابعة للتنظيم من الميادين التركية، وأيضاً أدار تعليمات صارمة لعناصره بعدم التعرض للدولة المصرية أو مهاجمتهما من خلال المنصات الشخصية.

صلاح لبيب: ملف ترسيم الحدود البحرية التي تسعى أنقرة نحو المصالحة مع مصر من أجل إنجازه لن يمر سريعاً، وستواجهه عوائق عدة من الجانب المصري الذي لا يثق في الجانب التركي

وفي حين لم تتطرق التصريحات التركية لإجراءات ضد الإخوان تتعلق بتسليم المطلوبين لدى القاهرة في إطار التفاوض، إلا أنّ تقارير عدة تحدثت خلال الأسبوع الماضي عن احتمال توقيف عناصر التنظيم وترحيل بعضهم لإثبات حسن النوايا مع القاهرة.

مواضيع ذات صلة:

هل نرى أردوغان في القاهرة قريبا؟

القاهرة وأنقرة: تمّت المصافحة... فمتى المصالحة؟!

ملاحقة عناصر الإخوان... كيف تؤثر على ملف المفاوضات بين القاهرة وأنقرة؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية